نصر يوازي سقوط الأسد.. ترحيب واسع بإعلان ترامب رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا

منذ ٤ ساعات

12

طباعة

مشاركة

رحب ناشطون على منصات التواصل بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، وعدوها بداية انفراجة وخطوة إيجابية لتخفيف معاناة الشعب السوري وتعزيز جهود إعادة الإعمار وتحسين الأوضاع المعيشية للسوريين.

ترامب أعلن في 13 مايو/آيار 2025، أثناء زيارته الأولى التي يجريها للسعودية خلال ولايته الثانية ضمن أول جولة بمنطقة الشرق الأوسط منذ تنصيبه مجددا رئيسا للولايات المتحدة في يناير/ كانون الثاني 2025، رفع العقوبات المفروضة على سوريا منذ عهد بشار الأسد.

 وقال ترامب في كلمة مطولة له خلال منتدى الاستثمار الأميركي السعودي في الرياض، "قررت رفع العقوبات عن سوريا بعد مناقشة هذا الأمر مع ولي العهد السعودي -محمد بن سلمان- والرئيس التركي -رجب طيب أردوغان-".

وأضاف أن "سوريا عانت من بؤس شديد وموت كبير ونأمل أن تنجح الإدارة الحالية في إحلال السلام والاستقرار"، موضحا أن إدارته اتخذت الخطوة الأولى لتطبيع العلاقات مع دمشق بعد سقوط النظام المخلوع.

ولفت الرئيس الأميركي إلى قراره رفع العقوبات المفروضة على سوريا خلال عهد نظام الأسد المخلوع، مردفا بالقول "آن الأوان لمنح سوريا الفرصة وأتمنى لها حظا طيبا".

وعشية إعلان ترامب، شهدت مدن سورية، احتفالات شعبية برفع العقوبات المفروضة على البلاد، ونشرت وكالة "سانا" صورا لاحتفالات في مدن دمشق وإدلب واللاذقية، يحمل فيها سوريون علم الثورة" ويطلقون ألعابا نارية.

وقال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني: "نرحب بتصريحات الرئيس دونالد ترامب بشأن رفع العقوبات عن سوريا"، مضيفا أن القرار نقطة تحول محورية للشعب السوري، وأنه يمكن للرئيس ترامب أن يحقق اتفاق سلام تاريخيّا ونصرا حقيقيّا للمصالح الأميركية في سوريا.

وأكد وزير الخارجية السوري في تصريحات نقلتها سانا، أن "ترامب قدّم للشعب السوري أكثر من أسلافه الذين سمحوا لمجرمي الحرب بتجاوز الخطوط الحمراء وارتكاب مجازر لا إنسانية.

وكتب الشيباني، عبر منصة "إكس": "أتقدم بجزيل الشكر والتقدير للمملكة العربية السعودية قيادةً وحكومةً وشعبًا".

واضاف: "ننظر إلى رفع العقوبات كبداية جديدة في مسار إعادة الإعمار. وبفضل مواقف الأشقاء، وفي مقدمتهم السعودية، نفتح صفحة جديدة نحو مستقبل يليق بالشعب السوري وتاريخه".

وعرض ناشطون عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي "إكس"، "فيسبوك"، صورة لولي العهد لحظة إعلان ترامب وإشارته بيده بحركة شكر وامتنان، وأرفقوها بصور لعدد من السوريين يؤدون نفس الحركة تعبيرا عن شكرهم لابن سلمان، متحدثين عما تعنيه الخطوة للسوريين.

وثمنوا عبر مشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #رفع_العقوبات_عن_سوريا #القمة_السعودية_الأميركية، #شكراً_السعودية، #شكراً_قطر، #شكراً_تركيا، وغيرها، دور وجهود الدول التي أسهمت في الدفع نحو رفع العقوبات عن سوريا، مشيدين بجهودهم في دعم الشعب السوري والعمل على استقرار البلاد.

تاريخ العقوبات

وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة الأميركية فرضت على سوريا عقوبات منذ 1979، حين صنّفت واشنطن سوريا ضمن "قائمة الدول الراعية للإرهاب"، بسبب دعمها المعلن للفصائل الفلسطينية وتدخلها العسكري في لبنان. 

وبموجب هذا التصنيف، فرضت أميركا عقوبات شاملة، تضمنت حظر المساعدات الاقتصادية والعسكرية، تقييد التحويلات المالية والبنكية، منع تصدير الأسلحة والمعدات ذات الاستخدام المزدوج.

وحدثت بعض الانفراجات في التسعينيات نتيجة مشاركة سوريا في التحالف الدولي ضد العراق، إلا أن العقوبات لم تُرفع بالكامل.

ومع وصول بشار الأسد إلى الحكم عام 2000، تصاعد التوتر مع واشنطن، لا سيما بعد استمرار الوجود السوري في لبنان. وفي عام 2004، تم تمرير قانون "محاسبة سوريا واستعادة السيادة اللبنانية".

وتضمن حظر تصدير سلع أميركية إلى سوريا (عدا الغذاء والدواء)، منع الطيران السوري من دخول الأجواء الأميركية، وفرض عقوبات على مسؤولين حكوميين سوريين، والتضييق على التحويلات البنكية والمصرفية.

وفي 2006، توسّعت العقوبات بموجب قانون "باتريوت" الأميركي لمكافحة الإرهاب، حيث تم استهداف البنك التجاري السوري، شركات وكيانات اقتصادية سورية لها صلة بالحكومة، وفرض قيود على السفر والتبادل الأكاديمي والبعثات.

ومع اندلاع الاحتجاجات السورية في 2011، فرضت أميركا إبان حكم الرئيس الأسبق باراك أوباما، سلسلة من العقوبات على الحكومة السورية وعلى الرئيس المخلوع الأسد وعدد من أفراد عائلته وشخصيات وزارية واقتصادية في البلاد.

وفي 2020، دخلت مجموعة جديدة من العقوبات حيز التنفيذ بموجب قانون "قيصر" استهدفت العديد من أفراد عائلة الأسد والمقربين منه، بينهم زوجته أسماء الأسد، بما يشمل تجميد أصولهم في الولايات المتحدة.

وفرضت بموجب القانون عقوبات مشددة على أي كيان أو شركة يتعامل مع النظام السوري، ويستهدف القانون كذلك قطاعات البناء والنفط والغاز.

وهدف القانون إلى منع بقاء الأسد من دون محاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها حكمه، وكذلك يحظر على الولايات المتحدة تقديم مساعدات لإعادة بناء سوريا، إلا أنه يعفي المنظمات الإنسانية من العقوبات جراء عملها في سوريا.

حفاوة وترحيب

وحفاوة وترحيب برفع العقوبات عن سورية وتقديما للمباركات والتهاني، قال المفكر الإسلامي عبد الكريم بكار، إن رفع العقوبات عن سوريا لحظة فارقة تُنهي سنوات من الحصار، وتفتح باباً للأمل والعمل، مؤكدا أنها فرصة تاريخية تحتاج إلى وعيٍ ناضج، وبناءٍ يبدأ بالإنسان قبل العمران.

وقال أستاذ العلوم السياسية خليل العناني: "رفع العقوبات عن سوريا خبر سار ومبشّر لشعب صبر ودفع الكثير من الأثمان على مدار عقود ومن حقه أن يفرح وأن يفرح له الجميع"، شاكرا السعودية وولي العهد السعودي وكل من دفع باتجاه رفع العقوبات.

وأكد الباحث لقاء مكي، أن ما يوازي أهمية رفع العقوبات عن سوريا، هو تبنيه والدفع نحوه من جانب دولة عربية هي السعودية، قائلا: إن هذا تكريس عملي لتضامن عربي يعيد بناء المشرق بدءا من سوريا، وستكون هناك متوالية سريعة وعميقة لا تستثني أحدا.

وقال الناشط السياسي عبد الشافي النبهاني: "ألف مليون ترليون مبروك للأشقاء في سوريا شعبا وحكومة وقيادة رفع العقوبات عنها بطلب كريم من ولي العهد السعودي".

امتنان وتقدير

وإعرابا عن الامتنان والتقدير للدول التي أسهمت في رفع العقوبات عن سوريا، قدم الباحث ماجد عبدالنور، الشكر لكل من المملكة العربية السعودية مملكة الخير، وقطر، وتركيا، والإمارات، والأردن، والدبلوماسية السورية ولكل من أسهم في إزالة العقوبات، مؤكدا أنه "نصر يوازي سقوط الأسد".

وأشار مجاهد شأتي إلى أن السعودية وقطر وتركيا قدموا كل ما يملكون من علاقات في خدمة دمشق بعد سقوط الأسد، نتج عنه اعتراف دولي وتثبيت لحكم الشرع، ورفع العقوبات عن البلاد.

وأكد أن على السوريين الآن حكاما وشعبا مسؤولية ترجمة هذه الخطوات، من لم الشمل والتعالي عن الجراح، وبناء قوة أمنية مهنية وجيش مهني موحد، بناء منظومة اقتصادية ومصرفية، عدم إقصاء أحد، والتركيز على النهوض بالدولة، قائلا: إن والطريق لجلب الاستثمار هو الاستقرار. 

وقال: إن رفع العقوبات عن سوريا.. لا يضاهيها أهمية سوى سقوط النظام نفسه، واصفا ما حدث بأنه خطوة تاريخيّة جعلت الكرة كلها في ملعب السوريين أنفسهم الآن.

وأكد الكاتب أحمد موفق زيدان، أن الموقف العربي اليوم مشرف تجاه سوريا، ومعهم الأشقاء في تركيا، لافتا إلى أن جهود جبارة بذلت لرفع العقوبات عن الشعب السوري.

وقال: إن الأجمل هو بداية بناء مشرق عربي جديد، ولا عزاء للمتربصين.. لحظة فارقة تنضم للحظة الثامن من ديسمبر يوم فتح دمشق.

وأوضح محمد مصطفى جامع، أن 3 دول مؤثرة في الإقليم هي "السعودية، قطر، تركيا"، لعبت بقيادة الأولى على تقديم القيادة السورية الجديدة إلى الرئيس الأميركي فاستجاب الأخير وقرر رفع العقوبات على سوريا.

وتعريفا بالعقوبات المفروضة على سوريا، عرض المغرد عمرو، صورة توضيحية للعقوبات ومنها حظر التحويلات البنكية مما يصعب وصول الأموال من الخارج، تجميد تعامل البنوك العالمية مع المصارف السورية، وصعوبة استيراد الأدوية والمعدات الطبية بسبب القيود على التحويلات والتأمين.

وتوضح الصورة أيضا أن من بين العقوبات حظر تصدير التكنولوجيا والذي يؤثر على التعليم والاتصالات، ومنع الشركات الأجنبية من الاستثمار في البنية التحتية مما يعيق إعادة الإعمار، والقيود على الشحن والنقل الجوي الذي يؤثر على حركة المدنيين والبضائع.

وشرح الأكاديمي سالم دخان، أهمية رفع العقوبات بالنسبة للسوريين، موضحا أن سوريا تعيش في القرون الوسطى بسبب هذه العقوبات فهي تعيق التنمية وتمنع إعادة الإعمار في سوريا.

وأشار إلى أن سوريا أكبر ثالث دولة في العالم مفروضة عليها عقوبات بعد روسيا وإيران تمنع إعادة الإعمار وتعطل خطط التنمية، لافتا إلى أن ثلثي موارد سوريا تحت يد قوات سوريا الديمقراطية (قسد).

وأوضح دخان، أن أميركا حين تريد معاقبة دولة ما ولا تريد تحريك جيوش نحوها وتدخل حرب ضدها، تقوم بفرض "عقوبات اقتصادية" على الدولة المستهدفة.

وذكر بأن أميركا قبل التسعينيات كانت تقوم بفرض عقوبات لكن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في التسعينيات انطلقت بقوة في فرض عقوبات على من يعارض مصالحها، لكن القانون الدولي ينص على أن مجلس الأمن هو المخول له فرض العقوبات الاقتصادية حتى يكون لهذا الإجراء مشروعية.

وقالت لارا قباني، إن رفع العقوبات عن سوريا يعني أن الدول أو الهيئات الدولية (مثل الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة) توقف تطبيق القيود الاقتصادية أو السياسية أو العسكرية التي كانت مفروضة على سوريا.

وأوضحت أن العقوبات أساسًا كانت قيودا على التبادل التجاري (منع استيراد أو تصدير بعض السلع)، تجميد الأصول المالية للمسؤولين أو رجال الأعمال، حظر السفر لبعض الشخصيات السياسية أو الاقتصادية، وقيود على التعامل مع القطاع المصرفي والمالي السوري.

وأكدت قباني، أن أهمية رفع العقوبات هي تحسين الاقتصاد حيث يُسمح بتدفق السلع والاستثمارات الأجنبية، مما يساعد في إنعاش الاقتصاد المتضرر، وخفض الأسعار: تخفيف الأعباء على الشعب لأن توفر السلع المستوردة قد يخفف من غلاء الأسعار.

وعددت من بين أهمية رفع العقوبات أيضا، عودة الشركات العالمية حيث يمكن للشركات الأجنبية أن تستثمر مجددًا في سوريا، مما يوفر فرص عمل، وإعادة الإعمار إذ يسمح بدخول مواد البناء والتقنيات الحديثة اللازمة لإعادة إعمار المدن والبنى التحتية.

وأشارت إلى أن رفع العقوبات يسهل التحويلات المالية، ويمكن المغتربين من إرسال الأموال لعائلاتهم بسهولة أكثر بدون قيود مصرفية.

تحوط وحذر

وتحت عنوان "فرحة السوريين مشروعة ويقظة واجبة"، أكد الصحفي ماهر جاويش، أن فرحة رفع العقوبات عن "سوريا الحرة" حقيقية، ومُستحقة، ومبنية على تضحيات هائلة قدمها الشعب السوري الشقيق والعظيم في وجه الطغيان.

وقال: "لكنها من طرفي فرحة ممزوجة بالحذر.. لا لأنني لا أثق بهم، بل لأننا نعرف وعايشنا سوية طبيعة هذا العالم، ونعرف كم مرة حاولت قوى كبرى أن تُعيد تشكيل قضايانا بما يخدم مصالحها".

وأضاف جاويش: "أقول هذا لرفاق دربي في الثورة، لا تنغيصاً عليهم، بل #وفاءً لهم.

من عاش الثورة بصدق، لا يمكن إلا أن يفرح لكل انفراجة، لكنه أيضاً لا يُسلّم بقرارات الخارج دون وعي ويقظة".

وتابع: "نعم، نريد بناء الدولة، لكن الدولة التي حلمنا بها معاً، دولة الحرية والعدالة والكرامة، نطمح في أن نستثمر هذه اللحظة، لا أن نُستهلك فيها".

وأكدت إحدى المغردات، أن أميركا لا تعرف النخوة، قائلة إنه رغم الضغط الذي مارسته السعودية لرفع العقوبات عن سوريا، فإن الولايات المتحدة لا تقدم هدايا لأحد.

وقالت: "قد يكون المقابل معاهدة سلام مع إسرائيل، أو منح عقود استثمارية تستفيد منها الشركات الأميركية في مشاريع إعادة إعمار سوريا، أو اتفاقات في مجالات النفط، وربما تعاون عسكري يصب في مصلحة واشنطن، وقد تكون هناك تفاهمات أخرى لم يُعلن عنها، وستبقى طي الكتمان".

وخلصت إلى أن عودة سوريا إلى محيطها العربي جاءت نتيجة توافقات ودعم دولي، ولم تكن ثمرة جهد فردي. فقد كانت تركيا، والولايات المتحدة، وإسرائيل، جميعها حاضرة على الساحة السورية، رغم السياسات والمغامرات غير المحسوبة، كتلك التي تبناها بنيامين نتنياهو مع النظام السوري الجديد.