يتمدد في ظل انهيار المعارضة.. كيف يحكم نتنياهو إسرائيل؟

"ترامب أظهر في الآونة الأخيرة فقدان اهتمامه بالأوضاع في قطاع غزة"
في ظل ضعف المعارضة الإسرائيلية وتراخي الضغط الدولي، خاصة بعد عودة إدارة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، يتحرك رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو بلا قيود تُذكر؛ داخليا أو خارجيا.
وفي هذا السياق، تستعرض صحيفة "إيل بوست" الإيطالية ما وصفته بأنها "مرحلة غير مسبوقة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي"، جراء تصعيد الاحتلال عدوانه على قطاع غزة والضفة الغربية.
وتطرقت الصحيفة إلى التحولات السياسية والأمنية التي ترسخ واقعا جديدا بالقوة في غزة والضفة، وسط مخاوف من كارثة إنسانية كبرى، في وقت يغيب فيه أي رادع حقيقي لسياسات نتنياهو.

تطرف بلا حدود
وأكدت أن "الحكومة الإسرائيلية أصبحت خلال آخر شهرين أكثر عدوانية بسبب تأثير حلفاء نتنياهو المتطرفين، والضعف الكبير في صفوف المعارضة".
وفي هذا السياق، تتحدث الصحيفة عن "توسع عمليات الجيش في قطاع غزة والضفة الغربية، مما خلف آثارا كارثية على السكان الفلسطينيين".
وأشارت إلى أن "الزعيم الوحيد الذي كان يُعتقد أنه قادر على التأثير في قرارات نتنياهو، هو ترامب، لكنه يفقد اهتمامه بإمكانية إنهاء الحرب من خلال اتفاق دبلوماسي".
وبالعودة إلى منتصف مارس/ آذار 2025، أنهى نتنياهو وقف إطلاق النار الذي كان قد توصل إليه مع حركة المقاومة الإسلامية حماس.
وبذلك، استأنف الجيش الإسرائيلي قصفه واحتلاله للقطاع، كما أنه يمنع منذ أكثر من شهرين دخول أي إمدادات من الغذاء والماء.
علاوة على ذلك، قدمت حكومته خطة تقضي بتوسيع العدوان واحتلال طويل الأمد لكامل قطاع غزة، وقد وافق عليها مجلس الأمن المصغر الذي يضم عددا من الوزراء الذين يشاركون نتنياهو مواقفه، أو يتبنون مواقف أكثر تطرفا منه، ولا أحد منهم يشكل عائقا أمام نواياه.
وتضيف الصحيفة أن "الخطة تشمل أيضا أن تتولى إسرائيل السيطرة على إيصال الأدوية والغذاء والمساعدات الإنسانية إلى القطاع، وأن يُجبر السكان الفلسطينيون مرة أخرى على النزوح إلى جنوب القطاع أو مغادرته بالكامل".
وفي هذا الصدد، صرح وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، المؤيد لاحتلال الأراضي الفلسطينية، والذي يعيش في مستوطنة بالضفة الغربية، بأن "غزة ستُدمر بالكامل وأن على الفلسطينيين الرحيل إلى دول أخرى".
وفي المقابل، أعلنت حكومات بعض الدول المجاورة، مثل مصر والأردن، أنها غير مستعدة لاستقبال مئات الآلاف من النازحين.
ولكن، كما تقول الصحيفة الإيطالية: "مجرد احتمال تنفيذ هذا المخطط دفع الكثيرين إلى الحديث صراحة عن خطر حدوث تطهير عرقي في قطاع غزة وعن نكبة ثانية"، في إشارة إلى تهجير الفلسطينيين واحتلال أراضيهم عام 1948.
الضفة الغربية
وفي الوقت نفسه، تسلط "إيل بوست" الضوء على توسيع إسرائيل “عملياتها العسكرية” في الضفة الغربية.
وقالت: “تحتل إسرائيل الضفة الغربية منذ عقود بشكل غير قانوني عبر المستوطنات والحواجز، على الرغم من أنها أراض تابعة للفلسطينيين، بحسب المجتمع الدولي”.
وفي هذا الإطار، توضح الصحيفة الإيطالية أن "هذه العمليات غالبا ما ترافقها أعمال عنف واعتقالات عشوائية وهدم عشرات المنازل".
ومنذ يناير/ كانون الثاني 2025، تمركزت القوات الإسرائيلية بشكل دائم في بعض المناطق داخل مدينتي جنين وطولكرم الفلسطينيتين شمال الضفة، بعدما كانت تنفذ فيها فقط مداهمات تستمر بضعة أيام.
ونتيجة لذلك، اضطر نحو 40 ألف فلسطيني إلى مغادرة منازلهم، وفق ما ورد عن الصحيفة.
وبشكل عام، تنوه إلى أن "بعض أعضاء حكومة نتنياهو يشجعون على احتلال الضفة من بينهم -بالإضافة إلى سموتريتش- وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي يدعم علنا ضمها بشكل كامل ودائم إلى الأراضي الإسرائيلية"، وفق وصفه.

لا أحد يواجهه
ومن جهة أخرى، تبرز الصحيفة الإيطالية أن "نتنياهو يسعى إلى قمع المعارضة السياسية والمؤسساتية كي يتمكن من اتخاذ قراراته دون قيود تُذكر".
ومن أبرز القضايا التي أُثيرت أخيرا كانت إقالة رونين بار، مدير جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك".
إذ كان يحقق الشاباك منذ فترة في قضايا تورط فيها نتنياهو وبعض من أقرب مساعديه، تتعلق بهجمات حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وكذلك بمكاسب شخصية يُعتقد أنه حصل عليها من علاقات مع الحكومة القطرية.
وبحسب ما أفادت به الصحيفة، فقد وُجهت إليه اتهامات بأنه يسعى لإقالة بار للتخلص من خصم سياسي يمثل تهديدا كبيرا له.
وفي هذا السياق، تتحدث "إيل بوست" عن "كيف كانت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن تحاول، وإن بشكل ضعيف وفاشل حسب رأي كثيرين، كبح جماح قرارات نتنياهو".
وأردف: "طالبت إدارة بايدن إسرائيل بوقف العمليات العسكرية وإنهاء الحرب، ولكن هذا الضغط اختفى تماما مع عودة ترامب إلى السلطة".
وفي هذا الصدد، تقول: إن “ذلك قد تجلى في أواخر فبراير/ شباط 2025، حين صرح ترامب بأن على واشنطن أن تسيطر على غزة وتطرد ملايين الفلسطينيين المقيمين فيها وتحوله إلى منتجع سياحي”.
وبينت أن "هذه الفكرة أثارت انتقادات واسعة من الجميع، باستثناء نتنياهو الذي لم يبد أي اعتراض".

الاحتجاجات غير كافية
وعلى الرغم من ذلك، تقول الصحيفة: إن "ترامب أظهر في الآونة الأخيرة فقدان اهتمامه بالأوضاع في قطاع غزة".
وتابعت: "فإدارته منشغلة بعدة قضايا أخرى، من بينها مفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا ومحادثات للتوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني".
وأضافت: "كما يكرر ترامب حديثه عن ضرورة أن تضم الولايات المتحدة جزيرة غرينلاند وكندا بطريقة ما، ويجري مفاوضات مع عدد من الدول لعقد اتفاقات تتعلق بالرسوم الجمركية".
في المقابل، تلفت الصحيفة إلى أن "جزءا من السكان المدنيين في إسرائيل، خاصة عائلات الرهائن المحتجزين في غزة، يواصلون انتقادهم لنتنياهو".
كما يؤكدون منذ أشهر أن "الحكومة تضع مصالحها السياسية فوق أولويات الإفراج عن الإسرائيليين المختطفين".
وهنا، تذكر أنه في منتصف أبريل/ نيسان 2025، انضم مئات من جنود الاحتياط والمحاربين القدامى وأعضاء سابقين في أجهزة الاستخبارات إلى موجة الاحتجاجات من خلال رسائل علنية ومظاهرات معارضة.
لكن بحسب الصحفي في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية اليسارية جدعون ليفي، فإن "هذه الاحتجاجات لا تزال غير كافية للتأثير في قرارات حكومة نتنياهو".