لماذا لم يعد التطبيع بين إسرائيل والسعودية رغبة أميركية ملحة؟.. صحيفة روسية تجيب

منذ ٨ ساعات

12

طباعة

مشاركة

ثمة “تحول كبير” طرأ على  أولويات السياسة الخارجية الأميركية خلال الولاية الثانية للرئيس دونالد ترامب، بحسب صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية.

حيث تراجعت جهود تعزيز اتفاقيات إبراهيم لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية لصالح مقاربة أكثر واقعية تعلي من المصلحة الوطنية الأميركية. 

ومن خلال التركيز على زيارة ترامب إلى المنطقة في مايو/ أيار 2025، تتناول الصحيفة امتناع الإدارة الأميركية عن الدفع باتجاه التطبيع السعودي الإسرائيلي، في ظل استمرار الصراع في غزة وتزايد الرفض الشعبي العربي. 

كما تستعرض مؤشرات على استقلالية القرار الأميركي عن المصالح الإسرائيلية، سواء في الملف الفلسطيني أو ملفي جماعة الحوثي اليمنية وإيران، ما يعكس تحولات في التوازنات والتحالفات الإقليمية في ظل تعقيدات جيوسياسية متزايدة.

ترامب يتجاهل إسرائيل

تستهل الصحيفة تقريرها بالتأكيد على أن "اتفاقيات إبراهام كانت من أولويات دونالد ترامب خلال ولايته الرئاسية الأولى، لكنها باتت الآن على هامش أجندته في السياسة الخارجية". 

وخلال أول جولة خارجية للرئيس الأميركي الـ 47، بين 13 و16 مايو 2025، لم يركز ترامب على مسألة توسيع دائرة التطبيع العربي الإسرائيلي.

وعلى مدى السنوات الماضية، تُذكِّرنا الصحيفة بأن تكهنات راجت بأن "السعودية ستكون الدولة التالية في الشرق الأوسط التي ستبرم اتفاقا دبلوماسيا مع حكومة بنيامين نتنياهو". 

إلا أن الرياض أبلغت واشنطن عبر قنوات التواصل أنها لن تبحث مسألة التقارب مع إسرائيل خلال زيارة ترامب.

ويرجع ذلك إلى حرب الإبادة المستمرة في قطاع غزة منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، والتي أثارت غضبا شديدا في الشارع العربي. وبالفعل، قررت إدارة ترامب عدم معارضة حليفها السعودي.

وبحسب مصادر لوكالة "رويترز"، تراجعت الولايات المتحدة عن إدراج قضية التطبيع السعودي الإسرائيلي كبند رئيس في مفاوضاتها الثنائية مع الرياض، رغم أنها كانت سابقا موضوعا مركزيا. 

بل وأكثر من ذلك، تنقل الصحيفة الروسية عن مصادر أفادت بأن "واشنطن حذرت حكومة نتنياهو من أن إسرائيل قد تواجه العزلة إذا لم تقدم تنازلات جوهرية بشأن قطاع غزة لتهدئة الرأي العام العربي".

هندسة الأمن الإقليمي

وتضيف الصحيفة الروسية، أن "إدارة ترامب أظهرت في الآونة الأخيرة أنها تتبع نهجا يركز بشكل حصري على المصالح الأميركية في الشرق الأوسط، حتى لو كان ذلك على حساب التنسيق مع إسرائيل، على الرغم من العلاقات التحالفية الوثيقة". 

وأخيرا تبيّن أن "الرئيس الأميركي، دون إبلاغ إسرائيل، توصل إلى اتفاق مع الحوثيين تعهدوا بموجبه بوقف هجماتهم التي استمرت لأشهر على حركة الملاحة العالمية". 

وفي المقابل، ووفقا لما صرَّح به ترامب، أوقفت مجموعة حاملة الطائرات الأميركية في البحر الأحمر غاراتها على المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن.

جدير بالذكر أن الحوثيين شددوا علنا على أنهم لن يوقفوا إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، حتى وقف إبادة غزة.

ولذلك، اضطر السفير الأميركي في إسرائيل، مايك هاكابي، إلى توضيح موقف بلاده قائلا: "الولايات المتحدة ليست ملزمة بالحصول على إذن من إسرائيل لعقد أي اتفاقيات".

ومن جهة أخرى، تلفت الصحيفة إلى أن واشنطن تسترشد بالمبدأ نفسه في مفاوضاتها المستمرة مع طهران حول الملف النووي؛ حيث تُتجاهل كل مخاوف حكومة نتنياهو بشأن القدرات النووية الإيرانية.

وهنا، تبرز الصحيفة أن ترامب تصور في الأصل اتفاقيات إبراهام كنموذج أولي لتكتل إقليمي يهدف إلى كبح جماح إيران وقواتها بالوكالة.

لكن مرور الوقت أثبت أن "دول المنطقة ليست دائما مستعدة للانضواء تحت راية واحدة، خصوصا عندما يتحول التحالف المحتمل إلى عبء سياسي سام بالنسبة لها". 

وفي النهاية، تلخص الصحيفة المشهد قائلة إنه "في ظل تنامي النزعات القومية لدى الفاعلين في العلاقات الدولية، باتت هندسة الأمن الإقليمي تُبنى بشكل متزايد على صفقات ظرفية بدلا من منطق التحالفات الثابتة". 

ووفقا لها، فإن هذه صفقات "قد تتعارض مع روح التحالفات التقليدية، لكنها تمكّن الأطراف المتنازعة من تخفيف التوترات بسرعة وعلى أسس تحقق المنفعة المتبادلة".