"لست معزولا أو منبوذا".. رسالة ابن سلمان لبايدن باستقباله رئيس الصين

قسم الترجمة | a year ago

12

طباعة

مشاركة

سلطت مجلة "جون أفريك" الفرنسية الضوء على زيارة الرئيس الصيني تشي جين بينغ إلى السعودية، ورهانات ولي العهد محمد بن سلمان من ورائها.

وقالت المجلة إن "ابن سلمان يريد أن يصبح رائدا للعلاقات الصينية العربية، وإنه عبر هذه الزيارة يسجل موقفا تجاه الولايات المتحدة الأميركية".  

وعدت أنه "من خلال استقبال الرئيس شي جين في قمة ثلاثية غير مسبوقة بين الصين والدول العربية، يُحرز ابن سلمان نقاطا ضد الولايات المتحدة".

واستدركت: "لكن التعاون السعودي مع الصين، له حدود، لا سيما في مجالات الدفاع والأمن".

حدث غير مسبوق

وأوضحت أن "ولي العهد والرجل القوي في السعودية، ابن سلمان، استقبل الرئيس الصيني شي جين بينغ بمراسم رسمية في 7 ديسمبر/ كانون الأول 2022.".

ورأت أن "هذه الزيارة تمثل حدثا ثلاثيا غير مسبوق في العلاقات الصينية العربية".

وشملت هذه الزيارة على قمة صينية سعودية وقمة صينية خليجية وقمة صينية عربية.

وحضر القمة الصينية العربية بشكل خاص رؤساء مصر وتونس وجزر القمر وجيبوتي وموريتانيا والسودان، إضافة إلى رؤساء الحكومتين الجزائرية والمغربية.

كما حضر القمة الصينية الخليجية رؤساء دول مجلس التعاون الخليجي.

وقالت "جون أفريك" إنه "منذ عدة أشهر، أظهرت الصين ودول الخليج، بقيادة السعودية، رغبة متزايدة في تعزيز علاقاتها التجارية والدبلوماسية والإستراتيجية والعسكرية، كل ذلك في سياق التوترات بين الرياض وواشنطن الحليف التاريخي للمملكة ومنافسة بكين".

وحلل الباحث في معهد الشرق الأوسط بسنغافورة جان لوب سمعان، هذه الزيارة قائلا: "هناك توقعات اقتصادية من حيث دفع اتفاقية التجارة الحرة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي، وكذلك العلاقات الثنائية الصينية السعودية".  

وتابع أن "البعد الدبلوماسي في هذه القمة الصينية السعودية هو العنصر الطاغي". 

وتتضح أهمية العلاقات بين البلدين من خلال حجم التبادل التجاري بينهما، والذي بلغ 87.3 مليار دولار عام 2021، بحسب سمعان.

والصين الشريك التجاري الرئيسي للمملكة، فهي لا تزال أكبر مشتر للنفط السعودي (ربع الصادرات) والرائدة في المملكة على مستوى مصدر الواردات (المنتجات الإلكترونية بشكل رئيسي).

وخلال القمة الصينية السعودية في 8 ديسمبر، تم توقيع 20 اتفاقية تزيد قيمتها على 29 مليار دولار.  

وفي اليوم السابق، تم إبرام 34 اتفاقية استثمار في مجالات الطاقة الخضراء وتكنولوجيا المعلومات والحوسبة السحابية والنقل والبناء، دون الكشف عن قيمتها، تقول المجلة الفرنسية.

وتابعت: "بشكل رمزي أكثر، حضر ابن سلمان وشي جين توقيع اتفاقية تنسيق رؤية 2030، مشروع التنويع الاقتصادي الضخم السابق، ومبادرة الحزام والطريق وهي مجموعة من الروابط البحرية والسكك الحديدية التي تهدف إلى ربط الصين ببقية العالم".

إشارة قوية

وقالت جون أفريك: "لكن مع هذه القمة الثلاثية، يحرز ابن سلمان قبل كل شيء نقاطا على المستوى الدبلوماسي، أولا مع جمهوره الإقليمي، إنها بالفعل الرياض التي اختارها الرئيس الصيني لزيارته الخارجية الثانية منذ أزمة كورونا".

"إذا نجح ابن سلمان في ترسيخ دوره القيادي في العلاقات الصينية العربية، فإنه سيصبح وصيا للتفاعلات وإبرام الاتفاقيات مع القوة الوحيدة التي يتزايد تأثيرها بشكل موضوعي في هذه المرحلة"، كما تتوقع المتخصصة في شؤون الخليج في منطقة الخليج، سينزيا بيانكو.

وأضافت "تخيل ماذا يعني لابن سلمان إذا استشارته الحكومات الإقليمية أو أشركته وأبلغته في كل مرة تفاوضوا فيها على استثمار صيني كبير!".

فيما قالت "جون أفريك" إنه "قبل كل شيء، يعد تنظيم هذا الحدث بمثابة إشارة قوية تم إرسالها إلى الولايات المتحدة ورئيسها جو بايدن، الذي استمرت علاقاته مع ابن سلمان في التدهور منذ وصوله إلى البيت الأبيض".

"في العمق هذا الاجتماع هو وسيلة لابن سلمان ليعلن للأميركيين أنه ليس معزولا، وأنه لا يحكم دولة منبوذة، كما وصفها بايدن خلال حملته"، يقول سمعان.

وتابع: "يظهر ابن سلمان هنا أنه يتحدث ليس فقط مع القوة العالمية الثانية (الصين) ولكن أيضا مع آسيا".

وتأتي زيارة شي جين إلى الرياض بعد ثلاثة أيام من اجتماع افتراضي لـ"أوبك+"، أكدت فيه منظمة النفط التي تقودها السعودية قرارها بخفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل.  

ويعد هذا الإعلان بمثابة "ازدراء" لبايدن، الذي كان يأمل في رؤية أسعار النفط الخام تنخفض وبالتالي الحد من التضخم. 

وقالت المجلة الفرنسية: "صدفة التوقيت هذه مناسبة لابن سلمان لأنها تعزز فكرة أن السعودية لم تعد مستعدة لوضع مصالحها الوطنية وفقا لرغبات الولايات المتحدة".

وفي السياق، قالت بيانكو: "ستحتاج السعودية دائما إلى الولايات المتحدة من أجل أمنها، وستحتاج الولايات المتحدة دائما السعودية لاستقرار سوق النفط". 

"لكن فكرة أن كل طرف يمكن أن يعتمد على الآخر لتوفير ما هو مطلوب في كل منعطف وفي جميع الظروف لم تعد صالحة اليوم"، على حد تعبيرها.

وتواصل أن "خارطة التحالف اليوم متغيرة ومشروطة بالسياق أو المصالح الفضلى البسيطة لكل طرف".

خلال زيارة شي إلى الرياض، انتقدت واشنطن نفوذ الصين المتنامي في المنطقة.

دوافع إستراتيجية

وفي 7 ديسمبر/كانون الأول 2022، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي: "ندرك التأثير الذي تريد الصين اكتسابه في جميع أنحاء العالم.. والشرق الأوسط بلا شك أحد المناطق التي تريد تعميق هذا النفوذ فيها" مؤكدا أن "الصين تريد تغيير النظام الدولي".

وأضاف أن "عملية تقييم العلاقة بين واشنطن والرياض في أعقاب الخلاف مع أوبك+ مازالت مستمرة".

وتعززت العلاقات بين الصين والسعودية في مجال الدفاع، حيث افتتحت المملكة مصنعا صينيا للطائرات بدون طيار على أراضيها في مارس/آذار 2022".

وفقا لموقع "تاكتيكال ريبورت"، أكدت وزارة الدفاع السعودية توقيع عقود أسلحة بقيمة 4 مليارات دولار في معرض "زوهاي" للفضاء في مقاطعة قوانغتشو منتصف نوفمبر 2022.

لكن هذه الإعلانات لا يمكن أن تحجب الواقع، تظل الولايات المتحدة الشريك الأول للسعودية في المجالات الرئيسية للدفاع والأمن، وسيكون من الصعب استبدالها.  

في الرياض، ثاني أكبر مستورد للأسلحة في العالم وعميل تاريخي لواشنطن، جاءت 82 بالمئة من واردات الأسلحة بين عامي 2017 و2021 من الولايات المتحدة، وفقا لبيانات "معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام".

وكتب الباحث ناصر التميمي، في دراسة أجراها مركز أبحاث "مريكس"، أن "اعتماد الجيش السعودي على المدى الطويل على المعدات الأميركية يعني أن الأسلحة الصينية لن تتكامل بسهولة مع الأنظمة الموجودة مسبقا". 

وقال التميمي "بشكل عام، يستغرق الأمر سنوات لاستكمال تنويع مصادر التسلح".

وذكر أن "القادة السعوديبن لا يعتقدون أن الصين لديها القدرات لتقديم بديل موثوق للمظلة الأمنية الأميركية في الخليج، كما أن بكين ليست لديها دوافع إستراتيجية للقيام بذلك".  

ويرى التميمي أن "الرياض يجب أن تجد [...] توازنا صعبا بين تعميق العلاقات مع الصين، شريكها الاقتصادي الأول، واسترضاء حليفها التاريخي، الولايات المتحدة، خاصة أن بكين وقعت على برنامج تعاون مدته 25 عاما مع إيران، المنافس الإقليمي الكبير للسعودية، والمتهم بالهجوم على شركة (أرامكو) عام 2019". 

وتتضمن الاتفاقية الصينية الإيرانية، 400 مليار دولار للاستثمار في مجالات مثل الطاقة والنقل والاتصالات، مقابل الحصول على النفط الإيراني بسعر مخفض".  

وهذه في الواقع، إشارة على أن المملكة الوسطى لن تكون قادرة على أن تصبح شريكا أمنيا للمملكة ضد طهران، بحسب "جون أفريك".