ما المقابل؟.. يني شفق: عملية تركيا بسوريا قد تكون ضمن صفقة مع أميركا

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة "يني شفق" التركية، أن العملية العسكرية التركية المرتقبة لتطهير مناطق بالشمال السوري من المسلحين الأكراد، باتت أقرب من أي وقت مضى، مع تقارير عن سحب روسيا قواتها من هناك.

ولفتت الصحيفة في مقال للكاتب "أحمد أردى شنسوي"، أن مساعي أميركا لتوسيع حلف شمال الأطلسي "ناتو" عبر ضم السويد وفنلندا التي تصطدم برفض تركيا، يمهد الطريق لعقد صفقة بين الجانبين تسمح ببدء العملية قريبا.

تغير كبير

وذكرت الصحيفة التركية أنه وفقا للمعلومات الواردة من الميدان، نقلت روسيا نصف قواتها في سوريا إلى أوكرانيا، في حين تم تعيين الجنرال المسؤول عن العملية السورية منذ عام 2015 لقيادة الحرب بأوكرانيا. 

كما أن ثمة تكهنات أن روسيا سحبت قواتها من مناطق تل رفعت ومنبج غرب الفرات التي تسيطر عليها "وحدات حماية الشعب الكردية" الذراع السوري لحزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه تركيا جماعة إرهابية.

ومع هذه التطورات، يمكن فتح نوافذ جديدة من الفرص بشأن الحرب السورية،التي خلفت وراءها 11 عاما. 

وثمة مسألة فضول حول من سيملأ فراغ السلطة الذي نشأ في الميدان السوري على خلفية العسكريين الذين نقلتهم روسيا من سوريا بسبب فشلها العسكري في أوكرانيا وتراجع اهتمامها.

إذ أدى وجود روسيا، التي تدخلت في الحرب الأهلية السورية عام 2015، أولا إلى انتقال حلب من المعارضة إلى سيطرة النظام، ثم إلى "تطهير" البلاد، باستثناء إدلب، من المعارضة.

وهذا ما جعل الوجود العسكري الروسي عنصرا حاسما يضمن استمرار نظام بشار الأسد. 

وفي الوضع الحالي، وبدعم جوي روسي، يكتسب نظام الأسد تفوقا في المجال العسكري، فضلا عن تحقيق مكاسب في الساحة السياسية من خلال محاولاته للتطبيع مع دول الخليج.

وتحول تركيز روسيا من سوريا حيث واجهت مقاومة جادة في غزوها لأوكرانيا وأصبح العمل العسكري صداعا لروسيا.

لذلك، فإن التصدع في سوريا هو انعكاس للأزمة الأوكرانية وليس الديناميكيات الداخلية لسوريا. 

تنافس جيوسياسي

وتسبب التنافس الجيوسياسي بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا في الحرب الأوكرانية في تأثير الدومينو على المكان الذي تحتله روسيا في اللعبة المحبوسة أيضا في الحقل السوري.

وعندما ننظر في دور القوة الجوية الروسية في تغيير مسار الحرب، يمكننا القول إنه بدون الدعم الروسي، فإن تفوق نظام الأسد والمليشيات الشيعية المدعومة من إيران على الأرض سينتهي. 

وفي سيناريو آخر سيبقى فيه المجال الجوي السوري فارغا، والذي سيكون فيه بلا حماية تماما ضد الطائرات الحربية التركية وخاصة الطائرات بدون طيار. 

وقد يفتح دخول إيران إلى المناطق التي أخلتها روسيا ستارا جديدا للمنافسة في العلاقات التركية الإيرانية، التي تشهد توترا بالفعل بسبب خطوات التطبيع مع الخليج وإسرائيل. 

وليس من الصعب التكهن بأن إيران سترتاح بإبرام الاتفاق النووي، وستكون تركيا الدولة الأكثر انزعاجا من قيام إسرائيل بإيجاد منطقة أوسع في سوريا. 

وواجهت تركيا مرارا وتكرارا روسيا وإيران، اللتين تمكنت من التفاوض معهما على عملية أستانا والأزمة السورية، في ساحة المعركة.

وعلى الرغم من التنافس، وخاصة في منطقة إدلب، لم تنكسر المفاوضات بين الدول الثلاث. 

وكان للموقف المتساهل لهذين البلدين مقارنة بالولايات المتحدة ضد وجود "وحدات حماية الشعب الكردية"، التي وصفتها تركيا بأنها التهديد الأمني الأول في سوريا، تأثير كبير على ذلك.

وعلى الرغم من أن وجود وحدات حماية الشعب، وخاصة في تل رفعت ومنبج، يخضع للحماية الروسية، إلا أن الحماية الأميركية مستمرة للتنظيم في المناطق شرق نهر الفرات. 

وبعد عملية نبع السلام التي نفذت في عام 2019، كانت عملية جديدة دائما على الطاولة بالنسبة لتركيا مع فشل هذين البلدين في الوفاء بالوعود التي قطعت في الاتفاقيات التي تم التوصل إليها مع روسيا والولايات المتحدة ووجود وحدات حماية الشعب على حدود تركيا. 

عملية جديدة

ومن المعروف أن تركيا التي لا تريد ترك فراغ السلطة الذي سيتشكل مع انسحاب عناصر عسكرية روسية من تل رفعت ومنبج، إلى التنظيمات الأخرى، سيجعلها تستهدف هذه المناطق بعملية جديدة.

وتبرز عين العرب، كونها المنطقة التي شهدت أكبر عدد من الهجمات مع عين عيسى في الفترة الأخيرة، كمنطقة من الضروري تنفيذ عمليات فيها في ظل القيمة الرمزية التي فرضها المسلحون الأكراد على المدينة.

وقد تكون تلك المنطقة أيضا موضوع صفقة بين تركيا والولايات المتحدة خلال محادثات بشأن طلب السويد وفنلندا الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي. 

وكما هو الحال في عملياتها السابقة، ستفضل تركيا عدم النزول إلى الجنوب من الطريق السريع M4 شرق نهر الفرات، وستعطي الأولوية لتطهير العناصر الإرهابية من المنطقة الواقعة بين خط الحدود وهذا الطريق السريع. 

بينما تحافظ تركيا دائما على استعدادها لشن عملية ضد المسلحين الأكراد، وحاليا اكتسبت فرصة سانحة مع الفجوة التي أحدثها تحول تركيز روسيا إلى حرب أوكرانيا. 

ومع ذلك، فإن هذا التطور سيخلق أيضا مناطق جديدة من الصراع بالنسبة لتركيا، بالنظر إلى نظام الأسد والمليشيات الشيعية المدعومة من إيران التي تريد ملء المناطق التي أخلتها روسيا.

وعلى الرغم من أن إيران تهدف إلى ملء المناطق التي أخلتها روسيا وزيادة هيمنتها على نظام الأسد، إلا أن التطورات على الأرض تجعل هذا الأمر باطلا. 

وبالنظر إلى الغارات الجوية الإسرائيلية المتزايدة، التي تشكل معارضة أساسية للوجود الإيراني في سوريا، وعدم ارتياح تركيا من نفوذ إيران المتزايد وجهودها لتغيير التركيبة السكانية، فمن المتوقع أن يتم تقييد مساحة طهران للعمل في سوريا.

وبالطبع، لا يوجد سيناريو تنسحب فيه روسيا تماما من سوريا وتتخلى عن كل مكاسبها الإستراتيجية. 

وطالما لا يوجد تهديد للنقاط الإستراتيجية مثل قاعدة حميميم، واستمرار النظام البعثي (وليس نظام الأسد)، والمناطق النفطية في الشرق وميناء طرطوس.

يمكن توقع أن روسيا لن تنخرط في أي نشاط في سوريا في هذه المرحلة، الأمر الذي سيفتح المجال أمام عملية جديدة من قبل تركيا.