السوداني تصدر.. نتائج برلمانيات العراق تثير الجدل حول صراع أميركا وإيران

"التيار الصدري الذي قاطع الانتخابات يراقب إلى أين تتجه الأمور"
تباينت ردود فعل الناشطين على منصات التواصل الاجتماعي بشأن النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية العراقية السادسة منذ الغزو الأميركي للعراق في 2003 التي أجريت قبل يومين لاختيار 329 نائبا في البرلمان.
ووفق النتائج الأولية تصدر ائتلاف "الإعمار والتنمية" الذي يرأسه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في أغلب محافظات البلاد الـ19، محققا المركز الأول في 9 منها بما في ذلك العاصمة بغداد.
وأعلنت المفوضية العليا للانتخابات في مؤتمر صحفي عقدته في 12 نوفمبر/تشرين الأول 2025، النتائج الأولية، مؤكدة أن الاقتراع جرى في ظروف عادية ووفق المعايير الدولية، وأن النتائج الأولية غير قابلة للطعون.
وأفادت بتصدر ائتلاف الإعمار والتنمية في بغداد بـ411 ألفا و26 صوتا، فيما جاء ثانيا حزب تقدم برئاسة رئيس مجلس النواب السابق محمد الحلبوسي بحصوله على 284 ألفا و35 صوتا، وحل ثالثا ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بـ228 ألفا و103 أصوات.
وأشارت مفوضية الانتخابات إلى أن ائتلاف الإعمار والتنمية حل في المركز الأول في كل من بغداد النجف والقادسية وميسان وواسط والمثنى وبابل وذي قار وكربلاء، بينما حلّ ثانيا في محافظة صلاح الدين وثالثا في البصرة ونينوى.
وأوضحت أن ائتلاف دولة القانون حل ثانيا في القادسية، وكربلاء والمثني وذي قار وواسط، وحل بالمركز الثالث في كل من بغداد وميسان وبابل ونينوى، بينما تصدر "حزب تقدم" في 3 محافظات هي صلاح الدين والأنبار وكركوك، وحل ثانيا في بغداد ونينوى.
أما الحزب الديمقراطي الكردستاني فتصدر في 3 محافظات هي نينوى وأربيل ودهوك، كما تصدر "تحالف تصميم" في البصرة، و"الاتحاد الوطني الكردستاني" في السليمانية، و"منظمة بدر" في ديالي.
وبيَّنت مفوضية الانتخابات أن نسبة المشاركة في التصويت بلغت 56.11 بالمئة بعد وصول نتائج 99.98 بالمئة من محطات الاقتراع، مشيرة إلى أن نتائج العد والفرز اليدويين للأصوات كانت متطابقة 100 بالمئة.
وفي كلمة له عقب إعلان النتائج، دعا السوداني الجميع إلى جعل مصلحة البلد هي العليا واحترام إرادة الناخبين. مشيرا إلى أن "منهج عمل الائتلاف في المرحلة القادمة سيراعي كل أبناء شعبنا ومن ضمنهم من اختار المقاطعة (في مقدمتهم زعيم التيار الوطني الشيعي مقتدى الصدر)".
وأوضح أن "الإعمار والتنمية، منفتح على جميع الأطراف من دون استثناء، وسنتعامل بروح المسؤولية الموضوعية والقانونية التي تليق بتضحيات العراقيين وبالثقة التي وضعها أبناء شعبنا في منجزات حكومتهم وخططها، وهدفنا بناء تفاهمات رصينة تحترم الدستور وتضمن المشاركة الحقيقية للجميع في القرار".
كما كتب السوداني على حسابه بمنصة إكس قائلا: "ائتلافنا الإعمار والتنمية أولا؛ لأننا نؤمن أن العراق أولا، وسيبقى أولا، بِهِمّة أبنائه المخلصين".
وأثارت نتائج الانتخابات جدلا واسعا على منصتي “إكس” و"فيسبوك" تجلى في تغريدات وتدوينات الناشطين عبر مشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #الانتخابات_العراقية، #العراق، #انتخابات_البرلمان_العراقي، #السوداني، #المالكي، وغيرها؛ إذ عبر فريق عن خيبة أملهم في النتائج فيما أبدى آخرون تفاؤلهم بمستقبل العراق.
وقدم ناشطون قراءات وتحليلات متباينة للنتائج إذ رأى فريق أن فوز ائتلاف السوداني يعكس تفويضا شعبيا جديدا للسوداني لمواصلة قيادة الحكومة المقبلة وتحقيق إصلاحات اقتصادية واجتماعية، فيما تحدّث آخرون عن التحديات المقبلة وشكك في قدرة الائتلاف على الاستجابة لمطالب الشارع.
مرحلة جديدة
وتفاعلا مع نتائج الانتخابات، رأى محمد الراوي، أن فوز ائتلاف الإعمار والتنمية يمثّل مرحلة جديدة في تاريخ العراق؛ حيث جاء نتيجة للتوجه نحو تعزيز الاستقرار والتنمية الاقتصادية.
وقال: إن هذا الفوز يعكس دعم الشعب العراقي لرؤية جديدة تهدف إلى إعادة إعمار البلاد وتحقيق التنمية المستدامة. مضيفا أن السوداني، بصفته قائد الائتلاف، يعد برؤية واضحة تركز على تحسين الخدمات الأساسية، مثل التعليم والصحة، وتعزيز البنية التحتية.
وأكد الراوي، أن الائتلاف يسعى إلى تحقيق الشفافية ومحاربة الفساد، مما يعزز الثقة بين الحكومة والمواطنين، قائلا: إن هذا الفوز ليس مجرد انتصار سياسي، بل هو دعوة للعمل والتعاون بين جميع الأطراف لبناء عراق قوي ومزدهر.
وأضاف أن مع وجود القيادة الحكيمة والتوجهات الإستراتيجية، يمكن أن يكون هذا الائتلاف القوة الدافعة نحو مستقبل أفضل للعراقيين.
وأوضح فادي الطلاع، أن ائتلاف السوداني حقق فوزا ساحقا في الانتخابات البرلمانية العراقية ويحتاج الآن إلى التفاوض مع القوى السنية الكردية والعربية داخل البرلمان لتشكيل حكومة إن حصل على ثقتهم. واصفا السوداني، بأنه "رجل دولة يستحق إعادة تجديد لولاية ثانية".
وأشار إلى أن السوداني في ولايته الأولى فقد نجح في تجنب الصراع بين العراق وسوريا بعد سقوط النظام، ومنع أي استهداف أميركي أو إسرائيلي للعراق خلال حرب الأيام الاثني عشر بين إيران وإسرائيل. متوقعا أن تكون العلاقات السورية العراقية في أفضل حالاتها لو أُعيد التجديد له.
وأشار الطلاع إلى أنّ ائتلاف الإعمار والتنمية هو تحالف انتخابي وبرلماني تأسس على يد السوداني بهدف خوض الانتخابات البرلمانية ودعم توليه رئاسة الحكومة لولاية ثانية.
وبارك محسن فنحان سلطان، فوز ائتلاف السوداني فوزا ساحقا بعد حصده اعلى الأصوات في أنحاء العراق كافة، متمنيا حظا أوفر لمن لم يحالفهم الحظ في الفوز بمجلس النواب. قائلا: إن هذه التجربة كانت محطة وطنية نعتز بها، ونفتخر بكل من شارك وأسهم في إدلاء صوته.
وقال: "رغم عدد الأصوات الذي حصدناه ، إلا أن ما لمسناه من محبة الناس وثقتهم هو أعظم من أي نتيجة. وسنبقى على عهدنا ثابتين في مواقفنا، مخلصين في عملنا، مؤمنين بأن خدمة الوطن لا تتوقف عند موقع أو منصب".
وتعهد سلطان بمواصلة المسير بالعزيمة ذاتها، من أجل إعمار البلد ، ومن أجل عراقٍ قويٍ يليق بشعبه.
ورأى يامن شكيب واكد، أن السوداني يحصد ثمار وسطيته السياسية وخطة عمله الإستراتيجية، مباركا للعراق تصدر ائتلاف الإعمار والتنمية نتائج الانتخابات العراقية.
تحالف ملغوم
وفي المقابل، رأى صالح المهدي، أن تحالف الإعمار والتنمية ورئيسه السوداني، الذي حصل على (46) مقعدا بعموم العراق بحسب النتائج الأولية، هو مجرد جعجعة بلا طحين. مؤكدا أن تشكيل الحكومة المقبلة سيكون من نصيب الإطار التنسيقي الذي يمتلك عدد مقاعد أكبر من كتلة السوداني.
وقال: "رغم أن البعض يرى أن قوى الإطار، عندما خاضت الانتخابات بشكل منفرد، قد فشلت سياسيًا أو لن تحقق نتائج كبيرة، إلا أن الواقع كان عكس ذلك؛ إذ خرج الإطار من الانتخابات بأرقام عالية جدا وغير متوقعة قياسا بالتقديرات السابقة".
وأشار المهدي إلى أن "دولة القانون (30) مقعدا، وصادقون (28)، ومنظمة بدر (21)، وقوى الدولة (18)، وتليها الكتل المتوسطة مثل حقوق والأساس وأبشر يا عراق (4)"، بالإضافة للكتل المحافظاتية مثل تصميم بالبصرة، وواسط أجمل، وإشراقة كانون التي حصلت كلٌّ منها على أقل من (10) مقاعد.
وأوضح أن بالنتيجة الإطار التنسيقي كمجموعٍ متكامل يمتلك ما يقارب 120 مقعدًا، وهو برأيي من سيُكلَّف رئيس الوزراء الجديد بتشكيل الحكومة المقبلة.
وقال المهدي: "أما إذا أراد السوداني أن يكون جزءًا من هذا التشكيل، فعليه أن يقبل بشروط الإطار، بوصفه الكتلة البرلمانية الأكبر، وإلا فسيكون أمامه خيار المعارضة فقط".
وتعجب علي طالب، من أن المرشحين الفائزين في ائتلاف السوداني كلهم أعضاء سابقين، متسائلا عما قدموه لكي يعاد التجديد لهم.
وقال كرار العطوني: إن أكثر تحالف ملغوم في المشهد السياسي هو ائتلاف الإعمار والتنمية فبرغم حصوله على 46 مقعدا إلا أن هذا الرقم لا يمنحه حتى الحد الأدنى من القدرة على التفاوض الجدي لتقاسم الكعكة مع شركائه في الإطار.
وأضاف: "ما أن تتأكد الأنباء عن عدم منح السوداني ولاية ثانية حتى يتفكك التحالف كفقاعة هواء، ولن يبقى معه إلا حفنة لا تتجاوز عشرة نواب". مؤكدا أن ائتلاف جمعته المصلحة المؤقتة وسيفرقه الكرسي قبل أن تكتمل ولايته.
وتوقع مصطفى عماد، أن يحاول السوداني تفكيك الإطار التنسيقي والتحالف مع جهات داخله بهدف إضعافه ومحاولة يائسة للحصول على الحكم من جديد، وأن العمل ذاته ستقوم به قوى داخل الإطار لتفكيك ائتلاف السوداني "غير المتماسك".
وقال: "أتوقع أن يحدث ذلك بقيادة المالكي الذي أتمنى له التوفيق بهذه المهمة". مؤكدا أن هذا الجزء الأهم من المشهد الذي سيحدد شكل الحكومة المقبلة.
قراءات وتحليلات
وتحت عنوان "قراءة سريعة في نتائج الانتخابات العراقية"، قال عواض القرني: إنه رغم انخفاض عدد مقاعد الإطار التنسيقي (29) فإن بقاء المالكي والخزعلي والعامري وغيرهم، ليس دلالة على تماسك قوة إيران وتأثيرها، والتي تم إضعافها في جميع الساحات الأخرى.
وأوضح أن بقاء من ذكرهم نتيجة ضعف التأثير الداخلي للعراقيين غير الولائيين والذين يتمنون انتهاء الهيمنة الإيرانية على القرار داخل العراق وزوال الميليشيات المسلحة التي تشارك في الانتخابات.
ورأى القرني، أن أهم ما أفرزته هذه الانتخابات هو ابتعاد السوداني قليلاً خارج الإطار المنبثق منه أصلاً، والأمر الثاني هو ضعف إمكانية إنتاج حكومة (رئيس الوزراء خصوصاً) بنفس مواصفات الحكومات السابقة.
وأشار إلى أن التيار الصدري وضع نفسه كمراقب إلى أين تتجه الأمور، وفي حال إعادة الانتخابات والتي رآها احتمال وارد، فإنّ هذا التيار قد يكون له تأثير غير عادي، بأقصى اليمين أو بأقصى اليسار، وهذا يعتمد على حجم التأثير في زعيم التيار السيد مقتدى الصدر، لافتا إلى أن تأثير المبعوث الأميركي للعراق لم يبدأ بعد.
وقال لقاء مكي: إنه بغضّ النظر عن نتائج الانتخابات العراقية، فإنها أول انتخابات منذ عام 2003 تصطدم فيها إرادتا الولايات المتحدة وإيران حول الترتيبات السياسية المقبلة في العراق.
وذكر بأن خلال العمليات الانتخابية الأربع الأولى وآخرها عام 2018، كان الأمر يجرى من خلال تسويات أو على الأقل دون خلاف بين الطرفين وبحفظ متبادل للمصالح، وفي الانتخابات الخامسة عام 2021، لم تكن إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن في حالة صدام مع إيران، ولم تكن في وضع تواصل معها.
وأكد مكي، أن لذلك لم يكن هناك اعتراض على اختيار السوداني الذي جاء من قلب القوى السياسية القريبة من إيران.
وأوضح أن في هذه المرة يختلف الأمر؛ لأن البلدين في حالة تصادم وصراع، بل إن العراق هو هدف جوهري لأميركا في سبيل إخراج إيران من آخر معاقلها الإقليمية، وهو بالنسبة لطهران خط دفاعها الأخير.
وأشار مكي إلى أن أميركا انتظرت الانتخابات لتقوم بتغيير المشهد السياسي لصالحها دون عنف، والأمر كذلك بالنسبة لإيران، ولذلك فما سيجري هذه المرة، يتعلق بصراع مشاريع وصفقات وضغوط ومغريات من قبل الطرفين لضمان إنشاء تحالفات قادرة على تشكيل الحكومة.
وأكد أن هذا الواقع سيكون اختبارا قاسيا للعراقيين، ولو مضى كما هو متوقع من سير الأحداث، فلن ينتهي الأمر بهدوء، كما كان حال الانتخابات.
وأكد سعيد بن طفلة العجمي، أن الانتخابات العراقية شيء، ونتائجها شيء آخر، بمعنى أن تشكيل الحكومة العراقية القادمة لا يستند إلى نتائج الانتخابات كما يفترض ديمقراطيا، لكن تحدده العوامل الخارجية وتحديدا إيران ومعها الولايات المتحدة.
وقال: "رأينا ذلك بعد انتخابات 2010 وفوز قائمة إياد علاوي بأكبر عدد من المقاعد، لكن إيران وبالتنسيق مع باراك أوباما ضغطت على علاوي ليتنازل عن رئاسة الوزراء لنوري المالكي لفترة ثانية وهو ما تم".
وأشار العجمي إلى أن الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما كان يريد تحسين العلاقات مع إيران والتوصل لاتفاق نووي معها، وهو ما حصل العام 2015، وإيران كانت تريد مواليا طائفيا لها وهو ما تحقق بعودة المالكي.
ولفت إلى أن في انتخابات 2021، حققت قائمة التيار الصدري أغلبية برلمانية، لكن أميركا بايدن، وبالتنسيق مع إيران، فرضت مرشح الإطار التنسيقي- أي الجناح السياسي للحشد الشعبي التابع لإيران، وهو محمد شياع السوداني، فكان أن انسحب التيار الصدري من البرلمان برمته، وقاطع الانتخابات الأخيرة.
وأشار حسين السبعاوي إلى أن نسبة المشاركة للمدن العراقية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، يلاحظ منها أن المدن الكردية أعلى نسبة مشاركة، تليها المناطق السنية، بينما المدن الجنوبية ذات الأغلبية الشيعية هي الأقل مشاركة قياسا ببقية المدن.
وأكد إبراهيم حسين محجوب، أن نتائج الانتخابات جاءت ثمرةً لعوامل متشابكة ومتنوعة، أوصلت بعض المرشحين إلى الفوز بجدارة، وأبعدت آخرين رغم جهودهم الكبيرة.
وأشار إلى أن عدة عناصر لعبت دورا رئيسا في الحسم، أولها تاريخ المرشح الاجتماعي والسياسي، ومدى ارتباطه الحقيقي بجمهوره، وهل كانت علاقته مبنية على قناعة وثقة متبادلة، أم اقتصرت على مصالح مؤقتة وصور تذكارية خلال فترة الانتخابات فقط.
ولفت محجوب إلى أن العامل المادي كان له دورٌ مؤثر في الحملات الانتخابية، وكان صاحب الكلمة الأقوى في كثير من الأحيان.
وأضاف أن مع ذلك أخفق بعض المرشحين في توظيف المال بطريقة صحيحة، خصوصا أولئك الذين كانت تجربتهم السياسية الأولى محدودة، فركّزوا حملاتهم على مساعدة المرضى وصرف الأموال في أعمال خيرية دون وجود خطة انتخابية مدروسة.
وقال محجوب: "صحيح أن تلك المبادرات الإنسانية نالت تعاطف الناس، لكنها لم تكن كافية لتحقيق الفوز؛ لأنها اعتمدت على العاطفة لا على التنظيم والإستراتيجية".
وأكد أن بعض المرشحين أخطأوا حين اعتمدوا على مستشارين غير متمرسين في إدارة الحملات الانتخابية، فكانت النتيجة صرف أموالٍ طائلة مقابل أصواتٍ محدودة، وهذا ما يؤكد أن النجاح في الانتخابات يحتاج إلى دراسة دقيقة وتخطيطٍ واعٍ يدمج بين المال والفكر، مع اعتماد أساليب دعائية ومؤتمرات غير تقليدية لإيصال رؤية المرشح وبرنامجه الحقيقي إلى الناس.
ولاحظ محجوب أيضًا أن العشيرة والقبيلة لعبتا دورًا مؤثرًا في هذه الدورة الانتخابية، حيث أسهمت الروابط العائلية والاجتماعية في ترجيح كفة بعض المرشحين، مما يعكس استمرار تأثير البنية العشائرية في السلوك الانتخابي العراقي.
وتابع: "جانب آخر لا يقل أهمية، هو اختيار الكتل السياسية لمرشحيها. فقد شاهدنا أن بعض الكتل اختارت أسماء لا تمتلك الكفاءة أو الخبرة، فجاءت نتائجهم ضعيفة للغاية، بل إن بعضهم لم يحصل سوى على عددٍ محدود من الأصوات لا يتجاوز العشرات أحيانًا، وهو دليل واضح على سوء الاختيار".
وأكد محجوب أن نجاح أي حملة انتخابية لا يعتمد على المال وحده، بل على حسن التخطيط والتفاعل المباشر مع الناس، وتنظيم حملات تثقيفية فعالة، والاستفادة من كل رأيٍ صادق يُطرح للمرشح من جمهوره وزائريه، فالميدان الانتخابي اليوم لم يعد يحتمل الارتجال أو العشوائية.
ودعا لإدراك أن عدم الفوز لا يعني الفشل، فقد يكون تجربة أولى تُكسب المرشح خبرة واقعية، يستفيد منها في المستقبل لتصحيح الأخطاء وتطوير أدائه.
ورأى علي أحمد، أن البيت الشيعي حقق عودة قوية قلبت كثيرا من الحسابات وخرج من الانتخابات بوضع قوي ومتماسك يمكن اعتباره أفضل سيناريو ممكن مقارنة بكل الهواجس السابقة.
وعدد أبرز ملامح ذلك، في أن نوري المالكي ثبت نفسه كـ "زعيم" وأظهر ذكاء سياسي عال، بينما كانت حركة صادقون (عصائب أهل الحق) الرابح الأكبر، مشيرا إلى ان أرقامهم الانتخابية –بحسب المعطيات المتداولة– تجاوزت نتائج التيار الصدري عام 2021.
ورصد أحمد من أبرز ملامح العودة القوية للبيت الشيعي، دخول حركة حقوق (كتائب حزب الله) المشهد بقوة وحجزها لنفسها موقعا أساسيا في المعادلة السياسية الجديدة، لافتا إلى أن هادي العامري نزل ميدانيا، وزار المناطق قضاء، ويعود ليجسد دور "الأب" الذي يجمع البيت الشيعي ويحميه من الانقسام.
وأشار إلى أن عمار الحكيم ومحسن المندلاوي سجلا مفاجات حقيقية بحضور انتخابي غير متوقع.
وأكد أحمد أن على الضفة الأخرى، فإن مقتدى الصدر هو الخاسر الأكبر في المعنى السياسي العام، ومحمد الحلبوسي رغم حصوله على رقم كبير إلا أنه خسر "معركة كسر الشيعة" بمنطق القوة السياسية والشعبية الفعلية.
وقال: إنه بالنسبة لرئيس الحكومة محمد السوداني، فإن المرحلة القادمة هي معركة رئاسة الحكومة وتوزيع الحصص، متوقعا أن ائتلافه قد يتعرض للاهتزاز إن لم يحصل على ولاية ثانية، ولذلك الأغلب أننا سنشهد "سوداني" جديدا رئيسا للحكومة بالمواصفات نفسها تقريبا.
وأكد أحمد، أن الملف سيتبلور تدريجيا حتى بداية آذار موعد تشكيل الحكومة، والكل يفاوض والكل يعيد تموضعه.















