"نهضة العلماء".. منتدى عبري يتوقع تغييرا في سياسات إندونيسيا تجاه إسرائيل
.jpg)
أكد منتدى الفكر الإقليمي العبري، أن انتخاب "يحيى ستاكوف" مؤخرا رئيسا لجمعية نهضة العلماء، أكبر منظمة إسلامية في إندونيسيا، يصب في مصلحة إسرائيل.
وذكر المنتدى في مقال للباحث "جيورا إليراز"، أن هذه الجمعية مختلفة عن بقية التكتلات الدينية بالعالم الإسلامي، وتقف ضد التيارات السنية الأصولية، وتدافع عن الحوار مع الأديان وإسرائيل، لذا ينبغي نقل أفكارها للشرق الأوسط.
وإندونيسيا أكبر دولة مسلمة من حيث تعداد السكان (273.5 مليون نسمة)، و"نهضة العلماء" تعد من أكبر المنظمات الإسلامية في العالم؛ حيث تضم حوالي 90 مليون عضو ومتعاطف.
وتأسست الجمعية في عام 1926، جراء ردة فعل على انتشار المد الوهابي، وهي تندرج ضمن الإسلام السني، وتتبنى الصوفية، وتدعم التراث الثقافي القومي الإندونيسي.
نهضة العلماء
ورأى المنتدى العبري أنه على الرغم من بعد هذا الحدث الانتخابي عن إسرائيل، إلا أن لعواقب رئاسة "يحيى ستاكوف" أيضا روابط شرق أوسطية، حتى أن بعضها يثير تكهنات حول مستقبل العلاقات الإسرائيلية الإندونيسية.
لأن الجمعية بمثابة أساس مركزي للمجتمع المدني الإسلامي في إندونيسيا، حيث تساهم بدور كبير في تشكيل صورة الإسلام هناك على أنه معتدل ومتسامح وشريك مع النظام في إعلاء قيم الدولة القومية.
وأوضح المنتدى أن العالم يفتقد إلى رموز إسلامية في بناء الديمقراطية والنضال ضد التطرف الديني، لذا تم إيلاء قدر كبير من الاهتمام مؤخرا، إلى ستاكوف، من أجل انتخابه لرئاسة الجمعية بين عامي 2022-2026، وكان قبل ذلك يشغل منصب الأمين العام لها.
وأشار المنتدى إلى أنه أتيحت للجمهور الإسرائيلي فرصة الاستماع إلى ستاكوف خلال زيارته لإسرائيل في يونيو/ حزيران 2018.
إذ تعرف الإسرائيليون عبره على الصوت الحقيقي للإسلام في إندونيسيا من خلال رسائل نقلها حول الحاجة إلى الاعتدال الديني والتسامح، والحوار بين الأديان.
وحينذاك رأى سياسيون إندونيسيون زيارة ستاكوف إلى إسرائيل على أنها انتهاك لالتزام دولتهم بالقضية الفلسطينية وموقفها الرسمي طويل الأمد بأن العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل مشروطة بإقامة دولة فلسطينية.
والأكثر من ذلك أن الزيارة التي ركزت على القدس، تمت بعد وقت قصير من انتقال السفارة الأميركية إلى القدس، حيث التقى ستاكوف برئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو.
وردا على الانتقادات، أوضحت الحكومة الإندونيسية، أن جمعية نهضة العلماء هي نفسها التي قامت بزيارة خاصة تهدف إلى خدمة القضية الفلسطينية، بما في ذلك الترويج لفكرة السيادة الفلسطينية.
ورأى المنتدى أنه من منظور تاريخي واسع، لا ينبغي التقليل من أهمية الزيارة من وجهة نظر إسرائيلية، حيث إن زيارة شخصية إندونيسية لإسرائيل من الواضح أنها غير عادية، خاصة أنه قبل الزيارة بفترة وجيزة تم تعيين ستاكوف مستشارا للرئيس جوكو ويدودو.
تكملة المسيرة
ولفت المنتدى إلى أن زيارة ستاكوف تذكر بزيارة الرئيس الإندونيسي السابق "عبد الرحمن وحيد" (1999 - 2001) إلى إسرائيل، وهو أيضا كان عضوا بـالجمعية، وبرز كمناضل من أجل التعددية وحقوق الإنسان والتفاهم بين الأديان، بما في ذلك بين الإسلام واليهودية.
وأشار إلى أنه منذ بداية ولايته في أواخر عام 1999 كأول رئيس منتخب لإندونيسيا في العصر الديمقراطي، سعى وحيد إلى تعزيز العلاقات التجارية الرسمية مع إسرائيل، وهو موقف غير عادي، ما أثار معارضة سياسية قوية في بلاده حتى أجبر على الانسحاب من خطته.
وأوضح ستاكوف، الذي كان المتحدث الرسمي باسم الرئيس وحيد خلال زيارته إلى إسرائيل، أنه في هذا الفعل يتبع "وحيد " معلّمه وسيده.
وفي السنوات الأخيرة، برز ستاكوف كشخصية رئيسة في مبادرة أطلقتها جمعية نهضة العلماء، قبل بضع سنوات تحت شعار إسلام نوسانتارا، أي " إسلام الأرخبيل الإندونيسي".
وهدفت المبادرة إلى مكافحة التطرف وتعزيز الوسطية والقيم والتسامح والتناغم بين الأديان، فضلا عن الترويج للإصلاح اللاهوتي في الإسلام الأصولي.
ويسعى هذا الإصلاح إلى إعادة تفسير الأمثلة الدينية، التي يزعم أنها عفا عليها الزمن وتشكل إشكالية في الوقت الحاضر.
كل ذلك في نهج إعادة صياغة السياق واستخدام مبدأ الاجتهاد، وهو تفسير شرعي مستقل وعقلاني وله قبول غير نقدي للتفسيرات اللاهوتية من المدارس الإسلامية الأصولية.
وذكر المنتدى أنه من المدهش وخاصة من الناحية التاريخية أن هذه المبادرة التي تشق طريقها من مساحة إسلامية تعتبر صغيرة جدا إلى داخل الشرق الأوسط وتنتقل إلى أطراف بعيدة من العالم الإسلامي، حيث هناك من لا يتردد في توجيه أصابع الاتهام إلى الشرق الأوسط باعتباره منطقة تولد اتجاهات متطرفة.
هذا أيضا بينما تقول إن "بعض الحكومات" في الشرق الأوسط تعمد إلى تنمية التطرف الديني من خلال جعله سلاحا " للخلافات الطائفية " واستنباط شرعيتها من " التفسيرات الإشكالية ".
الشرق الأوسط
ولفت المنتدى إلى أنه ليس هناك أي تردد في توجيه الأمور إلى عناوين أكثر تحديدا: لذا فإن السعودية وإيران، كما يمكن القول، تتنافسان على السيادة الجيوسياسية والدينية، تتجاهلان العواقب المدمرة لتسييس الإسلام.
علاوة على ذلك، تسعى جمعية نهضة العلماء، بمباركة النظام، إلى تزويد العالم الإسلامي، مع التركيز على الشرق الأوسط، بصفات النمط الإسلامي السني الأصولي الفريد الذي تطور في السياق الاجتماعي والثقافي لإندونيسيا، مع التسامح المحلي المعتقدات والعادات، الذين يعيشون في وئام مع أعضاء الديانات المختلفة وحتى القبول الحقيقي لفكرة القومية وأيديولوجية الدولة.
وكما قيل في منشورات حملة الجمعية إنها تتحدى مزاعم الأنظمة في الشرق الأوسط باحتكار السلطة الدينية والخطاب الديني، وأن محاولة إحياء التراث الفكري للعالم في إندونيسيا ومنطقتها، ستجعل من الممكن تقديم مساهمة كبيرة في مستقبل الحضارة العالمية.
وأثناء التعاون مع الحضارات الكبرى حول العالم، بما في ذلك الشرق الأوسط، وقد قيل أيضا أن الأعمال الفكرية المكتوبة بالإندونيسية يجب أن تترجم إلى اللغة العربية لأن القيم الدينية التي تتسم بالاحترام والتسامح تجاه الآخر قد تغلغلت في عمق إندونيسيا.
ففي الواقع يجب أن يتم إصدار بيان مبتكر في مواجهة قرون من تدفق المعرفة، في سياق إسلامي، من الشرق الأوسط إلى إندونيسي، ولكن ليس في الاتجاه المعاكس على الإطلاق.
وهذا يبعث برسالة مفادها أنه سيكون من الأسهل قيادة الإصلاح اللاهوتي المطلوب من إندونيسيا بسبب الخبرة الواسعة المكتسبة فيه، لا سيما بعد انتخاب ستوكوف كرئيس.
وقد تزيد منظمته من التخفيف من بعض العداء الموجود تجاه إسرائيل في دوائر واسعة بين الجمهور المسلم في إندونيسيا، وهو بلا شك حاجز مهم بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بتغيير الموقف الإندونيسي الرسمي.