قمة بغداد.. ما المكاسب التي حققها العراق من جمع تسع دول متخاصمة؟

يوسف العلي | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

بعقد "مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة"، استطاع العراق لأول مرة أن يجمع على أرضه تسع دول عربية وأجنبية معظمها متخاصمة متناحرة في إقليم الشرق الأوسط، وسط تساؤلات محلية عما يمكن أن يتحقق للبلد المضيف، وخاصة في ملفي الأمن والاقتصاد.

28 أغسطس/ آب 2021، اختتمت قمة اليوم الواحد أعمالها في بغداد، وأكد المتحدث باسم الخارجية العراقية، أحمد الصحاف، للصحفيين أن "المؤتمر اتفق على ضرورة تجنب الخلافات، وشهد حوارات معمقة بين الدول المشاركة".

تفاؤل رسمي

أبدى الجانب العراقي تفاؤله بما خرجت به القمة، إذ قال وزير خارجية العراق، فؤاد حسين، خلال مؤتمر صحفي: إن البيان الختامي للاجتماع تطرق لقضايا تتعلق أكثرها بدعم العراق، مؤكدا أن بغداد جمعت دولا بينها خلافات كبيرة.

حسين، أضاف أن بغداد استطاعت فتح مجال للعمل المشترك في المحيط الإقليمي عبر الحوار بدلا من الصراعات، مشددا على أن استقرار العراق يعني استقرار المنطقة بأكملها.

وزير الخارجية العراقي أكد أن مؤتمر بغداد تطرق للملفات المشتركة للبلدان المشاركة، مبينا أن اللقاءات السعودية الإيرانية مستمرة، وسط رغبة الطرفين الوصول لنتائج إيجابية، موضحا أن العراق لعب دورا دبلوماسيا مهما.

البيان الختامي للمؤتمر أعلن أن المشاركين شددوا على ضرورة توحيد الجهود الإقليمية والدولية بالشكل الذي ينعكس إيجابا على استقرار المنطقة وأمنها.

المشاركون أقروا أن المنطقة تواجه تحديات مشتركة تقتضي التعامل معها على أساس التعاون المشترك والمصالح المتبادلة، ووفقا لمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام السيادة الوطنية.

وجدد المشاركون دعمهم لجهود الحكومة العراقية في تعزيز مؤسسات الدولة وإجراء الانتخابات النيابية، مؤكدين رفضهم لكل أنواع الإرهاب والفكر المتطرف، بحسب البيان الختامي.

تساؤل وتشكيك

بانتهاء القمة، توالت تحليلات المراقبين والمختصين بشأن مردودها المحتمل على العراق، وفي الوقت الذي تساءل البعض عن تأثيرها على أزمات العراقيين، شكك البعض في قيمتها، لكن آخرين رأوا مردودها قادما على المدى البعيد.

الكاتب العراقي أحمد الحاج، تساءل في مقال بموقع "العراق نيوز" 30 أغسطس/ آب 2021: هل حصل العراق على شيء حقيقي يذكر، ولو بالحد الأدنى من كل هذا الهيل والهيلمان والعزائم والولائم وذاك المؤتمر؟".

وأضاف أن "تلكم القمة النوعية وإن كانت تشاورية عقدت في العاصمة العراقية بعد طول غياب وحصار وقطيعة، الأمر الذي عده بعض المراقبين عودة عراقية قوية إلى حاضنة المجتمع الدولي وعودة ميمونة إلى الحضن العربي".

ولفت إلى أنه بما أن هدف المؤتمر المعلن تحقيق الاستقرار ودعم الأمن والاقتصاد والاتفاق على آليات تعاون إقليمي ودولي بين قوى المنطقة في إطار تصالحي؛ فلا بد من تركيز العراق على مصالحه.

من جهته، شكك الكاتب طلال بركات في نتائج ومردود القمة، وذلك في مقال بموقع "كتابات" 29 أغسطس/ آب 2021.

وقال: "من المضحك أن يكون العراق بوضعه الحالي في ظل الهيمنة الإيرانية قادرا على أن يصبح جسرا للتواصل بين دول المنطقة التي بينها وبين إيران ألف علامة استفهام".

وأوضح بركات أن تعيين حسين أمير عبداللهيان، أحد عناصر "فيلق القدس" وزيرا للخارجية في حكومة إبراهيم رئيسي وحضوره مؤتمر العراق رسالة لدول المنطقة بأن سياسة طهران الخارجية متطابقة لأهداف "الفيلق".

وبحسب قول الكاتب، فإن "ذلك يعني استحالة أن يحقق المؤتمر في يوم واحد مد جسور الثقة والانسجام بين دول الحضور… ، بينما يراد في غضون ساعات إقامة التكامل الاقتصادي في المنطقة ودعم العراق اقتصاديا".

مفيدة للعراقيين

وفي المقابل، رأى الكاتب الأردني حمادة فراعنة، في مقال بصحيفة "الدستور" 30 أغسطس/ آب 2021 أنه "حتى لو اقتصر انعقاد مؤتمر بغداد على التضامن مع العراق، فهو مفيد للشعب العراقي الذي عانى ويلات الحرب والاحتلال والتدخل والإرهاب".

أوضح فراعنة أن بعض من شاركوا باستثناء الأردن، لم يكونوا على وفاق مع العراق، ويمكن فهم استجابتهم للمبادرة والفكرة العراقية أنه تعبير عن تقديم الاعتذار لما آل إليه العراق، والمساهمة بخروجه مما علق به.

ولفت الكاتب إلى أن "الذين يفهمون السياسة أنها إما خيار أبيض نقي صاف، أو أسود ، من ضيقي الأفق، فالتحولات الجوهرية لا تتم دفعة واحدة، بل بتراكم ما هو إيجابي والتمسك به وتعلية شأنه ودوره، ومواجهة كل ما هو سلبي".

وعلى الصعيد ذاته، رأى الكاتب اللبناني غسان شربل، خلال مقابلة بصحيفة "الشرق الأوسط" 29 أغسطس/ آب 2021 أن "العراق الذي استضاف القمة هو بالتأكيد غير العراق الذي استضاف القمة العربية في 2012".

وجزم بأن هناك "أشياء كثيرة تغيرت في العراق وحوله وفي المشهد الدولي أيضا"، مضيفا: "لكن أبرز ما تغير في بغداد هو انطلاق عملية هادئة وجريئة تهدف إلى إعادة العراق إلى العراق".

ورأى شربل أنه "لا يستطيع أحد الادعاء أن الصورة وردية وأن المهمة أنجزت، لكن يمكن القول: إن العراق استطاع تحقيق خطوات بارزة في إعادة إعمار علاقاته داخل الإقليم وخارجه"، مشيرا إلى أن "هذا لم يحدث مثلا في سوريا، ولا يبدو واردا في لبنان".

وأكد الكاتب أنه "من التسرع في القول أن العراق الجديد حسم المعركة لصالحه، ثمة من لا يزال يصر على التعامل مع الساحة العراقية بدلا من الدولة العراقية".

"وعلى رغم المخاض الصعب الذي ستكون الانتخابات القريبة علامة فارقة فيه يواصل العراق تقدمه لتحسين صورته في الداخل والخارج، وفي رحاب مشروع (العراق الجديد) استضافت بغداد قمة شملت دول الجوار وتعدتهم".

وتابع: "تمكن العراق من جمع خصوم تحت سقف واحد لتشجيعهم على التحاور كي يكونوا متنافسين لا أعداء، وأتاح المناخ الفرصة للقاءات (عربية - عربية) كانت تبدو متعذرة قبل عام".

وجزم بأن "القمة كانت مهمة بمكان انعقادها ومستوى المشاركة وما دار على هامش جلساتها".