تصريحات نعيم قاسم الأخيرة.. هل يستعد حزب الله لتصعيد عسكري مع إسرائيل؟

"حزب الله رفع من جاهزيته تحسبا لأي تصعيد عسكري".
مع اقتراب الموعد الذي حددته الولايات المتحدة لنزع سلاح “حزب الله” جنوب لبنان، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2025، يواصل الحزب رفضه للضغوط الدولية، ويعلن رفع حالة التأهب استعدادا لأي تطورات.
وفي هذا السياق، أفادت صحيفة "معاريف" العبرية بأن حزب الله يستعد لثلاثة سيناريوهات محتملة قد تُقدم عليها إسرائيل، ويتخذ في المقابل إجراءات احترازية مشددة تحسبا لأي تصعيد مفاجئ أو عملية عسكرية مباغتة.

تسليم السلاح
في إطار التهديدات الضمنية من حزب الله واستعداده لتصعيد محتمل ضد إسرائيل، تحدث الأمين العام للتنظيم، نعيم قاسم، في سلسلة من التصريحات عن الدور السياسي للحزب في لبنان، والأسلحة التي يمتلكها، والخلافات مع واشنطن.
وأفاد قاسم بأن "حزب الله لعب دورا حاسما في انتخاب الرئيس ميشال عون، وأنه يعدّ نفسه جزءا لا يتجزأ من النظام السياسي الشرعي في لبنان".
وبحسب الصحيفة، يعكس هذا التصريح “عمق نفوذ الحزب داخل مؤسسات الحكم اللبناني”.
في الوقت ذاته، وجَّه قاسم رسالة للجيش اللبناني عدتها الصحيفة "خطابا تصالحيا"؛ حيث قال: "لسنا في منافسة مع الجيش على احتكار السلاح"، مضيفا أن "الحزب يقدر الدور الذي يؤديه الجيش".
رغم ذلك، شدد قاسم على أن "الحزب لا ينوي التخلي عن سلاحه"، ويرى أن "مطلب نزع السلاح هو شأن داخلي لبناني".
وحذر من أن "الانسحاب من جنوب الليطاني -كما تطالب به إسرائيل ضمن تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701- سيعد (انتصارا لإسرائيل)"، مؤكدا أن "سلاحنا لن يسلم لإسرائيل تحت أي ظرف".
وأضاف: "حزب الله ليس الجهة الوحيدة المسؤولة عن الرد على الهجمات الإسرائيلية"، وهو ما زعمت الصحيفة أن في ذلك "إشارة محتملة إلى إيران".
وتحدثت مصادر أمنية داخل الحزب إلى صحيفة "المدن" اللبنانية بأن "حزب الله لا يأخذ المواعيد التي تتداول بشأن نزع سلاحه على محمل الجد، ويعدها مجرد (تفسيرات وضغوط إعلامية)".
وأضافت المصادر: "قد تناقَش هذه المواعيد في إطار تفاوض مع الدولة، لكن لا ينبغي تضخيم أهميتها"، مشيرة إلى أن "انتهاء القتال لا يمنح إسرائيل الحق في فرض شروط جديدة".
وفيما يتعلق بالمسار الدبلوماسي، وجه قاسم انتقادات حادة لدور المبعوث الأميركي توم باراك، متهما إياه بمحاولة "خلق مشكلة للبنان".
وقال إن "واشنطن تسعى لفرض شروط على لبنان"، محذرا من أن "إسرائيل لم تنسحب من النقاط الخمس على الحدود، لأنها تخطط لإقامة مستوطنات في لبنان".
واختتم قاسم تصريحاته بتحذير لافت، قال فيه إن "لبنان يواجه اليوم خطرا وجوديا"، مشددا على أن "حزب الله ليس وحده من يتحمل مسؤولية الرد على الاعتداءات الإسرائيلية".
وهو ما رأته الصحيفة إشارة ضمنية إلى "استعداد الحزب للتنسيق مع جهات رسمية وعسكرية لبنانية -على الأقل ظاهريا- في حال اندلاع مواجهة محتملة".
استعداد داخلي
ونقلت "معاريف" عن مصادر مقربة من الجناح العسكري في حزب الله أن "التنظيم يستعد لثلاثة سيناريوهات رئيسة قد تنفذها إسرائيل".
وأردف: "الأول: الإبقاء على الوضع الراهن، من خلال استمرار عمليات الاغتيال والضربات المحدودة جنوب لبنان".
وأضاف: "الثاني: توسيع نطاق الهجمات، عبر تنفيذ عملية إسرائيلية منسقة تستهدف جنوب لبنان ومحيط بيروت والضواحي ذات الغالبية الشيعية، دون الانزلاق إلى حرب شاملة".
أما السيناريو الثالث الذي قد تلجأ إليه إسرائيل فهو "حرب واسعة النطاق، تشبه جولة القتال في سبتمبر/ أيلول 2024 وعملية (سهام الشمال)".
ووفق الصحيفة العبرية، ترجح المصادر أن "السيناريوهين الأول والثاني هما الأكثر احتمالا، نظرا لانشغال إسرائيل بالجبهة السورية، وتوقعات بأن الولايات المتحدة لن تمنح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الضوء الأخضر لشن مواجهة شاملة في لبنان".
وفي السياق ذاته، أشارت "معاريف" إلى أن "حزب الله رفع من جاهزيته تحسبا لأي تصعيد عسكري".
ووفقا للتقارير اللبنانية، بدأ الحزب بتوزيع معدات على القرى الشيعية جنوب لبنان، وأصدر تعليمات لرؤساء المجالس المحلية بفتح المساجد وقاعات الاجتماعات لاستخدامها الفوري في حال تجدد القتال.
وأضافت "معاريف"، نقلا عن تقارير، أن "الحزب حظر استخدام الهواتف المحمولة بين عناصره، كإجراء احترازي ضد عمليات التنصت وتحديد المواقع، في خطوة تشير إلى الاستفادة من الثغرات التي ظهرت خلال حرب سبتمبر/ أيلول 2024".
وفيما يتعلق باحتمال اجتياح إسرائيلي بري جنوب نهر الليطاني، حيث سُلمت منشآت عسكرية للجيش اللبناني، يرى حزب الله أن هذا السيناريو غير مرجح.
واستدركت الصحيفة: "لكن الحزب لم يستبعد محاولات حدوث تسلل إسرائيلي في منطقة جبل الشيخ".
ووفقها أكدت مصادر في الحزب أنه "إذا وقع تسلل من الجنوب، فأهالي الجنوب هم حزب الله وحركة أمل وباقي فصائل المقاومة".
وأضافت أن "الاشتباك سيكون حتميا، وسينضم إليه الجيش اللبناني"، مؤكدا أن "كلفة الحرب باهظة، ولكن كلفة الاستسلام أشد وطأة".
ترقب متبادل
في المقابل، أشارت الصحيفة إلى "تصاعد الأصوات في المعارضة اللبنانية التي تحذر من تبعات تصعيد جديد".
ونقلت عن مصادر سياسية لبنانية قولها إن "حزب الله اضطر لقبول اتفاق وقف إطلاق النار بعد سلسلة من الهزائم والاغتيالات، وهو حاليا يحاول التهرب من تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701".
وأشارت المصادر إلى أن "الاتفاق ينص على أن يعلن حزب الله بحلول الأول من أغسطس 2025 استعداده لنزع سلاحه ضمن خطة حكومية".
وتخشى هذه المصادر أنه "إذا لم يتحقق ذلك، فإن لبنان سيدفع الثمن".
وبحسب الصحيفة، طلبت بيروت من الولايات المتحدة وإسرائيل تمديد المهلة حتى نهاية أغسطس 2025، لكن واشنطن أكدت أن "الحكومة اللبنانية وحزب الله غير مخولين لفرض شروط".
وترى "معاريف" أنه "في ظل التوترات المتزايدة على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية، يبعث حزب الله إشارات تفيد بانفتاحه على حل سياسي، لكنه في الوقت ذاته يواصل استعداداته لاحتمال التصعيد العسكري".
وتابعت: "فيما تراقب إسرائيل سلوك الحزب عن كثب، بانتظار إعلان رسمي بشأن تنفيذ الاتفاق".
وقدرت أن "قرار شن أي عملية عسكرية لن يتوقف فقط على مدى تجاوب حزب الله، بل سيتأثر أيضا بالحسابات الأميركية والضغوط الداخلية في لبنان".
ولفتت الصحيفة إلى أن "الولايات المتحدة شددت في الآونة الأخيرة موقفها تجاه لبنان، مطالبة بتعهد رسمي بنزع سلاح حزب الله كشرط مسبق لاستئناف المفاوضات بشأن إنهاء العملية العسكرية الإسرائيلية".
ووفقا لتقرير وكالة "رويترز" البريطانية، أعلنت واشنطن أنها "لن ترسل مبعوثها الخاص للشرق الأوسط، توم باراك، إلى بيروت ما لم تصدر الحكومة اللبنانية قرارا واضحا بشأن نزع السلاح".
في الوقت نفسه، أكدت الولايات المتحدة أنها "لن تضغط على إسرائيل لوقف هجماتها الجوية أو سحب قواتها من جنوب لبنان"، وفق الصحيفة.
في سياق متصل، أدلى وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش بتصريحات خلال مؤتمر "تعزيز الشمال" بمشاركة منظمات المجتمع المدني، قائلا: "هناك فرصة لا بأس بها لنزع سلاح حزب الله بالكامل".
وأضاف: "حتى خامنئي فقد الأمل في حزب الله ويبدي لا مبالاة تامة تجاه إعادة تأهيله".
واستطرد: "الجيش الإسرائيلي لم ينسحب -وبعون الله لن ينسحب- من النقاط الخمس التي نحن موجودون فيها داخل الأراضي اللبنانية، والقرى الشيعية التي دمرت لن يعاد بناؤها".