رغم دعمها حكومة غرب ليبيا.. تحقيق يفضح تدريب إيطاليا لجنود تابعين لحفتر

منذ ساعتين

12

طباعة

مشاركة

في تحقيق صحفي كشفه موقع "إيل بوست" الإيطالي، برزت معطيات حساسة حول دور إيطاليا في تدريب جنود ليبيين تابعين للانقلابي خليفة حفتر، رغم اعتراف روما الرسمي بحكومة طرابلس فقط كسلطة شرعية في ليبيا. 

ويأتي هذا الكشف في وقت لا تزال فيه الانقسامات السياسية والعسكرية تمزق البلاد، ويثير تساؤلات حول موازنة المصالح الإيطالية بين الأطراف الليبية المتناحرة.

كما أشار التحقيق إلى أن "التدريبات تجرى داخل قواعد عسكرية إيطالية في سردينيا وتسكانا، وتشمل عناصر من الصاعقة واللواء 155، دون أن تنال -حتى الآن- (كتيبة طارق بن زياد) سيئة السمعة التي يقودها نجل حفتر. 

ووسط اتهامات موثقة بارتكاب جرائم حرب من قبل هذه الكتائب، تتعاظم المخاوف من تواطؤ غير مباشر أو دعم ضمني من قبل دول أوروبية.

وفي هذا السياق، تساءل التحقيق عما إذا كان هذا التعاون العسكري يشكل تحولا في الموقف الإيطالي من الأزمة الليبية.

تدريب جنود

وأكد الموقع أن “إيطاليا تدرب منذ فترة جنودا ليبيين يتبعون حفتر، الذي يسيطر عمليا على الحكومة في شرق البلاد”.

وأشار التحقيق إلى أن "هذه المعلومة لها أهمية خاصة، نظرا إلى أن إيطاليا لا تعترف رسميا سوى بالحكومة في طرابلس، التي تسيطر على النصف الغربي من البلاد، والتي خاضت بدورها مواجهات عديدة مع حكومة شرق ليبيا".

وذكر أن "القوات المسلحة الإيطالية تدرب كذلك القوات العسكرية التابعة لطرابلس ضمن برنامج مواز"، لافتا إلى أن هذا البرنامج "لا يواجه الإشكالات نفسها التي تعتري البرنامج المخصص لجنود حفتر، وذلك لأن روما تعترف بالحكومة الغربية".

وحسب المعلومات الواردة، تجدر الإشارة إلى أن الجنود الذين يدربون في إيطاليا لا ينتمون إلى "كتيبة طارق بن زياد"، التي وصفها بأنها "العنصر الأهم في جيش حفتر". 

ورأى أن هذه المعلومة "ذات دلالة"، ووصفها كذلك بأنها "بالغة الأهمية".

وعزا ذلك إلى أن الكتيبة يقودها صدام حفتر، نجل خليفة حفتر، الذي يشغل أيضا منصب رئيس أركان القوات البرية في قوات بنغازي.

وأشار التحقيق إلى أن هذا الأمر يوحي بأن "الحكومة الإيطالية، عبر هذا البرنامج التدريبي، حاولت من جهة ألا تغضب حفتر كليا، نظرا لوجود مصالح سياسية واقتصادية تقتضي عدم خلق عداء مع الجهة المهيمنة على شرق ليبيا".

وأردف: "ومن جهة أخرى، سعت لتفادي المزيد من الإحراج والمشكلات مع حلفائها ومع حكومة طرابلس، وهي الإشكالات التي كان واردا حدوثها لو أنها دربت الكتيبة التي يقودها نجل حفتر بشكل مباشر".

وتجدر الإشارة إلى أن "كتيبة طارق بن زياد" متورطة، بحسب تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية في ديسمبر/ كانون الأول 2022، في سلسلة من الجرائم بحق معارضي حفتر، من بينها الاعتقالات التعسفية والاختفاءات القسرية وأعمال التعذيب. 

ولفت التحقيق إلى أن العسكريين الذين يتدربون في القواعد الإيطالية ينتمون إلى وحدتي الصاعقة واللواء 155 في جيش حفتر.

سلوك متكرر

وأكد تحقيق  "إيل بوست" على ضرورة توضيح أمرين متعلقين بالأسماء.

الأمر الأول، هو أن حفتر يطلق على قواته العسكرية اسم "الجيش الوطني الليبي"، وذلك لتكريس فكرة أن بنغازي تمثل السلطة الشرعية الوحيدة في البلاد، وأنها ستتمكن يوما ما من استيعاب قوات طرابلس، ولو كان ذلك عبر إخضاعها بالقوة.

لكن الصحيفة الإيطالية تؤكد أن "هذا الجيش الوطني لا وجود له فعليا، حيث إن ليبيا ليست دولة موحدة".

أما التوضيح الثاني الذي أورده التحقيق، فهو سبب تبني المليشيات الليبية أسماء رسمية بأرقام ترتيبية، حيث ترى الصحيفة أن "السبب يكمن في رغبتهم بإعطاء انطباع بوجود جيش منظم ومهيكل".

وهنا، شددت الصحيفة على أن "الحقيقة هي أن الوضع -سواء في طرابلس أو بنغازي- لا يعدو كونه مزيجا من الفصائل والمليشيات المسلحة".

وفيما يخص قوات "الصاعقة"، أفاد التحقيق بأنها كانت تحظى بتقدير كبير في عهد معمر القذافي، الذي لقي حتفه عام 2011 أثناء محاولته الفرار من الثوار الذين أطاحوا به.

وبعد الثورة ضد القذافي، انضمت "الصاعقة" إلى حفتر وشاركت في المعركة التي دارت بين عامي 2014 و2017 لإخراج فصائل -من بينها تنظيم الدولة- من بنغازي، وفق ما أورد التحقيق.

وخلال معارك بنغازي، تحدث التحقيق عن وجود قوات خاصة من دول غربية على الأراضي الليبية، من بينها فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وإيطاليا.

وأشار إلى أنها كانت متمركزة داخل مطار بنينا في مدينة بنغازي. 

وتابع موضحا: "لم تكن هذه القوات تشارك في القتال، بل كانت حاضرة كمستشارين عسكريين، وهو ما يعد سلوكا متكررا للحكومات الأجنبية التي غالبا ما تقدم نوعا من المساعدة لحكومات ليبيا بهدف ترسيخ موقعها ونفوذها داخل البلاد".

إستراتيجية حفتر

ولفت التحقيق إلى "وجود مقطع فيديو حديث يظهر فيه جنود قوات الصاعقة وهم يتدربون في ثكنة بيسانو، الواقعة في كابو تيولادا، جنوب جزيرة سردينيا الإيطالية". 

إلى جانب مقطع آخر يظهرهم وهم يتلقون تدريبات على القتال الحضري داخل مبنى إلى جانب مدرب من الجيش الإيطالي.

وفي هذا السياق، لفتت الصحيفة إلى أن محكمة الجنايات الدولية كانت قد وجهت اتهامات لجنود الصاعقة عام 2017 بارتكاب جرائم حرب، خاصة بعد ظهور مقاطع فيديو لقائدهم، محمود الورفلي، وهو يجبر أسرى على الركوع ثم يعدمهم برصاصة في الرأس. 

وتجدر الإشارة إلى أن الورفلي اغتيل عام 2021.

أما اللواء 155، فذكر التحقيق أنه "وحدة تقليدية تتكون من جنود ينحدرون من المناطق الحدودية في ليبيا مع مصر وتشاد والسودان". 

وأفاد بأن "مهمته تتمثل في مراقبة منطقة واسعة تمر عبرها طرق الهجرة وتختبئ فيها مجموعات إرهابية". 

وأشار إلى أن "الوحدة تستفيد في عملها من العلاقات المحلية والأسرية التي تربط جنودها بالسكان".

واختتم التحقيق بالقول إن ذلك "يعد جزءا من إستراتيجية حفتر للسيطرة على مناطق شاسعة في جنوب شرق ليبيا بعدد محدود نسبيا من الجنود".