حقوقي موريتاني: العبودية جريمة لا تسقط بالتقادم وعقوبتها تصل للسجن 10 سنوات (خاص)

"ثمة اكتظاظ شديد في بعض السجون الموريتانية ورفعت ملاحظات مهمة إلى السلطات"
قال رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان الموريتانية الأسبق أحمد سالم ولد بوحبيني: إنه لا حرج في الحديث عن ظاهرة العبودية في موريتانيا، فالعالم فيه حوالي 40 مليون مستعبَد، وأوروبا نفسها استخدمت الإنسان مثل الآلة لإقامة حضارة.
وأضاف في حوار مع “الاستقلال”، أن القانون الآن في موريتانيا يعد العبودية جريمة لا تسقط بالتقادم, ولها عقوبة قاسية تصل إلى السجن لعشر سنوات.
غير أن ولد بوحبيني شدد على أن طرح المجتمع الدولي عن العبودية في موريتانيا غير دقيق ومبالغ فيه، فلا توجد أسواق للعبيد في بلادنا، وليس 20 بالمئة من أبناء موريتانيا من الرقيق.
وعن وضع السجون في البلاد، أوضح رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان الأسبق، أن ثمة اكتظاظا شديدا في بعض السجون الموريتانية، مشيرا إلى أنه رفع ملاحظات مهمة إلى السلطات في هذا الصدد.
وأحمد سالم ولد بوحبيني من مواليد 1961, وهو نقيب سابق للهيئة الوطنية للمحامين في موريتانيا، والرئيس الأسبق للمنتدى الدولي للديمقراطية والوحدة المعارض في موريتانيا. تولى رئاسة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في موريتانيا لدورتين متتاليتين، وأنهى الفترة الثانية في هذا العام.

الديمقراطية والملفات المُلحة
- دخل المسار الديمقراطي الموريتاني أكثر من مرة في أجواء من “الحوار الوطني”.. كيف تقيّمون الأمور اليوم في ظل الحوار السياسي الأخير الذي دعا إليه الرئيس بالأساس؟
أرى أن الديمقراطية تقوم على مبدأ بسيط: الحكومة المنتخبة ديمقراطيا في انتخابات شفافة هي التي تحكم، انطلاقا من برنامجها الذي صوّت له الشعب. ليس من المنطقي أن تحكم ببرنامج المعارضة الذي لم يحظَ بثقة الناخبين، فهذا يناقض جوهر الديمقراطية.
على الحكومة إذن أن تتحمل مسؤوليتها كاملة: أن تعالج مشاكل المواطن، وأن تعمل على تحسين معيشته وخدماته الأساسية ونمو بلده، وهي ستحاسب في النهاية على ما تحقق من نجاحات أو إخفاقات.
وفي المقابل، على المعارضة أن تقوم بدورها الطبيعي: الرقابة، والمطالبة بالمزيد، وتقديم البدائل.
صحيح أنه في القضايا الوطنية الكبرى، من الطبيعي أن يستشير رئيس الجمهورية مختلف القوى السياسية، وهذا ما يقوم به فعلا منذ توليه الحكم، وهي ممارسة إيجابية.
لكن هذه الاستشارات تبقى غير ملزمة، والحكومة وحدها تتحمل مسؤولية القرار والتنفيذ.
أما بخصوص بعض المواضيع التي تطرح عادة للحوار، مثل العبودية أو الإرث الإنساني، فأنا أرى أن إدراجهم في حوار سياسي عام خطأ.
لأن ملف العبودية لا خلاف حوله: الجميع ضدها، والمطلوب اليوم ليس نقاشا, بل سياسات اقتصادية واجتماعية جادة تعالج آثارها، مع معارضة تراقب وتطالب بالمزيد. وبالنسبة للإرث الإنساني، هناك لجنة حكومية متخصصة تعمل على الملف منذ أكثر من سنة، والأجدر تركه في هذا الإطار المؤسسي بدل تداوله بين أطراف متعددة بآراء متباينة قد تربك معالجته.
بكلمة واحدة: الحوار قيمة مهمة، لكن لا ينبغي أن يتحول إلى خلط للأدوار أو تقاسم للبرامج.
في الديمقراطية، الحكومة تحكم والمعارضة تعارض، وكل طرف يُحاسب على أدائه.
- ما أكثر المجالات التي ترون أنها تحتاج إلى مزيد من الجهد الحكومي في موريتانيا؟ ما بين القضائي والتعليمي والتربوي.. إلخ؟
أعتقد أن هناك عدة مجالات تحتاج إلى جهد حكومي أكبر، لكن إذا أردت أن أركز فسأضع في المقدمة ميدان العدالة؛ لأنه أساس الدولة.
لا يمكن أن نتحدث عن تنمية أو عن ديمقراطية حقيقية ما لم يكن هناك قضاء مستقل وفعّال وسريع يُطمئن المواطن ويعطيه حقوقه.
المجال الثاني هو التعليم، فهو العمود الفقري لأي مشروع وطني. بدون تعليم جيد وموحد وذي جودة عالية، لا يمكن أن نتصور تنمية بشرية ولا أن نؤسس لمجتمع متماسك.
وثالثا، هناك المجال الاجتماعي المرتبط بتكافؤ الفرص والحد من الفوارق، من خلال سياسات اقتصادية أكثر عدلا تستهدف الفئات الهشة وتفتح أمام الشباب آفاقاً للعمل والاندماج.
هذه المجالات مترابطة: العدالة تعطي الثقة، التعليم يعطي الكفاءات، والسياسة الاجتماعية توفر الإنصاف، وبدونها جميعا لا يمكن لموريتانيا أن تحقق ما يطمح إليه شعبها.
ومن المهم أيضا أن أوضح أن معالجة كل هذه التحديات الوطنية تقتضي قبل كل شيء أن تكون للحكومة رؤية واضحة.
فنحن بلد يواجه تحديات كبيرة، لكنه في الوقت نفسه يملك فرصاً هائلة بفضل موقعه الإستراتيجي وموارده المتنوعة.
وجود رؤية واضحة هو الشرط الأساسي لتحويل هذه التحديات إلى مكاسب وفرص حقيقية لصالح المواطن الموريتاني.

لجنة حقوق الإنسان وقضايا عالقة
- توليتم رئاسة لجنة حقوق الإنسان لدورتين متتاليتين.. ما الذي ترون أن اللجنة بحاجة إليه أو تفتقر إليه؟
نعم، توليت رئاسة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان لولاية ثانية خلال السنوات الست الماضية، وأستطيع أن أقول إنها كانت فترة مميزة بتحدياتها وبما تحقق خلالها.
التحدي الأكبر كان كيفية التوفيق بين طبيعة اللجنة كهيئة عمومية مستشارة للحكومة، وفي نفس الوقت كهيئة مستقلة. وقد نجحنا، في اعتقادي، في تحقيق هذا التوازن الصعب.
عملنا على ملفات شائكة في مجال حقوق الإنسان، وبدل الاكتفاء بالجدل العقيم، اخترنا منهجية العمل الميداني الشفاف، بالشراكة مع الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، والسفارات المعتمدة في نواكشوط.
وقفنا إلى جانب المواطنين عند حدوث انتهاكات، وقدّمنا للحكومة استشارات جدية للارتقاء بوضعية حقوق الإنسان، وأصدرنا تقارير كانت أحيانا نقدية بشدة، خاصة في مجال العدالة والحريات.
هذا النهج عزز مصداقية اللجنة، وهو ما تُوّج بحصولنا على أعلى تصنيف دولي (التصنيف “أ”) من التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، وبانتخابنا لرئاسة الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية، وكذلك لمنصب نائب رئيس لجنة حقوق الإنسان الفرانكوفونية.
اليوم، أرى أن الأولوية أمام اللجنة هي الاستمرار على هذا المسار: أن تحافظ على استقلاليتها، وأن تواصل دورها المزدوج كمستشار للحكومة من جهة، وكهيئة مستقلة تراقب وتقيّم من جهة أخرى.
فهذا الاعتدال هو الذي سمح لها بأن تكون فاعلاً موثوقًا وذا مصداقية في المشهد الحقوقي الوطني والدولي.
- بعد أن قضيت مدتين متتاليتين في رئاسة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان.. كيف تصف هذا الموقع ومسؤولياته وهل أنتم راضون عن تلك الفترة عموما؟
العمل في رئاسة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان يلقي على كاهل الإنسان مسؤوليات موصوفة بالعظيمة.
وبحكم أن اللجنة هي مستقلة وفي وضع استشاري للسلطات فهي في حالة أخذ الأمانة التي يجب عدم الاستهانة بها وهذا ما حاولت جاهدا أن أفعله.
تحركنا على مستويات عديدة وفق ما أملاه علينا العمل والضمير، طرقنا الأبواب التي تخص حقوق الإنسان في مجالات شتى وحاربنا التمييز والعبودية ودعمنا من يحاربونهما , وحرصنا على فتح خطوط التواصل باستمرار مع السلطات.
ويمكن مراجعة إنجازاتنا التي هي واجب علينا لتجدوا ما تحقق بالفعل, وقد أثنت السلطات على هذه الجهود عند انتهاء مهمتنا وتمنينا التوفيق لمن خلفنا في هذا الموقع المؤثر.
- في سياق مجال حقوق الإنسان.. كيف تقيمون واقع حقوق الإنسان في موريتانيا الآن؟
موريتانيا شهدت في السنوات الأخيرة تقدماً ملحوظاً في مجال حقوق الإنسان، سواء على مستوى النصوص القانونية والتشريعات، أو من خلال إنشاء وتعزيز المؤسسات المعنية بحماية وترقية هذه الحقوق.
ولا شك أن جهوداً مقدرة بُذلت أخيراً في هذا المجال الذي أصبح يُنظر إليه كأولوية سياسية، غير أن واقع حقوق الإنسان يقتضي عملاً يومياً متواصلاً، ولا يمكن أن يصل إلى مرحلة الاكتفاء.
فما زالت هناك تحديات قائمة، خصوصا في مجال الحريات، حيث سُجلت بعض النواقص المرتبطة بالنصوص التي تحد من الممارسات الحرة، وبالتعامل مع التظاهرات السلمية وتأسيس الجمعيات والأحزاب.
ومع ذلك، تبقى الصورة العامة مشجعة، وما نأمله هو أن تستمر هذه السياسة في الاتجاه الإيجابي، وألا يتم التراجع عنها، خاصة أن موريتانيا تمكنت خلال السنوات الأخيرة من تحسين موقعها واكتساب مراكز إيجابية في الميدان الحقوقي.

- عندما تُذكر حقوق الإنسان في موريتانيا غالبا ما تُستدعى قضية “العبودية”.. برأيكم لماذا شغلت هذه القضية المجتمع الموريتاني لهذه الدرجة وإلى أين وصلت موريتانيا في حل هذه المسألة؟
مبدئيا لا حرج من تناول هذه القضية في موريتانيا لسبب بسيط؛ لأن هذه الظاهرة انتشرت في العالم أجمع على فترات تاريخية متنوعة.
والعالم فيه حوالي 40 مليون مستعبَد، أوروبا نفسها استخدمت الإنسان مثل الآلة لإقامة اقتصاد وحضارة وأركان حياة.
ومعظم المراحل التي تكونت فيها هذه الحضارة كان فيها استعباد للإنسان.
والولايات المتحدة عندما أرادت أن تتكلم عن العبودية أطلقت عليها اسم "الماضي المشترك", في إيماءة واضحة إلى أن العالم كله كان فيه عبودية، ولديها متحف تطلق عليه متحف "الماضي المشترك" وهو بالأساس متحف لتاريخ العبودية.
أما بالنسبة إلى موريتانيا فلديها ترسانة قانونية شبه مكتملة الآن لمحاربة هذه الظاهرة, وبالفعل تسعى لتفعيلها في كل الأوقات.
القانون الآن في موريتانيا يعد العبودية جريمة لا تسقط بالتقادم, ولها عقوبة قاسية تصل إلى السجن لعشر سنوات.
نعم هناك أثر للعبودية في المجتمع الموريتاني، وليست الدولة فقط التي اهتمت بالأمر, بل إن المنظمات والمؤسسات اهتمت بهذا الأمر وتحركت من أجل الإسهام في القضاء عليه.
بل إن مؤسسات وهيئات حقوقية تأسست لهذا الغرض خصيصا. إذن الدولة تواجه الظاهرة والمجتمع أيضا, وقد أصدر القضاء أحكاما في قضايا تخص العبودية.
ونقطة مهمة أن النصوص الموجودة في القوانين لمواجهة العبودية نصوص واضحة, يبقى أيضا أن يتم تطبيقها بشكل صارم دون مجاملات أو تدخلات.
وفي فترة وجودي في رئاسة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان كانت توصيتنا واضحة لكل الجهات الإدارية والتنفيذية أنه لا مجال للتعتيم او الاستجابة لأي نفوذ أو أي ضغط في اتجاه عكس القانون وتنفيذه.
لكن ما أريد أن أنوه عنه في هذا السياق أن طرح المجتمع الدولي عن العبودية في موريتانيا غير دقيق ومبالغ فيه، لا توجد أسواق للعبيد في موريتانيا، على المجتمع الدولي مراجعة موقفه المبالغ فيه.
فللأسف هناك دعاية مغرضة يتم تقديمها للمجتمع الدولي بخصوص الرق في موريتانيا.
للأسف الصورة التي تُقدم عن موريتانيا بخصوص الرق أو العبودية خاطئة، لا شك أن هناك حالات رق وبعض مخلفات الرق موجودة، بخاصة في الأرياف.
لكن ليس بهذه الصورة التي يتم ترويجها لدرجة أن البعض يتحدث عن أن 20 بالمئة من أبناء موريتانيا هم من الرقيق.
لذا يجب أن نضع الأمور في نصابها الصحيح حتى نصل إلى حلول مُجدية.
- ظهرت أصوات عديدة تتحدث عن مستويات متباينة من الفساد في الدولة الموريتانية.. إلى أي مدى ترى نفس الأمر وما الحلول المتاحة برأيكم؟
من الطبيعي أن ترفع كل الحكومات شعار محاربة الفساد، غير أن مستوى الجدية في التعاطي مع هذا الملف يختلف من مرحلة إلى أخرى.
وفي جميع الأحوال، لا يمكن أن نتوقع تقدماً حقيقياً للبلد دون مواجهة الفساد بحزم.
فأدوات المكافحة موجودة في موريتانيا، والإرادة السياسية أُعلن عنها أكثر من مرة، وما ينبغي الآن هو تجسيدها على أرض الواقع بشكل ملموس، يغلق الباب أمام كل التجاوزات، ويتعامل معها بصرامة، في إطار سياسة واضحة وإرادة ثابتة تضع مصلحة الوطن فوق كل تقدير، وتحقق المساواة بين المواطنين.

ثقافة مع أو ضد في موريتانيا
- كيف ترون الاتجاهات السياسية السائدة في موريتانيا حاليا المنحصرة فقط بين مؤيد ومعارض للسلطة وهي في تنام ملحوظ؟ كان لكم رأي في هذا الأمر ونشرتموه، هل من توضيح؟
فعلا، أصبحت الحياة العامة في موريتانيا محصورة في منطق ثنائي: هناك من هم “مع السلطات”، وهناك من يُعدون “معارضين”. هذا التصنيف التبسيطي ليس فقط خاطئًا، بل خطير أيضًا.
فهو يقوّض ثلاث ركائز أساسية: الموضوعية، والاستقلالية والمصلحة الوطنية. لم يعد بالإمكان تحليل أي عمل حكومي دون أن يُوضَع صاحبه فورًا في خانة معينة.
لنأخذ مثالًا: إذا كتب أحد أن من أهم المكاسب التي حققها بلدنا اليوم هو الأمن، وشكر السلطات على ضمان قدر من الأمن المفيد لبلدنا في سياقنا الإقليمي الحالي، سيتهم فورًا بأنه يتملق المسؤولين طمعًا في منصب أو منفعة.
لكن الواقع أن الأمن في بيئة مضطربة يبقى مكسبًا حيويًا يجب الاعتراف به. وبالمثل، فإن التحكم التدريجي في نظام الحالة المدنية يشكل تقدمًا مهمًا وأساسيًا لحسن الحوكمة.
ويضاف إلى ذلك حضور موريتانيا المتزايد على الساحة الدولية والدبلوماسية، مما يعزز صورتها ويجعلها في قلب اهتمام العديد من الدول والمستثمرين. هذه إنجازات حقيقية, ومن المشروع تمامًا إبرازها. ومع ذلك، فإن أي اعتراف علني يُفسَّر مباشرة على أنه خضوع أو ولاء أعمى.
وعلى العكس من ذلك، إذا انتقدنا بعض السياسات العامة، يتم فورًا تصنيفنا كـ”معارضين”.
بينما في الحقيقة، من الواجب الوطني الإشارة إلى الاختلالات الواضحة:
نظام تعليمي مأزوم وعاجز عن تكوين أجيال المستقبل، نظام صحي يعاني من أعطال متكررة، إدارة بطيئة وغير فعّالة في كثير من الأحيان، قضاء يواجه صعوبة في ضمان العدالة، وقطاع خاص ضعيف لا يطمئن المستثمرين ولا يقدر على دعم التنمية المستدامة. هذه ليست معارضة عبثية، بل صرخة إصلاح تهدف إلى تحسين الحوكمة.
إن حصر النقاش الوطني في معادلة “مع أو ضد” لا يخدم أحدًا.
هذا المنطق الثنائي يفقر التفكير، ويمنع بناء التوافق، ويضر في النهاية بالمصلحة العليا للوطن. إن بلدنا يستحق أفضل من خيار مفروض بين الولاء الأعمى والمعارضة المطلقة, إنه يستحق تحليلًا حرًا، ناقدًا ووطنيًا، موجّهًا نحو التقدم المشترك.
- كيف ترون التعديل الذي تم إقراره في موريتانيا على قانون الأحزاب في بداية 2025؟
الدستور عادة هو الضامن الأعلى للحقوق والحريات، ومن بينها حرية التنظيم، وحرية إنشاء الجمعيات والأحزاب.
وبالتالي فإن أي تقييد يتجاوز ما هو ضروري لحماية النظام العام أو السلم الأهلي يمكن أن يُعد انتقاصاً من هذه الحقوق.
كلما كان هناك شرط أو قيد، يجب أن يكون متناسباً مع الهدف المشروع المراد تحقيقه. فإذا تحوّل التنظيم إلى تضييق أو إقصاء، فذلك يضعف التعددية ويحد من المشاركة السياسية.
الأصل في المجتمعات الديمقراطية هو الإباحة والحرية، أما القيود فهي استثناءات تُبرر بضرورات قصوى. وكلما ضاقت مساحة الحرية في هذا المجال، قلّت فرص التداول السلمي للسلطة وازدهار الحياة الديمقراطية.
ليست النصوص وحدها مهمة، بل كذلك الأعراف السياسية الراسخة، التي تقوم على فتح المجال أمام الجميع للتعبير والمشاركة.
أي تقليص في هذا المجال قد يُنظر إليه على أنه إخلال بروح الديمقراطية، حتى لو حاول المشرع تبريره.
- بحكم منصبكم السابق.. كيف ترون حال السجون في موريتانيا؟
أنا الآن لست في منصب من يقيّم وضع السجون في موريتانيا، لكن في أثناء وجودي في رئاسة اللجنة قمت بزيارة جميع السجون ورفعت ملاحظات مهمة إلى السلطات ومنها الاكتظاظ الشديد في بعض السجون. هذا ما لدي في هذا الإطار.