خبير قانوني: الإمارات ترتكب جريمة بحق نجل القرضاوي ونتنياهو مطارد دوليا (خاص)

"الإمارات وقعت في مخالفة قانونية دولية صريحة"
قال الخبير في القانون الدولي، عبد المجيد مراري: إن وقف إطلاق النار في قطاع غزة لا يوقف المحاسبة والمتابعة القضائية بحق رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، “فهذا مبدأ دولي معروف وهو عدم إفلات الجناة من العقاب”.
وأكد المحامي الدولي مراري في حوار خاص مع "الاستقلال" أن “اتفاقات السلام أو اتفاقيات وقف إطلاق النار لا ترفع تلك الجرائم عن كاهل المتهمين”.
وأكَّد أن "رواد أسطول الصمود الذي أوقفته إسرائيل في المياه الإقليمية واعتدت واعتقلت اعضاءه لديهم الحق الكامل في محاكمة إسرائيل أمام المحاكم الدولية كافة، وكل منهم لديه الحق في مقاضاة إسرائيل أمام قضاء بلاده".
وأوضح مراري أن "العالم ما زال يحتاج إلى مزيد من التشريعات لحماية اللاجئين والمهاجرين غير النظاميين، خاصة أن كثيرا من حكومات البلاد الغربية هي سبب رئيس في هجرة هؤلاء من بلادهم بعد أن ساعدت على اضطهادهم بسبب ممارساتها الاستعمارية القديمة ولأسباب أخرى".
وفي الشأن التونسي، عدّ ما ينفذه الرئيس التونسي قيس سعيد من محاكمات ضد رموز المعارضة والنشطاء السياسيين "إجراءات دون أي سند قانوني على المستوى المحلي والمستوى الدولي".
ودعا مراري، وهو مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة "افدي" الدولية، السلطات التونسية إلى إطلاق سراح كل المحاكمين على خلفيات سياسية؛ لأن هذه الإجراءات "لا تليق بتونس وتضحياتها".
وبشأن قضية الشاعر عبد الرحمن يوسف القرضاوى، شدد على أن "الإمارات ارتكبت جريمة الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري بحقه وتتحمل المسؤولية القانونية على المستوى الدولي بعد مرور ما يقارب العام على اعتقاله لديها دون محاكمة أو تهم واضحة".
وعبد المجيد مراري عضو في الفريق القانوني الذي يعمل على إدانة إسرائيل أمام الجنائية الدولية ويعرف بأنه محامي الضحايا الفلسطينيين في المحكمة، ومسؤول الشرق الأوسط في منظمة “إفدي” الدولية لحقوق الإنسان بفرنسا.

إطلالات قانونية
كيف ترون الشكل الذي ستستمر عليه محاكمة نتنياهو وبعض رموز حزبه وحكومته بعد توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار في غزة؟وهل تتوقعون صدور أحكام ضده؟
وقف إطلاق النار لا يوقف المحاسبة والمتابعة القضائية؛ فهذا مبدأ دولي معروف وهو عدم إفلات الجناة من العقاب.
فاتفاقات السلام أو اتفاقيات وقف إطلاق النار لا ترفع تلك الجرائم عن كاهل المتهمين، وعموما السلام بدون عدالة وبدون اقتصاص هو سلام ناقص في كل الأحوال.
وعلى الجانب العملي عندما يجري القبض على نتنياهو في أية لحظة سيحاكم محاكمة وفق ما تقتضيه قواعد الإجراءات داخل محكمة الجنايات الدولية، وننتظر أقصى العقوبات إذا ما تمَّ اعتقاله ومعه باقي المتهمين من حكومته ومعاونيه.
التهم الموجهة إلى نتنياهو هي تهم ثقيلة ترقى عقوبتها إلى السجن ثلاثين سنة على تقدير أنها تهم مرتبطة بجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية.
أقصى العقوبات هو ما سنطالب به كدفاع وكمحامين عن الضحايا الذين تأذوا جراء جريمته.
على المستوى القانوني.. هل هناك طريقة لمحاكمة الاحتلال الإسرائيلي دوليا بسبب حصاره قطاع غزة منذ عقدين تقريبا؟
أعتقد أن هناك إجراءات بدأت بالفعل في هذا الشأن، وهناك شكاية قدمناها نحن كفريق قانوني، بتوكيل من عشرة أعضاء من المجلس التشريعي الفلسطيني في يونيو/ حزيران 2023 قدمنا وقتها دعوى واضحة بشأن الحصار ووصفناها بجريمة حرب وفق المادة الثامنة من النظام المؤسسي لمحكمة الجنايات الدولية..
وكنا طلبنا من المحكمة آنذاك بتفعيل الصندوق المالي الموجود داخل المحكمة من أجل تعويض سكان قطاع غزة عن الحصار في إطار ما يُعبر عنه بـ"جبر الضرر" للضحايا نظرا لما انعكس عليهم من مشكلات عدة اقتصادية واجتماعية وغيرها..
وبالتالي متابعة إسرائيل جنائيا بسبب الحصار هي إمكانية متوفرة بقوة حتى على مستوى محكمة العدل الدولية أو حتى على مستوى القضاء الأوروبي الذي بدأ بالتحرك بالنظر في مجموعة دعاوى بالفعل قُدمت إليه بهذا الشأن.
آخرها التحقيق الذي فتحه المدعي العام الفرنسي والمدعي العام الإسباني وكذلك المدعي العام الهولندي، فيما يشبه "الهَبَّة القضائية" والتي ينبغي استغلالها لتأسيس حالة قضائية عامة بشأن حصار قطاع غزة.
كيف نوضح للجمهور الواقع القانوني والمسؤوليات القانونية الواقعة على عاتق أي دولة لها صفة "المحتل" مثل إسرائيل؟
محكمة العدل الدولية وصفت دولة إسرائيل المدعاة بصفة "المحتل" بالفعل، والمحتل وفقا لقواعد القانون الدولي خاصة اتفاقية جينيف، تقع عليه مسؤولية قانونية كبيرة جدا، مرتبطة بتنفيذ واحترام قواعد القانون الدولي من حيث حقوق الشعب الذي احتلت أرضه وفي هذه الحالة هو الشعب الفلسطيني..
ومن ضمنها الحق في التعليم والصحة والغذاء وغير ذلك من الحقوق، وهي جزء من حماية السكان المدنيين المنصوص عليها في المادة السابعة من الاتفاقية الرابعة لجينيف، وهي تدعو لاحترام كرامة الإنسان وحمايته من العنف..
إسرائيل لا تحترم هذه المادة، ولا تؤمن الاحتياجات الأساسية للسكان الذين تحتل هي أرضهم، والمطلع على المادتين 55 و 56 سيعرف أن إسرائيل عليها واجبات قانونية كبيرة تضرب بها عرض الحائط.
المادة 33 من الاتفاقية الرابعة أيضا تمنع استخدام الحصار كوسيلة للعقاب الجماعي، وهناك نقطة أخرى المرتبطة بحرية الملاحة والتجارة، اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار تعد دخول المياه الإقليمية الفلسطينية جريمة دولية.
وهناك أيضا المادة الثامنة في النظام المؤسس لمحكمة العدل الدولية تعد التجويع جريمة حرب يعاقب عليها القانون، وهي المادة التي تمت بمقتضاها متابعة نتنياهو وجالانت وبناء عليها صدرت المذكرة التي تعدهما مجرمي حرب.
وطبعا من الواضح أن إسرائيل لم تحترم كل هذه المواد ومواد قانونية أخرى، بالتالي طبعا هي دولة احتلال خالفت القانون بشكل واضح بل وبشكل متجرئ غير عابئة به ولا بالمجتمع الدولي.

سياسي مجرم
طالب ترامب في وقت من الأوقات بإلغاء محاكمة نتنياهو داخليا في إسرائيل.. هل تتوقعون حدوث ذلك بالفعل أم أن النظام القانوني يحول دون ذلك؟
الحقيقة القضاء الإسرائيلي يتمتع باستقلالية شديدة ونداءات ترامب بهذا الخصوص لن تجد صدى إيجابيا أبدا.
وطبعا السيادة القضائية تمنع تدخل أي مسؤول خارجي في شؤونها، كون القضاء هناك هو قضاء دولة محتلة ظالمة لا يمنعنا أن نوضح أن قضاءهم لا يتهاون في قضايا الفساد، وقد مر علينا عقوبات عديدة لمسؤولين سياسيين هناك آخرهم إيهود أولمرت الذي اتهم بقضايا فساد وحوكم عليها.
نتنياهو نموذج واضح وحقيقي للسياسي المجرم، فهو مطارد على المستوى الدولي والداخلي أيضا، وضغوط ترامب في هذا الإطار لن تفلح.
بشأن الحقوق القانونية لرواد أسطول الصمود وغيره من محاولات كسر الحصار عن غزة.. ماذا تتوقعون في هذا الإطار؟ هل من الممكن أن ينال هؤلاء حقوقهم بعدما تعرضوا له من إجراءات غير قانونية؟
الأشخاص الذين انتهكت حقوقهم بالفعل وتم اعتقالهم أو إيذاؤهم وخطفهم من وسط المياه الدولية من حقهم أن يسلكوا جميع السبل القانونية ضد إسرائيل على المستوى الدولي عبر محكمة الجنايات الدولية بصفتها جريمة ترقى إلى كونها جرائم حرب بتقدير أنها اختطاف وإخفاء قسري، والإخفاء القسري جريمة حرب عندما تتم على نطاق واسع بهذا الشكل.
ومن الممكن أيضا أن يلجؤوا إلى القضاء الجنائي في أوطانهم أو البلدان الأوروبية خصوصا أن منهم أوروبيين بالأصل من حقهم أن يقاضوا هؤلاء الضباط الذين اعتدوا عليهم.
كنا اقترحنا على بعض المواطنين وبعض النواب أن يتوجهوا إلى القضاء الفرنسي لمقاضاة بعض الضباط الإسرائيليين الذي يحملون الجنسية الفرنسية.
فإمكانية المقاضاة متاحة على أكثر من مستوى، وقد فُتح الباب بالفعل في هذا الشأن.
يبقى على ملاك السفن أن يتحركوا قانونيا أيضا لاسترداد ملكياتهم؛ لأن هذا نزع غير قانوني للملكية وسرقة واضحة.
كذلك الدول التي انتهكت سيادتها والتي كانت تلك السفن ترفع أعلامها ينبغي ويحق لها أن تتحرك قانونيا أيضا من خلال محكمة العدل الدولية بتقدير أن إسرائيل انتهكت اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1982 المرتبطة بالبحار.

سوريا وتونس
كيف ترون مدى مشروعية محاكمة بعض من رموز نظام الأسد في دول أخرى مثل ألمانيا؟ وهل لديهم فرصة للنجاة بأي ثغرة؟
نعم، المشروعية القانونية مستمدة من قواعد القانون الدولي، اتفاقية جنيف تعطي الحق للقضاء الدولي أو قضاء عدد من الدول الأوروبية بأن يتتبعوا من يرتكبون الجرائم المنصوص عليها في قوانينهم الوطنية كالتعذيب وجرائم ضد الإنسانية..
رموز نظام الأسد متورطون في مثل هذا النوع من الجرائم، عذبوا بل قتلوا كثيرا من المواطنين السوريين، بعض مرتكبي هذه الجرائم تم التعرف عليهم في ألمانيا وحوكموا وقد نال أحدهم عقوبة السجن المؤبد.
هذه متابعات قانونية متعارف عليها في قواعد القانون الدولي ولا تشوبها شائبة.
وهو ما يصطلح عليه بمصطلح اختصاص القضاء الشامل، وقد وُضع لتخفيف العبء عن محكمة العدل الدولية.
بعد سقوط الأسد في سوريا وهروبه إلى روسيا.. من الناحية القانونية كيف يمكن للحكومة الجديدة في دمشق أن تحاكم بشار دوليا أو تتسلمه من روسيا؟
هذا يتوقف على وجود اتفاقية تبادل قضائي ما بين روسيا وسوريا من عدمه.
وأعتقد أن هذا الأمر غير قائم، والأجدر بالحكومة السورية الجديدة أن تؤسس علاقات مع روسيا تؤدي في النهاية إلى اتفاق بهذا الشأن وتسلم بشار ومحاكمته بما تقتضيه شروط المحاكمة العادلة..
الحقيقة غياب اتفاقية تعاون قضائي بين البلدين سيكون حجر عثرة كبيرا وليس سهلا تجاوزه في هذا الشأن؛ لأن روسيا غير ملزمة بأن تفعل ذلك على الإطلاق.
منذ تنفيذ قيس سعيد انقلابا على الدستور والمؤسسات المنتخبة في تونس.. كيف ترون محاكمة رموز المعارضة وما مآلاتها القانونية وربما السياسية؟
الأزمة الدستورية في تونس بدأت في 25 يوليو/ تموز 2021 عندما أقدم سعيّد على إجراءات استثنائية متمثلة في الانقلاب على الدستور مستخدما المادة الثمانين منه استخداما في غير محله..
ما فعله سعيّد لا يمكن الاصطلاح عليه إلا بالانقلاب الدستوري، هذا هو التوصيف السليم لما فعله، وبالتالي أصبحت محاكمات رموز المعارضة ظاهرة سياسية في الحياة التونسية مع الأسف.
هذه المحاكمات شابتها مجموعة انتهاكات خطيرة جدا بتقدير أنها محاكمات سياسية بخلفيات انتقامية محضة، لم تقم محاكمة واحدة من هذه المحاكمات على أساس قانوني سليم..
بمعنى أنه من الواضح لكل ذي عين أن المتهمين من سياسيين وإعلاميين ومحامين وحتى قضاة لم يتركبوا تهمة واحدة تخالف القانون في بلدهم وإن كانوا قد فعلوا كان من حقهم أن يدافعوا عن أنفسهم بشكل قانوني..
لكن سعيد خلق حالة من المنع والظلم الشديد، كلها محاكمات سياسية بدوافع انتقامية، وبالتالي كل هؤلاء ليسوا متهمين أو مجرمين بل معتقلون سياسيون، وهذا أمر مشين جدا لهذا النظام الذي يحكم تونس..
أن تعرف تونس هذا المنزلق الخطير جدا بعد تضحيات ثورية كبيرة، ولست أنا من يقول ذلك، التقارير الأممية هي التي تصف الوضع في تونس بالخطير والمأزوم على مستوى حقوق الإنسان، هناك حتى قضاة اختفوا قسرا عندما رفضوا أن يقضوا على حسب مزاجية سعيّد.
الرجل نصّب نفسه قائدا على كل شيء في الجمهورية التونسية للأسف الشديد! قيس سعيد رفع عن نفسه الشرعية عندما أقدم على محاكمة رموز بلاده السياسية، وعليه هو وسلطته أن يصححا هذا المسار المعيب الذي لا يليق بتونس وتضحياتها.

ورطة الإمارات
منذ تسليم الشاعر عبد الرحمن القرضاوي إلى الإمارات وهناك حالة تكتم شديدة على وضعه.. كيف ترون هذا الأمر من الناحية القانونية؟ وكيف يمكن دفع الإمارات إلى الإعلان عن وضعه بالضبط؟
الشاعر القرضاوي هو في حالة إخفاء قسري رغم أن الإمارات سمحت لعائلته بالالتقاء به لكنها لم تلتق به في مكان اعتقاله، وبالتالي لم تُخبر العائلة بمكان وجوده أصلا حتى الآن..
الالتقاء بالشخص المحتجز في مكان غير مكان احتجازه لا يعد معرفة بحاله ولا وضعه ولا المعاملة التي يتلقاها..
الإمارات سمحت بلقاء بينه وبين عائلته في صالون مكيف، لكن يا ترى أين هو وكيف تتم معاملته؟ هذا إخفاء قسري من الناحية القانونية، ثم إنه لا يوجد مسار واضح لمحاكمة عبد الرحمن، ولا توجد محاكمة معينة بأركان قانونية، هذا اختطاف وإخفاء لا شك في ذلك..
الإمارات وقعت في مخالفة قانونية دولية صريحة؛ حيث لم تنعقد أي محاكمة للشاعر عبد الرحمن منذ اختطافه.
الحقيقة هناك تحركات لعدد من المحامين والمنظمات الحقوقية المهتمة بمناهضة الإخفاء القسري وراسلوا السلطات الإماراتية بهذا الشأن، لكنها امتنعت عن الجواب، لأنها تعي أنها في حالة انتهاك خطير للقانون الدولي ولقوانينها الوطنية، فلا يعتقل أحد إلا بموجب تهمة واضحة، وأن تكون تهمة شرعية.
الرجل قال شعرا في مسؤولين سياسيين وله مواقف سياسية واضحة، وبالتالي ليس هناك ما يمنع من التعبير عن الرأي والحقيقة ما فعلته الإمارات غير قانوني بالمرة.
من حق أي أحد أن يبدي رأيه في شخصيات سياسية أو في سياسات بعينها ولا يحق لأحد أن يمنع ذلك.
قد يرى البعض أنه إذا تم إطلاع عائلته على مكانه، إذن فإن احتجازه قانوني وهذا غير صحيح، عبد الرحمن القرضاوي في حالة إخفاء يصاحبها اعتقال تعسفي لافتقاد ما حدث إلى أدنى الدرجات القانونية.
الإمارات نظرت إلى القانون في هذه المسألة باستهتار شديد وهذا تصرف لا يليق بدولة مهما كان وضعها، دولة تستعلي على النداءات الدولية والمناشدات كذلك.
فهناك شخصيات أممية وبرلمانيون وغير ذلك ناشدوا الإمارات أن تفصح عن تهم أو محاكمة واضحة أو أن تخلي سبيل الشاعر لكنها لم تستجب، وهو نوع من الاستعلاء الغريب وغير المتسق مع النظام الدولي.. هذا من الناحية القانونية.
ثم إن الشاعر عبد الرحمن القرضاوي لا يحمل الجنسية الإماراتية ومن هنا يأتي عدم مشروعية اعتقاله من قبل الإمارات أصلا، الدول التي يحق لها أن تحاكمه هي الدول التي يحمل جنسيتها.
وقعت تطورات في تركيا أخيرا بخصوص تورط قائد المعارضة أكرم إمام أوغلو في اتهامات تزوير وغيرها.. هل تتوقعون أي ثغرة لخروجه من هذه الأزمة أو تتوقعون أي ضغوط على أنقرة في هذا الإطار؟
توجد ثقة إلى حد كبير في القضاء التركي ومشهود له بالنزاهة بنسبة عالية جدا.
والرجل سيواجه تهما بالفساد مرتبطة برِشا وغيرها، ووسائل الإثبات والأدلة في هذا الإطار أظن لا تصعب على القضاء التركي أن يثبتها.
المشكلة فقط أن الرجل معارض سياسي كبير فكل ما يهمنا في هذا الشأن ألا تكون هناك علاقة بين مركزه سياسيا والتهم الموجهة إليه، وأظن أن هذا ليس حاصلا حتى الآن.
طبعا المحاكمات التي تكون خلفيتها خلفيات سياسية تكون محل جدل كبير في الأوساط القانونية، لكن نتمنى أن تكون الإجراءات القانونية أكبر دليل على الفصل بين هذين الأمرين في هذه القضية التي تخص الشأن القضائي التركي بالمقام الأول.
وما وصلنا حتى الآن كمنظمات قانونية وحقوقية أن إمام أوغلو حاصل على جميع حقوقه القانونية من تواصل مع المحامين ولم يكن هناك أي انتهاك لحقوقه في هذا الإطار ونتمنى أن تسير محاكمته في سياق قانوني خالص لا علاقة له بالسياسة.

تحت المجهر
ماذا يحتاج العالم من الناحية القانونية بشأن تأمين وضع المهاجرين غير الشرعيين واللاجئين؟ ما الذي ينقصنا في هذا الإطار من تشريعات؟
بداية يجب أن نميز بين اللاجئ والمهاجر غير الشرعي. كما نصت اتفاقية 1951 للاجئين أن اللاجئ هو شخص فر من بلاده بسبب خوف أو اضطهاد قائم على الدين او العرق او الانتماء السياسي.
المهاجر غير الشرعي هو شخص دخل دولة دون إذن قانوني، لا يملك أوراقا ثبوتية ربما يكون هربا من فقر أو عنف في بلاده لكنه لا ينطبق عليه تعريف اللاجئ.
الدول الغربية خصوصا تتعامل مع الهجرة غير الشرعية معاملة أمنية بحتة رغم أنها سبب أساسي في هذه الهجرة من الأساس..
فغالبية الدول التي يهاجر أبناؤها هجرة غير شرعية كانت بلادهم محتلة من قبل الدول الغربية وهذه الدول استنفدت كل ثرواتها بل وتساعد الأنظمة أحيانا على ظلم هذا الشخص التي اضطر إلى الهجرة..
فهذا المهاجر جاء إلى الدول الغربية ليبحث عما كان يملكه أصلا من موارد فيما قبل وقد نهبته هذه الدول في أغلب الأحيان.
وسوريا لها وضعية خاصة في هذا الإطار؛ حيث إن العالم أجمع يتحمل مسؤولية ما حدث في سوريا، فقد تضاربت المصالح هناك والذي دفع الثمن هو المواطن السوري الذي اضطر كثيرا إلى الهجرة.
هناك اتفاقية اللاجئين لعام 1951 وهناك الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأسرهم لعام 1990 لكن لا توجد معاهدة شاملة للمهاجرين..
نحتاج إلى معاهدة عالمية جديدة تقر بحماية حق المهاجر في الكرامة والعمل والتعليم، وعدم تجريمه لمجرد دخوله بشكل غير شرعي إذا كان يبحث عن سبل للحياة..
الهجرة ليست جريمة، للأسف بعض الدول أصبحت تجرم الهجرة في حد ذاتها رغم أن هذه الدول لا توفر أمنا معيشيا ولا العمل للمهاجر.
وطبعا نحتاج إلى آليات ملزمة لإعادة القبول، مثلا عدد من اللاجئين عندما يريدون العودة إلى بلادهم ترفضهم الأنظمة الحاكمة عندهم، مثلا بشار الأسد في بعض الأحيان رفض أن يعود بعض السوريين إلى بلدهم..
تظاهر نظامه بالقبول لكنه تلكأ في ذلك ووضع العراقيل أمامهم. هذا أيضا أمر مهم نحتاج إلى وضع آليات ملزمة للبلدان بعدم ممارسته.
لا يوجد أي إلزام قانوني دولي يفرض على الدولة أن تعيد استقبال مواطنيها عندما يقررون العودة من لجوئهم!..
إذن تنقصنا معاهدة شاملة وآليات ملزمة للدول باستقبال العائدين عندها فقط يمكننا أن نقول وضعنا أنفسنا على طريق عادل للاجئين؛ لأنهم أصلا تركوا بلادهم تحت ظروف لا يد لهم فيها بل صنعها هؤلاء الحكام والنظام العالمي من حولهم.













