"لغتي العربية ضعيفة".. اعتراف وزير التعليم المغربي يثير جدلا واسعًا

سلمان الراشدي | منذ ٨ ساعات

12

طباعة

مشاركة

اعترافات وزير التعليم المغربي سعد برادة بضعفه التدبيري واللغوي بقوله: "لغتي العربية ضعيفة" وهي اللغة الرسمية الأولى للبلاد جعله في موقف محرج. 

وواجه الوزير انتقادات تتعلق بكفاءته في تسيير القطاع، وأثار تصريحه جدلا أعاد التركيز على تحديات التعليم وواقعه ومعضلة الهدر المدرسي في المغرب.

غير مؤهل

وفي رده على تدخلات النواب خلال اجتماعات لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، قال الوزير برادة: “حقيقة، لغتي العربية ضعيفة… وأعيد نفس الكلمات".

وبعدما أقر برادة بصعوبة المهمة الملقاة على عاتقه، قال: "المسؤولية صعبة، وأرى بعض الأشياء التي يمكن أن أنجزها بشكل أفضل، لكن هذا هو المتاح وأنا أعمل بالإمكانيات الموجودة وبالنية وبالصدق”.

وفي السياق، أكد الوزير برادة، أنه لا يملك المعطيات المتعلقة بالوزارة بنسبة 100 بالمئة، مما يجعله مهددا بارتكاب أخطاء.

وأضاف "لا أملك المعطيات بنسبة 100 بالمئة، بل بنسبة 85 بالمئة، وأبحث عن الـ15 مئة المتبقية".

وتابع: "من الممكن أن أرتكب أخطاء إن لم تكن لديّ المعطيات كاملة".

وأقر خلال مداخلته في 14 أكتوبر/ تشرين الأول 2025، بأن "الدخول المدرسي الحالي كأي دخول مدرسي، لم يخل من مشاكل، والتي يأتي على رأسها الاكتظاظ، خاصة في التعليم الإعدادي.

من جهته، هاجم البرلماني عن المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، عبد الصمد حيكر، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، قائلا: "لا علاقة له بالقطاع، وغير مؤهل لتسييره، خاصة في هذه الظرفية التي تعرف احتجاجات شبابية".

ورأى حيكر في مداخلته خلال ذات الجلسة أن الوزير "لا يحترم الدستور ولا يحترم البرلمان، وأنه لم يطلع على القانون الإطار للتربية والتكوين، وعلى الرؤية الإستراتيجية، وكذا التقارير الصادرة عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين (رسمي)".

بدوره، انتقد موقع “هبة بريس” المحلي برادة قائلا: “منذ توليه حقيبة التربية الوطنية في أكتوبر 2024، أثبت أن الانتقال من عالم الأعمال إلى التعليم لم يكن موفقا.. وزير يبدو عاجزا عن فهم أبسط حقيقة: المدرسة ليست شركة، والتلميذ ليس زبونا يمكن قياس نجاحه بأرقام وإحصاءات”.

ورأى في مقال نشره في أكتوبر أن “ضعف الخطاب الإعلامي والبرلماني للوزير كشف عدم جاهزيته.. لغة باهتة، أفكار متقطعة، وردود سطحية، كأننا أمام مدير مبيعات يروّج لمنتج جديد، لا مسؤول مكلف بإصلاح التعليم”.

خلل واضح

النائبة البرلمانية عن فريق الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، خدوج السلاسي، أعربت عن قلقها من ضعف لدى المسؤولين يتعلق بإتقان اللغتين الرسميتين للمملكة. 

وخلال مداخلة في البرلمان في 30 أكتوبر، قالت السلاسي: “لا يُسمح لوزير في الحكومة ألا يتقن اللغتين الرسميتين اللتين نص عليهما الدستور وهما اللغة العربية واللغة الأمازيغية، فهذا هو القلق الذي ينتابني كمواطنة وفاعلة سياسية".

بدوره، قال الإطار التربوي رشيد بلبيضا إن "قطاع التعليم يعيش خللا وطنيا واضحا، زاده الوزير بإطلالته السلبية وتأكيده أن بعض التعيينات لا تكون في مكانها الصحيح".

وشدد بلبيضا لـ"الاستقلال" على أن “قطاع التعليم بحاجة إلى وزير متمكن أولا من اللغة الرسمية الأولى للبلاد، بصفته المسؤول الأول عن المدرسة المغربية، يُفترض أن يكون نموذجا في التمكن من لغات التدريس، وفي امتلاك أدوات الفهم والتحليل الكمي التي توجه السياسات التربوية”.

واستطرد: “اللغة العربية ليست تفصيلا شكليا، بل ركيزة من ركائز السيادة الثقافية والوطنية، كما أن دقة الأرقام والمعطيات تمثل جوهر التخطيط والإصلاح التربوي".

ورأى بلبيضا أن “مثل هذا التصريح يطرح تساؤلات جدية حول معايير تولي المسؤوليات في القطاعات الحيوية، ويكشف عن أزمة ثقة بين الخطاب الرسمي ومقتضيات الواقع التعليمي”.

وأكد أن "التعليم ليس مجالا للتجريب أو التبرير، بل ركيزة أساسية لمستقبل البلاد، وبالتالي نحن بحاجة إلى مسؤولين يجمعون بين الكفاءة التقنية والالتزام الوطني”.

ولفت إلى أن “منظومة التعليم تعرف اختلالا واضحا يتمثل في الهدر الزمني والتأخر المتكرر في الدخول المدرسي، ما يعكس ضعف التخطيط وغياب الانضباط”. 

وأوضح أن “هذا الموسم ككل موسم دراسي يبدأ متعثرا، مما يضيع أسابيع من التعلم ويؤثر سلبا على جودة التعليم وثقة الأسر في المدرسة العمومية”.

أزمة حقيقية

من جانبه، قال كاتب الدولة السابق المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي، خالد الصمدي: إن "الوزارة كانت تفتقد منذ بدايتها إلى منظور إستراتيجي لتنزيل الإصلاح، وأنها ما زالت تغرق في الملفات الجزئية التقليدية".

وشدد الصمدي في تدوينة عبر فيسبوك في 14 أكتوبر، أن "مطلب إصلاح التعليم كان في صلب الاهتمام في مطالب الشباب (حراك زد) وفي الخطاب الملكي السامي في افتتاح آخر دورة برلمانية من الزمن التشريعي لهذه الحكومة".

وخلص إلى أن "قَدر المدرسة المغربية في ظل هذه الحكومة هو أن تدور في دوامة الإصلاح وإصلاح الإصلاح الذي تفاقمت آثاره، فأصبح يؤدي إلى هدر الوقت والجهد والإمكانات كما قال جلالة الملك".

موقع "عبّر" المحلي قال: إن "وزير التربية الوطنية يتحدث عن خارطة الطريق 2022-2026، بينما يعترف نواب حزبه (قائد الائتلاف الحكومي، حزب التجمع الوطني للأحرار) بأنها خارطة معطلة، متأخرة، ومليئة بالثقوب".

وشدد الموقع في مقال نشره في 15 أكتوبر، على أن "الأزمة الحقيقية أن لا أحد يجرؤ على التسمية الصريحة للفشل، بل يُمارس الجميع سياسة التملص، واللعب على حبل المزايدة السياسية، وكأن القضية لا تتعلق بمصير ملايين الأطفال المغاربة".

ورأى أنه "في خضم هذا العبث، يظل المدرس والتلميذ هما الضحيتان الدائمتان. الحديث عن الاكتظاظ، والهدر المدرسي، وغياب الكوادر، وتهميش العالم القروي.. لم يعد مجرد تفاصيل تقنية، بل مؤشرات على فشل بنيوي لا تملك هذه الحكومة لا الجرأة على الاعتراف به ولا الكفاءة لمعالجته".

ويرى الموقع أن “التعليم تحوّل إلى ساحة حرب سياسية، لكن الخاسر الوحيد فيها هو التلميذ المغربي، الذي أصبح كلما فتح كتابا، أو ولج قاعة دراسية مكتظة، أو عاد إلى بيت بلا ماء ولا مرحاض، يسأل نفسه: هل هؤلاء حقا يمثلون مستقبلي؟”

الإطار التربوي رضوان بوطاهري، شدد على أن مهمة إصلاح التعليم في المغرب “فعلا شاقة، ولكنها ليست مستحيلة”.

وأوضح بوطاهري أنه “ليس سهلا إحداث تغيير سريع في المنظومة التعليمية؛ لأنه يتعلق بإكراهات خارج المدرسة، إذ من الصعب مثلا تعليم تلميذ: لا ينام جيدا، لا يتناول فطوره، مدمن على الهاتف والتلفزيون، لديه عقد نفسية نتيجة مشاكل عائلية”.

واستدرك: “لكن يجب أن نلمس أثر الإصلاح واضحا على الأقل في الأشياء المادية الظاهرة حتى ننتظر النتائج طويلة المدى على التلميذ”.

ولفت إلى أنه “ما يجب أن نشاهده ماديا يتغير هو عدد التلاميذ في القسم 20 إلى 25 كحد أقصى، وسائل تعليمية فعالة، أنشطة تتضمن التعليم باللعب والتجربة والمشاركة والمنافسة بين التلاميذ”.

وتابع: “مختبرات مجهزة ولو مشتركة بين عدة مؤسسات إذا لم تتوفر التكلفة المالية لتجهيز جميع المؤسسات، تجويد فضاء التعلم من قاعات وطاولات وكراسي، فضاءات للعب أثناء فترة الاستراحة، فضاءات رياضية، مرافق صحية نظيفة ومجهزة”.