ليث البلعوس.. سوري درزي ورث زعامة أبيه ويواجه طموح إيران بالسويداء
.jpg)
سلط اتهام الشاب السوري ليث وحيد البلعوس لإيران ومليشيا "حزب الله" اللبناني بالوقوف وراء مقتل والده عام 2015، الضوء على تصاعد شخصيته القيادية في محافظة السويداء جنوب غربي البلاد.
ليث هو ابن وحيد البلعوس أحد أهم مشايخ الطائفة "الدرزية" في سوريا، والمناهض لنظام بشار الأسد منذ بداية الثورة في مارس/ آذار 2011.
تعرض البلعوس قائد حركة "رجال الكرامة"، لعملية اغتيال وصفت بـ"السياسية" 4 سبتمبر/ أيلول 2015، إثر انفجار سيارة ملغومة في مدينة السويداء، تبعه استهداف آخر بالمستشفى الذي نقل إليه.
كما قتل حينئذ في التفجيرين المنفصلين إلى جانب البلعوس، عدد من قادة الصف الأول في الحركة التي تأسست عام 2014، على أنقاض حركة مشايخ الكرامة عام 2012.
وفور حادثة مقتل الشيخ عن عمر ناهز الـ42 عاما، التي أحدث هزة كبيرة في المحافظة، وجهت أصابع الاتهام إلى النظام السوري وإيران.
وقيل وقتها: إن تنفيذ العملية كان بإشراف مباشر من رئيس فرع الأمن العسكري في السويداء العميد وفيق ناصر، الذي ظهر في تسجيل مصور قبل مقتل البلعوس.
قال حينها: "جماعة البلعوس يجب أن تبتلعها الأرض كقوة مسلحة".
ولاحقا عمد النظام السوري بشكل مفاجئ إلى بث اعترافات شخص يدعى وافد ترابي، اعترف بمسؤولية قتل البلعوس، ليعلن النظام السوري وفاته داخل السجن بشكل زعم أنه طبيعي.
كان البلعوس الأب واحدا من أبرز الرافضين لفكرة خدمة أبناء السويداء في صفوف قوات الأسد منذ بدايات اندلاع الثورة السورية، وزجهم في قتل السوريين.
كما لعب أيضا دورا بارزا في حل الخلافات مع أهالي درعا المجاورة التي تؤججها مخابرات الأسد، بهدف ضرب النسيج الاجتماعي في الجنوب السوري المشتعل ضد حكم الأسد آنذاك.
لكن السويداء دخلت منعطفا جديدا عقب مقتل البلعوس الذي ما يزال أهالي المحافظة يتذكرون جملته المشهورة "كرامتنا أغلى من بشار الأسد".
خلف رأفت البلعوس أخاه المقتول في قيادة الحركة، وانتقلت القيادة لاحقا إلى خارج العائلة وتحديدا إلى الشيخ يحيى الحجار أحد شيوخ الطائفة الدرزية في فبراير/ شباط 2017.
لكن الشاب الثلاثيني ليثا عاد للظهور كواجهة سياسية غير تقليدية يدور حولها الإجماع المحلي.
وأسس مع شقيقه فهد، فصيلا عسكريا محليا في السويداء حمل اسم "قوات شيخ الكرامة"، المنفصل عن حركة "رجال الكرامة".
إذ تبنى الفصيل الجديد بقيادة ليث مبادئ والده، وتوزعت عناصره في مناطق متفرقة من المحافظة.
مهاجمة إيران
وفتح ليث البلعوس النار على إيران و"حزب الله"، حينما اتهمهما في لقاء خاص على "تلفزيون سوريا" المعارض، في أغسطس/ آب 2021، بأنهما المسؤول الأول عن التفجيرات ومقتل والده ورفاقه.
وبدت جرأة الرجل في الطرح متوقعة، ولا سيما حينما طالب النظام السوري بمغادرة محافظة السويداء، واصفا إياه بأنه "أصبح عاجزا عن تأمين أبسط مقومات الحياة الأساسية التي يحتاجها المواطن".
كما اعتبر البلعوس الذي ظهر في المقابلة بالزي التقليدي للطائفة الدرزية، أن النظام "غير قادر أمنيا على حماية أبناء المنطقة من أي اعتداء خارجي".
وأكد على أن "أبناء المحافظة قادرون على حماية أنفسهم وتدبر أمورهم".
يلتف حول ليث البلعوس شخصيات درزية كثيرة، فضلا عن مئات الشباب الذين يؤمنون بطريقة تعاطيه مع الحالة الراهنة في السويداء، التي تعد امتدادا واضحا لفكر والده الذي كان مزعجا للنظام السوري.
كما يلعب حاليا دورا في تحرير العديد من أبناء السويداء الذين تعرضوا للخطف من مجموعات بغرض الفدية المالية، نتيجة حالة الانفلات الأمني والحصار الاقتصادي من النظام.
أعجب أهالي السويداء بحضوره القوي في المجالس وخطابه المتوازن، إذ يعد خطيبا مفوها يجيد سرد الشعر الحماسي بلهجة أهل السويداء المميزة بين المحافظات السورية.
يرى مراقبون للمشهد في السويداء أن بروز ليث البلعوس الآن والترويج له إعلاميا، يؤشر لوجود تحالفات جديدة ستشهدها السويداء.
لا سيما وأن البلعوس الابن يتبنى حراكا شبابيا، يسعى لإجهاض المخططات المرسومة للسويداء، من قبل مليشيات إيران و"حزب الله" اللبناني التي جعلت من السويداء بوابة لتهريب المخدرات بالتعاون مع وكلاء محليين.
زعامة غير تقليدية
الكاتب والصحفي السوري المنحدر من السويداء حافظ قرقوط في حديث عن شخصية ليث البلعوس، يقول: إن "هناك تقديرا من السويداء لموقف ليث".
ويضيف لـ"الاستقلال": "هو ابن رجل صاحب مصداقية ليس في الانتماء لمحافظته السويداء، بل بخطابه الوطني وتوضيح أعداء الشعب السوري بكافة مكوناته".
ويتابع: "وخاصة ما تفعله المليشيات الإيرانية وحزب الله في سوريا، وأيضا بعض المليشيات التي تدربها روسيا وجزء منها يتبع سابقا للحرس الجمهوري".
قرقوط، يلمح إلى وجود "إجماع محلي على أن شخصية ليث متوازنة ويمكنها أن تعبئ ساحة السويداء التي تخلو من خطاب واضح تفرضه المرحلة".
ويعتبر الكاتب السوري أن تشخيص ليث البلعوس لما يجري في السويداء الآن "هو الذي يدور حوله الإجماع"، موضحا أن"هذه الشخصية الشابة كان خطابها واضحا يؤيده معظم أهالي السويداء".
ويؤكد أن "مشكلة المحافظة أن زعاماتها التقليدية دينية واجتماعية اعتاد عليها الناس، ولم تكن على مستوى الموقف الوطني وخطاب الشارع وآلام الشعب والأمور التفصيلية المعيشية"، وفق تعبيره.
ويشير الكاتب السوري إلى أن "خطاب ليث البلعوس في هذا التوقيت جاء ليستكمل مسيرة بدأها والده بخطاب كان واضحا وتشخيص جزء من الحالة التي تهم المواطن".
ويوضح: "لا سيما مع المرحلة التي تبدو فيها السويداء مختلة التوازن وغير واضحة المعالم بسبب بطش النظام السوري، وتهجير جل شبابها قبل وبعد الثورة السورية".
ويلفت قرقوط إلى أن "نظام الأسد الأب حرم السويداء من أن يكون فيها معبر حدودي مع الجوار (الأردن)".
ويؤكد أن "هذا كان ضمن سياسة التهميش التي اتبعها حافظ الأسد بهدف خنقها، وخاصة أن أي قطع بطريق (دمشق – السويداء) يعني خنقها اقتصاديا، وهذا ما يلعب عليه النظام السوري حاليا".