بعد أقل من سنة على تشكيلها.. سر إجراء تعديل وزاري موسع بحكومة الأردن

يوسف العلي | منذ ١٢ ساعة

12

طباعة

مشاركة

في تغيير مفاجئ شمل ثلث الوزراء، أعلن الديوان الملكي الأردني إجراء تعديل على حكومة رئيس الوزراء جعفر حسان، وذلك بعد مرور 11 شهرا على تشكيل الوزارة التي بدأت أعمالها في 18 سبتمبر/ أيلول 2024.

التعديل الجديد الذي جرى في 5 أغسطس/ آب 2025، هو الأول من نوعه في حكومة حسان، وشمل 10 حقائب وزارية اقتصادية وإدارية، وإلغاء حقيبة وزير الدولة، فيما لم يطرأ أي تعديل على الوزارات السيادية، مثل: الداخلية والخارجية وشؤون المغتربين، إضافة للمالية.

"تعديل روتيني"

وبخصوص الأسباب وراء تعديل ثلث الحقائب الوزارية في حكومة جعفر حسان، قال الكاتب والمحلل السياسي الأردني، حازم عياد: إن "تعديل الوزراء في الأردن هو عملية روتينية عادة ما تأتي للتأكيد على مكانة رئيس الوزراء الذي يتولى إدارة شؤون السلطة التنفيذية".

وأضاف عياد في حديث لـ"الاستقلال" أن "هذه الخطوة محاولة لإعادة التأكيد على برنامج الحكومة الاقتصادي والإداري والسياسي، وأنها في جوهرها تؤكد أن هذه الحكومة ستواصل أداء أعمالها لعام أو عامين آخرين، وهذا هو المغزى الأساسي من التعديلات الوزارية في الأردن".

ووصف الكاتب الأردني التعديل الوزاري بأنها بمثابة "تجديد الثقة" في الحكومة أو على الأقل برئيس الوزراء، مشيرا إلى أن هذه التغييرات في الأردن عادة ما تأخذ أبعادا إدارية بالدرجة الأولى وليست سياسية.

واستبعد عياد أن تحمل هذه الخطوة دلالات سياسية؛ لأن لها بعدا إداريا خصوصا أنها لم تمس الوزارات ذات البعد السيادي مثل وزارتي الخارجية والداخلية، وكذلك لم تأت على الوزارات التي تحمل أبعادا اجتماعية كوزارتي التربية والأوقاف. 

وتابع: "لذلك يعد التغيير روتينيا، وأن حكومة رئيس الوزراء جعفر حسان ستواصل عملها لفترة ليست بالقصيرة. بالتالي لا توجد أبعاد شعبية لهذه الخطوة على تقدير أنه لا وجود للبعد السياسي في التعديل". 

من جهته، قال مدير مركز "الحياة – راصد" الأردني، عامر بني عامر، إن التعديل كان ضروريا بعد نحو عام على أداء الحكومة تقريبا، مشيرا إلى أهمية مراجعة أداء الوزراء وتقييمهم، حسبما نقل موقع شبكة "سي أن أن" الأميركية في 6 أغسطس.

وأوضح بني عامر أن "الوزراء الذين لم يغادروا الحكومة في وزارات مثل الداخلية والخارجية والعمل، كانوا منخرطين بفاعلية في الملفات الأساسية، ولم يكونوا من أصحاب الحياد المريح أو الحذر المريح بحسبه، ولم يكونوا بطيئي الأداء".

وبشأن فريق التحديث الذي تحدث عنه حسان في خبر إعلان التعديل، قال بني عامر: "المقصود بطبيعة الحال الفريق الاقتصادي، إذ نال وزارات السياحة، والاستثمار، والبيئة، والزراعة".

وأضاف: "يمكن القول بأن التعديل كان تعديلًا تقنيًا واقتصاديًا أكثر من كونه مفاجئًا، وهذا يعكس أن التعديل حاول المزج بين التكنوقراط مع التقديرات الديموغرافية والجغرافية".

وكان رئيس الحكومة جعفر حسان، أعلن في 6 أغسطس، بعد تأدية الوزراء الجدد اليمين الدستورية، أنه سيبدأ بعد أيَّام في رئاسة الوزراء بإعداد البرنامج التنفيذي لرؤية التَّحديث الاقتصادي لكل القطاعات للسَّنوات الثلاث المقبلة، وهو التزام ونُساءل عنه.

وأكد حسان أن "الموازنة ستُبنى على البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي، وهذا يعكس التزامنا بتنفيذ الرؤية وتحقيق أهدافها، وآمل أن نستطيع بالتعاون مع البرلمان إقرار الموازنة قبل نهاية هذا العام".

تغييب الأحزاب

واجهت التعديلات الوزارية انتقادات من قوى سياسية ممثلة في البرلمان الأردني، وذلك لأنه لم يجر اختيار أي شخصية منهم أو التشاور معهم على أقل تقدير بخصوص رؤيتهم وتنفيذ برامجهم في البلد، معبرين عن خيبتهم من تكرار التجارب السابقة ذاتها.

وقال عضو البرلمان الأردني عن حزب "الميثاق الوطني"، إبراهيم الطراونة: إن "هذه التعديل لم يخرج عن نمطية التعديلات في الحكومات السابقة، هو أننا لا نعلم لماذا خرج هذا الفريق الوزاري ولماذا جاء آخر مكانه، وهنا نتحدث من منطلق أحزاب وكتل نيابية.

وأضاف الطراونة خلال مقابلة تلفزيونية في 6 أغسطس، أنه "وفقا للأعراف النيابية ولما نص عليه الدستور من دور للبرلمان بالرقابة على أداء الوزراء والحكومة، فإنه كان يفترض أن تجري مشاورات مع رؤساء الكتل النيابية ورئيس البرلمان عن أسباب استبدال هؤلاء الوزراء بآخرين".

وأردف: "نتحدث عن برلمان مشكّل من كتل وأحزاب سياسية عن طريق الانتخابات، بالتالي ما هي الرسالة السياسية التي أرسلت اليوم عندما تكون هذه الكتل والأحزاب مغيّبة عن هذا التعديل".

وتساءل النائب الأردني، قائلا: “كيف للأحزاب أن تنفذ رؤيتها إذا لم تتوافق مع الحكومة على البنود الرئيسة من إستراتيجية حزب الميثاق الوطني، وكيف لنا أن ننفذ هذه الإستراتيجية؟”

وعلى الصعيد ذاته، أكد حزب "جبهة العمل الإسلامي" الذراع السياسي للإخوان المسلمين في الأردن، أن تشكيلة الحكومة جاءت مخيبة للآمال وتكرس النهج السابق ذاته الذي أوصل الوطن لما يمر به من أزمات.

وقال الحزب خلال بيان صدر عنه في 6 أغسطس، إنّ ما جرى هو أقرب للتعديل الوزاري وتكرار الوجوه ذاتها التي أثبتت التجربة فشلها في إدارة الملفات الموكلة لها.

وشدد بيان "جبهة العمل الإسلامي" على أنّ تشكيلة الحكومة جاءت مخالفة لإرادة الشارع الأردني التي عبر عنها في الانتخابات ولا تتوافق مع التأسيس الحقيقي لمرحلة التحديث السياسي.

وأشار إلى أن التطلعات الشعبية كانت تأمل في حكومة تكون قادرة على تقديم حلول اقتصادية سريعة ومتوسطة وطويلة المدى لما يمر به الأردن من تحديات اقتصادية، وأن تعمل على إطلاق الحريات وتقديم مشاريع تعديل التشريعات المقيدة للحريات وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين.

ورأى الحزب أن هذه التشكيلة لا تتناسب مع ما تتطلبه الظروف الحرجة التي يمر بها الأردن من نهج وطني لتشكيل الحكومة مستند للأدوات الديمقراطية بما ينتج حكومات مكونة من أصحاب الكفاءة والنزاهة وذات ولاية عامة حقيقية وتعبر عن الإرادة الشعبية.

وتعليقا على أسباب اختيار وزراء من المستقلين وعدم إشراك الأحزاب المنتخبة شعبيا ولديهم تمثيل في البرلمان، رأى الكاتب حازم عياد أن "القوى السياسية لم يكن لها تمثيل في الوزارات السابقة طوال عشر سنوات".

وبناء على ذلك، يضيف عياد، فإنه "لم يكن لهذه الأحزاب تأثير كبير لها في الوزارات وعادة ما يكون هذا التأثير متركزا فقط في مجلس النواب بشكل أساسي، ولا يظهر تأثيرها بشكل شبه مطلق داخل رئاسة الوزراء أو هندسة الوزارة".

"مهمة اقتصادية"

وشكل جعفر الحسان وهو شخصية اقتصادية ومسؤول سابق في القصر الملكي، حكومة جديدة في 15 سبتمبر 2024، خلفا لرئيس الوزراء الأردني السابق، بشر الخصاونة، وذلك من أجل تنفيذ "مهمة اقتصادية" تنعش الواقع الاقتصادي في البلاد.  

ورأى البرلماني الأردني السابق، هايل ودعان الدعجة، في دلالات تكليف حسّان المقرّب من الملك بتشكيل الحكومة المقبلة، أن "الشخصية المطلوبة لرئاسة الحكومة الأردنية في هذه المرحلة شخصية اقتصادية وهو ما ينطبق على حسّان".

وأوضح الدعجة خلال حديث سابق مع "الاستقلال" نشرته في 15 سبتمبر 2024، أن "مشكلة الأردن الأولى والأخيرة هي اقتصادية، لذلك فإن اختيار جعفر حسّان لرئاسة الحكومة الجديدة ينبع من هذا الموضوع، وليس لأي سبب آخر". 

وعن تزامن اختيار شخصية قريبة من الملك مع ما أفرزته الانتخابات البرلمانية من نتائج، استبعد الدعجة أن "يكون هناك أي علاقة لاختيار جعفر حسّان رئيسا للوزراء بفوز التيار الإسلامي بالانتخابات النيابية".

وأشار البرلماني السابق في حينها إلى أنه "رغم فوز الإسلاميين بالانتخابات فهم لا يشكلون أغلبية، وأن النسبة التي حصلوا عليها نحو ٢٣ بالمئة (٣١ مقعدا من مجموع ١٣٨)، الأمر الذي لا يؤهلهم للدخول في مواجهة مع الحكومة".

وبعد أن تقلصت نتائج حزب "جبهة العمل الإسلامي" في انتخابات 2020 إلى 10 مقاعد، مقابل 16 في انتخابات 2016 (من 130 مقعدا)، عادت واستعادت قوتها وأحرزت نحو 31 مقعدا، أي ربع المقاعد، (من أصل 138 مقعدا).

ولفت الدعجة إلى أن "حزب الميثاق حصل على 30 مقعدا، أما حزب إرادة فقد حقق ١٩ مقعدا وكلاهما يعد من تيار الوسط".

وسبق أن عمل جعفر الحسّان (57 عاما)، مديرا لمكتب العاهل الأردني، والذي يُعد بمثابة "كاتم أسراره وظله أينما وجد"، كما أظهرت العديد من الصور التي تداولها ناشطون أردنيون على مواقع التواصل الاجتماعي.

شغل رئيس الحكومة المكلف، جعفر عبدالفتاح حسّان الدنادنة العديد من المناصب في الدولة، منها: نائب رئيس الوزراء وزير الدولة للشؤون الاقتصادية ووزير التخطيط والتعاون الدولي، ومدير مكتب الملك الحالي لمدة وصلت إلى سبعة أعوام. 

تلقى جعفر حسّان دراسته الأولية في مدرسة المطران بالعاصمة عمّان التي تخرج فيها عام 1985، وأكمل دراسته الجامعية في فرنسا وسويسرا والولايات المتحدة الأميركية، إذ حصل على شهادة البكالوريوس، والعديد من شهادات الماجستير والدكتوراه.

فهو حاصل على شهادتي الدكتوراه والماجستير في العلوم السياسية والاقتصاد الدولي من المعهد الأعلى للدراسات الدولية والتنموية بجامعة جنيف/ سويسرا، وشهادة ماجستير في الإدارة العامة من جامعة هارفارد-كمبريدج/ الولايات المتحدة الأميركية.

كما حصل أيضا على شهادة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة بوسطن/ الولايات المتحدة، إضافة إلى شهادة البكالوريوس في العلاقات الدولية من الجامعة الأميركية في العاصمة الفرنسية باريس.