تابع ذليل لأميركا يقدم قواعده للقصف.. دور بريطانيا في العدوان على إيران

إسماعيل يوسف | منذ ٥ ساعات

12

طباعة

مشاركة

في كل حرب تدخلها أميركا، تتبعها بريطانيا كظلها، وتشارك بطائراتها وقواتها وقواعدها الجوية، حتى وإن لم يكن لها ناقة ولا جمل فيها، كما جرى في حروب العراق وأفغانستان، وحاليا إيران.

رغم عدم إعلان المملكة المتحدة مشاركتها في الحرب ضد غزة أو إيران، فقد فضحت وسائل إعلام بريطانية تورطها بإرسال طائرات التجسس والقصف السرية، كما شاركت في شن ضربات على الحوثيين باليمن.

وهذا فضلا عن إرسال بريطانيا مكونات طائرات إف 35 لإسرائيل والتي تقصف بها إيران، حسب موقع "ديكلاسيفايد" الاستقصائي البريطاني، 18 يونيو/حزيران 2025.

ومع أن بريطانيا بعيدة كل البعد عن كونها لاعبا محوريا في هذه المعركة بين إسرائيل وأميركا من جهة وإيران من جهة أخرى، تؤكد المصادر البريطانية والأميركية أنها تشارك بالعدوان على طهران كما فعلت من قبل في العراق وأفغانستان.

ورغم أن النائب العام البريطاني ريتشارد هيرمر حذر رئيس الوزراء كير ستارمر من أن مشاركة بريطانيا في حرب أميركا ضد إيران ستكون "غير قانونية"، تشير تقديرات لتجاهل حكومة لندن ذلك ومشاركتها، وفق تقارير صحفية.

وخلال اجتماع لجنة الأمن والدفاع (كوبرا) 19 يونيو 2025، أصدر النائب العام تحذيرا مباشرا.

وأكد أن "أي تدخل عسكري يتجاوز حماية الحلفاء من الهجمات المباشرة قد يعرّض بريطانيا لمخاطر قانونية وسياسية كبيرة، ويُفتقر إلى الغطاء الشرعي المطلوب".

أسلحة لإسرائيل

ويعد توفير قطع غيار الطائرات والأسلحة والذخائر لإسرائيل واحدا من ضمن أبرز وأخطر أدوار المملكة المتحدة في هذا الصراع.

وهو ما دفع ناشطين في المملكة المتحدة لاقتحام مواقع شركات تورد السلاح لإسرائيل أكثر من مرة، احتجاجا على العدوان الإسرائيلي على غزة.

وتشير وثائق شحن اطلع عليها موقعا Declassified وThe Ditch إلى أن مكونات طائرات مقاتلة نقلت عبر مطار ستانستيد في لندن إلى إسرائيل في مايو 2025؛ إذ جرى شحن أجزاء من الولايات المتحدة بواسطة شركة لوكهيد مارتن، عملاق الأسلحة والمقاول الرئيس في برنامج طائرة إف-35 المقاتلة.

ومرت الطائرات عبر مطار لندن ومنها إلى قاعدة نيفاتيم الجوية، التي تضم أسراب الطائرات المقاتلة الإسرائيلية.

وكشف موقعا "ديكلاسيفايد" و"ذا ديتش" عام 2024، أن مكونات إف-35 أُرسلت مباشرة إلى إسرائيل من قاعدة جوية بريطانية 14 مرة بين أكتوبر/تشرين الأول 2023 وأغسطس/آب 2024.

وزعم وزراء بريطانيون أن وقف جميع صادرات طائرات إف-35 لإسرائيل من شأنه أن يعرّض "السلام والأمن الدوليين" للخطر. وأوضحوا أن تل أبيب تحتاج إلى هذه الطائرات المتقدمة "للدفاع" عن نفسها ضد إيران.

كما زعمت وزارة التجارة البريطانية أيضًا أنه من غير الممكن تعقب الأجزاء المصنوعة في المملكة المتحدة بمجرد دخولها إلى مجموعات قطع الغيار العالمية ومنع تصديرها إلى إسرائيل.

لكن الوثائق التي حصل عليها موقعا Declassified وThe Ditch تشير إلى أنه من الممكن تتبع شحنات مكونات إف 35 إلى إسرائيل بما في ذلك تلك التي تمر عبر الأراضي البريطانية.

وتشير هذه التقارير إلى أن بريطانيا تواصل تسهيل توريد طائرات إف-35 لإسرائيل حتى بعد القيود المفروضة على الأسلحة في سبتمبر/أيلول 2024.

وهو ما يعني تورط وزراء بريطانيين في جرائم حرب، حيث تقصف وتقتل هذه الطائرات أبرياء ومدنيين في غزة وإيران.

وقالت ديربلا مينوغ، المحامية البارزة في شبكة العمل القانوني العالمي لموقع ديكلاسيفايد: "إن أي قرار تتخذه السلطات البريطانية بنقل أجزاء طائرات إلى إسرائيل عبر مطار بريطاني يهدد بتعميق تعرض الوزراء للملاحقة الجنائية.

أيضا كشف موقع "ذا ديتش" الأخباري الاستقصائية الأيرلندي، في 9 يونيو 2025 أن شركة بريطانية أرسلت أكثر من ألف صندوق ذخيرة مصنوعة في المملكة المتحدة إلى تل أبيب وشحنها عبر حاويات ذخيرة لموانئ إسرائيل. 

مشاركة في المغامرة

وفقا لتقارير بريطانية، يقتصر دور المملكة المتحدة حاليا على دعم إسرائيل في حرب غزة وإيران عبر طائرات تجسس ودعمها بأسلحة.

وسبق أن كشف موقع ديكلاسيفايد عام 2024 أن لندن توسع قاعدة لجواسيس بريطانيين قرب إيران وأنه جرى تطوير المرافق في محطة مراقبة تابعة لجهاز المخابرات البريطاني في الشرق الأوسط استعدادا لحرب مدمرة مع طهران.

كما أظهرت صور الأقمار الصناعية قبل الحرب على إيران أعمال بناء مكثفة في موقع تابع لمقر الاتصالات الحكومية في عُمان، الموالية لبريطانيا 

لكن مع تلويح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنيته ضرب إيران (حدث الأمر بالفعل فجر 22 يونيو)، أشارت تقارير بريطانية وأميركية إلى أن دور لندن سيكون الانخراط أكثر في الحرب مباشرا عبر طائرات مقاتلة وفتح قواعدها الجوية للطائرات الأميركية.

وتساءل موقع شبكة "بي بي سي" 20 يونيو 2025: “أي دور سيُطلب من المملكة المتحدة القيام به إذا قرر ترامب إرسال قوات أميركية لمساعدة إسرائيل في القضاء على البرنامج النووي الإيراني؟”

ورصدت الشبكة البريطانية عدة خدمات ستتورط فيها بريطانيا أقلها السماح باستعمال أميركا قواعدها العسكرية في جزيرة دييغو غارسيا وسط المحيط الهندي، والتي تضم قاذفات "بي 2" الأميركية.

وفي حال سمحت المملكة المتحدة للقوات الجوية الأميركية باستخدام قاعدتها في دييغو غارسيا لشن هجمات، فقد يشمل الرد الصاروخي الإيراني بريطانيا، حسبما هدد القادة الإيرانيون من يشارك في الحرب ضدهم.

وقد يشمل ذلك إطلاق صواريخ باليستية على "قاعدة أكروتيري" الجوية الملكية البريطانية في قبرص، وفق صحف لندن.

وفي عام 2001 شاركت بريطانيا في الغزو الأميركي لأفغانستان، كما انضمت إلى الولايات المتحدة في حربها على العراق عام 2003.

دور القواعد البريطانية

تملك المملكة المتحدة، بحكم سيطرتها الاستعمارية الإمبراطورية السابقة سلسلة قواعد عسكرية تنتشر في مناطق مختلفة في العالم، خاصة الشرق الأوسط والمحيط الهندي، وهذه القواعد تنتشر فيها القوات الأميركية.

أشهر هذه القواعد هي دييغو غارسيا، الواقعة على جزيرة استوائية في المحيط الهندي، وهي ذات أهمية إستراتيجية لا تتناسب على الإطلاق مع حجمها، ويجري تشغيلها بشكل مشترك من قبل المملكة المتحدة والولايات المتحدة.

وتبعد القاعدة 3700 كيلومتر عن إيران، وتُعد نقطة انطلاق محتملة لقاذفات القنابل الثقيلة من طراز "بي 2 سبيريت" (B2 Spirit)، التابعة للقوات الجوية الأميركية.

وتشير شبكة "بي بي سي" إلى أنه إذا أرادت الولايات المتحدة استخدام قاعدة دييغو غارسيا، فستحتاج إلى إذن من المملكة المتحدة.

أيضا لدى المملكة المتحدة قاعدتان في جزيرة قبرص الواقعة في البحر الأبيض المتوسط؛ إحداهما قاعدة أكروتيري الجوية الملكية، التي تشهد حاليا تمركزا لطائرات تايفون التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني استعدادا لضرب إيران.

والأخرى محطة استماع سرية تابعة لاستخبارات الإشارات البريطانية على قمة جبل في "آيوس نيكولاوس"، وتُعرف باسم "آيا نيك"، وهي جزء من منطقة القاعدة السيادية التابعة للمملكة المتحدة في قبرص.

وقد استخدم الجيش البريطاني، قبرص منذ فترة طويلة كقاعدة لكتيبة "رأس الحربة"، وهي قوة انتشار سريع متاحة للتعامل مع حالات الطوارئ في الشرق الأوسط.

أيضا تلعب البحرية الملكية البريطانية دورا صغيرا، لكنه حيوي، في الحفاظ على الخليج ومضيق هرمز خاليين من الألغام البحرية ومنع إيران من غلقه في الحرب.

ويعود تاريخ هذا الدور إلى حرب الناقلات بين إيران والعراق في السنوات بين عامي 1980 و1988، حين تم نشر الألغام البحرية في المنطقة، ففعلت المملكة المتحدة ما عُرف باسم "دورية أرميلا".

وتمركزت كاسحات الألغام التابعة للبحرية الملكية البريطانية في البحرين، ضمن قيادة الأسطول الخامس للبحرية الأميركية. ويقول البريطانيون إن عمرها الافتراضي انتهى.

أما مسألة تدخل قوات بريطانية ضد إيران في مغامرة ترامب، فاستبعدها مسؤولون بريطانيون، أكدوا أنه من غير المتوقع أن تنشر المملكة المتحدة قواتها العسكرية في أي هجوم على طهران، وفق صحيفة "الغارديان"، 19 يونيو 2025؛ إذ يقتصر دور بريطانيا على منح الإذن للولايات المتحدة بتحليق قاذفات الشبح B-2 من قاعدة دييغو غارسيا الجوية في المحيط الهندي. 

ثمن التدخل

يطرح التدخل البريطاني في حرب إيران أسئلة سياسية عديدة حول الأسباب؟ ومصالحها؟ وسر سير لندن في حذاء واشنطن في كل عمل عسكري.

وهل هو حنين للإمبراطورية التي غابت عنها الشمس، أم محاولة للظهور كدولة عظمى؟

الباحث في التاريخ الدبلوماسي والعسكري، بكلية كينجز لندن، "جيرانت هيوز" أكد أن قرر ترامب جر الولايات المتحدة إلى حرب مع إيران، سيكون له تداعيات كبيرة على الحلفاء خاصة المملكة المتحدة.

قال، في تقرير نشره موقع "كونفرزيشن" الأميركي 20 يونيو 2025: لن يكون السؤال الرئيس أمام ستارمر ووزراءه هو ما إذا كانت بريطانيا قادرة على دعم حرب أميركية ضد إيران، بل ما إذا كان ينبغي لها ذلك؟

فبعد كارثة حرب العراق وما تلاها من "تحقيق تشيلكوت"، يصعب تصور كيف يمكن لأي حكومة، أن تُقحم بريطانيا في صراع دولي كبير بهذا الحجم دون دعم برلماني قوي وحُجة قوية في القانون الدولي.

وأدانت "لجنة تشيلكوت"، التي شكلت في 15 يونيو 2009 تدخل بريطانيا بالحرب على العراق عام 2003، وخلص تقريرها إلى أنها فشلت في تحقيق أهدافها منها.

وبينت أن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين لم يكن يشكل تهديدا فوريا يستلزم التدخل العسكري بالقوة التي كان عليها الغزو.

والمفارقة أن رئيس الوزراء الحالي، كان معارضا صريحا لحرب العراق، وهو على دراية تامة بالقضايا القانونية الشائكة المتعلقة بالمشاركة في ضربات ضد إيران.

وبسبب إرث العراق، بات من المعتاد (وإن لم يكن شرطًا قانونيًا) أن يطلب رؤساء الوزراء موافقة البرلمان على أي عملية عسكرية كبرى. 

وسبق أن خسر رئيس الوزراء الأسبق ديفيد كاميرون تصويتًا في مجلس العموم في أغسطس/آب 2013، للموافقة على شن غارات جوية ضد نظام بشار الأسد البائد في سوريا. 

لكنه حصل على دعم برلماني لالتزام بريطانيا بمحاربة تنظيم الدولة في عام 2015. ومن غير المرجح أن يؤدي نقاش مماثل الآن إلى الموافقة على التدخل العسكري البريطاني في إيران.

ففي حزب العمال، ثمة إدانة واسعة النطاق للتكتيكات الإسرائيلية وسقوط ضحايا مدنيين فلسطينيين في غزة .

واستغرب الباحث "هيوز" كون بريطانيا شريك أساسي لأميركا في الدفاع والاستخبارات، رغم أن ترامب تخلى عن حلفائه الأوروبيين وقال إنه لم يعد تعتبر الدفاع عن القارة أولوية للأمن القومي الأميركي.

كما أكد الرئيس الأميركي أن التزام واشنطن تجاه حلف شمال الأطلسي "الناتو" غير مؤكد.

ورجح أن يكون ضغط ترامب على بريطانيا وحلفائه الأوروبيين لدعم إسرائيل ضد إيران، مقابل استمرار مشاركة الولايات المتحدة في حلف الناتو واستعدادها لاحترام المادة الخامسة (مبدأ الدفاع والرد الجماعي الإلزامي على أي عدوان على أحد أعضائه).