بعد دخول أميركا الحرب بجانب إسرائيل.. 4 سيناريوهات أمام إيران لحفظ ماء الوجه

إسماعيل يوسف | منذ ٥ ساعات

12

طباعة

مشاركة

نجح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في توريط الرئيس الأميركي دونالد ترامب في حربه على إيران، تماما كما أقنعه في ولايته الأولى، بالانسحاب من الاتفاق النووي معها.

ولم ينتظر ترامب سوى أقل من أسبوع من مهلته (أسبوعين) لإيران، وقصف في 22 يونيو/حزيران المنشآت النووية في فوردو ونطنز وأصفهان، دون "بوشهر" القريب من دول الخليج، ما أكد أن دعواته المستمرة للتفاوض ليست سوى خدعة للحرب.

حاول كعادته الظهور في صورة حامل لواء النصر، وأنه حقق أهدافه وأنهى البرنامج النووي الإيراني، مع أن هذا – لو حدث – يعني فعليا أنه لا ضرورة للتفاوض (كما يطالب) على شيء انتهى.

لذا حذرت دوائر أميركية من أن ما فعله هو توريط أميركا وأن الضربة ليست سوى "بداية" للحرب، لا "نهاية" لها، كما يزعم ترامب، خاصة لو ردت طهران بعنف.

ما قاله ترامب بدا وكأنه يهدف لإنقاذ إسرائيل من ورطة حربها مع إيران، بعدما أظهرت طهران صمودا وأوجعت تل أبيب التي تحولت أجزاء منها إلى دمار.

ويرى مراقبون أن احتمالات الرد الإيراني وتداعياته سترسم سيناريوهات المستقبل التي تحصرها التقديرات الغربية والإيرانية في أربعة أمور: 

أولا، التصعيد وضرب أهداف أميركية وتوسيع الحرب وثانيا، وقفها بما يحفظ لإيران بقاء نظامها وبرنامجها النووي حتى ولو تضرر.

وثالثا، حالة اللا سلم واللا حرب، وربما تحول إيران لدولة نووية فعليا، ورابعا: الاستمرار في ضرب إسرائيل بصفتها سبب التدخل الأميركي.

الهدف إنقاذ إسرائيل

يشير تتبع وتحليل تصريحات ترامب، وهو يعلن عن الضربة الأميركية، أن الهدف منها، كما أعلنه هو، "إنهاء الحرب (أي وقف القصف الإيراني لتل أبيب) ومن ثم حفظ ماء وجه إسرائيل.

ففي منشور له على منصته "تروث سوشيال"، في 17 يونيو 2025، كتب ترامب يحدد المطلوب من إيران بقوله: "استسلام غير مشروط"، ويهدد بقتل المرشد الأعلى علي خامنئي.

لكن في إعلان انتصاره بعد قصف المفاعلات الثلاثة، لم يتطرق إلى "الاستسلام غير المشروط"، مع أن الهدف تحقق وفق زعمه، بإنهاء البرنامج النووي الإيراني.

اكتفى بالقول: إن "على إيران أن توافق على إنهاء الحرب وإلا ضربت مجددا"، ولم يتحدث عن استئناف مفاوضات النووي كما كان يطالب.

وكشف موقع "سي بي أس نيوز"، في 22 يونيو 2025، أن الولايات المتحدة تواصلت مع إيران قبل يوم من الضربة وأكدت أن "هذه الغارات هي الوحيدة المخطط لها وألا خطط لإسقاط النظام".

ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال"، 22 يونيو عن مسؤولين أميركيين أن واشنطن أبلغت طهران أن الضربات التي استهدفت منشآت نووية في إيران "عمل لمرة واحدة"، وليست بداية لحرب تهدف إلى تغيير النظام.

ونقلت شبكة "سي إن إن" عن مصادر لم تسمها أن "الإدارة الأميركية لا تخطط لمزيد من الضربات داخل إيران، وأن ترامب يأمل في أن يستجيب الإيرانيون للضغوطات بوقف الحرب (ضد إسرائيل)".

ودفع هذا صحيفة "واشنطن بوست" للتعليق على ضرب ترامب لإيران، في افتتاحيتها، 22 يونيو 2025، بدعوته إلى "كبح جماح نتنياهو عن محاولة توسيع نطاق الصراع".

قالت: إنه "جر الولايات المتحدة إلى هذه الحرب، وعلى ترامب ألا يسمح لنتنياهو بإملاء شروط استكمالها"، ما يشير لتصاعد الغضب الداخلي من توريط إسرائيل لأميركا.

لكن خبراء يعتقدون أن دخول أميركا الحرب رسميا ضد إيران ونجاح نتنياهو في توريط ترامب في مستنقعها، ستكون له عواقب خطيرة لو قررت طهران التصعيد واستمرت في ضرب تل أبيب وأيضا مصالح واشنطن في المنطقة.

لذا وصفت وكالة "بلومبيرغ"، 22 يونيو 2025، ما فعله ترامب بأنه "يُغير موقفه جذريا ويعني أنه يتورط في حرب بالشرق الأوسط، بعدما كان يدعو إلى إبقاء الولايات المتحدة بعيدة عن حروب المنطقة".

قالت ضمنا: إن هدفه وقف الحرب على إسرائيل، لكن وبمشاركته في الهجوم الإسرائيلي على إيران، يُحدث انعطافة جيوسياسية جذرية، ويورط أميركا في هذه المعركة.

وقبل الضربة الأميركية، حذرت مجلة "فورين أفيرز" 18 يونيو من أنه "ينبغي لأميركا أن تنهي حرب إسرائيل على إيران، لا أن تنضم إليها".

كاتبا التقرير، دانيال كورتزر، وهو سفير أميركي سابق لدى مصر وإسرائيل، ودانيال أبراهام، أستاذ دراسات سياسة الشرق الأوسط بجامعة برينستون، قالا: لا ينبغي لترامب أن يدخل الحرب كمقاتل إلى جانب تل أبيب. 

أكدا أنه ليس من مصلحة الولايات المتحدة خوض حرب لتحييد فوردو عسكريًا أيضًا، وسيكون من الخطأ فعل ذلك.

وأردفا أنه "إذا كانت إسرائيل مصممة على إلحاق أضرار جسيمة بفوردو، فيمكن لها فعل ذلك بنفسها".

وحذرا من أن التورط الأميركي في ضرب مشروع فوردو، يضع الولايات المتحدة في مرمى نيران إيران، التي سترد بقتل أميركيين، و"هذا بدوره سيجبرها على الرد بالمثل في عملية متكررة". 

وأكدا أن التدخل الأميركي سيُشكل خطرا على الأجندة السياسية للرئيس أيضًا، مشددين على أنه "يقع على عاتق ترامب مسؤولية وضع إستراتيجية تُنهي الحرب وتمكين كلٍّ من إيران وإسرائيل من حفظ ماء الوجه".

والخيار الأمثل لترامب هو محاولة المساعدة في إنهاء الحرب الإسرائيلية الإيرانية بطريقة تحافظ على ما حققته إسرائيل عسكريا، وتتيح لإيران أيضا الحفاظ على ماء وجهها للعودة إلى المفاوضات. 

وقال "دانيال شابيرو"، الباحث في مبادرة سكوكروفت لأمن الشرق الأوسط التابعة للمجلس الأطلسي، وسفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل سابقا، إن هذه الضربات توفر مخرجًا للطرفين لإنهاء الحرب.

وأوضح في تحليل نشره "المجلس الأطلسي"، 21 يونيو أنه "ستكون هناك حاجة إلى دبلوماسية نشطة وفورية، بدعم من شركاء إقليميين مثل عُمان وقطر، لجعل إسرائيل وإيران تقرران أن هذه الحرب قد وصلت إلى نهايتها".

وقال ترامب إن العملية نُفذت بتنسيق مع إسرائيل، مضيفًا: "عملنا كفريق"، ثم دعا إيران إلى المفاوضات وحذرها من الرد.

وزعم أن "الآن وقت السلام"، دون تحديد هل يقصد وقف الحرب مع إيران أم مفاوضات نووية.

طبيعة الضربة

وتشير التقارير الواردة من طهران وتقديرات خبراء نوويين أن الضربة الأميركية لمفاعلات إيران لم تكن قوية أو مدمرة بالقدر الكافي، وهو ما ذكرته طهران أيضا، ما يثير تساؤلات حول حقيقة الهدف الأساسي لترامب.

وهل ما جرى تدمير للبرنامج النووي الإيراني أم تأخيره عدة أشهر أو سنوات؟، أم مجرد إنقاذ إسرائيل ووقف الحرب؟

كما يثير تساؤلات حول نوايا إيران من التهوين من هذه الضربة غير المسبوقة لثلاثة من أهم مفاعلاتها النووية.

مستشار رئيس مجلس الشورى الإسلامي في إيران مهدي محمدي كتب يقول عبر إكس أن حجم الضرر الذي لحق بفوردو والمنشآت النووية الأخرى "مسألة ثانوية تمامًا"، أي غير مؤثرة.

كما سربت أميركا معلومات لوسائل الإعلام مفادها أنها أبلغت إيران بطبيعة الضربة، وأنه لم تظهر أي مؤشرات لتسريبات إشعاعية.

إيران أعلنت أيضا أنها نقلت مخزونها من البلوتونيوم المخصب خارج المفاعلات، قبل ضربها، وهو مؤشر للتقليل من أهمية الضرر ومن ثم تقليص حجم ردها.

وقد وصف كبير خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبق يسري أبو شادي الضربات الأميركية على إيران بأنها "استعراضية"، مبينا أن الولايات المتحدة لم تتمكن من الوصول إلى منشأة فوردو تحت الأرض.

وأكد “أبو شادي”، أن الضربات الأميركية لم تدمر المواقع النووية كما تحدث ترامب ولم تصل إلى عمق 80 مترا، بل دمرت الأجزاء العلوية والمداخل الخاصة بالمفاعلات فقط، بحسب ما نقل عنه الإعلامي المصري أحمد موسى.

وقال العالم المصري: إن إيران نقلت 500 كيلوغراما من اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 60 بالمئة من موقع نطنز ليلة 12-13 يونيو، وهى الكمية التي يمكنها تصنيع 10 قنابل نووية تزن الواحدة 1.5 طن.

كما نقلت 16 شاحنة كميات من اليورانيوم المخصب من موقع فوردو يومي 19 و20 يونيو، أي قبل ساعات من الهجوم الأميركي.

وتشير تقارير خبراء أن حديث الإعلام الإيراني عن فشل ضربة واشنطن والتهوين منها وأن المواقع النووية التي تم تدميرها كانت خاوية، مؤشر لتبرير تراجعها عن استهداف القواعد الأميركية في المنطقة.

ونقلت وكالة تسنيم للأنباء عن مسؤول إيراني تأكيده أن جزءاً من موقع فوردو تعرض لهجوم "بضربات جوية معادية". 

لكن قال حسن عبديني نائب رئيس القسم السياسي بهيئة البث الإيرانية الرسمية: إن السلطات أخلت المواقع الثلاثة قبل الهجمات.

وأكد: "تم نقل احتياطيات اليورانيوم المخصب من المراكز النووية ولم يتبق هناك أي مواد من شأنها أن تسبب الإشعاع وتضر بمواطنينا إذا تم استهدافها".

وقالت شبكة "فوكس نيوز" الأميركية: إن الولايات المتحدة ضربت فوردو بست قنابل من نوع "بانكر باستر" الخارقة للتحصينات، واستخدمت 30 صاروخا من طراز توماهوك في الهجوم على مواقع نووية أخرى.

وبحسب قناة "فوكس نيوز" الأميركية، فإن موقعي نطنز وأصفهان قصفا بـ 30 صاروخ "توماهوك" من غواصة أميركية على بعد أكثر من 400 ميل.

لكن صور أقمار صناعية من "Open Source Center" البريطانية، أظهرت أن منشأة فوردو، المحصنة تحت الجبال، أصيبت بشكل محدود في مداخلها، فوق قاعات الطرد المركزي، دون أن تُسجَّل أضرارا جسيمة أو حفَرا عميقة.

وقالت تقارير غربية: إن ما تعرضت له "فوردو" لا يرقى إلى مستوى التدمير الشامل، بل أقرب إلى "خدش إستراتيجي".

ونقل التلفزيون الروسي عن الرئيس السابق ديمتري ميدفيديف قوله: إن "الضربة لم تحقق شيئًا، لا توقف للتخصيب، لا تراجع في البنية النووية"، وربما، بحسب تعبيره، "تتلقى إيران رؤوسًا نووية مباشرة من الحلفاء".

أيضا جاء رد فعل حرس الثورة الإيراني ضعيفا حيث تحدث عن "تحديد مواقع تحليق الطائرات المشاركة في هذا العدوان ورصدها"، دون أن يؤكد نيته ضربها.

ووصف القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة بأنها "ليست مصدر قوة لها بل تزيد من ضعفها"، دون أن يشير إلى نيته قصفها، مكتفا بعبارات حماسية.

ضرب إسرائيل

خيارات الرد الإيراني تبدو عديدة، ولكنها تتوقف على ما ستقرره القيادة في طهران، فقد تُصعد إلى حد ضرب قواعد أميركا وغلق مضيق هرمز.

 وقد تكتفي بضربات رمزية لمصالح أميركية، أو تكتفي بإيذاء إسرائيل بما يتعارض مع هدف ضربة ترامب وهو وقف الحرب.

وقد أشار لهذا الخيار مهدي محمدي، مستشار رئيس البرلمان الإيراني، الذي قال: إن "أولى خطوات الرد ستكون تدمير إسرائيل"، بحسب وكالة تسنيم، 22 يونيو 2025.

فلو اختارت إيران عدم التصعيد مع واشنطن وقررت الاكتفاء بضرب إسرائيل سيكون الوجع قاسيا، كما يقول المحلل المصري فراج إسماعيل عبر حسابه على فيسبوك.

وأوضح أن صور التدمير الواسع الذي ألحقته الصواريخ في تل أبيب حولت الحديث من ضربة أميركية لا نعلم نتائجها وإشعاع لم يحدث، إلى تدمير معهد أبحاث بيولوجية جنوب ريشون لتسيون.

وهو من أهم المنشآت الحساسة التابعة لوزارة الحرب الإسرائيلي في أبحاث الحرب البيولوجية والكيميائية.

قال: قد تبقي طهران على الحرب النفسية وتتفرغ لإسرائيل، وفي هذه الحالة تتفادى تورطا أميركيا شرسا وتدع الانقسام الداخلي في الولايات المتحدة والانتقادات التي يتعرض لها ترامب بسبب هجومه على المفاعلات تتصاعد بشدة.

وأضاف: "سيكون من الحكمة ترك واشنطن تنتظر الجرس وإغراق إسرائيل في حصص صواريخ كاسر خيبر".

لكن صحيفة نيويورك تايمز، نقلت، 22 يونيو، عن مسؤولين أميركيين أن وزارة الدفاع الأميركية "تستعد لرد شبه مؤكد من إيران".

وبحسب شبكة "سي إن إن"، 22 يونيو، تواجه إيران خيارات صعبة في سعيها لتحديد خطوتها التالية ضد الولايات المتحدة وإسرائيل، وجميعها تنطوي على مخاطر كامنة تهدد طهران وبقاء قادتها في المستقبل.

بعضها كما يقول عاموس يادلين، الرئيس السابق للمخابرات العسكرية الإسرائيلية، العودة إلى طاولة المفاوضات بصفته "حافز ضخم لإنهاء الحرب وإنقاذ النظام".

3 سيناريوهات أخرى

وبخلاف خيار أن تستمر إيران في ضرب إسرائيل، بصفته يوجع الإسرائيليين وترامب معا، أكثر من ضرب مصالح أميركية قد تشعل المنطقة وتجلب رد فعل أميركي غاشم أكبر، يمكن الحديث عن 3 سيناريوهات أمام طهران.

السيناريو الأول: وهو ما تحدثت عنه إيران رسميا، غلق مضيق هرمز، الذي يمر منه ثلث النفط وربع التجارة العالمية.

 فهو طريق رئيس لشحن النفط والتجارة، ما يمنح إيران القدرة على التأثير على "الشحن التجاري بأكمله في الخليج".

وقد دعا مستشار بارز للمرشد الأعلى الإيراني بالفعل إلى توجيه ضربات صاروخية وإغلاق مضيق هرمز.

وقال عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، إسماعيل خوتري: إن المؤسسة التشريعية "توصل إلى قرار بإغلاق مضيق هرمز، لكن القرار النهائي في هذا الشأن يعود للمجلس الأعلى للأمن القومي".

ويقول محللون وخبراء: إن هذا الخيار رغم تهديد إيران به يبقى "الأخير"؛ لأنه سيضر طهران اقتصاديا ويمنع صادراتها النفطية، لكنها طرحته بقوة كي يتحرك العالم ويضغط على أميركا.

وقد عقب جي دي فانس نائب الرئيس الأميركي على خيار إغلاق مضيق هرمز، معتبرا أنه "سيكون بمثابة انتحار إيراني؛ لأن اقتصادهم بأكمله عبره".

قال: "إذا كانوا يريدون تدمير اقتصادهم والتسبب في اضطرابات في العالم، فأعتقد أن هذا سيكون قرارهم، ولكن لماذا يفعلون ذلك؟ لا أعتقد أن هذا منطقي".

ولأن السعودية ستكون أكثر المتضررين حال جرى إغلاق هرمز أو ضرب قواعد أميركية على أراضيها، كان الموقف السعودي هو الأقوى عربيا ودوليا في إدانة الهجوم الأميركي على مفاعلات إيران.

إذ أعربت السعودية عن قلقها البالغ من استهداف المنشآت النووية الإيرانية، مؤكدة "رفضها لانتهاك سيادة إيران"، ودعت إلى "حل سياسي ينهي الأزمة ويحقق الاستقرار في المنطقة".

والسيناريو الثاني: هو أن تضرب طهران مصالح أميركا في المنطقة وقواعدها، سواء هي أو حلفائها في العراق أو اليمن.

ويقول جوناثان بينكوف مدير مبادرة سكوكروفت للأمن في الشرق الأوسط ونائب ضابط الاستخبارات الوطنية السابق بالمجلس الوطني للاستخبارات الأميركية: إن الرد الإيراني المحتمل قد يسلك أحد مسارين محتملين في هذا الصدد:

الأول: تنفيذ ضربة تستهدف من خلالها القواعد الأميركية في المنطقة، ولكن بنية إحداث تأثير محدود.

ومثل هذا الرد سيتيح للنظام الإيراني أن يدعي أنه انتقم، ودافع عن بلاده، ووقف في وجه الولايات المتحدة، مما قد يمهّد الطريق لاستئناف الانخراط الدبلوماسي.

والثاني: أن تجبر الضربات الأميركية وتهديدات ترامب، النظام الإيراني على تنفيذ هجوم كبير ضد المصالح والأفراد الأميركيين.

وهذا قد يؤدي إلى دوامة من التصعيد المتبادل، من هجمات وردود مضادة، وقد يفضي إلى حرب إقليمية.

وأوضح أن القدرات العسكرية الإيرانية تراجعت لكنها لم تُدمّر بالكامل، وإذا شعرت إيران بأن النظام مهدد، سواء من الولايات المتحدة أو إسرائيل، أو أنها إن لم ترد بقوة ستفقد دعم مؤيديها، فقد تسلك المسار الثاني.

وفي هذا الإطار، قد تلجأ إيران إلى تحريك وكلائها في الشرق الأوسط لضرب المصالح والأفراد الأميركيين.

والسيناريو الثالث: هو انسحاب إيران من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، ورفضها بالتالي التفاوض مع أميركا بشأن برنامجها.

ومهد لهذا رئيس لجنة السياسة الخارجية في البرلمان الإيراني عباس غولرو، بقوله على "إكس": إن لطهران الحق القانوني بموجب المادة العاشرة في الانسحاب عقب القصف الأميركي لثلاث منشآت نووية إيرانية.

وتنص المادة العاشرة على أنه لأي عضو في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية "الحق في الانسحاب من المعاهدة إذا رأى أن أحداثا استثنائية عرضت المصالح العليا لبلاده للخطر".

وتقول "واشنطن بوست" في افتتاحيتها، 22 يونيو: إن الهجوم الأميركي على إيران فجر المفاوضات النووية، ولم تعد هناك قيمة لها.

أيضا أعطى هذا الهجوم طهران الحجة والمبرر الكافي للانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، وما يترتب عليه من إعلان إيران دولة نووية تمتلك سلاحا ذريا في أي وقت.

فالولايات المتحدة دخلت تلك المفاوضات بهدف تحجيم أو القضاء على البرنامج النووي الإيراني، ثم أعلن رئيسها تدميره والقضاء عليه كليا، "إذن لا توجد حاجة لمفاوضات بعد".

أضافت: "فقدت الولايات المتحدة وإسرائيل كافة مبررات الحرب والهجوم على إيران، فهم كانوا يهاجمون الإيرانيين بدعوى البرنامج النووي، وبإعلان ترامب القضاء عليه لم تعد توجد مبررات وأسباب مقنعة أو حجج شرعية لذلك الهجوم".

وقد أشار موقع "بلومبيرغ إيكونوميكس"، 22 يونيو 2025، إلى هذه الخيارات الثلاثة.

أكد أنها تتمثل في الهجمات على الأفراد والأصول الأميركية في المنطقة، واستهداف البنية التحتية للطاقة الإقليمية، وإغلاق مضيق هرمز البحري باستخدام الألغام البحرية أو مضايقة السفن المارة.