إلى جانب "تنظيم الدولة".. من يقف خلف تفجير الكنيسة في دمشق؟

أعلنت وزارة الصحة السورية مقتل 22 شخصا وإصابة 59 آخرين بالتفجير
في حادث إرهابي مروع هو الأول من نوعه منذ سقوط النظام السوري برئاسة بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، قُتل 22 شخصا وأصيب العشرات جراء تفجير استهدف كنيسة مار إلياس للروم الأرثوذكس بدمشق.
وقالت وزارة الداخلية السورية في 22 يونيو/حزيران 2025: إن "انتحاريا يتبع لتنظيم داعش (الدولة) الإرهابي أقدم على الدخول إلى كنيسة القديس مار إلياس في حي الدويلعة بالعاصمة دمشق؛ حيث أطلق النار، ثم فجّر نفسه بواسطة سترة ناسفة".
فيما قال شهود عيان: إن الانتحاري دخل إلى الكنيسة وبدأ في إطلاق النار بشكل عشوائي، قبل أن يفجر سترته الناسفة. وأظهرت مشاهد آثار الدماء والدمار الكبير الذي حل في المكان؛ حيث تزامن الانفجار مع قداس الأحد.
وغداة الحادث، أعلنت وزارة الصحة السورية مقتل 22 شخصا وإصابة 59 آخرين، موضحة أنه جرى نقل المصابين إلى المستشفيات لتلقي الرعاية الطبية اللازمة.
وبدوره، قال وزير الداخلية أنس خطاب: إن "هذه الأعمال الإرهابية لن توقف جهود الدولة السورية في تحقيق السلم الأهلي"، فيما عدت الخارجية السورية الهجوم الانتحاري "محاولة يائسة لضرب التعايش الوطني".
وعقب التفجير، فرضت قوى الأمن الداخلي طوقا أمنيا محكما في محيط الكنيسة، وشملت الإجراءات إغلاق جميع الطرق المؤدية إليها، إلى جانب إغلاق كنائس أخرى في مناطق باب توما، وباب شرقي، والقصاع، ودويلعة، تحسبا لأي هجمات محتملة، بحسب تلفزيون سوريا.
ومن موقع التفجير، أكدت وزيرة الشؤون الاجتماعية هند قبوات، أن هناك أيادٍ تسعى لتخريب أمن سوريا.
وقال محافظ دمشق ماهر مروان، إن الجريمة لا تستهدف طائفة بعينها، بل تنال جميع السوريين دون استثناء، مضيفا: "سنكون يدا واحدة ضد هذه الأعمال الإجرامية وستتم محاسبة جميع المتورطين في هذا العمل الإجرامي".
ووعد بالعمل على ترميم الكنيسة وإعادتها إلى ما كانت عليه، والوقوف إلى جانب الضحايا في مصابهم الأليم.
واستنكرت وزارة الأوقاف السورية بشدة التفجير، مؤكدة أن “مثل هذه الحوادث الإرهابية لن تثني سوريا عن المضي في دعم التعايش والسلم الأهلي الذي تنعم به بلادنا منذ آلاف السنين”.
وأدانت دول عربية مثل العراق ولبنان وفلسطين والأردن وقطر والسعودية والإمارات والبحرين وكذلك تركيا، الهجوم الذي استهدف الكنيسة في دمشق.
كما ندّد المبعوث الخاص للأمم المتحدة الى سوريا غير بيدرسون بـ"الهجوم الإرهابي" على كنيسة في دمشق، ووصفه بأنه "جريمة بشعة"، مطالبا السلطات بإجراء "تحقيق شامل".
وأثار الهجوم حالة من الغضب والحزن والتنديد بين الناشطين على منصات التواصل الاجتماعي، وأشاروا إلى أن العملية تستهدف إثارة الفتنة الطائفية وبثّ الخوف والقلق بين السوريين وزعزعة أمن واستقرار سوريا في مرحلة دقيقة وحساسة، مؤكدين أن ذلك لن يتحقق.
وتكهن بعضهم عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي "إكس"، "فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #مار_إلياس، #دمشق، #تفجير_كنيسة_مار_إلياس، بتورط إيران وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" بالتفجير، كونهما طرفين في الصراع السوري ومواليين للنظام المخلوع.
وطالب ناشطون بإجراء تحقيق شفاف في الحادث وتحديد المسؤولين عنه وتقديمهم للعدالة ومحاسبتهم بغضّ النظر عن انتماءاتهم السياسية أو خلفياتهم، مؤكدين أهمية كشف ملابسات العملية الإرهابية ودوافع منفذيها للرأي العام بشفافية كاملة وطمأنة ذوي الضحايا.
تنديد واستنكار
وتنديدا بالحادث وتضامنا مع ذوي الضحايا، وصف الكاتب أحمد موفق زيدان التفجير، بأنه “عمل إرهابي جبان ودنيء”. مؤكدا أنه يستهدف الاستقرار السوري وحاضر ومستقبل سوريا أكثر مما استهدف فئة دينية لها حق السويين جميعا.
وقال: إن هذه الأعمال الدنيئة ينبغي أن تفتح أعيننا كلنا عمن وراء هذه الأعمال الخسيسة الجبانة، مضيفا: "نحن على ثقة بأن جهازنا الأمني سينال الفاعل المستتر والظاهر".
وقال باسم العمري: إن المساس بأي مكان عبادة هو مساس بكل القيم الإنسانية والروحية، مطالبا الجهات المعنية بفتح تحقيق شفاف ومحاسبة كل من تسوّل له نفسه زعزعة الأمن أو بثّ الفتنة بين أبناء الوطن الواحد.
وأضاف العمري: "كل التضامن مع أهلنا وإخوتنا في كنيسة مار إلياس، وكل صوت حرّ يرفض تحويل دور العبادة إلى ساحات استهداف أو فوضى".
وعدّ الصحفي هادي العبدالله “تفجير الدويلعة الإرهابي محاولة جبانة لاستهداف الأمن في البلد”. مقدما التعازي لذوي الضحايا ومتمنيا الشفاء للمصابين والجرحى.
وأكد المحلل السياسي أحمد الهواس، أن “التفجير الإرهابي يهدف إلى تفتيت المجتمع السوري”.
السوريون موحدون
وتأكيدا على أن هذه الأعمال لن تحقق مرادها ولن تنال من وحدة وتماسك السوريين، عرض سميح كفارنة، صور امرأة مسلمة منقبة، تتبرع بالدم للمصابين المسيحيين إثر مجزرة دويلعة، قائلا: "لن تستطيعوا ضرب نسيج هذا الشعب البطل، لن تنالوا من وحدة الشعب السوري".
وأكد الكاتب أنس الدغيم، أن هذه الأفعال القذرة الجبانة لن تزيد الشعب السوري بكل طوائفه إلا تمسّكا بالمشروع الوطنيّ والتفافا حول الصوت الواحد والروح الواحدة لسوريا الجديدة.
وأشارت عائشة صبري إلى أن عشرات المسلمين هرعوا لمشفى الفرنسي في دمشق للتبرع بالدم لجرحى كنيسة مار إلياس، مؤكدة أن الإسلام بريء من هذا الإرهاب.
وعد رئيس هيئة التفاوض السورية سابقا بدر جاموس، استهداف الكنيسة عملا جبانا يفضح نوايا الغدر وزرع الفتنة، مؤكدا أن السوريين موحدون، وأقوى من الفوضى والإرهاب.
وقال: إن ضرب دور العبادة لن يزعزع وحدتنا، مضيفا: "الرحمة للضحايا، والتعازي لذويهم، نواجه الفتنة، ونحمي الوطن بسواعد أبنائه".
وأشار مدير عام مركز لندن للإستراتيجيات الإعلامية أحمد رمضان، إلى أن أطرافا في الداخل والخارج منذ فترة، لا يروق لها استقرار سوريا، وتكافل أبنائها، وبدء النهوض والإعمار بإمكانات ذاتية ودعم عربي دولي، ،وتسعى لاستخدام ورقة الإرهاب لنشر الفوضى والعنف.
وأكد أن السوريين كما أسقطوا الأسد وحطموا نظامه، فسيقطعون يد الإرهاب ومن يقف وراءه ويغذيه، ولن يُسمح لأي كان بتمزيق النسيج المجتمعي للشعب السوري، ولا استئصال أي مكون، وسورية ستبقى بلدا متنوعا، يفتخر بثرائه وتنوعه وتعايشه.
وقال رمضان: "قد مثلت مرحلة الثورة ثم التحرير والنصر فرصة كبرى لتأكيد المنظومة القيمية الجامعة التي يجب التمسُّك بها وترميمها وتأكيدها".
تحقيق ومحاسبة
وتركيزا على المطالبة بالتحقيق والحفاظ على أدلة الجريمة، قال فاضل عبدالغني: إن أهم شيء حاليا هو حماية مسرح الجريمة، يجب تأمين هذا الموقع فورا وحمايته من أي وصول غير مصرح به، بما في ذلك من قبل الإعلاميين والأفراد غير المعتمدين.
وأشار إلى أنه جرى الكثير من التلويث لمسرح الجريمة مما يعرض الأدلة للخطر، مؤكدا أن الحفاظ على سلامة الأدلة المادية أمر أساسي لضمان إجراء تحقيق موثوق ومستقل، ومحاسبة المسؤولين.
وحمل أبو فهد السلطة السورية مسؤولية هذه الجريمة، مطالبا بلجنة تحقيق دولية مستقلة لكشف ملابساتها، ومحاسبة كل من خطط وموّل وسهّل لهذا القاتل أن يمرّ ليقتل أبرياء في كنيسة من كنائس الرب.
ورأت كاريني القصاص، أن السؤال الحقيقي الذي يجب طرحه؛ لماذا لا يُسارع أحد في التحقيق أو توجيه الاتهامات لأذرع طهران التي تتحرك بنشاط واضح خصوصاً بعد الأحداث في إيران (الحرب مع إسرائيل)؟
وواصلت تساؤلاتها: “لماذا يُغض الطرف عن الدور الفعلي الذي تلعبه هذه القوى في زعزعة الأمن والاستقرار، بينما يُصرّ البعض على تصفية حساباتهم عبر استهداف شخص واحد؟”
وأكدت القصاص، أن اختيار هذا الانتحاري في توقيت معين ليس صدفة، بل إشارة إلى وجود مخططات أكبر وأعمق تُحاك، ولا يمكننا توجيه الاتهامات بشكل صحيح دون النظر إلى الصورة الأوسع، وخاصة الدور الذي تلعبه أذرع إيران في المنطقة.
وأكدت ماريا كبارة، أن لا سلام في سوريا ما دامت أدوات إيران تعبث بالسيادة السورية، وخلايا تنظيم الدولة تتغذى على هشاشة القرار الأمني، قائلة: إن من يحمي المليشيات، ويغض الطرف عن التطرف، يفتح أبواب الجحيم على شعب بأكمله.
وقالت: إن تفجير كنيسة مار إلياس ليس حادثا عرضيا، بل جرس إنذار صارخ بأن الخطر يتربّص بكل بيت وكنيسة ومسجد، محذرة من أن الأخطر من الجريمة، هو التسرّع في تسويق روايات جاهزة، وتوجيه أصابع الاتهام قبل فتح تحقيق حقيقي.
وأضافت كبارة، أن الاستخفاف بذاكرة الناس ووعيهم لن يطفئ النيران، بل يمدّها بالوقود، قائلة: "كلما طُويت الملفات الخطيرة بلا محاسبة، فُتحت أبواب الدم من جديد".
ودعت الحكومة للتحرك فورًا، وبمسؤولية لإغلاق هذا الملف الخطير عبر تحقيق شفاف، ومحاسبة حقيقية، لا عبر بيانات سطحية وتخدير إعلامي، وإلا فالانفجارات القادمة لن تُفرّق بين أحد.
قسد وإيران
وتحت عنوان "من المستفيد من التفجير الإرهابي في كنيسة مار إلياس"، أوضح الباحث خلف علي الخلف، أن هناك أطرافا عديدة لها مصلحة في هذا التفجير، مؤكدا أن فلول تنظيم الدولة أحدها وليس كلها.
وقال: إن “هناك دولا وجماعات إرهابية مثل إيران ومليشياتها، وهناك أيضا قسد وهي كيان سليل حزب مصنف إرهابي في معظم دول العالم”، في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني.
وتساءل الخلف: "لماذا تُستبعد قسد من أن تكون وراء تفجير كنيسة الدويلعة؟ أو على الأقل لها ضلع فيه، وهي سليلة حزب إرهابي عرف باستباحة المدنيين تحت شعارات قومية، ومسؤول عن مئات إن لم يكن آلاف التفجيرات المماثلة عبر تاريخه".
وقال الصحفي قتيبة ياسين: "لا يوجد أكثر إرهابا من الداعشي الذي قتل المصلين الآمنين في الكنيسة إلا إرهابيي (زعيم حزب العمال الكردستاني المنحل عبدالله) أوجلان الذين أطلقوه من السجن".
وأضاف: "حذرنا عدة مرات ونقلنا تقارير تفيد بإطلاق قسد لعشرات الدواعش من سجونها وحذرنا من الأيادي الإيرانية التي تتعامل وتنسق معهم".
وجزم المنشق عن نظام الأسد الملا إدريس، بأن قسد الإرهاب الأصفر تقف خلف تفجير الدويلعة، مشيرا إلى إنها تخطط وتشتري ذمم بعض من انتسب إلى مؤسسات الدولة من فلول وشبيحة و غيرهم ثم تأمر قادة داعش وينفذون العمل. وفق تعبيره.
وعد تنقية صفوف الأمن العام ومؤسسات الدولة من فلول النظام البائد والشبيحة واجب المرحلة، مؤكدا أن تسريب المعلومات، والتهاون على الحواجز، وإساءة استخدام السلطة، كلها يقوم بها أولئك الذين لحقوا بركب الحكومة بعد السقوط ولم يكونوا يوما من أهل الثورة.
وأكد عمار سعيد، أن تفجير كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة ليس عملًا فرديًا ولا مجهولًا، قائلا إن السيناريو واضح لكل سوري حر.
وأوضح أن السيناريو هو: “روسيا تخطط، إيران تموّل وتدعم، قسد تنسّق وتغطي، فلول النظام يفتحون الطريق، والتنفيذ كالمعتاد عبر حمير الاستخبارات: داعش”.
تفجير طائفي خبيث، هدفه ضرب ما تبقى من نسيج اجتماعي، وتذكيرنا أن الاحتلال متعدد الأوجه، لكن العدو واحد".
وأضاف سعيد: "دمشق ليست ميدان رسائلكم الدموية، وسوريا لن تُدار لا من موسكو، ولا من قُم، ولا من حفر الإرهاب".
وكتب الناشط عمر مدنية: "ايران حركت الدواعش وضربت كنيسة في دمشق وقتلت المدنيين داخلها، عمل جبان يضاف لتاريخ المجرمين القذر".