الصين تدعم حماس وتايوان معنا.. كيف ترى إسرائيل سياسة البلدين في المنطقة؟

4 months ago

12

طباعة

مشاركة

شن معهد عبري هجوما على سياسة الصين في منطقة الشرق الأوسط، خاصة تعاملها مع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وميلها نحو "تأييد الفلسطينيين"، مقارنا إياها بموقف تايوان "الداعم بقوة" لإسرائيل.

وعرض معهد "دراسات الأمن القومي" الإسرائيلي، السياق التاريخي لوقوف الصين بجانب القضية الفلسطينية في الماضي، وفصّل موقف بكين من عملية "طوفان الأقصى" وما تلاها من عدوان للاحتلال على غزة.

ورأى أن الصين "وقفت فعليا إلى جانب حركة المقاومة الإسلامية حماس".

موقف واضح

وتطرق المعهد لمظاهر "الدعم السياسي الصيني المستمر للفلسطينيين، من خلال الدعوة إلى حل الدولتين، والاعتراف بدولة فلسطينية، والإدانة المتواصلة للأعمال الإسرائيلية التي وصفتها بكين بأنها استفزازية".

وينبع هذا الدعم المستمر بحسب المعهد، إلى تصور تاريخي رسمته بكين لنفسها، بصفتها  "قائدة للعالم النامي، وداعمة لحركات التحرر الوطني ضد ما تصفه بـ(الإمبريالية الغربية)".

وأردف: "يتجلى دعم الصين بشكل رئيس في الخطاب الداعم لحقوق الفلسطينيين، بما في ذلك حقهم في تقرير المصير، بينما يبقى الدعم الاقتصادي من الصين للفلسطينيين محدودا".

ودلل المعهد على فتور الدعم الاقتصادي الصيني للفلسطينيين، بحجم مساهمتها في وكالة الأونروا، إذ "لم تصنف الصين أبدا ضمن أعلى 30 جهة مانحة خلال العقد الماضي، وتراوح تبرعها بين 200 ألف إلى حوالي ثلاثة ملايين دولار، بينما تتبرع دول مثل إندونيسيا والهند واليابان بمبالغ أكبر".

في الوقت نفسه، رصد المعهد "تطور علاقات الصين مع إسرائيل إلى شراكة شاملة في الابتكار، وشمولها نشاطات كبيرة في الاقتصاد والتجارة والبنية التحتية وغيرها".

"لكن طرأ تغيير ما خلال السنوات الماضية"، هكذا يشير المعهد إلى ما عده "مواقف صينية بشأن القضية الفلسطينية أكثر بروزا ووضوحا".

وذلك عبر مشاركات بكين في مناقشات مجلس الأمن الدولي، ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والبيانات العلنية حول القضية.

ووفقا للمعهد، فقد شهدت العلاقة بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 "تدهورا ملحوظا".

ويعزو ذلك إلى تعاطي الصين مع هجوم "حماس"، والذي وصفه بأنه "تعاط فاتر"، حيث دعت الطرفين إلى "الحفاظ على الهدوء"، وحل النزاع من خلال “تنفيذ حل الدولتين وإقامة دولة فلسطين المستقلة”.

ودبلوماسيا، رصد المعهد تصريحات وزارة الخارجية الصينية منذ أكتوبر 2023، ورأى أنها “معبرة عن دعم متزايد للفلسطينيين، إلى جانب إدانة إسرائيل، والدعوة إلى التحقيق في جرائمها”.

وأردف: “تصاعد الخطاب الصيني بشكل حاد كلما طال أمد الحرب. وفي أكتوبر 2023، قال سفير الصين لدى الأمم المتحدة إن ”إسرائيل تحتل فلسطين".

وأشار المعهد إلى أن ذلك يختلف عن الماضي، حيث "كانت الإشارات إلى (الاحتلال) تركز بشكل أساسي على بناء المستوطنات".

وواصل قائلا: "في فبراير/ شباط 2024، صرح مستشار قانوني لوزارة الخارجية الصينية في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، أن للفلسطينيين (حقا) في النضال المسلح ضد إسرائيل كجزء من حقهم في تقرير المصير". 

وأكمل: "ومنذ اندلاع الحرب، بدأت وزارة الخارجية الصينية والرئيس الصيني شي جين بينغ بتكرار ذكر (حق العودة) كأحد الحقوق الأساسية للفلسطينيين".

وانتقد المعهد وصف الرئيس شي والمتحدثين الرسميين الآخرين، سياسة إسرائيل بـ"العقاب الجماعي".

مناورة تايوان

ويقارن المعهد بين الموقف الصيني والموقف التايواني، فقد "كانت تايوان من أوائل الدول التي أدانت هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 والهجوم الإيراني بعد ذلك، ودعمت بقوة إسرائيل، حتى وإن كان الأمر رمزيا بإضاءة برج تايبيه 101 -الأعلى في تايوان- بألوان علم إسرائيل بعد أيام من العملية (طوفان الأقصى)".

ورغم ذلك، أفاد المعهد بأن "مظاهرات محدودة  تخرج هناك دعما للفلسطينيين".

ويربط المقال نهج تايوان بكونها ترى "أن التضامن والدعم لإسرائيل، يجعلها تنتمي إلى الغرب العالمي".

وأشادت إسرائيل بالمساندة التايوانية، فقد رأى رئيس مجموعة الصداقة الإسرائيلية-التايوانية بوعز توبوروفسكي، أن تايوان "صديق حقيقي"، قائلا إن "إسرائيل رأت، وستتذكر دائما، دعم تايوان بعد هجوم السابع من أكتوبر".

وذكر المعهد بعض أوجه دعم السفيرة التايوانية في إسرائيل أبي لي، بعد عملية “طوفان الأقصى”، حيث تبنت عملية إعادة تأهيل مستوطنة "كفر غزة" وتوفير مساكن مؤقتة للسكان، ودعمت كذلك الجيش عبر تبرعها بمبلغ 70 ألف دولار لجمعية "بيتاخون ليف - بيت الجمع" للجنود المصابين.

وأوضح أن "المسؤولين التايوانيين تعرضوا إلى انتقادات داخلية بسبب المساعدة التي قدموها لإسرائيل، ولذلك اضطروا لتوضيح أن التبرعات مُنحت للجهات المدنية وليس العسكرية".

وأشار المعهد إلى "أنه في المقابل، خلال أوائل مايو/ أيار 2024، تبرعت تايوان بمبلغ نصف مليون دولار للمساعدات الإنسانية في غزة، عبر (جمعية الرحمة) لتوفير الطعام والماء والملابس والخيام".

ولفت الأنظار إلى أن "مشاركة تايوان في المبادرات الاجتماعية المدنية غير الرسمية في إسرائيل، تؤدي أحيانا إلى الانتقادات والغضب في سفارة الصين في إسرائيل".

ورصد المعهد نشاطا دبلوماسيا صينيا منذ بداية العدوان على غزة، كان من صوره إجراء وزير الخارجية وانغ يي مكالمات هاتفية مع نظرائه في الشرق الأوسط، بما في ذلك مع الوزير الإسرائيلي إيلي كوهين في أكتوبر 2023.

إضافة إلى "نمط العمل الجماعي، كنشر البيانات المشتركة، مثل تلك التي قامت بها الصين والجامعة العربية بشأن مستقبل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني".

وأضاف المعهد: "كما استضافت الصين نهاية أبريل/ نيسان 2024 لقاءات (سلام) بين السلطة الفلسطينية وحماس على أراضيها، ودعت لاجتماع  سلام آخر في يونيو/ حزيران 2024".

رؤية بديلة

وتناول المعهد تفصيل “الفارق بين نهجي الصين وتايوان في الصراع في غزة”.

وبدأ في تفسير وجهة نظره قائلا: "موقف الصين المعارض لإسرائيل والمؤيد لإيران والفلسطينيين، وحتى حماس، يعبر عن اختيار إستراتيجي، ويعكس رؤيتها للحرب الحالية كملحق آخر في الصراع العالمي المستمر والمتسع بين القوى في المنطقة والعالم، الذي ترى الصين فيه فرصة إضافية لتأكيد موقفها في المسرح الدولي ضد الولايات المتحدة والغرب".

واستشهد المعهد بمجلس الأمن الدولي، على سبيل المثال، حيث توظف الصين ”الفيتو" الخاص بها، جنبا إلى جنب مع روسيا، لعرقلة قرارات تدعمها الولايات المتحدة وتأخذ في الحسبان مصالح إسرائيل؛ مما يظهر الالتزام بالقضية الفلسطينية، و"بذلك تظهر نفسها كزعيمة عالمية جنوبية، وتتحدى تأثير الولايات المتحدة في المنطقة والعالم".

كما تقدم بكين "رؤيتها البديلة لتسوية النزاعات، وتشير إلى طموحاتها في إعادة تشكيل التوازن الجيوسياسي".

ويتجلى ذلك في الشرق الأوسط، إذ "ينعكس موقف بكين الرافض لإسرائيل، الذي ينتشر بين جمهور واسع في المنطقة ومواقف حكوماتها المعلنة".

ورأى المعهد أن السياسة الصينية تركز على "الحفاظ على مصالحها المتعددة في المنطقة، من جهة التجارة الفعالة والشراكات مع دول الخليج، ومن جهة أخرى التجارة غير المقطوعة مع إسرائيل، ومن جهة ثالثة تحقيق سمعة كزعيم عالمي ناشئ، مع الاحتجاج على التأثير الأميركي في المنطقة والعالم".

وانتقل المعهد إلى موقف أميركا التي "أبدت التزامها بحماية حليفتها إسرائيل وتظهر قدرتها التكتيكية والتكنولوجية والإستراتيجية في جذب شراكات غربية وعربية مع إسرائيل في رسالة تتردد أصداؤها في الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا".

وعن العلاقات الاقتصادية بين إسرائيل والصين، أوضح أن "العلاقات التجارية مستمرة، ولكن بوتيرة بطيئة، فقد "انخفض حجم التجارة بنسبة 16 بالمئة في عام 2023، وقل عدد المواطنين الصينيين الذين يدخلون إسرائيل".

واستطرد: "سمعة الصين في إسرائيل تواصل التدهور، فحوالي 35 بالمئة من المستجوبين أفادوا بأن موقفهم تجاه الصين تغير إلى الأسوأ منذ اندلاع (العدوان على غزة)، وحوالي 42 بالمئة يعدونها دولة غير صديقة، و15 بالمئة يعدونها دولة عدوانية".

ويبدو أن تايوان تستغل إسرائيل للتقرب من الغرب بشكل أكبر، حيث يعتقد المعهد العبري أن "دعم تايوان لإسرائيل قائم لخدمة مصالحها الإستراتيجية الواسعة".

وأضاف: "وكذلك تعزيز التحالفات مع الدول الغربية، ومحاولة جذب الدعم لطموحاتها بالمشاركة الأوسع في المنظمات الدولية والحوار العالمي".

وخلص إلى "رغبة تايبيه الاستفادة من مجالات مختلفة مثل الثقافة والتكنولوجيا والابتكار والصحة والتعليم، مع إسرائيل، وبالتالي تعزيز وجودها الدبلوماسي وتحسين موقعها الدولي".

وختم المعهد مقاله محذرا من أنه "قد يأتي وقت يتعين فيه على إسرائيل الاختيار بين الصين أو تايوان".

وتابع: "حاليا يمكن لإسرائيل الحفاظ على جوانب سياستها التوافقية، ولكن في حال اندلاع حرب في الشرق الأوسط، وبالتأكيد إذا اندلعت حرب حول تايوان، سيتقلص مجال التسوية لإسرائيل بين القوى بشكل كبير تقريبا، وسيكون عليها الوقوف إلى جانب أصدقائها".