هل تنجح مليشيات غزة المدعومة إسرائيليا في القضاء على حماس؟

إسرائيل ما زالت تؤيد مسار الاعتماد على قادة المليشيات في غزة
في ظل "الهدنة الهشة" الموقعة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2025، رأت قناة عبرية أن المليشيات المسلحة في قطاع غزة تستعد لما يُعرف بـ "اليوم التالي".
واستعرض موقع القناة الـ 12 تفاصيل هذه المليشيات، وتناول آراء الخبراء الإسرائيليين حول مدى قدرتها على هزيمة حركة المقاومة الإسلامية حماس، وهو أمر فشلت فيه تل أبيب نفسها على مدار عامين.

دعم المسارين
وأشار الموقع إلى أنه "رغم عدم تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بشكل كامل بعد، فإن الولايات المتحدة تضغط باتجاه الانتقال إلى المرحلة التالية، وسط نقاشات مكثفة حول مستقبل القطاع".
وتشمل المرحلة الأولى تبادل الأسرى والجثامين، إذ سلمت حماس 20 أسيرا إسرائيليا حيا، ورفات 19 من أصل 28، وذلك مقابل نحو 4 آلاف أسير فلسطيني، مع عدم التزام تل أبيب بإدخال المساعدات بالكميات اللازمة أو فتح المعابر.
وبينما تتبنى إسرائيل نهجا يعتمد على المليشيات، تتبنى واشنطن أسلوبا مغايرا يرتكز على تشكيل قوة حفظ سلام دولية.
في هذا السياق، أكد الموقع أنه "بدعم إسرائيلي، ظهرت خلال الحرب مجموعات مسلحة تنتمي إلى عشائر محلية (مليشيات)، تعمل على تطهير المناطق من عناصر حركة حماس، وتسعى لطرح بديل سلطوي للحكم في غزة".
وبحسب تقديره، "تظهر حماس علامات تعافٍ، بينما تتعهد العشائر المسلحة بمواصلة القتال ضدها، ما يثير التساؤل: هل يمكن أن تقضي هذه المليشيات المحلية على الحركة".
من جهة أخرى، أفاد الموقع بأن "الولايات المتحدة، وبالتعاون مع الدول العربية الموقعة على الاتفاق، تسعى بالتنسيق مع إسرائيل لتحديد هوية الأطراف التي ستشكل قوة حفظ السلام لإدارة القطاع في السنوات المقبلة".
ولفت إلى أنه "حتى الآن، لم يُحسم ما إذا كانت هذه القوة ستضم جنودا من تركيا وقطر، وهما دولتان ترتبطان بجماعة الإخوان المسلمين وتدعمان حماس، أم أنها ستتكون من دول المحور السني المعتدل: مصر والسعودية والإمارات". وفق وصفه.
وبعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بأيام، أكّد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه لن يسمح لتركيا بالدخول إلى غزة أو تشكيل قوة حفظ سلام فيها.
وحول الخيار الذي تدعمه تل أبيب، قال الموقع: "إسرائيل تدعم الخيار الثاني، وكذلك تؤيد مسار الاعتماد على قادة العشائر (المليشيات) في غزة".
وعلى مدار عامين من العدوان، رفضت عشائر قطاع غزة التعامل مع إسرائيل لقتال حماس، فيما أنشأت تل أبيب مليشيات من أفراد مشبوهين، أعلنت عائلاتهم لاحقا التبرؤ منهم.

تفوق المقاومة
وأوضح الموقع أنه في الوقت الراهن، تنشط أربع مليشيات رئيسة تتحدى نفوذ حماس، "لكنها تتمركز شرق الخط الأصفر (جرى تحديده وفقا لاتفاق وقف إطلاق النار)، في مناطق لا تزال تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي".
ففي الجنوب، وتحديدا في منطقة رفح توجد ما تسمى القوات الشعبية بقيادة ياسر أبو شباب، أما في خان يونس فتنشط مليشيات حسام الأسطل.
وفي شرق مدينة غزة، وتحديدا في حي الشجاعية، توجد مليشيات رامي خلاص، وأخيرا مليشيا أشرف المنسي في شمال القطاع.
مع ذلك، يشكك عسكريون إسرائيليون في قدرة تلك المليشيات المدعومة إسرائيليا على هزيمة حماس والقضاء عليها.
وشكك الدكتور مايكل ميلشتاين، رئيس الملف الفلسطيني سابقا في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان)، في قدرة هؤلاء على استبدال حماس ورسم صورة مقلقة لتوازن القوى في القطاع.
وقال ميلشتاين: "في الوقت الحالي، لا تشكل العشائر أي تهديد فعلي، بل على العكس، حماس سحقتها، فهي منظمة لديها أسلحة أفضل ولها أيديولوجيا، وهي أمور تفتقر إليها" المليشيات.
ويوضح عدي روتيم، المسؤول السابق في جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" وعضو فريق التفاوض في صفقة الأسرى، أن "حماس بدأت حملة تطهير داخلي منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ".
ويقدم صورة متشائمة للوضع في غزة، بالقول: "حاليا ومع تقوية حماس (بعد انتهاء الحرب)، أعتقد أننا سنشهد تسوية حسابات، وسنرى ذلك أيضا مع بعض العشائر، مثل تلك التابعة لياسر أبو شباب وأشرف المنسي وغيرهما". متوقعا: "سنشهد قريبا حمامات دم وإعدامات لتلك المجموعات".
من جانبه، وصف رئيس غرفة التجارة في غزة عائد أبو رمضان، أفراد المليشيات المسلحة بأنهم "مجرمون تم شراؤهم بالمال"، مؤكدا أن "هذه المجموعات لا تملك قاعدة شعبية حقيقية يمكن أن تزيح حماس من موقعها".
ورغم الصورة القاتمة التي يرسمها مسؤولون أمنيون سابقون بإسرائيل، فإن المليشيات المسلحة بغزة تتبنى خطا قتاليا واضحا ضد حماس، يقول الموقع.
وصرح قائد المجموعة المسلحة في خان يونس حسام الأسطل: "هدفنا أن لا يكون لحماس وجود في غزة. نستطيع التغلب عليهم ومواصلة القتال ضدهم".
ويؤكد غسان الدهيني أحد قادة مليشيا أبو شباب، أن مجموعته ستواصل القتال ضد حماس حتى لو انسحبت إسرائيل من المناطق التي تسيطر عليها حاليا.
وأضاف أن قواتهم تعمل على ملاحقة عناصر حماس الذين ما زالوا في المنطقة. وفق تعبيره.
وزعم كل من "الدهيني والأسطل، الناشطين في رفح وخان يونس، أن عناصر حماس، على الأقل في منطقتهم، قد تلقوا ضربة موجعة".
وادعى زعيم المليشيا التي تعمل في خان يونس: "حماس موجودة هنا، ولكن بأعداد قليلة جدا". ويضيف الدهيني: "لا أخشى من الضعفاء في منطقتي، وفي بعض الحالات نطاردهم وننفذ عمليات تفتيش ومداهمات".

إمارات غزة المتحدة
وتطرق الموقع العبري إلى تفاصيل الدعم الإسرائيلي لتلك المليشيات، ففي يونيو/حزيران 2025، كشف وزير الجيش الأسبق أفيغدور ليبرمان عن تعاون إسرائيل مع المجموعات المسلحة في غزة.
وقال: "نحن نزود جماعات تشبه تنظيم الدولة بالسلاح بأمر من رئيس الحكومة، لبنائها كقوة موازية لحماس، لكن في النهاية، هذا سيُستخدم ضدنا".
وبعدها، اضطر نتنياهو إلى تأكيد الأمر علنا، مشيرا إلى أن إسرائيل تسلح المليشيات لتكون بديلا سلطويا لحماس، وقال: "ما السيئ في ذلك؟ إنه أمر جيد، ينقذ حياة جنود الجيش الإسرائيلي".
من جانبه، يعتقد آدي روتيم أن "تسليح العشائر في قطاع غزة كان خطوة أدت إلى نجاحات تكتيكية على الأرض"، وقال: "هناك إنجازات للمنظومة الأمنية، فقد شهدنا إصابات أقل لأفرادنا".
ومع ذلك، يرى روتيم أنه كان يجب تنظيم الجماعات التي تعمل على استئصال حماس تحت هيكل أكثر تنظيما.
وعقب ميلشتاين: "كان هناك اعتقاد ساذج إلى حد ما بإمكانية بناء ما يشبه إمارات غزة المتحدة، أي نوع من القبائل التي تتحد في تحالف، ولكن لا بد من القول إن جميع هذه العشائر تركز على مناطقها الخاصة، وتحدد مصالحها وفقا للمنطقة التي تعيش فيها، ولا تتحد معا".
وشدد على وجود رابط بين المجموعات لكنه أضاف أنها "بعيدة عن أن تكون قوة موحدة تحمل أجندة بديلة وقيادة بديلة لحماس".
في سياق متصل، تساءل الموقع عن مدى قدرة تلك المليشيات على تدمير أنفاق حماس المتبقية.
فأخيرا، زعم وزير الجيش يسرائيل كاتس أمام جي دي فانس نائب الرئيس الأميركي أن أكثر من 60 بالمئة من أنفاق حماس لم تُدمر خلال الحرب.
وقد أثارت هذه النسبة تساؤلات عما إذا كانت المليشيات ستعمل على تدمير كل البنية التحتية المتبقية لحماس في القطاع؟ وتابع الموقع العبري: "قادة العشائر يؤكدون أنهم مستعدون لذلك".
أما عن المخاوف الإسرائيلية من أن أسلحة المليشيات ستوجه في النهاية ضد إسرائيل، فنقل الموقع عن أحد قادة مليشيا أبو شباب قوله: "كما أن هناك أصواتا في إسرائيل لا تؤمن بالسلام، لدينا أيضا أشخاص لا يؤمنون به ولا يحبون ما نفعله".
وأردف: "نحن بحاجة إلى إسكات هذه الأصوات في غزة وفي إسرائيل، والسير نحو السلام". وفق تعبيره.












