لا أمل ولا سلام ولا استقرار.. لماذا ما تزال ليبيا تواجه طريقا مسدودا؟

منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

في 14 أغسطس/ آب 2023، شهدت العاصمة الليبية، طرابلس، اشتباكات مسلحة بين قوتين أمنيتين، إحداهما تتبع حكومة الوحدة الوطنية والأخرى تتبع المجلس الرئاسي.

الاشتباكات التي استمرت ليومين، مخلفة أكثر من 50 قتيلا، وأكثر من 100 جريح، جاءت على خلفية اعتقال قوة الردع الخاصة، التابعة للمجلس الرئاسي، قائد اللواء "444"، محمود حمزة، بمطار "معيتيقة الدولي"، أثناء توجهه إلى مدينة مصراتة، بدعوى تنفيذ أوامر قبض من النائب العام العسكري.

وتوقفت الاشتباكات بعد اتفاق قضى بتسليم قوة الردع الخاصة حمزة لجهاز دعم الاستقرار وعودة المقاتلين إلى قواعدهم، حسبما أعلن شيوخ المدينة الذين تفاوضوا على الاتفاق عبر شاشات التليفزيون.

وتشهد ليبيا أزمة صراع على السلطة بين حكومة عينها مجلس النواب مطلع عام 2022 وحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض التسليم إلا إلى حكومة تأتي عبر برلمان جديد منتخب، وحاولت الأطراف السياسية إجراء انتخابات أكثر من مرة دون أن تنجح في ذلك.

طريق مسدود

وقالت ميرال العشري الرئيسة المشاركة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مركز حرية الإعلام، في جامعة شيفيلد البريطانية، إن "مستقبل ليبيا لا يزال يواجه طريقا مسدودا بعد تلك الاشتباكات، التي جاءت كحلقة في سلسلة من الأحداث المزعزعة للاستقرار".

وأضافت: "لذا فإن خارطة الطريق التي يمكن أن تقود فعليا إلى إجراء انتخابات، لن تكتمل بسبب حدوث المزيد من الاضطرابات الداخلية".

وأفادت بأن رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح والمجلس الأعلى للدولة محمد تكالة اتفقا على خارطة طريق سياسية جديدة لإجراء الانتخابات، على أن تبدأ باستبدال رئيس الوزراء الليبي المؤقت، عبد الحميد الدبيبة، بشخص متفق عليه.

لكن وصفت الكاتبة خارطة الطريق هذه بأنها "معيبة للغاية"، وفق ما نقل موقع "يوراسيا ريفيو" الأميركي.

وقالت: "سيتعين على الأمم المتحدة، والجهات الفاعلة الدولية الرئيسة، والقادة السياسيين الليبيين اتخاذ قرار بشأن خريطة طريق سياسية جديدة، لإجراء انتخابات تبدأ باستبدال الحكومة الليبية المؤقتة".

لكن من جانبه، وصف المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، خارطة الطريق هذه بأنها "غير قابلة للتنفيذ"، متوقعا أنها "ستؤدي إلى العنف".

وترى الكاتبة أن ما ذهب إليه باتيلي "توقع دقيق" لما قد يجري في الساحة السياسية الليبية خلال الفترة المقبلة.

وفي يوليو/ تموز 2023، اعتمد مجلس النواب الليبي، خارطة طريق للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المرتقبة في ليبيا، تنص على فتح باب الترشح لرئاسة حكومة موحدة تشرف على العملية الانتخابية.

غياب التعاون

وأشار الموقع الأميركي إلى أن الأزمات التي تعاني منها ليبيا، ومن ذلك المشكلات الاقتصادية، دفعت نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي، موسى الكوني، لحضور قمة دول "بريكس".

و"بريكس" تخالف اقتصادي سياسي يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، وقرر خلال قمته الأخيرة خلال أغسطس في جوهانسبرغ، توسيع عضويته عبر دعوة 6 دول جديدة للانضمام إلى المجموعة، هي: السعودية والإمارات ومصر والأرجنتين وإثيوبيا وإيران.

وأضاف الموقع أن الأعضاء أكدوا على أنهم "بحاجة إلى العمل على التعاون مع دول العالم الأول للتغلب على أزماتها الاقتصادية، وتحقيق التنمية المستدامة، من خلال التمويل العادل والشراكة الإستراتيجية بين إفريقيا ودول المنظمة".

وأوردت الكاتبة أن "قمة البريكس هدفت إلى استغلال الإمكانات الكاملة للمجموعة، لتحقيق الانتعاش الاقتصادي العالمي، والتنمية الشاملة والمستدامة، وتعزيز عمليات السلام وحماية البيئة".

وفي مشكلة أخرى، قالت العشري إن "هناك العديد من الأشخاص الذين يعيشون في ظروف محفوفة بالمخاطر في المناطق الحضرية بليبيا".

وفي هذا السياق، نوهت إلى أن منظمة "أطباء بلا حدود" أعلنت إنهاء أنشطتها الطبية في العاصمة طرابلس، بدءا من 24 أغسطس 2023.

وفي بيان لها، أشارت المنظمة إلى أنها ستستمر في "توفير الرعاية الصحية للمهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء المعتقلين في مراكز الاحتجاز، وللسكان الذي يقاسون ظروفا صعبة في المناطق الحضرية".

وأردفت منظمة أطباء بلا حدود أنها ستوقف دعمها للبرنامج الوطني لمكافحة الدرن (السل) في طرابلس، ومستشفى أبو ستة للأمراض الصدرية وجراحة الصدر، في نهاية العام 2023.

وأكدت أن قرار إغلاق جميع الأنشطة الطبية في طرابلس، جاء بعد مراجعة شاملة لاستجاباتها الإنسانية في مختلف بلدان العالم، وإعادة لترتيب الأولويات المالية.

وحسب العشري، فإن "الدعم الصحي الذي تقدمه منظمة أطباء بلا حدود في طرابلس، منذ عام 2016، يشمل الرعاية الطبية الأولية، وتسهيل الوصول إلى خدمات الحماية".

صعوبة العمل

"وفي النهاية، ستصبح طرابلس -بشكل متزايد- بيئة صعبة بالنسبة للمنظمات الدولية التي تريد العمل بها".

وأشارت الكاتبة إلى أنه "بناء على ذلك، يجب على الولايات المتحدة الأميركية أن تبدي استعدادها لدعم تشكيل حكومة تصريف أعمال في ليبيا، بحيث تكون مهمتها الوحيدة هي قيادة البلاد لإجراء انتخابات نزيهة".

وترى أن "على مجلس النواب، والمجلس الأعلى للدولة، وحكومة الوحدة الوطنية، والجيش، والمجلس الرئاسي، توحيد صفوفهم وتقديم التنازلات اللازمة لإجراء الانتخابات".

وتابعت أنه "ينبغي إجراء الانتخابات في أسرع وقت ممكن، من خلال دعم عمل لجنة 6+6 والتوصل إلى اتفاق يمكّن الجميع من التنافس النزيه".

وتتكون لجنة "6+6" من 6 أعضاء من مجلس النواب و6 أعضاء من مجلس الدولة، وقد نص على تشكيلها التعديل الـ13 للإعلان الدستوري، وهو بمثابة دستور مؤقت وضع بعد الإطاحة بنظام معمر القذافي عام 2011.

و"تهدف جهود اللجنة العسكرية 5+5 إلى إخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا، إلا أنها يجب أن توحد الدوريات المشتركة في الجنوب لتأمين حدود ليبيا الجنوبية"، وفق الكاتبة.

علاوة على ذلك، أكدت أن "على مصرف ليبيا المركزي واللجنة المالية العليا أن يضمنا عدم سيطرة أي جهة على الإنفاق العام، والتوزيع العادل للثروات".

واللجنة المالية العليا كانت قد أنشئت في يوليو/تموز 2023، بعد إصدار المجلس الرئاسي قرارا بتشكيلها، لتحديد أوجه الإنفاق العام، ومتابعة الترتيبات المالية.

ويترأس اللجنة رئيس المجلس الرئاسي، ويحظى بعضويتها 17 فردا من بينهم نائب رئيس المجلس، وممثلون عن حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، ومجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، والقيادة العامة، ومصرف ليبيا المركزي في طرابلس وبنغازي، وديوان المحاسبة، وهيئة الرقابة الإدارية، والمؤسسة الوطنية للنفط.

وختمت العشري بالقول إن "حدوث القتال الأخير لا يعطي أي أمل في السلام"، مشيرة إلى أهمية إجراء الانتخابات في وقت يتمدد فيه نطاق العنف في المنطقة، كما حدث أخيرا في السودان والنيجر.