أعداء الأمس حلفاء اليوم.. ماذا وراء التقارب العسكري بين الفلبين واليابان؟
.png)
في 6 ديسمبر/ كانون الأول 2022، هبطت طائرتان مقاتلتان يابانيتان في الفلبين للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية للمشاركة في مناورات عسكرية، تأتي وسط توتر متصاعد مع الجارة الصين بسبب نشاطها في بحر الصين الجنوبي.
وأوضحت صحيفة "إيل كافي جيوبولتيكو" الإيطالية أن هذا التوتر أجبر الفلبين على مد يدها من جديد إلى جلادها بالحرب العالمية الثانية، اليابان، نظرا لأن كلتيهما تتفق على ضرورة احتواء الصين بالمحيطين الهندي والهادئ.
تحول لافت
وذكرت الصحيفة الإيطالية أنه لأول مرة منذ عام 1945، شاركت القوات الجوية اليابانية في تدريبات عسكرية للجيش الفلبيني استمرت أسبوعين.
إذ وصلت في 6 ديسمبر، طائرتان مقاتلتان من طراز إف 35 تابعتان للقوات الجوية اليابانية إلى قاعدة كلارك التابعة للقوات الجوية الفلبينية في جزيرة لوزون، كجزء من برنامج تبادل بين البلدين.
وهي المرة الأولى التي ترسل فيها القوات الجوية اليابانية طائرات مقاتلة إلى الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا، وفق ما أفادت به وسائل إعلام يابانية.
من جانبه، أكد رئيس أركان القوات الجوية في طوكيو الجنرال إيزوتسو شونجي على أهمية مشاركة الطيارين اليابانيين في مناورات القوات الجوية الفلبينية لتعزيز القدرات الدفاعية اليابانية.
على الطرف المقابل، أعرب كونور أنتوني كانلاس، القائد العام للقوات الجوية لمانيلا، عن ارتياحه ورحب بالطائرتين اليابانيتين، مؤكدا كيف باتت اليابان والفلبين الآن حليفتين.
وعلقت الصحيفة بأن هذا التحالف، بالتأكيد ليس عشوائيا، خصوصا بالنظر إلى تاريخ احتلال اليابانيين للفلبين خلال الحرب العالمية الثانية.
حيث عانى سكانها من عنف القوات الإمبراطورية التي هدفت إلى استغلال موارد الأرخبيل، وبشكل أساسي الموارد النفطية، لإنشاء "مجال الازدهار المشترك لشرق آسيا الكبري".
وهو عبارة عن مفهوم أنشأته وصدّرته حكومة وجيش الإمبراطورية اليابانية خلال الثلث الأول من الفترة التي رافقت حكم الإمبراطور هيروهيتو من 25 ديسمبر 1926، حتى 7 يناير/ كانون الثاني 1989، للترويج لوحدة ثقافية واقتصادية للعرق الشرق آسيوي.
واختفت أحلام العظمة الإمبريالية من كتب التاريخ لصالح احتياجات أكثر حداثة تتعلق بالصين وتوسعها في المحيط الهادئ، وفق تعبير الصحيفة الإيطالية.
نزاع معقد
وأردفت أن الاتحاد بين اليابان والفلبين لا يندرج ضمن التحالف مع واشنطن والشعور العام بانعدام الأمن الناجم عن الطموحات الصينية المنافسة لنفوذ الولايات المتحدة في المحيط الهادئ فحسب.
ولكن أيضًا بسبب النزاعات الإقليمية لكلا البلدين ضد بكين من أجل السيادة على جزر صغيرة متنازع عليها في المنطقة.
وتحاول اليابان حل نزاع دبلوماسي مع الصين حول ملف الجزر غير المأهولة، المعروفة باسم "سينكاكو" في اليابان و"دياويو" في الصين حيث تدعي كل من طوكيو وبكين ملكيتها.
فيما تتنافس قوارب الصيد وسفن خفر السواحل في مياهها من أجل ضمان الوصول إليها أو منعها.
وأشارت الصحيفة إلى محاولات عديدة لحل النزاع في السابق لكن اليابان التي تتمتع رسميًا بالسيادة على الجزر، رفضت دائمًا التحكيم في هذه المسألة.
ما هو مؤكد، بحسب الصحيفة، أن ما يغري بكين وطوكيو الاحتياطيات الهائلة من المواد الخام التي يحتمل وجودها تحت قبالة هذه الجزر أكثر من التنافس على مياههما الثرية بالثروة السمكية.
وأضافت أن نزاع جزر سبراتلي، وهو أرخبيل يتكون من مجموعة من الجزر الصغيرة المرجانية غير المأهولة الواقعة في بحر الصين الجنوبي بين كل من فيتنام والفلبين والصين وبروناي وماليزي التي تتنازع بشأن ملكيتها، يختلف عن نزاع سينكاكو/ دياويو من ناحية وجود حل قانوني.
وأحالت مانيلا القضية إلى محكمة التحكيم الدولية في لاهاي، التي أصدرت، في عام 2016، قرارا أبطل جزءا كبيرا من مطالبات الصين بصفتها غير متوافقة مع "معاهدة الأمم المتحدة لقانون البحار"، لكن بكين رفضت الحكم ورأته "باطلا ولاغيا".
في ذلك الوقت، أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ أن المطالبات الإقليمية الصينية ستستمر على الرغم من الحكم بينما ذهبت وسائل الإعلام الناطقة باللغة الإنجليزية المرتبطة بالحزب الشيوعي الصيني، إلى حد اتهام القضاة بإصدار حكم ذي خلفيات سياسية.
احتواء الصين
ولفتت الصحيفة الإيطالية إلى أن الحرب المندلعة في أوكرانيا بمقارنتها (بشكل أو بآخر) مع الوضع في تايوان، دفعت رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا في الأشهر الأخيرة لزيارة بلدان مختلفة في جنوب شرق آسيا.
في الواقع، دخلت اليابان في تعاون عسكري مع فيتنام في عام 2021، وهي دولة أخرى ترى الصين كجار غير مريح ومع تايلاند وكمبوديا في عام 2022.
والهدف الرئيسي وراء هذا التعاون يكمن في تعزيز الدور الياباني، ولكن أيضًا إرسال رسالة إلى بكين مفادها أن تفاهم طوكيو مع مختلف اللاعبين الإقليميين في المحيطين الهندي والهادئ بلغ أعلى مستوى.
وألمحت الصحيفة إلى أن الفلبين"تبدو بين جميع البلدان المنطقة، على الأرجح، الدولة التي تتمتع معها اليابان بأكبر قدر من التفاهم على أساس الجبهات المفتوحة ضد بكين.
وتشرح بأن الصين أبدت في خلافاتها مع الفلبين، على وجه الخصوص، استعدادها لتجاوز القانون الدولي للاستمرار في مسار سياسة خارجية عدوانية.
ولاحظت الصحيفة في الختام، أنه من الصعب القول إذا ما كان تحالف دول المحيطين الهندي والهادئ الذي توحده الخلافات الدبلوماسية مع بكين، سيتدخل وإن حدث ذلك بأي طريقة، في حالة حدوث مواجهة مباشرة مع الصين خاصة حول مسألة تايوان "الساخنة".