الماشية ماتت عطشا.. موقع سويسري: الجفاف يهدد حياة عرب الأهوار بالعراق

قسم الترجمة | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

أكد موقع "سويس إنفو" السويسري أن الجفاف يهدد بقاء سكان الأهوار العرب في العراق، حيث أثر انخفاض إمدادات المياه إلى مرض وموت الجواميس المائية التي تعد مورد رزقهم الوحيد.

وعلى جزيرة محاطة بالممرات المائية الضيقة لأهوار الجبايش في جنوب العراق، يستيقظ صباح ثامر الباهر مع بزوغ الشمس ليحلب قطيعه من الجواميس.

قصة الباهر

كان هذا الصيف قاسيا على الباهر، وهو أب لطفلين، حيث كان موسم هطول الأمطار في العراق 2020-2021 هو الثاني من حيث الجفاف خلال 40 عاما، وفقا للأمم المتحدة، مما تسبب في ارتفاع ملوحة الأراضي الرطبة وبلوغها مستويات خطيرة.

ونتيجة لذلك مرضت الحيوانات وماتت، واضطر الباهر إلى شراء مياه الشرب العذبة لقطيعه المكون من حوالي 20 جاموسا، وهو مصدر دخله الوحيد.

ومن المتوقع حدوث جفاف آخر في عام 2023 حيث يتسبب تغير المناخ والتلوث وسدود المنبع في إبقاء العراق محاصرا في دوامة من أزمات المياه المتكررة.

وقال الباهر  البالغ من العمر 37 عاما "الأهوار هي حياتنا.. إذا استمرت موجات الجفاف فسوف نموت لأن حياتنا كلها تعتمد على الماء وتربية الجواميس المائية".

ويعد باهر وعائلته من عرب الأهوار، السكان الأصليين للأراضي الرطبة الذين نزحوا في التسعينيات عندما أقام الرئيس الأسبق صدام حسين السدود وجفف المنطقة لطرد المتمردين المختبئين في القصب.

وبعد الإطاحة به في عام 2003 عقب غزو الولايات المتحدة، أعيدت المياه بشكل تدريجي للأهوار وعاد العديد من السكان، بما في ذلك عائلة الباهر.

وقال عالم البيئة المولود في الأهوار جاسم الأسدي، إن الظروف دفعت النظام البيئي الهش للأراضي الرطبة إلى عدم التوازن، مما يعرض التنوع البيولوجي وسبل العيش للخطر.

الطبيب البيطري الفرنسي كريستوف تشوفو أجرى مسحا للأهوار مع المهندسين الزراعيين والأطباء البيطريين، وقال "كلما قلت المياه، أصبحت أكثر ملوحة"، مضيفا أن الجاموس يشرب كميات أقل وينتج حليبا أقل عندما تنخفض جودة المياه.

وفقا لمعهد ماكس بلانك، كان ارتفاع درجة الحرارة في الشرق الأوسط خلال الصيف أكثر من 0.5 درجة مئوية  خلال هذا العقد، بما يعادل حوالي ضعف المعدل العالمي.

ويعاني جيران العراق أيضا من الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، مما أدى إلى خلافات إقليمية بشأن المياه. 

قالت وزارة المياه العراقية في وقت سابق من العام 2021 إن المياه المتدفقة من إيران وتركيا تراجعت بنسبة 50 بالمائة طوال الصيف. كما فاقمت ظاهرة التلوث القادم من المنبع هذه الأزمة. 

أزمة الأهوار

وفي عام 2019، قالت الحكومة العراقية إن 5 ملايين متر مكعب من مياه الصرف الصحي الخام يتم ضخها مباشرة في نهر دجلة، أحد الأنهار التي تغذي الأهوار العراقية.

وقال خبير البيئة عزام علوش إن هناك حاجة ملحة للعراق للالتزام بإستراتيجية طويلة الأجل لإدارة المياه حيث من المتوقع أن يتضاعف عدد سكانه الذي يتزايد بسرعة بحلول عام 2050.

وبدوره، بين المتحدث باسم وزارة المياه عون ذياب، أن إستراتيجية الحكومة هي الحفاظ على المسطحات المائية العميقة والدائمة للأهوار عبر ما لا يقل عن 2800 كيلومتر مربع (1080 ميلا مربعا).

وتابع: "هذا ما نخطط له للحفاظ على المسطحات المائية الدائمة لحماية الموارد البيئية ومخزون الأسماك".

ولفت ذياب إلى أن مستويات المياه في الأهوار تحسنت جزئيا منذ الصيف، مع تبخر أقل بسبب انخفاض درجات الحرارة، فيما تتوسع الأراضي الرطبة وتتقلص بشكل طبيعي حسب الموسم.

وقال أيضا إن الحكومة لا تستطيع تخصيص المزيد من المياه للأهوار عندما يكون هناك نقص في مياه الشرب خلال الصيف.

وأضاف "طبعا سكان الأهوار يريدون المزيد من المياه لكن علينا إعطاء الأولوية لمياه الشرب والبلديات والحفاظ على نهر شط العرب".

وتسبب الجفاف وتلوث نهر شط العرب في أزمة في جنوب العراق في عام 2018، عندما تم نقل الآلاف إلى المستشفى بسبب أمراض تنقلها المياه. 

ومع ذلك، فإن العواقب تبدو وخيمة بالنسبة لعرب الأهوار. 

وحاملا ابنته الصغرى بين ذراعيه وهي تشرب حليب الجاموس، يراقب الباهر أبناء أخيه الذين يتغذون من حليب جاموس مريض.

وفي الصيف، نقل بعض أقارب الباهر قطعانهم تماما إلى أجزاء أعمق من الأهوار، حيث كانت مستويات الملوحة أقل، لكن الوضع أفضى إلى قتال على أفضل المواقع حيث اضطرت العائلات إلى تقاسم المساحات المتقلصة.

وتختلف التقديرات حول عدد السكان الحاليين للأهوار بشكل كبير. 

وتشير التقديرات إلى أن عددهم كان يبلغ 400 ألف في الخمسينيات من القرن الماضي، عاد منهم حوالي 250 ألف شخص عندما أعيدت المياه إلى الأهوار.

وبينما دفع تناقص إمدادات المياه المزارعين هذا العام للانتقال إلى المدن، حيث أدى نقص الوظائف والخدمات إلى الاحتجاجات، يأمل الباهر مثل العديد من الرعاة الشباب الآخرين، في أن يتمكن من البقاء بالأهوار.

وقال مستذكرا الوضع عندما جفت المنطقة "شعرت وكأنني غريب في المدينة.. عندما عادت المياه إلى الأهوار، استعدنا حريتنا".