إسرائيل وإبستين من بينها.. 4 أسباب تزيد غضب تيار ماغا تجاه ترامب

إسماعيل يوسف | منذ ساعتين

12

طباعة

مشاركة

بدأت أصوات في القاعدة الجماهيرية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، من "تيار ماغا" الإنجيلي الديني، تُصعد من نقدها له ولإسرائيل، وسط ترجيحات إعلامية بأن تدفع ضغوط هذا التيار، ساكن البيت الأبيض لتقليص دعمه لتل أبيب.

ولكن في المقابل تظهر تصريحات ترامب هو ومبعوثه إلى الشرق الأوسط "ستيف ويتكوف"، عكس ذلك، حيث يقدمان الدعم لإسرائيل في كل فرصة ويغضان الطرف عن جرائمها في قطاع غزة.

وبحسب رصد "الاستقلال"، يمكن حصر انتقادات تيار "ماغا" لترامب في 4 أسباب: أولها: توريط الرئيس بلاده في حروب غزة وإيران، بما يخالف برنامجه الانتخابي الخاص بعدم الدخول في أي صراعات خارجية، والتركيز على البناء الداخلي ضمن خطة "جعل أميركا عظيمة مجددا".

والثاني: غضب "تيار ماغا"، من تزايد اعتداء المستوطنين الصهاينة على المسيحيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

الثالث: عرقلة أو منع حكومة تل أبيب دخول قساوسة غربيين لإسرائيل، والتضييق عليهم وعلى أنشطة الجمعيات المسيحية الغربية، لإرضاء التيار اليميني اليهودي المتطرف في حكومة بنيامين نتنياهو الائتلافية.

وهو ما دفع جمعيات إنجيلية أميركية للتهديد بوقف دعمها المالي والمعنوي لدولة الاحتلال، حسبما قال سفير أميركا في إسرائيل، مايك هاكابي، وهو قسيس مسيحي معمداني.

الرابع: غضب "حركة "ماغا" من رفض ترامب نشر وثائق حول تورطه في فضيحة تاجر جنس الصغيرات جيفري إبستين، وعلاقته به، ما ينفي عنه أخلاقياته المسيحية التي يدعمه تياره بسببها.

هل تدير ظهرها؟

مجلة "بوليتيكو" الأميركية، رصدت في 29 يوليو/تموز 2025، تفاصيل ما قالت إنه إدارة حركة "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" أو "ماغا"، ظهرها لإسرائيل.

أكدت أنهم مستمرون في دعمهم لترامب، لكن تقديرات أميركية حذرت من أنه "قد يخسر قاعدته الانتخابية"، بسبب تصرفات تل أبيب التي تجر أميركا لاتجاه يخالف برنامج الرئيس الانتخابي الذي دعموه على أساسه.

تحدثت عن صعود جناح صاخب من قاعدة الرئيس (ماغا) ينتقد إسرائيل بشدة، بما يتعارض مع الجمهوريين التقليديين، الذين يعدون العلاقة الثنائية معها مقدسة وغالبا ما يمتنعون عن انتقاد الحليف اليهودي في الشرق الأوسط.

وأشارت إلى أن تيار "ماغا" ينتقد إسرائيل بشدة، على عكس ما يعلنه ترامب من التزام إدارته بمواصلة الدفاع عنها، بسبب جرها واشنطن إلى الحروب، وتغييرها عقيدته الانتخابية، واستنزاف أميركا ماليا.

وقدمت الولايات المتحدة 22.76 مليار دولار للعمليات العسكرية الإسرائيلية منذ بدء العدوان على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، أي دفعت ثمن 70 بالمئة من تكاليف الحرب، وفقا لتقدير مركز أبحاث جامعة براون (واتسون).

مع هذا أشارت مجلة "بوليتيكو" إلى أنه مقابل تنامي وصعود جناح صاخب من قاعدة ترامب (ماغا)، هناك فريق آخر من الجمهوريين في مبنى الكابيتول هيل، من الموالين لهذا التيار لا يزالون يدعمون إسرائيل.

"ومع ذلك، يزداد الإحباط داخل الجناح اليميني للحزب الجمهوري بسبب حرب غزة، بمنطق أن جرائم الحرب هناك ضارة سياسيا للرئيس ترامب ووصمة عار أخلاقية على سمعة أميركا"، وفق المجلة.

وكانت النائبة الجمهورية عن ولاية جورجيا، مارجوري تايلور جرين، وأحد أهم الداعمين لترامب، أول من استخدم عبارة "إبادة جماعية" في الكونغرس لوصف أفعال إسرائيل في غزة. 

وقالت في تغريدة تنتقد فيها زميلها الجمهوري في مجلس النواب راندي فاين من فلوريدا: "إن الإبادة الجماعية والأزمة الإنسانية والمجاعة في غزة مروعة بقدر هجمات 7 أكتوبر"، وانتقدت تمويل أميركا لحروب إسرائيل.

وهو ما يشير إلى تحولات داخل اليمين القومي المسيحي تجاه الموقف من إسرائيل يتزايد بشكل مطرد، وإن كان ترامب لا يزال يدعم تل أبيب ويعطيها الضوء الأخضر لتوسيع عدوانها.

قالت: هناك أطفال يتضوّرون جوعًا في غزة، وقد قُتل وجُرح مسيحيون، إلى جانب العديد من الأبرياء، وإذا كنت مسيحيًا أميركيا، فيجب أن يكون هذا الأمر غير مقبول على الإطلاق بالنسبة لك".

تساءلت: لماذا ينبغي على أميركا أن تواصل تمويل هذا الوضع؟ مضيفة "كثيرٌ منا، لم نعد نرغب في تمويل أو خوض حروب إسرائيل العلمانية، المسلحة نوويًا، خصوصًا حين يؤدي ذلك إلى تجويع الأطفال وقتل الأبرياء، بمن فيهم المسيحيون".

وتابعت: "لقد سئمنا تمامًا من أن يُطلب منا دائمًا أن نُصلح مشكلات العالم، وأن نُمَوِّل حلها، وأن نقاتل في حروبهم، بينما الأميركيون يعانون للبقاء على قيد الحياة رغم أنهم يعملون كل يوم".

أيضا صعد مؤثرون بارزون في حركة "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" انتقاداتهم لإسرائيل، مثل مات غيتز النائب الجمهوري السابق وستيف بانون والمستشار السابق لترامب، وحذرا من أن هذه القضية تشكل عبئا سياسيا على الإدارة الأميركية.

وقد أشار تقرير لشبكة "سي إن إن"، 31 يوليو 2025، إلى أن التحذيرات تتوالى من أن "إسرائيل تلحق ضررا دائما بمكانتها لدى الولايات المتحدة".

فقد أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد غالوب في 29 يوليو 2025، أن 6 من كل 10 أميركيين (32 بالمئة) لا يوافقون على العمليات العدوانية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة.

لكن الاستطلاع وجد أن 70 بالمئة من الجمهوريين (وهم قاعدة ترامب ومنهم ماغا) يدعمون العدوان الإسرائيلي على غزة.

وهو ما يخالف ما يثار عن احتمالات خسارة ترامب لقاعدته، إذ يقتصر الأمر على "القلق" و"الإحباط" مما تفعله إسرائيل ويضر أميركا دون الوصول لمرحلة التخلي عنها.

ومع هذا أشارت "سي إن إن"، إلى أن التحول في الرأي العام جعل بعض الأعضاء الرئيسين في تيار ترامب يتساءلون بصوت عالٍ عما "إذا كان ينبغي للولايات المتحدة أن تستمر في دعم إسرائيل".

ونقلت الشبكة الأميركية نواب في الكونغرس "أن إسرائيل تخسر معركة الرأي العام العالمي"، والخسائر الفادحة في صفوف الفلسطينيين "تقوض مكانتها في العالم".

وقد أطلق ترامب نفسه تصريحا لافتا عندما وصف ما يحصل في غزة بأنه "مفجع وعار وكارثي"، في ظل مأساة التجويع الممنهجة التي يعيشها الأهالي في القطاع، لكنه لم يغير سياسته حتى الآن.

وفي تسريب إعلامي لافت، خلال لقاء خاص مع أحد المتبرعين اليهود الداعمين لحملته الانتخابية، حذر ترامب من “تآكل الدعم الشعبي التقليدي للحليف الإقليمي (إسرائيل)”.

قال: "أنصاري بدأوا يُغيرون نظرتهم، وهذا تطور لافت"، وفق صحيفة "فايننشال تايمز"، 31 يوليو 2025.

وهذا التصريح، الذي أعادت صحيفة "تايمز أو إسرائيل" نشره، يعكس قلقًا متناميًا داخل حملة ترامب من تصاعد الانتقادات في أوساط تيار الرئيس تجاه الشراكة التقليدية مع دولة الاحتلال.

مصادر مطلعة أوضحت أن ترامب، ألمح، خلال لقائه بالمتبرع اليهودي، أن الصور الواردة من غزة والتي تُظهر معاناة المدنيين، "باتت تُقلق شريحة متزايدة من الجمهوريين المحافظين الذين طالما دعموا إسرائيل دون تحفظ".

ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أن "ترامب لا يريد أن يخسر التأييد داخل قاعدته الانتخابية"، والتي أصبحت بحسب وصفه "أقل حماسًا وأكثر تشككًا تجاه السياسات التي تنتهجها حكومة نتنياهو".

أزمة المسيحيين

أيضا شن "تيار ماغا"، الإنجيلي الديني، هجوما شرسا ضد تل أبيب بعد تزايد اعتداء المستوطنين على مسيحيي فلسطين، وعرقلة حكومة نتنياهو دخول قساوسة غربيين لإسرائيل، وفرض قيود عليهم مثل إملاء أوراق إدارية جديدة.

وقالت تقارير أميركية: إن موجة العنف المتصاعدة ضد المسيحيين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، أدت إلى تعميق الانقسامات داخل القاعدة السياسية للرئيس ترامب بشأن الدعم الأميركي لإسرائيل.

أحد أسباب هذا الانقلاب والغضب المسيحي الأميركي من دول الاحتلال، هو تزايد رفض تل أبيب إعطاء تأشيرات لقساوسة وأتباع جمعيات وكنائس أميركية وغربية يذهبون لإسرائيل لجمع المال والدعم لها.

وشكوى هذه الجمعيات للسفير الأميركي في إسرائيل من ممارسات عدائية ضدهم من المستوطنين والاعتداء عليهم بدل شكرهم.

وأدى ذلك لـ "تنامي الإحباط بين الزعماء الإنجيليين وغيرهم من المحافظين الدينيين في أميركا ضد إسرائيل"، حسبما قالت صحيفة "هآرتس" 20 يوليو 2025.

وهدد مسؤولون في إدارة ترامب بالانتقام من الإسرائيليين وحرمانهم من الدعم، ونقلوا لهم رسالة مباشرة تقول: "أنتم تخسروننا"، وفق صحيفة "هآرتس"، 20 يوليو 2025.

وقد شرح تقرير للقناة 12 الإسرائيلية 18 يوليو 2025، تفاصيل هذا الغضب الإنجيلي الأميركي، مؤكدا أن السفير في تل أبيب بعث برسالة تحذير لحكومة نتنياهو يقول فيها: إن واشنطن سترفض منح تأشيرات للإسرائيليين بالمقابل وذلك بسبب منع منظمات مسيحية من دخول إسرائيل.

وأكد في رسالته التهديدية، 18 يوليو 2025، أن واشنطن ستحذر المسيحيين من دعمهم لتل أبيب.

وأيضا تقول لهم: إن مساهماتهم السخية لتل أبيب تُقابل بالعداء، ما سيؤدي لوقف مساعدات الجمعيات المسيحية لها، وفق صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".

قال: "ستُجبر سفارتنا على الإعلان علنا أن إسرائيل لا ترحب بالمنظمات المسيحية، وممثليها، بل تُضايقهم، وتُعاملهم بسلبية؛ وسنكون مُلزمين بتحذير المسيحيين من أن مساهماتهم السخيّة تُقابل بالعداء". 

واشتكت نحو 150 جماعة مسيحية أميركية من منع إسرائيل وعرقلتها تأشيرات الدخول لأعضائها.

وبعث السفير الأميركي لدى إسرائيل "هاكابي" رسالة شديدة اللهجة إلى وزير الداخلية الإسرائيلي موشيه أربيل منتقدا ذلك.

لكنه عاد ليعلن في 21 يوليو عن حل مشكلة التأشيرات للجماعات الإنجيلية الأميركية مؤكدا أن "المسيحيين الأميركيين من بين أقوى المؤيدين لإسرائيل".

ورغم حل المشكلة بعد تهديدات السفير الأميركي بتقديم نصيحة للجمعيات الإنجيلية ألا تمول إسرائيل، فإن عرقلة التأشيرات لهذه الجمعيات المسيحية، تركت نوعا من الغضب لدى تيار ماغا ضد تل أبيب.

وهو ما دفع تل أبيب لتدارك الأمر وإلغاء بعض القيود على دخول قساوسة الجمعيات الإنجيلية الأميركية، وانتهت المشكلة بعدما تركت غضبا لدى تيار ماغا.

وكان تقرير لمجلة "دير شبيغل" الألمانية، كشف في 19 يوليو 2025، عن تصاعد خطير في اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين ضد المجتمعات المسيحية في الضفة الغربية، وتواطؤ السلطات الإسرائيلية. 

وأكدت وقوع هجمات منهجية تهدف إلى طرد المسيحيين من أراضيهم، مع توثيق قصص إنسانية مؤلمة تبرز حجم الأزمة التي تهدد الوجود المسيحي في الأراضي المحتلة، وأن هذا أغضب الولايات المتحدة.

فضيحة إبستين

وإضافة إلى ما سبق، فإن أحد أسباب تصاعد غضب تيار ماغا من ترامب كانت فضيحة تورطه مع صديقه المتحرش بالأطفال، جيفري إبستين، ونشر صور لهما وتقارير عن سماح الرئيس له بدخول ناديه الخاص.

وهو ما اعترف به ترامب مطلع أغسطس 2025 وزعم أنه طرده من النادي لهذا السبب ليبرئ نفسه، لكن قضية إبستين، ظلت معركة كسر عظام مؤلمة أربكت حسابات الرئيس مع أنصاره.

وجيفري إبستين، رجل أعمال أميركي اتهم بإدارة شبكة واسعة من الاستغلال الجنسي للقاصرات، بعضهن لم تتجاوز أعمارهن 14 عاما، ووجد ميتا في السجن عام 2019 أثناء احتجازه.

وتضمنت ملفات القضية أسماء الكثير من الشخصيات العالمية البارزة مثل الأمير البريطاني أندرو، والرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون والحالي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك، والمغني مايكل جاكسون، وحاكم ولاية نيو مكسيكو الأسبق بيل ريتشاردسون.

وكان ترامب على علاقة صداقة مع جيفري إبستين في التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لكنه قطع العلاقة لاحقًا. 

ومع ذلك، ظهرت صور لهما معًا في حفلات إبستين، مما أثار تساؤلات حول طبيعة هذه العلاقة. 

وظهرت قوة ارتدادات هذه الفضيحة في ارتباك رد فعل ترامب الذي رفع دعوى قضائية ضد صحيفة "وول ستريت جورنال" يطالبها فيها بتعويض قدره عشرة مليارات دولار، على خلفية تقرير نشرته الصحيفة.

إذ ذكرت أن ترامب كتب لإبستين عام 2003 رسالة تهنئة بمناسبة عيد ميلاده تضمنت تعبيرات فيها إيحاءات، وتحدث فيها عن "سر". غير أن الرئيس الحالي نفى صحة الرسالة، واعتبر ما يحدث مجرد "حملة مطاردة سياسية". 

ووجد إبستين ميتًا في زنزانته بسجن مانهاتن عام 2019، عندما كان ترامب رئيسا خلال الولاية الأولى.

وقد وُجهت إليه تهم استغلال العديد من الفتيات والنساء الشابات القاصرات وإتاحتهن لشخصيات مشهورة، وألمحت صحف إلى أن ترامب ربما يكون ضمن تلك الشخصيات.

وقد تصاعد غضب ماغا بعدما نقلت شبكة سي إن إن الأميركية في 24 يوليو 2025، عن مصادر حكومية أن وزيرة العدل بام بوندي أبلغت ترامب بورود اسمه في ملفات القضية.

وهو ما زاد ضغوط تيار "ماغا" لكشف ما يراه بعضهم "تورط أخلاقي لترامب" لا يليق بالقيم المسيحية التي يدعو لها.

ويعده آخرون، مؤامرة من جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد"، أو الدولة العميقة لإسقاط ساسة ومشاهير وابتزازهم، وهو ما يزيد أيضا التباعد بين هذا التيار وإسرائيل.

وقد لخصت مجلة "بوليتيكو"، تضرر ترامب من قضية المتحرش إبستين مشيرة إلى أنها "مزقت قاعدة الرئيس (حركة ماغا) أكثر من أي قضية أخرى، وأثرت على شعارهم "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى".

ذكرت في 14 يوليو 2025، أن علاقة ترامب بإبستين، كشفت عن خطوط الصدع داخل تيار الرئيس.

وأوضحت أن ترامب لا يمكنه تجاهل قضية إبستين خاصة أن حركته أيدت نظرية المؤامرة بأن إبستين يبتز أصحاب النفوذ بدعم حكومي ضمني.

قالت: كان إبستين صديقا لترامب، وقد اعترف الأخير علنًا منذ أكثر من 20 عامًا بوعيه بتفضيل هذا الشخص للفتيات الصغيرات.