لماذا تفشل عقوبات أميركا في القضاء على نووي وباليستي ووكلاء إيران؟

منذ ٣ ساعات

12

طباعة

مشاركة

بعد 12 يوما من الحرب الإسرائيلية المدعومة أميركيا ضد إيران، خيّم الهدوء والغموض على المشهد الإقليمي، قبل أن تعود واشنطن لتشديد العقوبات على طهران.

وفي هذا السياق، يرى موقع "إزفيستيا" الروسي أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا ينوي تخفيف حدة الضغط على طهران، رغم التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران بعد الحرب التي بدأتها تل أبيب (23 - 24 يونيو/حزيران 2025).

ففي اليوم الأخير من يوليو/ تموز 2025 أعلنت الولايات المتحدة عن فرض أكبر حزمة من العقوبات ضد قطاع النفط الإيراني منذ عام 2018. 

وشملت الإجراءات رجل الأعمال حسين علي شمخاني وعدة شركات مرتبطة به في دولة الإمارات، من بينها "ميلفوس غروب ليميتد"، و"أوشن ليونيد إنفستمنتس"، و"كريوس شيبينغ". 

ووفق السلطات الأميركية، فإن شمخاني، وهو نجل مستشار كبير للمرشد الأعلى، استغل علاقاته العائلية لبناء شبكة دولية لنقل النفط بهدف الالتفاف على العقوبات الأميركية.

هدف صعب

وحسب مايكل فولكندر نائب وزير الخزانة الأميركي، تهدف هذه العقوبات إلى تحقيق مجموعة أهداف متشابكة، أبرزها: "تقييد المصدر الرئيس لإيرادات إيران، وزيادة الضغط على النظام لإجباره على وقف تهديده النووي وبرنامجه للصواريخ الباليستية، ودعمه للجماعات الإرهابية".

ويرى الموقع أن "هذه التصريحات تعكس بوضوح جوهر الإستراتيجية الأميركية تجاه إيران، والتي لم تتغير كثيرا منذ أكثر من عقدين".

ولفت إلى أن "فولكندر، وإن لم يعلن صراحة عن الهدف الأبرز والأكثر تعقيدا، والذي قد يحقق الأهداف الثلاثة مجتمعة، وهو تغيير النظام، فإن ترامب لم يتردد في الإشارة إليه".

ففي اليوم التالي للهجمات التي نفذت ليلة 22 يونيو 2025 على المواقع النووية الرئيسة، ألمح ترامب إلى إمكانية تغيير النظام الإيراني.

في هذا السياق، تساءل الموقع عن “إمكانية أن تؤدي العقوبات حقا إلى تغيير النظام أو دفع إيران إلى تقديم تنازلات بشأن برنامجها النووي؟”

ويجيب: "تدرك إدارة ترامب جيدا مدى صعوبة تحقيق ذلك، فإيران عاشت تحت وطأة العقوبات لأكثر من نصف قرن دون أن يؤدي ذلك إلى ثورة أو انهيار النظام".

وأضاف أن "إيران ليست ديكتاتورية مغلقة؛ بل تمتلك نظاما سياسيا يتمتع بقدر من المرونة، يتجلى في الصراع المستمر بين التيارات الإصلاحية والمحافظة".

وتابع: "رغم القيود، لا تزال هناك مساحة للإصلاح والانفتاح، حتى في ظل النظام القائم. فعلى عكس السعودية التي لم تمنح المرأة حق قيادة السيارات إلا أخيرا، تتمتع النساء الإيرانيات منذ سنوات بمستوى من التحرر الاجتماعي النسبي".

علاوة على ذلك، يعتقد الموقع أن "أسس الثورة الإسلامية -المتمثلة في المرشد الأعلى (علي خامنئي حاليا)، ومجلس صيانة الدستور، والحرس الثوري- تبدو صلبة ويصعب زعزعتها حتى في ظل الضربات الصاروخية التي تشنها الولايات المتحدة وإسرائيل ضد إيران".

واستبعد احتمال اندلاع ثورة ملونة (حراكات واحتجاجات شعبية) في الداخل الإيراني، مشيرا إلى أن ذلك "ليس بسبب قوة النظام فقط، بل أيضا بسبب الولايات المتحدة نفسها".

وبين أن "ترامب يشن حملة ضد الهيئات الدولية الداعمة للديمقراطية، ويعمل على تجفيف منابع التمويل عن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، وهي أحد أبرز أدوات واشنطن في دعم التغيير الديمقراطي حول العالم".

فشل العقوبات

وفيما يتعلق بالموجة الأخيرة، رجح الموقع الروسي عدم نجاح العقوبات في القضاء على "الثالوث الإيراني"؛ المتمثل في البرنامج النووي، والصواريخ الباليستية، وشبكة الوكلاء الإقليميين.

ودلل على ذلك بأن "إيران تمكنت من إحراز تقدم كبير في برنامجها النووي، وتطوير صواريخ باليستية وفرط صوتية عالية الدقة، رغم خضوعها لأشد العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي".

وأشار إلى أن "تلك الصواريخ نجحت في إثبات فعاليتها خلال المواجهات الأخيرة مع إسرائيل عام 2024، وفي حرب يونيو 2025، كما نجحت إيران كذلك في بناء محور المقاومة".

وأضاف أنه مع سقوط نظام بشار الأسد بسوريا في ديسمبر/ كانون الأول 2024، والحرب الإسرائيلية على حركة المقاومة الإسلامية حماس وحزب الله، قد أضعفا النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.

لكن طهران ما زالت تحتفظ بإمكانية استعادة هذا النفوذ بفضل العامل الشيعي واستمرار هيمنة الحوثيين في اليمن، وفق تقديره.

وبخصوص ملف المفاوضات النووية، يعتقد الموقع أن إيران "لن تقبل بتقليص برنامجها النووي الشرعي للأغراض السلمية، وهو ما يضع المحادثات في طريق مسدود، خاصة في ظل إصرار الولايات المتحدة على وقف البرنامج بالكامل".

ولفت إلى أنه حتى قبل بدء المفاوضات في سلطنة عمان (بدءا من 12 أبريل/نيسان 2025 بعدة جولات في مسقط وروما قبل أن تتوقف بسبب الحرب)، رُفض طلب طهران برفع العقوبات كدليل على جدية واشنطن.

بل وفرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات جديدة في الوقت الذي كان يدعو فيه ترامب للحوار، الأمر الذي زاد من شكوك الجمهورية الإسلامة في جدوى المسار الدبلوماسي.

تأثير محدود 

وحول العقوبات الجديدة، يقدر الموقع أن تأثيرها على استقرار النظام و(الثالوث الإيراني) سيكون محدودا، وإن كان ملموسا، وذلك نظرا إلى خبرة إيران الطويلة في التعايش معها".

ولأن الهدف الأساسي للعقوبات هو النفط، فإن التأثير سيكون قصير الأجل أو ضعيفا، لأن إيران بنت مسبقا شبكة تصدير للنفط إلى الصين والهند.

وأضاف: "كما أن طهران "تتاجر مع عدد من شركائها إما بنظام المقايضة أو بالعملات الوطنية، وتشارك عدة أطراف مؤثرة، منها تركيا العضو في الناتو (حلف شمال الأطلسي)، في شبكة الالتفاف على العقوبات".

وأشار إلى أن "إيران أنشأت نظام تحويلات خاصا بها مع روسيا بديلا عن سويفت (المالي الدولي)، فضلا عن أنها تشارك في تطوير منصات رقمية للمدفوعات والتحويلات البنكية ضمن إطار مجموعة بريكس، التي أصبحت طهران عضوا فيها".

ويعتقد الموقع أن "هذه الخطوات الإيرانية ستمنع واشنطن من إلحاق ضرر بالغ بالنظام أو إسقاطه". وقال: "مع كل العداء الأميركي لإيران، فإن ترامب ببساطة لا يمكنه أن يشن حربا اقتصادية على العالم كله".

وعزا ذلك إلى أن "أي عقوبات أو ضربات محدودة ضد إيران تتسبب في اضطرابات في الأسواق العالمية". وفي هذا السياق، لفت الموقع إلى أن "آخر ارتفاع في أسعار النفط لم يكن بسبب العقوبات على طهران، بل بسبب تهديدات ترامب لروسيا".

وطالما لم يحدث شيء كارثي مثل حرب شاملة بين أميركا وإيران أو إغلاق مضيقي هرمز وباب المندب، لا يرجح الموقع أن "يتجاوز سعر النفط 100 دولار للبرميل".

وذكر أن "ما يؤثر اليوم بشكل كبير على الأسعار هو قرارات منظمة أوبك+ التي تضم دولا كالبرازيل والإمارات، وهم أيضا أعضاء في بريكس إلى جانب إيران".

وأوضح أنه "في الوقت الحالي، تعمل أوبك+ على تثبيت أسعار النفط عند مستويات تراعي مصالح كبار المستهلكين، مثل الصين والهند".

وأشار إلى أنه "في ظل التوتر المستمر بين واشنطن وطهران، تظل أسعار النفط عند حد أدنى ثابت، وهو وضع يصب بوضوح في مصلحة روسيا".

من جانب آخر، لم يستبعد الموقع الروسي السيناريو العسكري بشكل كامل. إذ يرى أن "إسرائيل خلقت سابقة من خلال مهاجمتها لإيران، في حين أزالت العملية العسكرية التي نفذها البنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية) الحظر غير المعلن الذي دام قرابة نصف قرن على التدخل في الأراضي الإيرانية".

ووفقا له، تعتمد احتمالية تكرار الضربات الأميركية على التقدم في المفاوضات النووية. وأشار إلى أن "الجانب الإيراني، ممثلا بالرئيس مسعود بزشكيان، لم يغلق باب الدبلوماسية، لكنه يطالب بتعويض عن الأضرار التي تسبب بها البنتاغون للمنشآت النووية كشرط للحوار".

علاوة على ذلك، تطالب إيران بضمانات أميركية بأن مثل هذه الهجمات لن تتكرر، و"من الواضح أن واشنطن لن تدفع أي تعويضات"، على حد قوله.