المغرب دولة مصدرة لكمامات كورونا.. لماذا غضبت فرنسا؟ 

مهدي القاسمي | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

انتقد برلمانيون فرنسيون عجز حكومتهم على توفير كمامات كافية لمواطنيها كل أسبوع، رغم كونها خامس أقوى اقتصاد في العالم، وبدأ الفرنسيون في المقارنة بين حكومة بلدهم وحكومة المغرب التي قررت صنع 5 ملايين كمامة يوميا، قبل أن ترفع العدد إلى 7 ملايين.

صحيفة "لوموند"، قالت: إن هذا العدد سيمكن المملكة، فضلا عن تلبية طلبها الداخلي، من الانطلاق في التصدير والتموقع في السباق العالمي نحو تملك الكمامات.

وأفادت الصحيفة بأن المغرب انطلق منذ مارس/ آذار 2020، في إنتاج كمامات صناعة محلية 100 بالمائة، يتم بيعها بـ 0.7 يورو للوحدة، "وهي المبادرة التي عززت فخر المغاربة وإعجاب المسؤولين السياسيين عبر العالم".

وأضافت لوموند: "تحت إشراف وزارة الصناعة، وبفضل الدعم المالي لصندوق الطوارئ الممول من طرف الدولة والهبات، حولت 19 من مصانع النسيج مسار إنتاجها لتشرع في تصنيع وحدات من المواد غير المنسوجة".

الصحيفة الفرنسية قالت: "34 شركة انطلقت في تصنيع الكمامات القماشية غير المدعمة، والتي يخصص جزء منها للتصدير. وتصدر بالفعل 5 من شركات تصنيع الكمامات نصف إنتاجها باتجاه أوروبا.

وقالت لوموند: "فروع الشركات الفرنسية بالمغرب شرعت في التصنيع هناك، في أفق رفع تدابير الحجر الصحي في فرنسا".

 غضب فرنسي

وقال البرلماني عن حزب “فرنسا الأبية" والمرشح السابق للرئاسيات، جون لوك ميلونشون، في تغريدة له على موقع “تويتر”: إن “فرنسا انتقلت خلال 3 أشهر من 4 إلى ملايين قناع يتم إنتاجها في الأسبوع، ورئيس الوزراء يفتخر بذلك، في حين أن المغرب ينتج 21 مليون في الأسبوع”.

بينما كتب البرلماني من نفس الحزب، باستيان لاشو، تغريدة ينتقد فيها حكومة بلاده قائلا: “بدون طلبات، بدون تخطيط، نجحت الحكومة في زيادة إنتاج الأقنعة من 7 إلى 8 ملايين في حين ينتج المغرب 21 مليون”، متسائلا: “هل سيكون من الممكن في ظل هذه الظروف الجيدة رفع حالة الطوارئ في 11 مايو كما هو مقرر".

8 ملايين يوميا

أكد وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي المغربي، حفيظ العلمي، أنه "قبل 7 مارس (آذار 2020)، لم يكن المغرب بلدا مصنعا للكمامات، غير أنه اليوم، ولحد الآن يقدر عدد الكمامات التي صنعت وبيعت في المغرب بـ81.9 مليون كمامة مخصصة للاستهلاك المحلي، والتي يبلغ سعرها 80 سنتيما".

وأضاف العلمي أن المغرب أصبح اليوم يصنع يوميا بفضل اشتغال 17 مصنعا في هذا المجال، مضيفا: "بدأنا في صناعة الكمامات القابلة لإعادة الاستعمال لأكثر من أسبوع".

وبخصوص ضمان جودة الكمامات، أكد الوزير أن هناك "مسؤولين من الوزارة يوجدون في المصانع المنتجة للكمامات يسهرون على مراقبة عملية الإنتاج، إلى جانب التنسيق مع شركة مستقلة متخصصة في مراقبة الجودة"، مشيرا إلى أنه يتم العمل على ضمان تمكين جميع المواطنين من الحصول على الكمامات. 

في الأسبوع الأخير من أبريل/ نيسان 2020، بدأ المغرب تصنيع كمامات محلية مائة بالمائة، تظل صالحة لأسبوع وقابلة للغسل، ويجري تصنيع ما مجموعه 300 ألف وحدة منها يوميا، في أفق إنتاج مليون قطعة.

وفي الوقت الذي كشفت فيه المعطيات الرسمية أن 3 معامل تصنع الثوب الخاص بالكمامات القابلة للاستعمال لأكثر من مرة، كشف الوزير أن هناك إقبالا من الشركات على إنتاج هذه الكمامات، وخصوصا المغربية الخالصة التي يمكن أن يتم استعمالها لمدة أسبوع.

وللرفع من إنتاج الكمامات وتصديرها، توصلت مصانع المملكة بآليات صينية جديدة لهذا الغرض.

وعن عدم تمكن المغاربة من الحصول على الكمامات في بداية الأزمة، قال العلمي لوسائل إعلام محلية: "7 ملايين كمامة لم تصل إلى السوق وظلت عالقة في منصات موزعي الأدوية"، مؤكدا أن هناك إقبالا على هذه الأقنعة في المغرب وأن الإشكال كان لدى موزعي الأدوية (الصيدليات) الذين قدموا مبررات غير مقنعة حول أسباب الاحتفاظ بها".

كمامات قاتلة

حذر عدة متخصصين من ظاهرة "الكمامات القاتلة" بعد توقيف أشخاص يشتبه بصناعتهم مثل هذه الكمامات، معتبرين أنه لا يمكن تقبل وجود أشخاص يتاجرون في كمامات مغشوشة في هذه الظرفية.

وأسفرت عمليات أمنية لمكافحة ترويج البضائع ومواد التطهير غير المطابقة للمواصفات الطبية، وبينها كمامات، عن توقيف عدد من الأشخاص، بعد أن أصدر البرلمان قانونا لردع من أطلق عليهم وزير الداخلية المغربي، عبد الوافي لفتيت "تجار المآسي".

ووجهت الشرطة القضائية إلى هؤلاء تهم "تزييف كمامات واقية والنصب والاحتيال وتحضير وبيع أشياء مضرة بالصحة العامة"، مع إحالتهم إلى المحاكمة.

واعتبر الكاتب العام لنقابة "الجامعة الوطنية لقطاع الصحة التابعة"، رضا شروف، أن "استعمال كمامات تفتقر للمكونات الضرورية، التي توفر الحماية من عدوى كورونا، سيساهم في رفع عدد الإصابات".

وأضاف في تصريح صحفي: أن "استعمال المواطنين كمامات يعتقد أصحابها أنها تحميهم من الإصابة، وهي في الواقع عكس ذلك، ينطوي على خطورة بالغة".

فعالية وانتشار

وفي الوقت الذي يرتفع فيه الإقبال على الكمامات مع انتشار فيروس كورونا، تظهر أنواع مختلفة منها قد تكون بعضها ضارة في حين قد لا يؤدي البعض منها مهمته الأساسية المتمثلة في الحماية من الوباء.

وقال الطبيب استشاري الوبائيات، أحمد حردان: إن الأنواع الرئيسية من الكمامات 3 الأكثر فعالية بينها هو نوع "إن 95"، وتعتبر حتى الآن أكفأ الأنواع التي يصعب تقليدها لأنها تمتاز بفلتر للتنفس، وسميت بذلك لأنها تحجز 95 بالمئة من الفيروسات التي يحتويها الرذاذ.

وحسب حديث حردان مع "الاستقلال" فإن هذا النوع من الكمامات كان متوفرا في بداية ظهور الجائحة في الصيدليات، لكنه الآن يتوفر فقط للطواقم الطبية داخل المستشفيات باعتباره النوع المعتمد.

ونفى استشاري الوبائيات، الشائعات حول عدم فاعلية هذا النوع من الكمامات كونها نفاذة للهواء، وأن الكمامة الزرقاء توفر حماية أكثر، مؤكدا أن ذلك غير صحيح  لأنها تمنع الفيروس في حال وجوده في الهواء وليس فقط في الرذاذ، ومن خصائصها أنها تبقى صالحة لمدة 25 يوما.

وأوضح المتحدث للصحيفة، أن النوع الثاني هو الكمامة الطبية، والتي يكون لونها أزرقا أو أخضرا، مكونة من طبقتين من النسيج، تمنع عبور الفيروس عبر الاتجاهين، وهي في الأصل مصممة من أجل العمليات الجراحية، وصلاحيتها لا تزيد عن 7 ساعات.

ويبين الدكتور أنه عندما يكون اللون الأزرق نحو الخارج والأبيض إلى الداخل على الجلد، تمنع أن ينقل مرتديها الفيروس إلى من حوله، وفي العمليات أن يلوث الطبيب مكان الجرح في حال سعل أو عطس.

أما إذا كان اللون الأزرق إلى الداخل والأبيض إلى الخارج، يزيد حردان: "يعني أن من يضعها سليم ويخاف من أن تنتقل له العدوى ممن حوله. وفي الصين كانوا يفرقون بين المريض والمخالط عن طريق لون الكمامة". 

هذه الكمامة لا تحجز جميع الفيروسات، حسب أخصائي الأوبئة: "بل تحجز 60 بالمائة فقط، كما أن فيها منافذ من الجوانب من جهة الأذنين قد تسمح بدخول الفيروس، لهذا السبب ظهرت صور العاملين في المستشفيات وقد تأثرت وجوههم من الكمامات والنظارات الواقية، بسبب ضغطها على الوجه بقوة". 

وزاد خطر أن تكون هذه الكمامات غير كافية للحماية، عندما أشيع بأن الفيروس ينتقل في الهواء وليس فقط في الرذاذ، وطبعا هذا الأخير هو الناقل الأول للفيروس، حسبما يفيد الدكتور.

مضيفا: "أما النوع الثالث فهو كمامة الغبار وهي طبقة واحدة وليست مبطنة وسعة فتحاتها حوالي 4 ميكرون، لا يدخلها الغبار لكن الفيروس يدخل منها وهي لا تقي ونسبة الوقاية لا تصل إلى 30 بالمائة". 

التعقيم المنزلي

وعن الكمامة القماش قال أخصائي الأوبئة: "أي حاجز يعتبر أنه يخفف من خطورة العدوى، وكلما كانت الفتحات أضيق كان الحاجز أقوى. القماش يحمي لكن بشكل غير كافي".

ومع خطورة انتقال العدوى عن طريق أنسجة العين أيضا أصبحت الوسيلة الوقائية الأمثل هي الغطاء البلاستيكي الذي يغطي الوجه كله.

أهم شيء ألا يخالط الناس بعضهم دون كمامات أو وسائل وقاية، لأن قدرة وصول الرذاذ هي 12 مترا وليس فقط مترا واحدا، وبالتالي يمكن أن يكون خطر انتقال العدوى مرتفعا جدا في حال عدم اتخاذ التدابير الوقائية. 

وعندما يصعب على الناس الحصول على كمامات طبية، فينصح باستخدام أي واق، وإن كان اليد أو القماش، وحسب الأخصائي، "لا يمكن ضمان أن التعقيم الذي يتم استخدامه للكمامة بعد استخدامها سواء من خلال غسلها أو طريقة أخرى يقلل الفيروس، كما أن هناك كمامات تتلف فتفقد قابليتها على الحماية".