الجيش السوداني يستعيد الخرطوم والنيل الأزرق.. وناشطون: صفعة جديدة للإمارات

بدأت تتناقص مساحات سيطرة "الدعم السريع" في ولايات السودان لصالح الجيش
في صفعة جديدة وقوية لمليشيات الدعم السريع برئاسة محمد حمدان دقلو "حميدتي" المدعومة إماراتيا، تمكن الجيش السوداني بعد مواجهات شرسة من استعادة السيطرة على العاصمة الخرطوم وولاية النيل الأبيض، معززا موقفه السياسي والعسكري والأمني.
واستطاع الجيش السوداني إلحاق هزيمة قاسية بالدعم السريع المتحصنة في ضاحية الصالحة أقصى جنوب أم درمان بعد معارك ضارية استمرت بوتيرة واحدة على مدى أيام، مستعيدا بذلك آخر معاقل المليشيا في الخرطوم، وأعلن خلوها من التمرد.
وقال الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية نبيل عبد الله خلال بيان متلفز في 20 مايو/أيار 2025: "نعلن اليوم اكتمال تطهير كامل ولاية الخرطوم من أي وجود لعناصر مليشيا آل دقلو الإرهابية (قوات الدعم السريع) وتطهير عاصمتنا الوطنية من دنس المتمردين".
وظلت الخرطوم مسرحا للحرب منذ بدئها قبل أكثر من عامين في أبريل/نيسان 2023، وشهدت أرجاءها مواجهات مسلحة عنيفة سيطر فيها الجيش على أجزاء، والدعم السريع على مناطق أخرى أكبر في البداية.
وتتكون ولاية الخرطوم من مدن العاصمة الثلاث الخرطوم وبحري وأم درمان، إضافة إلى منطقة شرق النيل.
وفي الآونة الأخيرة، سيطر الجيش على معظم مناطق الولاية، ما عدا مناطق غرب وجنوب أم درمان، التي أعلن استعادتها أخيرا.
وبثت عناصر من الجيش على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة داخل منطقة صالحة جنوبي مدينة أم درمان، وأخرى لمخازن أسلحة وطائرات مسيرة وأجهزة تشويش أفادوا بأنه جرى ضبطها في منطقة صالحة كانت ضمن عتاد الدعم السريع.
وبعد ساعات من إعلان الجيش السوداني اكتمال "تطهير" ولاية الخرطوم، أعلنت السلطات السودانية، عن خلو ولاية النيل الأبيض (جنوب) من قوات الدعم السريع بعد استعادة السيطرة على محافظة أم رمتة شمال غربي الولاية.
وهنأ حاكم ولاية النيل الأبيض قمر الدين محمد فضل، "قوات الجيش ومواطني الولاية بتحرير محافظة أم رمتة من مليشيا الدعم السريع الإرهابية وعودتها إلى حضن الوطن، وإعلان ولاية النيل الأبيض خالية منها".
وبثت عناصر من الجيش السوداني مقاطع فيديو أعلنوا من خلالها سيطرتهم على قرى النيل الأبيض و"تدمير بقايا قوات الدعم السريع".
وظهر قائد ميداني للجيش في مقطع فيديو وهو يعلن "تطهير ولاية النيل الأبيض بالكامل، وتطهير قرى العلقة والشيخ الصديق وأبوحليف، وكل المناطق" المحيطة.
ومنذ أسابيع وبوتيرة متسارعة، بدأت تتناقص مساحات سيطرة "الدعم السريع" في ولايات السودان لصالح الجيش، وتمددت انتصارات الأخير، لتشمل الخرطوم وولاية النيل الأبيض.
وتداول ناشطون بقوة مقاطع الفيديو التي بثتها عناصر الجيش، وأرفقوها بمباركات وتهاني بتحرير العاصمة السودانية كاملة وولاية النيل الأبيض.
وأعربوا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي “إكس” و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #السودان_ينتصر، #عاصمتنا_الخرطوم_حرة، #الخرطوم_حرة، وغيرها، عن سعادتهم بدكّ آخر معاقل المليشيا المتمردة بالعاصمة، وعدوها ضربة موجعة لأدوات النظام الإماراتي بالسودان.
واستنكر ناشطون احتفاظ الدعم السريع بعتاد عسكري ضخم، وعدوه دليلا على اعتزام المليشيا استخدامها لضرب أهداف مدنية وعسكرية وزعزعة أمن واستقرار البلاد وترويع المدنيين، مشيدين بدور الجيش في ضبط هذه المخازن وتأمين العاصمة واستعادة أمنها.
حفاوة وترحيب
وحفاوة بهذا الانتصار الجديد، عرض رئيس تجمع “سودانيون ضد التطبيع” المظفر الدقيل، مقطع فيديو لرجال الجيش السوداني يحتفلون بتحرير الخرطوم، ويتغنون قائلين: "جينا لله طائعينا.. وارتضينا الإسلام دينا".
وعلق قائلا: "عاصمتنا ولاية الخرطوم خالية تماما من دنس مليشيا العُدوان الإماراتي، وكذلك ولاية النيل الأبيض..".
وأكد مجاهد عثمان باسان، أن الخرطوم تحررت بفضل الله ثم تضحيات الأبطال، مشيرا إلى أن المرابطين ظلوا لأكثر من عامين يقاتلون بلا هوادة يقينهم النصر.
وقال: “كل يوم نفتقد خيرة الأبطال فيسد مكانهم آخرون ينتظرهم ذات المصير وعزاؤهم أنهم سيرحلون إلى رب عادل كريم شهداء بإذن الله ليبقى السودان وأهله في مأمن من شرور الجنجويد (الدعم السريع)”.
وأردف: "لم يبدلوا ولم يتخاذلوا كانوا سباقين يحملون السلاح ويزودون وما زالوا يتقدمون الصفوف لدحر الجنجويد حتى آخر شبر من هذه البلاد".
وقال المغرد أسامة: “في هذا اليوم الكبير يوم تحرير ولاية الخرطوم بالكامل من دنس المليشيا لا ننسى أن نحمد الله تعالى على هذه النعمة الكبيرة”.
وأردف: "ثم لا ننسى شهداءنا الكرام في جميع المحاور الذين لبو نداء الوطن من أجل هذه اللحظة وتحرير كامل السودان من دنس مليشيات الإمارات".
وعد أحد المغردين، تحرير الخرطوم "يوما تاريخيا في حرب السودان"، مذكرا بأنه في مارس الماضي (2025) تم تحرير المدينة، ولكن اليوم جرى تطهير كامل الولاية بمدنها الثلاث ومحلياتها السبع.
وكتب أبو خالد الروسي: "في 20 مايو 2025، انتهت معركة ولاية الخرطوم، مبروك للسودان لم تكن هذه حربًا عبثية كما وُصفت باستخفاف، بل كانت جهدًا جماعيًا من قِبل سكان المنطقة لتحرير أنفسهم من مليشيا إبادة جماعية برعاية أجنبية".
وقال المكاشفي مصطفى: "اليوم وبكل امتنان لله عز وجل نقول: إن العاصمة السودانية الخرطوم حُرة كاملة، من أقصي شرقها حتى غربها ومن أقصي شمالها حتى جنوبها".
غنائم ومضبوطات
وعن غنائم الجيش والمضبوطات التي عثر عليها بعد تحرير الخرطوم، أشار المغرد الأمين إلى أن الحكومة السودانية عثرت على هويات أجانب من كولومبيا مرتزقة دفعت بهم الإمارات مع مليشيا الدعم السريع، ويرجح أن بعضهم لقي حتفهم في نيالا مع بعض الجنود الإماراتيين.
وقالت سارة أحمد: "بحمد الله وتوفيقه تمت السيطرة على غرفة مسيرات إستراتيجية بعيدة المدى تابعة لمليشيات الجنجويد والإمارات الإرهابية"، مؤكدة أن ذلك نصر من الله وفتح قريب.
وأفاد الصحفي معمر إبراهيم، بأن الجيش السوداني فرض سيطرته على منطقة الصالحة في أم درمان، جنوبي العاصمة الخرطوم آخر معاقل مليشيا الدعم السريع، واستحوذ على كميات كبيرة من أجهزة التشويش، وطائرات مسيرة، وأسلحة وذخائر قدّمتها الإمارات دعمًا لحليفها حميدتي.
وعرض شجاع العتيبي، صور المضبوطات، قائلا: "السودانيون بكل أطيافهم يشكرون الداعم الأول للجنحويد بعد إعلان الجيش رسميا بسط سيطرته على كامل ولاية الخرطوم".
ورأى إبراهيم الصديق، أن تحرير الخرطوم كشف عن حجم تسليح المليشيا وحتى آخر لحظات خروجها منها وعن الغيبوبة التى تعيش فيها، دون تقدير لمجريات الأحداث الميدانية والمحاور القتالية الفاعلة حول آخر ارتكازاتها، لدرجة أن كل تراجعاتها وهزائمها كانت كارثية.
وأشار إلى أن المئات في الإذاعة السودانية، والآلاف في حصار مدنى وولاية الجزيرة عموما والمئات من النخبة في مصفاة الجيلى وقبل ذلك الكدرو، والآلاف في شرق النيل حين انسحبت القيادات المليشياوية وتركت عناصرها دون سلاح أو تغطية أو خطة انسحاب.
ولفت الصديق إلى انهيار القيادة المليشية وتركها عتادها وجنودها يصارعون مصيرهم المحتوم، مؤكدا أن هذا كله إشارة لغياب الحنكة العسكرية ولكون المليشيا تحولت إلى جماعات تفتقر للترابط والتسلسل القيادي.
وأوضح أن الأجهزة التقنية المتطورة من أجهزة التشويش المتقدمة والمسيرات وغرف التحكم الإلكتروني وشبكات الاتصال والمراقبة تؤكد حجم الدعم الذي تتلقاه هذه العصابة الإرهابية، والمكر الذي خططوا به لتدمير هذا البلد.
وأضاف الصديق، أن المدافع والراجمات التى تم ضبطها، والتي كانت تستهدف المواطنين فى أسواقهم، والمرتزقة الذين شاركوا فى استخدامها، كلها تشير إلى الحقد الأعمى الذي يقود هذه المليشيا ومَن وراءها.
وأكد أن هزيمة كل هذه المخططات والتآمر خلال سلسلة خطط عسكرية، وتطوير المهارات والاحترافية، وحشد الطاقات الوطنية والشعبية والصبر والثبات على المواقف يكشف عن قوة الجيش وعن وعي المواطن الذي كان جزءا من المعركة بنفسه وبماله وبصبره على مكاره الحرب وتأثيراتها.
إشادة واستبشار
وإشادة بدور الجيش، قال محمد عثمان: "الحمد لله اكتمال تحرير عاصمة السودان القومية وولاية النيل الأبيض ومن قبلهما الجزيرة وسنار ولا تزال قواتنا تواصل الانتصارات على المليشيا المتمردة، كل الدعم لها وللدولة السودانية للعبور من هذه المحنة ولبناء مستقبل أفضل".
وأشار مكاوي الملك إلى أن الانتصار العسكري الذي حققه الجيش السوداني بإعلان كامل ولاية النيل الأبيض والخرطوم خاليتين تماما من أي وجود للمليشيا الإرهابية يتزامن مع انطلاق جهود الإعمار وتجهيز المؤسسات الحكومية والخاصة.
وبشر بأن الأيام القادمة ستشهد الانتقال الكامل وميلاد السودان الجديد من بين الركام.
وقال رئيس المركز القومي الإستراتيجي تاج السر عثمان: “انتهى زمن السقوط وبدأ زمن النهوض، وما بعد هذا التحرير ليس كما قبله، ومن يراهن على كسر إرادة هذا الشعب فقد خسر الرهان”.
وأردف: "الخرطوم عادت لأهلها عزيزة، شامخة، ولن تكون كما كانت، بل أقوى، وأنقى، وأشد بأسا، وعلى المتآمر أن يستعد لدفع الثمن".
ورأت نور كريم، أن القوات المسلحة السودانية تُضيف تاريخا جديدا من تواريخ البطولة في السودان، من تواريخ الأمجاد الخالدة، مشيرة إلى أن 20 مايو هو يوم تحرير عاصمة الدولة السودانية من ملاقيط الشتات.
وقال ياسر مصطفى: "عاشت القوات المسلحة السودانية مدرسة العسكرية وملاحم البطولات ومنفذة الخطط والإستراتيجيات".
ووجه التحية لكل الضباط والجنود فردا فردا لما قدّموه في هذه الحرب وهذا الغزو الإماراتي عبر مليشيات آل دقلو، مؤكدا أن الجيش السوداني صمام أمان البلد وحامي ترابه وحافظ سيادته.
وبشر مصطفى، بأن تحرير أرض السودان من أي عدوان سيتواصل، مشيرا إلى أن المتبقي أجزاء قليلة من كردفان ودارفورنا الحبيب وفاشرنا الصابر.