هجوم خليج عُمان.. هل هو خدعة أمريكية تذكرنا بحرب فيتنام؟

12

طباعة

مشاركة

علقت صحيفة "لو نوفيل أوبسيرفاتور" الفرنسية، على حادثة تعرض ناقلتي نفط يابانية وأخرى نروجية إلى هجوم في خليج عمان، جنوب مدخل مضيق هرمز مباشرة، بواسطة طوربيد، فيما شكك مراقبون باتهام الولايات المتحدة الأمريكية لإيران بالوقوف وراء الهجوم.

وتساءل مراقبون دوليون نقلت عنهم الصحيفة، بالقول: ماذا ستستفيد إيران من مثل هذا الهجوم على ناقلة نفط يابانية في وقت يزور فيه رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي طهران؟ لكن رغم ذلك فالخوف من المواجهة بين إيران والولايات المتحدة تجدد الآن.

حرب فيتنام

وذكرت الصحيفة الفرنسية: في 2 و 4 أغسطس/آب 1964، أشعلت الحوادث في خليج تونكين حرب فيتنام، مشيرة إلى أن المدمرة الأمريكية "يو إس إس مادوكس" أدعت حينها أنها تعرضت لهجوم من قبل ثلاثة زوارق طوربيد فيتنامية، وبعد يومين، أطلقت السفن الأمريكية النار على الأهداف المكتشفة على الرادار.

لكن في عام 2005، تقول الصحيفة، إن وكالة الأمن القومي اعترفت أخيرا بأنه لم يكن هناك أي هجوم تعرضت له المدمرة من فيتنام الشمالية في ذلك التاريخ، لأنه من غير المرجح وجود قوات فيتنامية بهذه المنطقة في ذلك الوقت، أي أن وكالة الاستخبارات أخفت هذه الحقيقة عن الرئيس ليندون جونسون الذي أعلن الحرب.

وأضافت "لو نوفيل أوبسيرفاتور"، أن الهجوم على ناقاتي نفط في بحر عُمان، يذكرنا بهذه "الكذبة التاريخية" في سياق التوترات الشديدة بين الولايات المتحدة وإيران، ويثير الخوف من إضرام النيران في واحدة من أكثر المناطق عسكرة في العالم، إذ اتهمت الولايات المتحدة إيران بأنها مسؤولة عن الهجوم، وهو الأمر الذي نفته الجمهورية الإسلامية، منددة باستفزاز واشنطن.

وأوضحت الصحيفة الفرنسية، أنه قبل أسابيع قليلة من إعلان استئناف برنامجها النووي، سيكون من المذهل أن تخاطر إيران وتزود الولايات المتحدة بالذريعة التي طال انتظارها من مستشار الأمن القومي جون بولتون للتعجيل بتغيير النظام، حتى لو كانت طهران، ردا على تشديد العقوبات الأمريكية، كثيرا ما أطلقت تهديدات بإغلاق مضيق هرمز، الأمر الذي من شأنه أن يثير ركودا عالميا بعد ارتفاع أسعار النفط والمواد الخام.

وأكدت، أن هناك فرضية أخرى وهي أن يكون ذلك الهجوم استفزاز بهدف إثارة صراع مع إيران، ويمكن أن يأتي من الولايات المتحدة لتبرير التدخل ولكن أيضا جميع الفصائل والحركات القريبة من السعودية أو إسرائيل، على سبيل المثال، الذين يرغبون في الاستفادة من موقف دونالد ترامب المتعنت ضد إيران قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2020.

وبينت الصحيفة، أنه وبغض النظر عن المسؤول عن هذه الهجمات، فإن الأهم في هذه الفترة هو وقف التصعيد ونزع برميل البارود في هرمز أو الحوادث التي تتضاعف في حين أن البحريتين، الإيرانية والأمريكية، يرمقون بعضهم البعض.

ولفتت "لو نوفيل أوبسيرفاتور" إلى أن عدم التكافؤ بين قوات البلدين لا يضمن وجود السلام: الإيرانيون باستطاعتهم مضايقة وحدات البحرية الامريكية مع زوارقهم السريعة وتسلحهم بالراجمات والصواريخ، والألغام والصواريخ المضادة للسفن، فهم يمتلكون الوسائل اللازمة لجعل مضيق هرمز غير صالح لمرور السفن.

نتيجة مميتة

ورأت الصحيفة في تقريرها، أنه من الناحية السياسية، تشعر دول الخليج الأخرى مثل الإمارات العربية المتحدة، التي يعتمد ازدهارها على استقرار المنطقة، بالفزع من استفزازات الرئيس الأمريكي الذي يعتقد خطأً أن الطريقة التي استخدمها مع كوريا الشمالية، بغض النظر أن نجاحها أكثر أو أقل، ستعمل مع إيران، ومن خلال قيادة متهورة كشف أيضا عن طريقته التي يسعى من خلالها إلى دفع طهران للركوع وإجبارها على التفاوض حول برنامجها النووي بشكل أفضل.

ورأت "لو نوفيل أوبسيرفاتور"، أنه في ظل الجهل بأساسيات نظام الملالي، يجب معرفة إن العناد الأمريكي لن يدفع إيران إلى التفاوض، ولكن حصارها المعقد سيعزز تشدد النظام الذي يتغذى على العداء الخارجي، مؤكدة أنه من غير المرجح أن يلتقط المرشد الأعلى علي خامنئي هاتفه ويتصل بترامب ومراجعة طموحاته نحو الأسفل، كما فعل الرئيس الأمريكي، وأنه في هذا السياق من الأزمة الحادة، يمكن أن تؤدي حرب العصابات البحرية في مضيق هرمز إلى نتيجة مميتة.

من جهته، وصف كليمنت تيرمي، الباحث في الشأن الإيراني وقضايا الشرق الأوسط بالمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية "آي آي أس أس"، في مقال له بصحيفة "لوموند" بأن ما يشهده الخليج من هجمات على ناقلات النفط، حيث تضررت قبل شهر أربع سفن في بحر العرب، بأنه "حرب دعاية" التي تهدف إلى "إلقاء اللوم في التصعيد على الجانب الآخر".

وأوضح الباحث، أنه في هذه المنطقة الرئيسية لإنتاج النفط والغاز، يعتبر مضيق هرمز نقطة عبور رئيسية، حيث يمر عبره 35 بالمئة من نفط العالم، إضافة إلى 20 بالمائة من تجارة الغاز الطبيعي المسال، وأنها منطقة حساسة للغاية إذ كانت هناك بالفعل حرب ناقلات بين الولايات المتحدة وإيران، بين عامي 1984 و 1987، وتعرضت خلالها عدة مئات من القوارب لهجمات.

ولفت إلى أن التوترات مستمرة بين البحرية الأمريكية، التي تهدف إلى ضمان حرية حركة السفن في هذه المنطقة، وإيران، التي تعد القوة الرئيسية بهذه المنطقة، كما أن هناك أيضا مشكلة ترسيم حدود للمناطق الإقليمية والمياه الدولية، لاسيما بين الإمارات وإيران، فعلى الخرائط الإيرانية، بعض المناطق البحرية إيرانية، بينما على خرائط الإمارات، تنتمي إليها، لذلك هناك مشاكل قانونية وسياسية وعسكرية.

وعن إمكانية الوثوق في الأدلة التي قدمتها الولايات المتحدة؛ أكد الباحث أن الولايات المتحدة لديها تاريخ من تزوير الأدلة، وخاصة في عهد جون بولتون، مستشار الأمن القومي الحالي لترامب، خلال رئاسة جورج دبليو بوش، وأن مصداقية الولايات المتحدة منخفضة جدا.

وقال تيرمي: نحن الآن في خضم حرب دعاية ومعلومات بين الإعلام الغربي والإعلام الإيراني، يتهم كل منهما الآخر باعتباره الشخص الرئيسي المسؤول عن التصعيد الحالي، لذلك يجب أن نظل حذرين للغاية بشأن هذه الاتهامات، ففي عام 2003، على سبيل المثال، صدقت صحيفة "نيويورك تايمز" على صحة الأدلة الأمريكية ضد نظام صدام حسين في العراق.

وذكر أنه في الوقت الحالي، نواجه خطابين إيديولوجيين مبسّطين يسعيان إلى تبرير التصعيد لأسباب فريدة، في حين أن هناك مجموعة من العوامل مؤثرة، فكل جانب لديه حججه الخاصة ضد خصمه، لكن ميزان القوى غير متكافئ بين قوة عظمى دولية وقوة إقليمية.

تناقض إدارة ترامب

وحول ما إذا كانت الضغوط الأمريكية تهدف لإعادة التفاوض بشأن الصفقة النووية؟ أم هل تريد واشنطن الإطاحة بالنظام؟ أجاب الباحث بأن الإدارة الأمريكية تقول أشياء متناقضة، ومع بولتون وبومبو، هناك اعتقاد أيديولوجي داخل إدارة ترامب بأن العمل العسكري هو الخيار الوحيد لحل الخلافات السياسية، لذلك تتناقض الأفعال مع الخطاب العام، تهدف السياسة التي تتبعها هذه الإدارة إلى تغيير النظام، لكن هذا الهدف لم يتم تحديده بوضوح.

وأردف: كما أن الولايات المتحدة تريد الإطاحة بالنظام من أجل "تحرير" الشعب الإيراني من سلطة استبدادية، لكن عندما يفرضون عقوبات اقتصادية هائلة وحظرًا للنفط، فإن الشعب الإيراني هو الذي يعاني من الأزمة الاقتصادية، فالرئيس ترامب لا يحظى بشعبية أكبر من السلطة الثيوقراطية في إيران، والتي تعد أيضًا مشكلة بالنسبة إلى "قوة واشنطن الناعمة".

وأكد الباحث، أنه حاليا يفضل الإيرانيون السلام على الحرب، حتى لو كان الوضع الاقتصادي الراهن صعبا، ليس لديهم مصلحة في هذا التصعيد، بيد أن النظام اليوم في وضع معقد: كيف يرد على الإدارة الأمريكية دون تهديد بقائه؟ في حين أنه يجب عليه أن يوازن بين السخط الشعبي بسبب الأزمة الاقتصادية وخطر التصعيد العسكري مع واشنطن، وهو نتيجة المواجهة الاقتصادية بين البلدين.

وخلص إلى أنه في الوقت الحالي، أصبحت طهران في موقف دفاعي وإستراتيجية التفافية، فالنظام في "أقصى مقاومة" ضد "أقصى ضغط" يفرضه ترامب.