استباحت إيران و6 دول عربية.. هل تجرؤ إسرائيل على قصف تركيا أيضا؟

"قبرص الرومية استلمت سرا من إسرائيل منظومة دفاع جوي متطورة"
رغم أنه لا توجد أي دلائل أو مؤشرات جدية على أن الكيان الإسرائيلي يخطط لقصف في تركيا بعد قطر يستهدف قادة حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، إلا أن معاهد أميركية طرحت هذا الاحتمال، فيما لم تستبعده تقارير عبرية.
فهناك خلافات بين تركيا وإسرائيل، تزايدت مع تواصل حرب الإبادة الجماعية ضد غزة، لدرجة إعلان أنقرة قطع علاقتها الاقتصادية بالكامل مع إسرائيل، وهناك تحريض من متطرفين إسرائيليين ضدها.
كما أن كون تركيا عضوا في حلف شمال الأطلسي “ناتو”، يجعل أي اعتداء عسكري عليها، يعني (نظريا) مواجهة مع الحلف بأكمله.
لذا تتوقع غالبية المراكز البحثية أن يقتصر ما يجري حاليا من تصعيد وعقب قصف قطر، على مواجهة سياسية ودبلوماسية وإعلامية واقتصادية فقط.
هذه المراكز ترى أن الإستراتيجية الإسرائيلية تقوم عادة على عدم دخول مواجهات عسكرية مباشرة مع دول إقليمية قوية مثل تركيا، وتركز على العمليات الاستخبارية، والضربات المحدودة، وحروب الظل.
مع هذا يرى محللون أن خرق الاحتلال أحد المحرمات حين قصف قطر وهي "حليف رئيس لأميركا"، قد لا يمنع إسرائيل من قصف قيادة حماس في تركيا وجرها لحرب أو معارك عسكرية ولو على أرض سوريا.
وينبهون أن حلف الناتو لا يمكن أن يحارب إسرائيل من أجل تركيا، ويمكن لأي دولة في الحلف أن تعترض على دعم تركيا لو قصفتها إسرائيل.

ما سر التحريض؟
عقب قصف قطر، وارتفاع عدد الدول التي قصفتها إسرائيل إلى 7 بينها 6 دول عربية، إضافة لإيران، زعم "معهد أميركان انتربرايز" أن "الدور على تركيا"، مشيرا إلى أن وجود قاعدة أميركية في قطر وكونها حليفا لأميركا "لم يمنع قصفها".
المعهد الأميركي المؤثر في دوائر البيت الأبيض، زعم، 9 سبتمبر/أيلول 2025 أن تركيا قد تكون الهدف القادم، رغم عضويتها في الناتو، كما زعم أنها لن تكون محصنة ضد "ضربة إسرائيلية" إذا أصبحت الملاذ الأخير لقيادات حركة حماس.
وعلى طريقة تهديد رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، وجه كاتب التحليل الخبير مايكل روبن نصيحة صريحة للأتراك: إما تسليم قيادات الحركة فورًا، أو البقاء بعيدًا عن أي مبنى يحتضنهم (150 قدمًا على الأقل)!
وبدأ كأنه يعطي مبررات سياسية وقانونية مسبقة لضربة إسرائيلية ضد أهداف داخل تركيا، ويحاول نزع الحماية التي تمنحها عضوية الناتو لأنقرة، بادعاء أن تركيا باستضافتها قادة حماس تستضيف "إرهابيين" بالمخالفة لمبادئ حلف الناتو.
زعم أن "عضوية تركيا في حلف الناتو لن توفر الحماية من هجوم إسرائيلي"، و"يمكن عدّ أي ضربة إسرائيلية دفاعًا مشروعًا عن النفس ضد دولة راعية للإرهاب".
لذا "ينبغي على تركيا وحماس توخي الحذر، فحلف الناتو منظمة قائمة على التوافق، ونادرًا ما تكون قراراته قاطعة".
ورأى الهجوم الذي استهدف الدوحة رسالة واضحة أن إسرائيل لم تعد تكتفي بعمليات سرية يمكن نفيها، بل لجأت إلى ضربة جوية علنية، ربما بتنسيق مع البيت الأبيض، وأن الوساطة القطرية لم تعد تحمي قادة الحركة.
وتشير الرسالة إلى أنه لا ملاذ آمن من العقاب الإسرائيلي، حتى لو كان البلد بعيدًا أو يملك علاقات رسمية مع تل أبيب.
قال: إن أي رد جماعي (ضد إسرائيل لو قصفت تركيا وفق ما هو متصور) من جانب الناتو، وفقا للمادة الخامسة من ميثاق الحلف "ليس تلقائيًا، كما قد يتصور الأتراك.
ويمكن تعطيله بفيتو من أعضاء مثل الولايات المتحدة أو حتى السويد وفنلندا اللتين تحملان ضغائن تجاه أنقرة".
ولأن هذا المعهد مؤثر في دوائر البيت الأبيض وكثير من باحثيه الجمهوريين باتوا في الحكم حاليا، وتحولوا إلى مسؤولين كبار في إدارة ترامب، رأى مراقبون أن هذه رسالة لنتنياهو "افعلها"، ولإدارة ترامب أن تغض الطرف لو فعلتها إسرائيل.
الصحفي والمحلل السياسي فراج إسماعيل أشار لهذا عبر فيسبوك مؤكدا أن ما يكتبه مايكل روبن أن "الناتو لن يحمي تركيا"، يبدو كأنه رسالة ليست للقارئ العادي وإنما البيت الأبيض والكونجرس ودوائر القرار في وزارة الدفاع والخارجية.
بعبارة أخرى: المعهد يضع أفكارًا قد تتحول لاحقًا إلى سياسات، خصوصًا إذا انسجمت مع توجهات إدارة أميركية محافظة، وفق "إسماعيل".
وكانت صحيفة "معاريف" نشرت تقريرا يوم 7 سبتمبر 2025، عن ضغوط المشرعين الأميركيين لمنع تركيا من شراء المقاتلة F-35 (التي لا تمتلكها في الشرق الأوسط سوى إسرائيل) "قبل إعلان أنقرة رسميًا طرد قادة حماس والتوقف عن دعم المقاومة الفلسطينية بأي شكل".
ووفقًا للتقرير، ستسمح التعديلات المضافة لعام 2026 على قانون ترخيص الدفاع الوطني الأميركي (NDAA) بـ "حظر جميع عمليات توريد الأسلحة إلى تركيا، رغم التزامات التعاون في إطار حلف الناتو".
مواجهة مقبلة
وتتحدث تحليلات إسرائيلية عن مواجهة مقبلة مع تركيا وربما تعمد قتل قادة لحماس خلال زيارتهم أو أقامتهم في تركيا، ما يزيد التوتر المشتعل بالفعل بسبب قصف سوريا باستمرار.
وذلك بعدما هدد نتنياهو كل الدول التي تستضيف المقاومة قائلا: "أريد أن يعرف جميع أعدائنا ما هو مكتوب في كتبنا المقدسة، "سأطارد أعدائي وألاحقهم ولن أعود حتى أبيدهم"، كما ورد في التوراة".
وكان لافتًا اتفاق أكثر من كاتب إسرائيلي على أن نتنياهو كان يشير ضمنًا إلى تركيا حين قال: "لا حصانة بعد اليوم لأعداء إسرائيل"، بل إن أحد المواقع أرفق صورة الرئيس التركي أردوغان بالتقرير المنشور عن الموضوع!
صحيفة “هآرتس” أكدت 11 سبتمبر/أيلول 2025، أن تركيا قد تكون الهدف التالي لإسرائيل بعد قطر، وحذرت من عواقب كارثية".
قالت: إذا اندلعت حرب شاملة وسط تصاعد التوتر بين تركيا وإسرائيل، فلن تكون النتيجة مجرد صراع شرق أوسطي آخر أو ضربة منفردة على غرار الدوحة، بل زلزال إستراتيجي يغير ميزان القوى العالمي.
لذا قالت الصحيفة: إن إسرائيل قد تتردد في استهداف حماس في إسطنبول، "حيث أقامت الحركة مكاتب للتنسيق والتمويل المالي تحت حماية أردوغان" وفق زعمها.
وأكدت أن تركيا "تختلف جذريا" عن قطر: فهي تمتلك جيشا قويا (ثاني أكبر جيش في الناتو)، ونفوذا في سوريا وليبيا وشرق المتوسط، بالإضافة إلى عضويتها في الحلف الأطلسي، مما يجعل أي هجوم "تحولا خطيراً من نزاع محدود إلى مواجهة إقليمية واسعة".
ووصفت الصحيفة الانزلاق إلى صراع مع تركيا بأنه "كارثة إستراتيجية"؛ حيث سيفقد إسرائيل دعم الغرب، ويفتح جبهات معقدة تهدد الاستقرار الإقليمي، خاصة مع إدانة أردوغان للهجوم على قطر كـ “انتهاك للقانون الدولي" وتأكيده الوقوف إلى جانب "إخواننا الفلسطينيين".
وربطت بين الهجوم على قطر وبين إعلان "الشاباك" إحباط مؤامرة اغتيال الوزير المتطرف ايتمار بن غفير، نفذتها خلية حماس في تركيا، مما يثير تساؤلا "متفجرا": هل ساعدت أنقرة حماس في التخطيط؟
ونفت تركيا فورا هذه الأنباء، كما نفت ما تردد عن قصف إسرائيل معدات تركية في سورية.
وقد أشار تقرير نشرته صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، في 11 سبتمبر 2025، إلى أن إسرائيل أجلت عملية قصف لحماس مشابهة في تركيا بسبب الناتو، مفضلة قطر، لكن "الضغط الداخلي" قد يدفع نتنياهو إلى المخاطرة.
قال: بحسب المصادر وما ذكرته صحيفة "الأخبار" اللبنانية، فإن حكومة نتنياهو اختارت ضرب قطر بدلا من تركيا.
وذلك انطلاقا من اعتقادها بأن إدارة ترامب قادرة على التعامل مع القضية مع قطر، على عكس تركيا، بسبب عضويتها في حلف شمال الأطلسي.
ولا يستبعد بعض المعارضين اليساريين الإسرائيليين أن يشن نتنياهو حرباً إقليمية تبدأ بمصر وتركيا، بهدف تأجيل الانتخابات، خاصة مع عدم نجاح اليمين في تشكيل حكومة قادمة في أغلب استطلاعات الرأي في الوقت الحالي.

سوريا نقطة صدام
مع تصاعد الصراع بين إسرائيل وتركيا في سوريا، انتشرت أنباء إسرائيلية عن أن تل أبيب قامت خلال الغارات الجوية الأخيرة خاصة على حمص، باستهداف مستودع لتخزين الصواريخ ومعدات الدفاع الجوي التركية.
مسؤول إسرائيلي قال لقناة الحدث السعودية في 11 سبتمبر 2025 أن هذه الأسلحة نُقلت إلى سوريا أخيرا وتضمنت معدات حربية من تركيا"، زاعما أن تركيا تحاول استفزازنا وجرنا إلى مواجهة عسكرية.
"وإذا لزم الأمر فسنتجه نحو عملية عسكرية واسعة في سوريا. لسنا خائفين من تركيا، لكننا لا نسعى إلى الصراع"، وفق قول المسؤول الإسرائيلي.
لكن وزارة الدفاع التركية نفت صحة تقارير عن استهداف إسرائيلي لمواقعها في سوريا، وأعلنت بدء تنفيذ اتفاق التعاون العسكري مع دمشق عبر برامج تدريب واستشارات ودعم فني للجيش السوري.
وخلال إحاطة صحفية في أنقرة، نفى المصدر التركي التقارير عن هجمات إسرائيلية على عتاد تركي متمركز في سوريا، وشددا على أنها "كاذبة"، وأنه لم يطرأ أي تغيير على الأفراد أو العتاد التركي في شمال سورية، بحسب وكالة “رويترز” في 11 سبتمبر.
ويقول الصحفي السوري المقيم في تركيا، أن تركيا لم تقدم أي سلاح أو تجهيزات عسكرية لسوريا حتى الآن، بخلاف تدريب الكوادر السورية على تجهيزات عسكرية وأمنية تركية لكن لم يتم تسليم سلاح للجانب السوري.
أوضح أن الشركات التركية متشددة أكثر بخصوص العقوبات الأميركية حتى تحافظ على سوقها لهذا معظم ما يتردد في الإعلام عن دعم عسكري تركي لسوريا "غير دقيق".
لكن "يسرائيل هيوم" نقلت عن مصادر إسرائيلية أنه " أثناء عملية الإنزال أواخر أغسطس، فكك جيشنا أجهزة تنصت زرعتها تركيا في مواقع سورية لأكثر من عقد، بعضها في ريف دمشق".
وقالت الجريدة العبرية في تقريرها الخاص: "بعد عملية دمشق، حذرت إسرائيل النظام السوري من التعاون مع تركيا، ووجهت له رسالة واضحة: لا تختبروا صبرنا ولا حدود أفعالنا".
وفي مقابلة مع صحيفة "معاريف" العبرية، في 6 سبتمبر 2025، توقع العقيد (احتياط) عيران ليرمان أنه في حال نشوب صراع بين البلدين، "فستكون جبهة الحرب هي سوريا".
لكنه اعترف بأن الجيش الإسرائيلي "غير مؤهل لمثل هذه المواجهة"، موضحًا: "إن محاربة جيش غربي مسلح بأحدث طرز المقاتلات إف-16 أمر مختلف.
و"الجيش الإسرائيلي ليس مستعدًا لحرب مع جيشٍ بحجم الجيش التركي، ثاني أكبر جيش في حلف الناتو، لدينا تفوق نسبي في الجو، لكن قواتهم البرية هائلة، ولا أعتقد أن الجيش التركي يريد اختبار إسرائيل، والعكس صحيح". وفق قوله.
ويقول الصحفي مصطفي السعيد: إن الخلاف الإسرائيلي التركي على سوريا سبب رئيس لضرب قطر، مشيرا لأن خلاف الكيان مع تركيا أبرزه الموقف من الأكراد.
حيث ترى تركيا ضرورة تصفية مليشيا "قسد" الكردية" بينما ترى إسرائيل ومعها أميركا على أهمية الإبقاء على "قسد"، لتكون ممرا (ممر داود) نحو شمال سوريا وشمال العراق وصولا إلى أذربيجان الحليفة لكل من الكيان وتركيا، ليصطدم مشروع تركيا الكبرى مع مشروع إسرائيل الكبرى.
أضاف: هذا الخلاف أدى لمناوشات عسكرية، وقصفت إسرائيل مراكز لقوات تركية في سوريا، وتعبر عن قلقها من توسع تركيا في إنشاء قواعد عسكرية في سوريا، وإعادة تشكيل الجيش السوري بأسلحة تركية وقيادات موالية لها، وتتوسع في الإنتاج العسكري الخاص.
وتساءل العديد من المحللين الغربيين والإسرائيليين عن اقتراب المواجهة التركية الإسرائيلية على أرض سوريا.
وبحسب تقرير سابق لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، يوم 20 ديسمبر 2024، هناك رعب إسرائيلي من "صراع قوة متصاعد في الشرق الأوسط مع تركيا" بعد انهيار حكم بشار الأسد وتحول سوريا لمنطقة صراع وتماس تركية إسرائيلية مباشرة حيث القوات التركية في شرق سوريا والإسرائيلية في جنوبها.
وقالت: إن تركيا وإسرائيل "على مسار تصادمي"، في سوريا وأنه لا مناص من مواجهة تركية إسرائيلية على أرض سوريا، وظهور محور سني أخطر (من الشيعي الإيراني) تقوده تركيا بمرور الوقت. بحسب "وول ستريت جورنال".
وقالت: إن تركيا وإسرائيل "على مسار تصادمي"، في سوريا وأنه لا مناص من مواجهة تركية إسرائيلية على أرض سوريا، وظهور محور سني أخطر (من الشيعي الإيراني) تقوده تركيا بمرور الوقت، بحسب "وول ستريت جورنال".
وقال "درور زئيفي"، أستاذ بقسم دراسات الشرق الأوسط في جامعة بن جوريون يبئر السبع، لـ "وكالة الأنباء اليهودية": إن "تطلعات أردوغان تشمل دائما تحرير القدس وإعادة ظهور الإمبراطورية العثمانية بقيادة تركيا".
وكتب الأكاديمي الإسرائيلي "آفي برئيلي"، بصحيفة "إسرائيل هيوم" اليمينية، يقول: إن ما يقلق تل أبيب أكثر وتخشاه هو "تحركات أردوغان وإعادة الخلافة الإسلامية، خاصة أنه هددنا بعمل عسكري وأظهر "سياسات عدائية" نحو دولة الاحتلال.
أيضا أشار تحليل لـ "المعهد الأطلسي" أتلانتيك كونسل، في 21 ديسمبر 2024 إلى أن أردوغان يتحرك بموجب تفكير حضاري إسلامي في صراعه مع إسرائيل، أي "يضع تركيا الجديدة في موقع استمرار لإرثها العثماني كزعيمة للعالم الإسلامي".
ويوم 14 سبتمبر 2025، وفي خطوة مفاجئة لتركيا، أعلنت وسائل إعلام يونانية أن قبرص الرومية استلمت من إسرائيل منظومة دفاع جوي متطورة من طراز «Barak MX» وفق صفقة وُضعت ملامحها بسرية.
وهذه الصفقة تأتي لتعزيز قدرات نيقوسيا الدفاعية ضد تركيا بعد حصولها سابقا على منظومة القبة الحديدية، وهو ما يثير قلق أنقرة من تغير موازين القوى في شرق المتوسط في ضوء تعزيز التعاون بين إسرائيل واليونان مرورا بقبرص الرومية.