الشيخة حسينة تهرب إلى الهند.. مظاهرات الطلاب تحمل الربيع إلى بنغلاديش

منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

في تطور سريع للأحداث يشبه ما حدث بالربيع العربي في 2011، استقالت رئيسة وزراء بنغلاديش الشيخة حسينة واجد في 5 أغسطس/ آب 2024 من منصبها وغادرت على متن مروحية عسكرية إلى الهند، تزامنا مع اقتحام متظاهرين مقرها الرئيس في دكا وسط احتجاجات عارمة مناهضة لحكومتها.

ويأتي هذا التطور غداة مقتل نحو 100 شخص وإصابة المئات في مواجهات عنيفة شملت مناطق مختلفة من بنغلاديش، في أكبر حصيلة للضحايا في يوم واحد منذ بدء الاحتجاجات على حصص التوظيف في القطاع العام مطلع يوليو/تموز 2024.

لذا دعا قادة الاحتجاجات في بنغلاديش إلى مظاهرات جديدة في 5 أغسطس، للمطالبة برحيل رئيسة الوزراء، متحدّين حظر التجول الذي يفرضه الجيش.

وعلى هذا النحو، تؤكد وكالات دولية، بينها  رويترز والفرنسية ارتفاع الحصيلة الإجمالية لضحايا الاحتجاجات إلى أكثر من 300 قتيل، وذلك استنادا إلى تقارير من الشرطة ومسؤولين وأطباء في المستشفيات.

وهذا يفسر تحول المظاهرات المطالبة بالتوظيف في القطاع العام بالأسابيع الأخيرة إلى الإصرار على رحيل حكومة الشيخة حسينة التي تقود البلاد بقبضة من حديد منذ 15 عاما.

ويتهم المحتجون حكومة حسينة بتنفيذ عمليات قتل وإخفاء قسري للعديد من الناشطين. وردا على ذلك سُجلت هجمات أحرقت خلالها مبان حكومية ومقارّ لحزب "رابطة عوامي" الحاكم في مناطق عدة.

يذكر أن الشيخة حسينة فازت في يناير/كانون الثاني 2024 بفترة رابعة، واتُهمت بشن حملات قمع متكررة ضد المعارضة، وشمل ذلك حظرا لعدة أحزاب واعتقال قادتها.

وفي ضوء المظاهرات الطلابية التي شهدتها بنغلاديش والتي سرعان ما توسعت لتشمل مختلف الفئات، يستعرض موقع "لو فيغارو" الفرنسي الوضع الحالي للمظاهرات وأسبابها وتداعياتها وردود فعل الحكومة عليها.

احتجاجات دموية

وأشار الموقع إلى أن الاحتجاجات ضد نظام حصص الوظائف (الكوتة) في القطاع العام أسفرت حتى نهاية يوليو عن مقتل 205 أشخاص على الأقل، من بينهم عدة رجال شرطة. 

وكانت هذه الاشتباكات من بين الأسوأ خلال فترة حكم الشيخة حسينة التي امتدت لـ 15 عاما، ما دفع الحكومة لنشر الجيش وقطع الإنترنت وفرض حظر تجول.

وتظاهر الطلاب البنغاليون مرة أخرى يوم 29 يوليو 2024، بعد أن تجاهلت حكومة رئيسة الوزراء شيخة حسينة إنذارا للإفراج عن قادتهم والاعتذار عن وقوع قتلى في الاضطرابات الأخيرة. 

وبحسب الموقع، جرت عدة تجمعات في العاصمة دكا وأماكن أخرى في بنغلاديش، لكنها كانت أقل حدة مقارنة بالتظاهرات التي شهدتها البلاد في وقت سابق من يوليو.

وبهذا الشأن، يذكر الموقع أنه في 19 يوليو تحولت الحركة الاحتجاجية الطلابية إلى مواجهة مع الحكومة، اقتحم متظاهرون سجنا وسط بنغلادش، ما أسفر عن مقتل 105 أشخاص على الأقل.

وبالعودة إلى التظاهر في 29 يوليو، تقول "لو فيغارو" إن "الشرطة استخدمت العصي لتفريق مظاهرة في ضواحي هذه المدينة، واعتقلت ما لا يقل عن 20 شخصا".

بالإضافة إلى ذلك، انتشر عدد كبير من قوات الأمن في دكا، وهي مدينة ضخمة يبلغ عدد سكانها 20 مليون نسمة، لمنع حدوث تجمعات أخرى.

وبالأخذ في الحسبان أن مظاهرات الطلاب ضد نظام الكوتة أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 205 أشخاص، فإنها "من بين الأسوأ خلال 15 عاما من حكم السيدة حسينة".

وفي هذا الصدد، يقول بيير براكاش، مدير مجموعة الأزمات في آسيا ومقرها بانكوك، إن "المظاهرات ضخمة، ربما هي التحدي الأكثر جدية الذي تواجهه رئيسة الوزراء الشيخة حسينة منذ توليها السلطة في 2009". 

وردا على هذه الاضطرابات، يعكس الموقع إدانة المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، القمع الذي استخدمته الحكومة، والذي وصفه بأنه "صادم وغير مقبول".

كما أنه أعرب عن "قلقه الشديد" من تقارير تشير إلى استخدام السلطات وحدات شبه عسكرية مثل حرس الحدود وكتيبة العمل السريع التي لديها سجل طويل في انتهاكات حقوق الإنسان. 

جدير بالذكر أن وزير الداخلية، أسد الزمان خان، صرح بأن "قوات الأمن تصرفت بضبط النفس، لكنها كانت مضطرة لإطلاق النار للدفاع عن المباني الحكومية".

آلاف الاعتقالات 

وبجانب مقتل المئات، يلفت الموقع الفرنسي إلى اعتقال ما لا يقل عن ستة من قادة حركة "الطلاب ضد التمييز"، المجموعة التي نظمت المظاهرات الأولى، من قبل الشرطة. 

وبهذا الشأن، في بيان له، قال عبد القدير، أحد منسقي الحركة: "إن الحكومة تواصل إظهار عدم اكتراث كامل بحركتنا". داعيا إلى التظاهر في جميع أنحاء البلاد ومطالبا جميع البنغاليين بالتضامن مع مطالبهم والانضمام إلى الحركة الاحتجاجية.

وفي المقابل، كانت الحركة قد هددت باستئناف المظاهرات إذا لم تفرج الشرطة عن قادتهم. 

كما أنهم طالبوا باعتذار علني من الشيخة حسينة عن "مجزرة الطلاب"، فضلا عن إقالة عدة وزراء وإعادة فتح المدارس والجامعات المغلقة. 

وبشكل عام، منذ بداية الاضطرابات، اعتقل ما لا يقل عن 9 آلاف شخص في جميع أنحاء بنغلاديش، وفقا لصحيفة "Prothom Alo" البنغالية.

علاوة على ذلك، لا تزال قوات الجيش تقوم بدوريات في المناطق الحضرية، كما يستمر حظر التجول الوطني الذي خُفف تدريجيا. 

ويضيف الموقع أن شبكة الإنترنت أُعيد تشغيلها في 28 يوليو 2024، بعد 11 يوما من انقطاعها على المستوى الوطني في ذروة الاضطرابات.

العودة للوضع الطبيعي

وفي بيان لها في21 يوليو 2024، أكدت وزارة الخارجية أن "الوضع يعود إلى طبيعته بفضل الإجراءات المناسبة التي اتخذتها الحكومة والشعب". 

وبحسب الموقع الفرنسي، أعلنت الحكومة أيضا في 23 يوليو 2024، يوم حداد وطني لأولئك الذين قُتلوا خلال الاشتباكات. 

واندلعت الاحتجاجات في بنغلاديش على خلفية إعادة المحكمة العليا في يونيو/ حزيران 2024 العمل بنظام المحاصصة الذي يخصص 56 بالمئة من الوظائف الحكومية لفئات ديمغرافية معينة بينها عائلات المحاربين القدامى الذين شاركوا في حرب الاستقلال عام 1971 التي انفصلت بموجبها البلاد عن باكستان، وتصل حصة هذه الفئة من الوظائف الحكومية إلى 30 بالمئة.

ومع وجود حوالي 18 مليون شاب بنغالي عاطل عن العمل، وفقا لأرقام الحكومة، أثر هذا القرار بشكل عميق على الخريجين. 

وبالنسبة للمنتقدين، فإن هذه الحصص تهدف إلى "حجز المناصب في الخدمة العامة للمقربين من حزب رابطة عوامي، حزب رئيسة الوزراء". 

وفي 21 يوليو، أصدرت المحكمة العليا أمرا إلى الحكومة بتخفيض حصة وظائف الحكومة والمخصصة لفئات ديمغرافية معينة بينها عائلات المحاربين القدامى إلى 7 بالمئة.

ثم خفضت المحكمة العليا حصة المحاربين القدامى إلى 5 بالمئة، مع تخصيص 93 بالمئة من الوظائف على أساس الكفاءة، فيما سيتم تخصيص نسبة 2 بالمئة المتبقية لأفراد الأقليات العرقية والنساء والمعاقين.

وفي الختام، يحدثنا الموقع قليلا عن الشيخة حسينة، البالغة من العمر 76 عاما، قائلا إنها "تشغل منصب رئاسة بنغلاديش بلا انقطاع منذ عام 2009، إذ فازت في انتخابها الرابع على التوالي في يناير/ كانون الثاني 2024 بعد تصويت دون منافسة حقيقية". 

ويشير إلى أن حكومتها اتهمت من قبل مجموعات حقوق الإنسان بـ "استخدام مؤسسات الدولة لتوطيد قبضتها على السلطة والقضاء على المعارضة، بما في ذلك تنفيذ إعدامات خارج نطاق القانون للمعارضين". 

وفي المقابل، اتهمت السلطات أحزاب المعارضة بتحويل المظاهرات لإثارة الاضطرابات.