"أضعف من أن يبكوا".. إسرائيل تواصل قتل أطفال غزة والعرب والمسلمون يتفرجون

"كيف لم تهتز أي جهة مسلمة لما يحدث؟"
بينما تجنح الأنظمة العربية والإسلامية إلى الانبطاح أو التواطؤ مع الاحتلال الإسرائيلي، تواصل المجاعة المتفاقمة في غزة حصد أرواح الفلسطينيين بفئاتهم كافة، وسط إصرار إسرائيلي على عرقلة دخول المساعدات.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، في 6 أغسطس/آب 2025، أن مستشفيات القطاع سجلت، 5 حالات وفاة جديدة نتيجة المجاعة وسوء التغذية بينهم طفلتان، وبذلك يرتفع العدد الإجمالي لضحايا المجاعة وسوء التغذية إلى 193 شهيدا من بينهم 96 طفلا.
فيما أفاد المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، بدخول 84 شاحنة فقط 5 أغسطس، تعرض غالبيتها للنهب والسطو نتيجة حالة الفوضى الأمنية التي ترعاها قوات الاحتلال.
وأوضح في بيان أن ذلك في إطار سياسة ممنهجة تُعرف بـ"هندسة الفوضى والتجويع"، والتي تهدف إلى ضرب تماسك المجتمع الفلسطيني وتفكيك صموده في وجه العدوان.
ولفت المكتب إلى أن "قطاع غزة يحتاج إلى ما لا يقل عن 600 شاحنة إغاثية ووقود بشكل يومي، لتأمين الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية لأكثر من 2.4 مليون إنسان، في ظل انهيار شبه كامل للبنية التحتية واستمرار حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال".
في السياق، أفادت مصادر في مستشفيات القطاع باستشهاد 41 فلسطينيا بنيران جيش الاحتلال منذ فجر 6 أغسطس، بينهم 18 من منتظري المساعدات.
فيما قالت وزارة الداخلية الفلسطينية في غزة، إن عمليات الإسقاط الجوي للمساعدات على القطاع تسببت في سقوط قتلى وجرحى من المدنيين، وتدمير خيام وممتلكات نازحين.
بدورها، قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، إنه لا يمكن استمرار قتل إسرائيل للفلسطينيين أثناء محاولتهم إيجاد طعام لعائلاتهم في ظل الإبادة التي ترتكبها تل أبيب بدعم أميركي.
وندد ناشطون على منصات التواصل بوصول المجاعة في قطاع غزة أسوأ مستوياتها، وتحويل الاحتلال أماكن توزيع المساعدات الإنسانية إلى فخاخ قاتلة يستهدف فيها المُجوعين وطالبي المساعدات الغذائية، وإصراره على اتباع آلية توزيع أثبت فشلها.
وتداولوا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي "إكس"، "فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #غزه_تموت_جوعا، #جوع_تحت_الحصار، #أنقذوا_أطفال_غزة، مقاطع فيديو وصور توثق كواليس سعي الأهالي خلف المساعدات وتعرضهم لخطر الموت لتفادي المجاعة.
ضحايا المجاعة
واستحضارا لمشاهد التجويع المتعمد وما خلفه، عرض علي أبو رزق، صورة الطفلة مي أبو عرار، موضحا أن عمرها سبع سنوات، وتقبع الآن في مستشفى أصدقاء المريض في مدينة غزة، بعد أن تدهورت حالتها الصحية بسبب الجوع الشديد وسوء التغذية.
وأشار إلى أن المؤلم في هذا المشهد ما يؤكده الأطباء أن الأطفال تتدهور صحتهم أسرع من غيرهم بكثير، ودرجة تأثرهم من الجوع أضعاف الكبار، لضعف الجهاز المناعي لديهم، وقلة المخزون من الدهون والبروتينات في أجسادهم، واحتياجاتهم الغذائية اللازمة للنمو.
ونشر المدون ياسين، صورة الشيخ سليم عصفور مؤذن مسجد الصحابة بغزة تظهر عليه علامات المجاعة وأعراض نقص التغذية، قائلا: "للوهلة الأولى تظن أنها صورة مرسومة لكنها صورة حقيقية تظهر حجم المجاعة لإخواننا".
وبث سليمان الفهد، مقطع فيديو للرضيع محمد المطوق في المراحل الأخيرة من المجاعة، مشيرا إلى أنه أضعف من أن يبكي، وجسده جاف حتى من الدموع.
وعرض حسام شبات، مقطع فيديو لأحد أطفال غزة يبدو عليه الضعف الشديد والنحول وتظهر عظام صدره ويعجز عن الحركة، قائلا: "الحصار الإسرائيلي- العربي يقتُلنا!".
واستبق ذلك بعرض مقطع فيديو لطفلة قُتلت تحت القصف الإسرائيلي، قائلا: "قُتلت موجوعة ومخذولة، قُتلت طفلة لم تعرف من الطفولة سوى الخوف والجوع".
وعلق فايز أبو شمالة، على مقطع فيديو يظهر سيدتان يتبادلن حمل شوال الدقيق، قائلا: "بعد أن أغلق المعابر، ومنع وصول الطعام لأهل غزة عدونا الإرهابي يستمتع برؤيتنا نلهث خلف رغيف الخبز، ونتزاحم، ونتصارع على اللقمة".
وأضاف: "حتى نساء غزة أخرجهن الجوع من خيامهن، ليشاركن في معركة الرغيف"، متسائلا: "هل يوجد مكان غير غزة تحمل فيه المرأة كيس الطحين على كتفها، وكأنها مريم العذراء".
تواطؤ مستهجن
وهجوما على الأنظمة العربية والإسلامية، أكد عمرو رمضان، أن ما يدور عن المجاعة أكثر مما يمكن تخيله، وأن الوضع غاية في الصعوبة، وأن الجوع بلغ مستوي غير مسبوق في هذه الحرب.
وتساءل: “كيف لم تهتز أي جهة مسلمة لما يحدث؟ هل من الطبيعي أن يموت المسلمون جوعا؟ هل ندرك معنى أن يموت مسلم جوعا؟ ألم يهتز حاكم واحد ممن يدعون أنفسهم مسلمين بما يحدث؟ أليس فيكم رجل رشيد؟”
ورأى أبو حسام البحر، أن المضحك المبكي أن من يدين المجاعة في غزة ويشعر بالقلق من الدول العربية والغربية هم نفسهم المشاركين بتجويع أهلها وقتل أبنائها.
وعقب محمد التويتي، على عرض القناة 12 الإسرائيلية لقطات تظهر حشودا كبيرة من المجوعين في غزة تحاول الحصول على حزم المساعدات، قائلا: "وا ذلاه على مناظر تدمي القلب وجيوش العمالة وشعوب العار جوارهم تتفرج".
فيما عرض بنسلام خالد، صورة فلسطيني مجوع، وعدها معبرة عن تعفن الأنظمة العبرية والمتأسلمة التي تشارك في تجويع أهل غزة العزة التي رفعت راية الكرامة نيابة عن هذه الأمة الخبيثة والنجسة.
ورأى أحد المدونين، أن صرخات ومعاناة المجوعين المخذولين المستمرة، تدل على فساد المنظومة الأخلاقية للعالم قاطبة خاصة الغربي، وتدل على فساد مصطلح النصرة بين الإخوة من الدول العربية والإسلامية.
وبشر وجدي الكومي، بأن فلسطين ستنجو يوما ما من المجاعة والمذابح الإسرائيلية وستصبح دولة عظيمة، متمنيا ألا ينسى الفلسطيني وقتها أن جيرانه العرب والمسلمين صمتوا وخرسوا.
وتساءل وسام طربي: "أين صوتكم؟"، قائلا: "يا ناس يا مؤمنين، المجاعة في غزة لم تنتهِ، والخذلان ما زال حيًا.. لا تزال الأمهات يستيقظن بعيون منتفخة من الدموع ليلاً على صراخ الأطفال من جوعهم.. غزة ما زالت تعاني".
وأكد حميدي ميلود، أن مفتاح إنهاء المجاعة هو فتح معبر رفح لدخول المساعدات بما يلبي الاحتياج الفعلي لأكثر من مليوني جائع، وغير ذلك ليس حلا، بل زيادة في المعاناة.
وأكد أحد المدونين، أن البضائع التي تدخل إلى قطاع غزّة لا تكسر حصار ولا تنهي حالة التجويع، لأن الأسعار مُرتفعة وليست في مُتناول الجميع وأيضا شحيحة، ولأن في عائلات الخيام أو الحيطان ساتراهم وليس معهم أي مبلغ من المال ووضعهم تحت الصفر ولا يوجد أي مصدر دخل غير العمولة التي وصلت أكثر من 50 بالمئة.
وأشار إلى أن الطحين لا يزال سعره مُرتفعا مُقارنة بقبل الحرب، موضحا أن الناس التي لا تملك طحينا يشترونه لأنه أهم من أي شيء ثاني خاصة من عندهم صغار، ولا يستطيعون شراء شيء غيره.
ولفت المدون إلى عدم وجود خضراوات ولا فاكهة ولا لحوم ولا حليب للأطفال، وأشياء كثيرة، مؤكدا أن غزّة تحتاج حتى تستقر نسبيًا دخول أكثر من 500 شاحنة يوميًا "كمُساعدات".
وأضاف أن المجاعة التي يمارسها الاحتلال على غزّة مُستمرة، وإلى الآن تزدحم المُستشفيات بالحالات الصعبة بسبب سوء التغذية، وبعضهم يُفارقون الحياة.
إجرام المستوطنين
واستنكارا لنهب المستوطنين المساعدات وتبديدها وعرقلة وصولها لغزة، تساءل هاني مصري: "ألا يكفي أن جيش الكيان محاصر غزة ويسمح بدخول أقل القليل من الغذاء ثم يأتي المستوطنون لإتلاف المساعدات القليلة التي دخلت بصعوبة وإلقائها على الأرض ومنع دخولها إلى الجائعين في غزة".
وأكد أحد المغردين، أن قوافل المساعدات الإغاثية لقطاع غزة تعرضت لنهب وسطو من قبل المستوطنين، بحمايةٍ وضوءٍ أخضر من الاحتلال.
وعرض مأمون أبو عامر، مقطع فيديو يوثق الحالة التي أصبحت عليها المساعدات بعدما اعتدى عليها المستوطنون ودمروها قبل وصولها.
تضرع وابتهال
وبرزت على المنصات لجوء الناشطين لله وتضرعهم بالدعاء لغزة وأهلها بأن يطعمها لله ويتولاها وينصرها ويدفع عنها ما تمر به بعد كل الخذلان الذي تتعرض لها.