أميركا وإسرائيل تنفيان.. من يقف وراء تفجير معسكر للحشد الشعبي العراقي؟

يوسف العلي | منذ ١٢ يومًا

12

طباعة

مشاركة

جملة من التساؤلات أثارها انفجار وقع في معسكر "كالسو" التابع للحشد الشعبي في مدينة بابل العراقية، خصوصا بعد نفي الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل مسؤوليتهما عنه، وذلك عقب توجيه أطراف في هذا التشكيل القريب من إيران اتهامات لهما بالوقوف وراءه.

الانفجار الذي وقع في 20 أبريل/ نيسان 2024، أودى بحياة عنصر في الحشد، وإصابة ثمانية آخرين، وتسبب بدمار واسع في مباني المعسكر الذي أنشأته الولايات المتحدة بعد احتلال العراق عام 2004 وأطلقت عليه (كالسو) على اسم لاعب كرة سلة أميركي قتل في فيتنام.

تضارب الروايات

مع وقوع الانفجار، أصدر إعلام “الحشد الشعبي” بيانا مقتضبا، قال فيه إن "عدوانا أميركيا طال قاعدة كالسو العسكرية"، مشيرا إلى أن "القصف استهدف مديرية الدروع، وسرايا الجهاد والنخبة، ولم يسفر عن وقوع أي خسائر بشرية".

وذكر رئيس اللجنة الأمنية في محافظة بابل، مهند العنزي، أنهم توجهوا إلى قاعدة كالسو بعد سماع أصوات انفجارات لمتابعة ما حدث، وأن الحُفر الكبيرة تدل على "قصف" المعسكر.

ولفت العنزي إلى أن الحصيلة النهائية للضحايا بلغت 22 جريحا، حسبما نقلت شبكة "رووداو" العراقية في 20 أبريل.

وبعد منتصف ليل 19 أبريل، سمع دوي انفجارات شديدة في محافظة بابل، وأظهرت مقاطع فيديو تصاعد ألسنة النيران من قاعدة كالسو، فيما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية "فرانس برس" من جانبها، بمقتل عنصر من الحشد الشعبي وسقوط عدد من الجرحى.

من جانبه، أفاد مسؤول عسكري للوكالة ذاتها (لم تكشف عنه هويته) بسقوط ثلاثة جرحى في صفوف الجيش العراقي. 

وقال إن "هناك مخازن للعتاد حاليا تنفجر بسبب القصف"، مضيفا: "مازالت النار تلتهم بعض الأماكن، والبحث جارٍ عن أيّ إصابات" أخرى.

من جهته، أكّد مسؤول في وزارة الداخلية (لم تكشف عن هويته) أن الانفجار استهدف "مقر الدروع التابعة للحشد الشعبي"، مضيفا: "الانفجار طال العتاد والأسلحة من السلاح الثقيل والمدرّعات"، لكنه لم يحدد الجهة التي تقف وراء ما جرى.

لكن خلية الإعلام الأمني التابعة لوزارة الدفاع العراقية، قالت إن "المعطيات الأولية وتدقيق المواقف والبيانات الرسمية، فقد صدر بيانان من قوات التحالف الدولي في العراق والناطق الرسمي للبنتاغون يشيران إلى عدم وجود أي نشاط جوي أو عمل عسكري في عموم بابل".

وأوضحت الخلية الإعلامية خلال بيان لها في 20 أبريل، أن "تقرير قيادة الدفاع الجوي ومن خلال الجهد الفني والكشف الراداري عدم وجود أي طائرة مسيرة أو مقاتلة في أجواء بابل قبل وأثناء الانفجار".

وأفادت القيادة العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم) عبر منصة "إكس"، بأنه "نحن على علم بمعلومات تزعم أن الولايات المتحدة نفذت غارات جوية في العراق اليوم.. هذه المعلومات خاطئة".

المليشيات ترد

وفي سياق متصل، اتهم عضو مليشيا "النجباء" المنضوية في الحشد الشعبي، مهدي الكعبي، "الاحتلال الإسرائيلي" بالوقوف وراء الانفجار، لافتا إلى أن "هذا الكيان يريد توسيع الصراع لكي يكون بين الولايات المتحدة وإيران".

وفي اليوم نفسه 20 أبريل، أعلنت "المقاومة الإسلامية في العراق" استهداف "هدف حيوي في إيلات" بواسطة الطيران المسيّر ردا على استهداف "العدو الصهيوني" لمعسكرات الحشد الشعبي، وذلك بعد ساعات من قصف طال معسكر "كالسو" في بابل الذي يضم قوات للحشد الشعبي. 

وسبق أن أعلنت هذه الفصائل استهداف قواعد عسكرية أميركية في العراق وسوريا أو أهداف في إسرائيل، فيما تقول إنه رد على الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

من جهته، قال الخبير الأمني العراقي، أحمد الشريفي، خلال مقابلة تلفزيونية في 20 أبريل، إن "إسرائيل هي من نفذت الهجوم على قاعدة كالسو في بابل بواسطة طائرات (F-16C)".

وأضاف الشرفي أن "العراق أمام ضربات إسرائيلية أخرى، ورأينا بعد ضربة قاعدة كالسو، هاجمت الفصائل العراقية إيلات في الأراضي المحتلة، وبناء عل ذلك فإن المرحلة المقبلة ستشهد تصعيدا عسكريا".

وعلى الوتيرة ذاتها، قال الخبير الأمني العراقي القريب من الحشد الشعبي، الفريق الركن عبد الكريم خلف، إن "الكيان الصهيوني، هو المتهم الأول باستهداف معسكر كالسو شمالي محافظة بابل، لأن الحشد قوة تمثل تهديدا للكيان الغاصب".

وأوضح خلف في حديث لوكالة "العهد نيوز" العراقية في 20 أبريل، أن "المقاومة العراقية لديها قدرات عسكرية كبيرة لردع اعتداءات الكيان الصهيوني"، لافتا إلى أن "الردود الدبلوماسية لم تعد مجدية أمام انتهاكات الأخير".

لكن الجيش الإسرائيلي، قال لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه "لا يُعلق على معلومات ترد في وسائل الإعلام الأجنبية"، فيما أفاد مسؤول إسرائيلي رفيع (لم يكشف هويته) لشبكة "سي إن إن" الأميركية بأن "إسرائيل لم تشارك في مهاجمة القاعدة العراقية".

إفشال السوداني

وبخصوص الجهة التي تقف وراء التفجير ودلالات وقوعه، قال العضو السابق في لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان العراقي، حامد المطلك، إن "ما حصل من انفجار بهذه القوة، يدل على حجم الفوضى التي يعيش فيها العراق، وأدواتها القوى السياسية المتصارعة وغير المتفقة على مصلحة البلد".

وأضاف المطلك لـ"الاستقلال" أنه "لا يمكن تحديد من يقف وراء هذا الانفجار بالضبط، لأنه قبل يوم سمعنا حديثا في وسائل الإعلام عن وقوع أكثر من انفجار في بابل ذاتها وتبين أنه غير صحيح، لذلك في ظل هذه الصورة الضبابية فإن كل شيء يمكن أن يقع وتنتهك فيه سيادة البلد". 

ولا يستبعد السياسي العراقي "وجود صراعات تخلّف مثل هذه التفجيرات، خصوصا في ظل نفي رسمي عن حدوث أي هجوم خارجي، فضلا عن أن اتهام الولايات المتحدة بالوقوف وراءه جاء في وقت كان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في طريق العودة من واشنطن إلى بغداد".

وأشار المطلك إلى أن "الحالة الفوضوية التي يعيشها العراق وتضارب الروايات بخصوص الجهة التي تقف وراء الانفجار في بابل، هو نتيجة الخلافات والتناحر السياسي بين الحزب والائتلاف الواحد والمجموعة الواحدة، لذلك في ظل هذه الأجواء متوقع أن يحصل كل شيء".

وعلى الصعيد ذاته، رأى الباحث في الشأن السياسي العراقي، لطيف المهداوي أن "إمكانية وقوف المليشيات وراء الانفجار داخل معسكر للحشد الشعبي، أمر وارد الاحتمال، لأن الحشد اتهم مباشرة الجانب الأميركي، حتى قبل توجيه التهمة لإسرائيل، وهذا ربما له علاقة بزيارة السوداني إلى واشنطن".

وتوقع المهداوي في حديث لـ"الاستقلال" أن "اتهام الولايات المتحدة ربما هدفه إفشال زيارة السوداني، وإظهارها أنها لم تسطع إيقاف الهجمات الأميركية في العراق، وذلك لأنه لم يركز خلال محادثاته على الانسحاب الأميركي من البلاد، والتي هاجمته بسببها المليشيات والقوى المرتبطة بإيران".

ولفت إلى أن "بيان خلية الإعلام الأمني، تستر على الفاعل الحقيقي، ولم يظهر الحقيقة، وهذا يؤكد أن الانفجار داخلي وليس له علاقة بأي عامل خارجي سواء كان أميركيا أو إسرائيليا".

زيارة السوداني إلى واشنطن التي استمرت من 14 إلى 19 أبريل 2024، هي الأولى له منذ توليه منصبه في أكتوبر 2022، التقى فيها الرئيس الأميركي جو بايدن، ووزير الدفاع لويد أوستن، وكبار المسؤولين الأميركيين، ورؤساء شركات كبرى، لا سيما المختصة بالطاقة.

في علامة واضحة تشير إلى عدم بحث ملف الانسحاب الأميركي من العراق، كان غياب المسؤولين والقادة الأمنيين عن الوفد الذي رافق محمد شياع السوداني إلى الولايات المتحدة، واقتصاره على وزراء التخطيط والمالية والنفط، إضافة إلى شخصيات اقتصادية وسياسية.

ولم يجر الحديث منذ بداية الزيارة عن "انسحاب أميركي"، وإنما وضع جدولا زمنيا لإنهاء مهمة التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة بقيادة الولايات المتحدة، والانتقال إلى علاقات ثنائية مع الدول المشاركة بالتحالف، حسبما أكد السوداني أثناء مغادرته العراق متوجها إلى واشنطن في 14 أبريل.

في وقت لم يصدر فيه أي موقف رسمي من قيادات الإطار التنسيقي القريب من إيران بشأن ملف الانسحاب الأميركي في زيارة السوداني إلى واشطن، اتهم محللون سياسيون مرتبطون بهم رئيس الوزراء بالتغاضي وعدم الجدية في طرح الموضوع مع المسؤولين الأميركيين.

وقال المحلل السياسي العراقي القريب من الإطار التنسيقي، عباس العرداوي، إن الحكومة “غير جادة في طرح مواضيع إنهاء الوجود الأميركي اعتمادا على أوراق الضغط التي تمارسها واشنطن في هذا الملف”. 

وأوضح العرداوي لوكالة "المعلومة" العراقية في 16 أبريل، أنه "لم نسمع حديثا عن إخراج القوات الأميركية من العراق خلال زيارة السوداني، وأننا شهدنا على أحاديث تخص تسليح الجيش والشراكات بين البلدين وتوقيع بعض العقود للشركات الكبرى الأميركية". 

ولفت المحلل السياسي إلى أن "تغاضي الحكومة عن إنهاء الوجود الأميركي يتعارض مع الشارع العراقي وبعض الجهات السياسية، التي نددت كثيرا بوجودهم".