العراق يسحب جوازات سفر أكراد معارضين لإيران.. ماذا عن أعضاء "بي كا كا"؟

يوسف العلي | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

أثارت خطوة السلطات العراقية نحو سحب جوازات سفر معارضين أكراد لإيران، العديد من التساؤلات عن مدى تطبيق الشيء نفسه مع الشخصيات المرتبطة أو التي تنتمي إلى حزب العمال الكردستاني “بي كا كا”، الذي يتمتع بعلاقة وطيدة مع الحشد الشعبي العراقي.  

وتفيد معلومات بأن الحزبين الكرديين الحاكمين في إقليم كردستان العراق، الحزب الديمقراطي، والاتحاد الوطني، منحا جوازات سفر عراقية إلى شخصيات قيادية في أحزاب المعارضة الكردية الإيرانية، وأخرى مرتبطة بحزب العمال الكردستاني “بي كا كا” الذي يشن هجمات ضد الجارة تركيا منذ عقود.

جوازات بالجملة

وفي سياق إجراءات السلطات العراقية، كشفت وثيقتان رسميتان نشرتهما مواقع محلية في 18 مايو/ أيار 2024، إيعاز وزارة الداخلية بإبطال جوازات سفر منحها العراق إلى شخصيات كردية معارضة للنظام الإيراني، وتقيم على أراضي إقليم كردستان منذ عقود طويلة.

وتظهر وثيقة، صادرة بتاريخ 26 فبراير/شباط 2024، أمر وزارة الداخلية بإبطال جواز سفر رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني المُعارض مصطفى محمد أمين، المعروف بلقب "مصطفى هجري"، الذي يعود إصداره إلى نوفمبر/تشرين الثاني 2023.

وطبقا للوثيقة الرسمية، فإن مديرية الأحوال المدنية والجوازات والإقامة العراقية أمرت جميع المنافذ بسحب جواز "هجري" في حال استخدامه، والقبض على حامل الجواز ونقله إلى أقرب مركز للشرطة.

وفي وثيقة أخرى صادرة في 28 مارس 2024، أصدرت وزارة الداخلية أمرا بإبطال جوازات عراقية منحت للإيرانيين المعارضين: محمد نزيف، وشهريار إسماعيل، وناهيد سهران، وكاوه رستم، ودارا خالص، وطاهر خالد، فضلا عن اسم مصطفى هجري، مرة أخرى.

وعلى الصعيد ذاته، أكدت صحيفة "العربي الجديد" في 18 مايو، أن "الجوازات العراقية الممنوحة لإيرانيين أكراد، حصلوا عليها من خلال دائرة الجوازات والأحوال المدنية في إقليم كردستان وبشكل غير قانوني ومُنحت لهم لتسهيل تنقلهم وسفرهم".

وأوضحت الصحيفة أن "الاستخبارات الإيرانية هي من أطلعت بغداد على القضية، ولم يكتشفها العراق، لأن صدور الجوازات العراقية لهذه الشخصيات جرى بشكل رسمي، وضمن مستندات وأوراق جرى إصدارها لهم في إقليم كردستان".

وأشارت إلى أن "أطرافا سياسية في إقليم كردستان تتورط بقضية منح الجنسية العراقية لعشرات المعارضين الأكراد الإيرانيين خلال السنوات الماضية لأسباب مختلفة دون الرجوع إلى بغداد".

ولفتت إلى أن "من بين الأفراد الذين حصلوا على الجنسية العراقية، أكرادا سوريين يرتبطون بقوات سوريا الديمقراطية، (قسد) وآخرين هم عناصر من حزب العمال الكردستاني، وهذا يعود إلى وجود منظومة جوازات عراقية رسمية في الإقليم تتولى عملية الإصدار".

ويحتضن إقليم كردستان العراق منذ أكثر من أربعة عقود أحزابا كردية إيرانية معارضة، أبرزها: حزب عصبة الكادحين الثوريين الإيراني "كومله"، والحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني "حدك" القريب من الحزب الديمقراطي الحاكم في الإقليم بقيادة مسعود البارزاني.

وفي المقابل، يوجد حزب العمال الكردستاني في مناطق سنجار وجبال قنديل، وتربطه علاقات وطيدة مع الحشد الشعبي، بينما يتردد على مدينة السليمانية التي يدير شؤونها الاتحاد الوطني الكردستاني، بزعامة بافل الطالباني، قادة قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، ومن أبرزهم قائدها مظلوم عبدي.

ضغوط متصاعدة

وعن مدى اتخاذ سلطات العراق قرارا يسقط جوازات سفر منحت إلى شخصيات مرتبطة بحزب العمال الكردستاني، وذراعها في سوريا قوات "قسد"، كما حصل مع المعارضين لإيران، رأى الباحث في الشأن العراقي، علي المساري، أن ذلك "أمر وارد".

وأوضح المساري لـ"الاستقلال" أن "كردستان العراق يتعرض في الوقت الحالي إلى ضغوط متصاعدة سواء من إيران أو تركيا تتعلق بمطاردة وإبعاد معارضين لهم موجودين على أراضي الإقليم".

ولفت إلى أن زيارة رئيس الإقليم نيجيرفان البارزاني إلى إيران في 5 مايو 2024، ولّدت ضغطا آخر في ملف المعارضين الإيرانيين الأكراد، كونها وردت خلال المحادثات التي أجراها مع المرشد الإيراني علي خامنئي، ورئيس البلاد الراحل، إبراهيم رئيسي، ووعد البارزاني بتلبية مطالبهم.

وبحسب بيان رسمي إيراني، فإن رئيسي ثمّن خلال لقائه البارزاني، تصرفات حكومة العراق وإقليم كردستان في تنفيذ بنود اتفاقية أمنية بين البلدين (لإخراج المعارضين الإيرانيين الأكراد)، مشيرا إلى أن "نزع السلاح الكامل وغياب العناصر المناهضة للثورة (النظام الإيراني) في الأراضي العراقية هي ضرورة".

وأوضح المساري، أن الأمر نفسه بالنسبة لتركيا، فحين زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان العراق في 22 أبريل، كان ملف العمال الكردستاني ووجودهم في سنجار ومدن عراقية، أحد أبرز الملفات التي ضغط فيها على بغداد وأربيل، وطالبتهم بالتعاون لإنهاء وجودهم هناك.

وأشار الباحث إلى أن السلطات العراقية، وتحديدا في إقليم كردستان، ربما تفضل أن تلبي طلبات أنقرة وطهران وتضحي بالمعارضين الأكراد، مقابل إيقاف الهجمات المستمرة على أراضيه من تركيا وإيران، والتي تخلق بيئة مضطربة أمنيا تعيق ازدهاره وتقدمه الاقتصادي.

ورأى المساري أن "بغداد اليوم باتفاقها مع أنقرة على مشروع طريق التنمية، أصبح لديها مصالح كبرى تتعدى أي أوراق ضغط قد تجعلها تبقي على العمال الكردستاني على أراضيه، لذلك من المحتمل أن تتخذ خطوات ضد هذا الحزب تطمئن فيها تركيا".

وفي 22 أبريل، زار الرئيس التركي، بغداد، وأبرم العديد من الاتفاقيات، كان أبرزها توقيع اتفاق رباعي بين العراق وتركيا وقطر والإمارات، على مشروع إنشاء "طريق التنمية"، الذي يربط دول الخليج بقارة أوروبا، عبر سكة حديدية تمر بالأراضي العراقية. 

تحركات تركية

وعلى ما يبدو أنها ضغوط تركية في إطار مساعيها لإنهاء وجود "بي كا كا" على أراضي إقليم كردستان العراق، كشف علي ورهان عضو  حزب “الاتحاد الوطني الكردستاني”، القريب من قوات "قسد"، عن تحركات تركية "مثيرة" و"خطيرة" في مناطق مختلفة من محافظة دهوك في الإقليم.

ونقلت وكالة "بغداد اليوم" في 18 مايو، عن ورهان، قوله إن "هناك تحركات للجيش التركي في مناطق باطوفا وقرى جبل متين وأطراف ناحية شيلادزي وقرى بالكيتي ومناطق قريبة من قضاء زاخو بمحافظة دهوك في إقليم كردستان العراق".

وأوضح ورهان، أن "القوات التركية أجرت عملية استبدال لقواتها الموجودة في عدد من القواعد، إضافة إلى أنهم حفروا خنادق جديدة على مرتفعات جبل متين في محافظة دهوك".

وبحسب قوله، فإن "هناك خطة لإنشاء قواعد عسكرية جديدة تقع على ارتفاع جبل كتين تسيطر من خلاله القوات التركية على مناطق واسعة ومهمة وتنصب كاميرات ومنظومات تصوير تسيطر فيها على العمادية وشيلادزي وكاني ماسي وغيرها من المناطق". 

وكانت تقارير صحفية "حرييت" التركية، أكدت في 22 أبريل 2024، أن الجيش التركي سينفّذ عملية برية شاملة ضد عناصر حزب العمال الكردستاني المعارض بعد زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى العراق.

وفي 18 سبتمبر/ أيلول 2023، شنت تركيا هجوما بطائرة مسيرة على مطار "عربت" الزراعي في مدينة السليمانية، نتج عنه مقتل 3 أشخاص وإصابة 3 آخرين، حسب مصادر رسمية عراقية.

وأصدرت وزارة الخارجية التركية، بيانا أكدت فيه أن هجوم مطار عربت جاء بسبب تدريب عناصر من جهاز مكافحة الإرهاب تابعة للاتحاد الوطني الكردستاني (يتزعمه بافل الطالباني) مع عناصر "بي كا كا".

وقالت الوزارة خلال بيانها في 20 سبتمبر 2023، إن "عناصر من مجموعة مكافحة الإرهاب" التابعة لـ "الاتحاد الوطني الكردستاني كانت تجري تدريبات مع إرهابيي بي كا كا/ واي بي جي (وحدات حماية الشعب السوري) أثناء الانفجار".

وأضافت: "يعد هذا التطور خطيرا لأنه كشف بوضوح تعاون بعض العناصر الأمنية التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني مع عناصر التنظيم الإرهابي"، مشيرة إلى أن هذا "الحادث الأخير أكد مجددا مدى دقة تدابيرنا حيال السليمانية، التي احتجز التنظيم الإرهابي سكانها كرهائن".

وتابعت: "نتطلع من الحكومة المركزية العراقية وسلطات إقليم كردستان العراق تصنيف (بي كا كا) وأذرعه كتنظيمات إرهابية، ومكافحة الإرهاب بشكل صادق وملموس".

ورغم أن مدينة السليمانية تقع في إقليم كردستان، لكنها تدار بشكل مباشر من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، بقيادة بافل الطالباني، ولا تخضع لسلطة الحكومة الكردية في أربيل، التي يديرها الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني.

وتنفذ تركيا عمليات عسكرية مستمرة ضد مواقع حزب العمال الكردستاني شمالي العراق، آخرها عملية "المخلب – القفل" المستمرة منذ 17 أبريل/ نيسان 2022، بعد أن دفع الصراع بين أنقرة و"بي كا كا" لعقد اتفاقية أمنية مع العراق عام 1994 جرى تمديدها في 2007.

وبموجب الاتفاقية يُسمح للقوات التركية بتنفيذ ضربات جوية ضد معاقل حزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه أنقرة على لوائح الإرهاب لديها، والتوغل البري من أجل مطاردته إلى عمق 25 كيلومترا على طول الشريط الحدودي مع الأراضي العراقية.