عمودها الفقري.. لماذا تعتمد دول العالم على إسرائيل في الأمن السيبراني؟

منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

بفضل الدعم الكبير الذي قدمه الغرب في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية والاستخباراتية، أصبحت إسرائيل دولة مزعزعة للأمن في قلب الشرق الأوسط. 

ولهذا السبب كثيراً ما يقترن اسمها بقدراتها في الأمن السيبراني بالإضافة إلى جيشها المزدحم ومعداتها العسكرية عالية التقنية وشبكة استخبارات قوية تضمن أمن حدودها، وفق ما تقول صحيفة يني شفق التركية.

وأردفت في مقال للكاتب التركي نعمان أكا: من المعروف أن إسرائيل لاعب حاسم في النظام التكنولوجي العالمي، وخاصة في مجال الأمن السيبراني. 

وهي تحتل المرتبة الأولى في العالم من حيث عدد الشركات للفرد الواحد، والأولى من حيث عدد المهندسين والعلماء للفرد، والثانية من جهة الإنفاق على البحث والتطوير للفرد.

في عام 1996 جرى تداول شركة الأمن السيبراني الإسرائيلية "تشك بوينت" في بورصة ناسداك (نيويورك)، وكانت بمثابة إشارة لهذه السوق عالميا. 

وفي حدث آخر، اشترت شركة مايكروسوفت العملاقة شركة الأمن السيبراني الإسرائيلية "أدالوم"، وكانت أكبر صفقة استحواذ لها حتى ذلك الحين.

العمود الفقري

وأشار الكاتب إلى أن الأمن السيبراني هو العمود الفقري لاقتصاد إسرائيل اليوم، وليس فقط أمنها. 

وبين أن حوالي 20 بالمئة من شركات التكنولوجيا الإسرائيلية تتعامل مع الأمن السيبراني. 

ووفقاً للمكتب الوطني للأمن السيبراني، تبلغ قيمة خدمات هذا المجال في إسرائيل حوالي 10 بالمئة من السوق العالمية. 

ويعد النجاح في تحقيق الريادة العالمية في مجال الأمن السيبراني إنجازًا كبيرًا يضع إسرائيل في موقع متقدم على الدول المشهورة بنشاطها في هذا المجال مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين.

تعد "الوحدة 8200" جزءا من الجيش الإسرائيلي وتُعد واحدة من أكبر وحداته، وتُعرف أيضًا باسم وحدة التجميع المركزية لفيلق الاستخبارات. 

وتعمل الوحدة على جمع وتحليل استخبارات الإشارات وفك التشفير، وتقدم معلومات استخباراتية حاسمة "للدفاع عن إسرائيل وأمنها السيبراني، وتضم آلاف الموظفين العسكريين المتخصصين في هذا المجال".

وبين الكاتب أنّ وظيفتها مماثلة لوظيفة وكالة الأمن القومي للولايات المتحدة.،حيث يعد التعليم الذي تقدمه هذه الجمعية لأعضائها المختارين بعناية معادلا للتعليم الذي تتلقاه من أفضل المؤسسات التعليمية الأميركية.

في عام 2010 كتبت صحيفة لوموند الفرنسية أن الجيش السيبراني الأكثر فعالية في العالم هو الوحدة 8200، حيث تعمل جنباً إلى جنب مع شبكة تجسس كبيرة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا وإفريقيا.

 وذلك من خلال استخدام قدرات اتصال مثل المراقبة والاستماع إلى المكالمات الهاتفية وتتبع رسائل البريد الإلكتروني وما إلى ذلك.

واليوم تلعب الوحدة دوراً حاسماً في جميع الموارد البشرية لشركات الأمن السيبراني والبرمجيات التي تتخذ من إسرائيل مقراً لها والتي استحوذت على السوق العالمية، كما أنها كانت رائدة في إنشاء هذه الشركات التي يقترب عددها من 500. 

شبكة رأس المال

وبالإضافة إلى توفير الموارد البشرية الخبيرة، تلعب شبكة رأس المال الاستثماري دورًا حاسمًا في دعم شركات الأمن السيبراني في إسرائيل. 

إذ تجذب هذه الشبكة الاستثمارات وتوفر رأس المال اللازم لإنشاء وتطوير هذه الشركات قبل أن تبدأ عملياتها وأثناء نموها.

واستدرك الكاتب التركي: هذه الشركات المستفيدة من دعم الدولة تعمل على المساعدة لأعضاء المخابرات الذين تم تدريبهم في الجيش الإسرائيلي، حتى قبل أن يبدأوا في إنشاء شركاتهم وحتى في مرحلة الأفكار الأولية. 

وبعدها يعملون على توجيههم حول الفرص المتاحة في السوق والمجالات التي يجب عليهم تأسيس أعمال فيها، ومن ثم يساعدونهم في العثور على رأس المال والأسواق. 

وتشمل خدماتهم تعريفهم بشركاء التصميم والعملاء المحتملين، وتوفير فرص للقاء المستثمرين ذوي المستوى العالي، وتدريبهم على إستراتيجيات الدخول إلى السوق والمبيعات، وترتيب التوظيف في إسرائيل أو الولايات المتحدة.

وأيضا تقديم المساعدة في فتح مواقع عمل دولية وتوفير رأس المال اللازم للاستمرار في العمل، وهذه فقط جزء من الخدمات التي يقدمونها.

حبل المشنقة

وأردف الكاتب التركي: الاستخبارات هي واحدة من القوى الرائدة التي تبقي إسرائيل، المعاديةُ لجميع الأطراف والمتطفلة على جغرافيتها، على قيد الحياة. 

وجهاز الموساد الإسرائيلي هو منظمة لديها القدرة على العمل بشكل متشابك مع أجهزة الاستخبارات الأميركية والبريطانية، والتي من المعروف أن لديها أكبر شبكات التجسس في العالم. 

ولفت الكاتب إلى أنه من الغريب أن هذه المنظمة تعمل على توظيف جزء كبير من الشخصيات التي تم اختيارها وتدريبها أثناء فترة خدمتهم العسكرية، وتشجعهم على أن يصبحوا رواد أعمال مستقلين في وقت لاحق، ولكن لماذا؟

وبين أن تطور الإنترنت وانتشاره عالميًا استدعى تحولًا في أنشطة الاستخبارات إلى المجال الافتراضي. وكانت إسرائيل واحدة من الدول الأكثر استعدادًا لهذا التحول. 

لذلك ليس من المستغرب أن نجد إسرائيل متورطة في العديد من فضائح سرقة البيانات والتجسس السيبراني المتزايد في السنوات الأخيرة.

 ومن الواضح أن متابعة الأخبار المرتبطة ببرنامج التجسس بيغاسوس ستعطي تلميحا للغير الملمين بالموضوع. وهناك العديد من الأمثلة الأخرى المشابهة، وفق الكاتب.

وأردف: "نعلم أن إسرائيل نفذت مراراً وتكراراً أنشطة سرقة البيانات والتجسس، حتى على حلفائها في الولايات المتحدة وأوروبا". 

وشركات الأمن السيبراني المدربة من قبل الجيش والمخابرات الإسرائيلية، والتي بذلت دولة إسرائيل جهوداً خاصة لتأسيسها، يتم توظيفها بشغف كمراقبين في هذا المجال لدول وشركات أخرى. 

وعلق الكاتب التركي أنه لن يكون من المبالغة إذا قلنا إن العالم كله يدور وحبل المشنقة حول رقبته.

فمن الواضح أن العالم بأكمله يعتمد على إسرائيل في مراقبة وحماية أهم الأسرار الحكومية ومعلومات المؤسسات والشركات الخاصة، حيث يتم تدريب أعضاء وكالة الاستخبارات الإسرائيلية لتنفيذ هذه المهمة. 

وما يجعل الأمر أكثر تعقيدًا هو أنهم قادرون حتى على العمل ضد حلفائهم. وبالتالي في هذا العالم الذي يعتمد على إسرائيل لأمنه السيبراني لا يوجد أمان لأي بلد أو شعب بما في ذلك الأصدقاء والحلفاء، يخلص الكاتب.