آموس هوكشتاين.. مقاتل إسرائيلي سابق يقود جهود أميركا لإيقاف حرب لبنان

يوسف العلي | منذ ٩ أشهر

12

طباعة

مشاركة

“دبلوماسي أميركي، خبير طاقة، مقاتل إسرائيلي”.. كل هذه الألقاب تطلق على آموس هوكشتاين، مبعوث الرئيس الأميركي جو بايدن إلى لبنان، الذي سبق أن قاد مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين بيروت وتل أبيب، انتهت بتوقيع وثيقة اتفاق في أكتوبر/تشرين الأول 2022. 

يتولى هوكشتاين حاليا، مهمة التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله اللبناني والاحتلال الإسرائيلي، حاملا معه مقترحا سلمته تل أبيب إلى واشنطن من أجل إيجاد حل دبلوماسي، لكنه لا يخلو من شروط قد ترفضها بيروت.

مبعوث بايدن

في ظل القتال الدائر بين حزب الله اللبناني وإسرائيل، أجرى آموس هوكشتاين، زيارة إلى العاصمة اللبنانية بيروت في 21 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، والتقى خلالها برئيسي الحكومة، نجيب ميقاتي، والبرلمان، نبيه بري.

وقال هوكشتاين من بيروت في 21 أكتوبر، إن مجرد الحديث عن التزام لبنان وإسرائيل بقرار الأمم المتحدة رقم 1701 ليس كافيا، وإن الولايات المتحدة تعمل على صيغة لإنهاء الصراع إلى الأبد. 

وينص قرار رقم 1701 على أن الجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، هي المسؤولة عن تنفيذ وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله.

وأضاف مبعوث بايدن، قائلا: "نبهتُ قبل أشهر حول ضرورة حلّ الأمور وإنهاء الصراع القائم بين لبنان وإسرائيل لكن الأوضاع خرجت عن السيطرة".

ولفت إلى أن "أميركا تُريد إنهاء الحرب بأسرع وقت ممكن، ونعمل مع لبنان وإسرائيل للوصول إلى صيغة تضع حدا للنزاع القائم بشكل دائم"، مضيفا: "التزامنا هو أن نحل النزاع استنادا للقرار 1701".

وأشار هوكشتاين إلى أن "أبناء الشعب اللبناني يُريدون العودة إلى منازلهم بشكل آمن، وحاولنا احتواء الأزمة الحالية لكننا لم نتمكن من ذلك"، مؤكدا أن "العالم سيقف إلى جانب لبنان وقادته إذا اتّخذوا القرارات الشجاعة".

وأردف: "المجتمع الدولي يجب أن يسهم بدعم لبنان، وأن نشهد على إعادة إعماره بعد الدمار"، مشددا على ضرورة "مساندة الجيش اللبناني وهو قادر على حماية مرافقه الحيوية والحدودية".

وقبل وصوله إلى بيروت، نقل موقع "أكسيوس" الأميركي في 20 أكتوبر، عن مسؤولين أميركيين (لم يكشف عن هويتهم)، أن هوكشتاين سيحمل معه مقترحا سلمته إسرائيل لواشنطن لحل دبلوماسي في لبنان.

وأوضح أن "المقترح تضمن شروطا من بينها أن يُسمح للجيش الإسرائيلي بتنفيذ عمليات للتأكد من عدم عودة تسليح حزب الله، إضافة إلى أن تتمتع قواتها بحرية العمل في المجال الجوي اللبناني".

وتوقع مسؤول أميركي في حديث للموقع أنه "من غير المرجح أن يوافق لبنان والمجتمع الدولي على الشروط الإسرائيلية".

مقاتل إسرائيلي

آموس هوكشتاين ولد في إسرائيل عام 1973 لأبوين يهوديين أميركيين، وهو يهودي أرثوذكسي، درس عام 1987 في مدرسة "نتيف مئير" الثانوية الدينية في الأراضي المحتلة، قبل أن ينتقل منها إلى مدرسة هارتمان الدينية في مدينة القدس.

عقب تخرجه في الثانوية العامة، خدم هوكشتاين في جيش الاحتلال الإسرائيلي من 1992 إلى 1995 قبل أن ينتقل إلى واشنطن، ويتزوج من جولي راي رينجل، عضو هيئة التدريس في كلية التعليم المستمر بجامعة جورج تاون الأميركية، ولهما 4 أطفال.

قبل عمله في جماعات الضغط العامة الأميركية ثم انتقاله إلى وزارة الخارجية، عمل هوكشتاين في الكونغرس مع سياسيي الحزب الديمقراطي.

ولم يتوان وقتها عن تمرير مصالح بلده الأول (إسرائيل) في خضم عمله الرسمي في بلده الثاني، وفق ما قالت صحيفة "هآرتس" العبرية عام 2022.

في عام 1999، زار هوكشتاين بغداد مع أربعة أميركيين، مثَّل كلٌّ منهم مكتب سيناتور بالكونغرس، في أول زيارة لوفد من العاملين في المؤسسة التشريعية الأميركية إلى العراق منذ حرب الخليج عام 1991. 

وبعد زيارة عدد من المدارس والمشافي ومنشآت البنية التحتية، والاجتماع مع "طارق عزيز"، نائب رئيس الوزراء العراقي آنذاك، شعر أعضاء الوفد كافة بأن وطأة العقوبات وقعت على كاهل الشعب العراقي ولم تضُر نظام صدام حسين وحده كما خُطِّط لها.

وصرّح هوكشتاين حينها بأن العقوبات الاقتصادية يجب أن تبقى كما هي، لكن مع الاعتراف بالحاجة إلى أن تكون "إنسانية". 

وعرض على نزار حمدون، وكيل وزارة الخارجية العراقية حينذاك، إمكانية توطين بضعة آلاف من الفلسطينيين في وسط العراق مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عن نظام صدام حسين. 

وبعد سبع سنوات من هذه الزيارة، ذكر الدبلوماسي الألماني هانس فون سبونِك، المنسق الإنساني للأمم المتحدة من أجل العراق في ذلك الوقت: "لقد فهمت أن ذلك (توطين فلسطينيين) كان مهمة أُوكِل بها (هوكشتاين) ولم يكُن مجرد موضوع خطر له من باب الفضول".

دبلوماسي أميركي

أمضى هوكشتاين 15 عاما في تقديم المشورة للمسؤولين المنتخبين في الولايات المتحدة وقادة الفكر وشركات النفط والغاز الخاصة، بشأن مبادرات سياسة الطاقة المحلية والعالمية.

بدأ العمل في مكتب موارد الطاقة بوزارة الخارجية عام 2011 في عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما.

ثم عُين عام 2014 نائبا لمساعد وزير الخارجية لشؤون الطاقة، قبل أن يشغل منصب المبعوث الخاص ومنسق شؤون الطاقة الدولية.

في عام 2015، رشح أوباما هوكشتاين ليكون مساعد وزير الخارجية لموارد الطاقة، لكن مجلس الشيوخ لم يتخذ إجراء بشأن الترشيح، ثم عمل مستشارا مقربا لنائب الرئيس آنذاك جو بايدن، إذ خدم في إدارته منذ عام 2011.

عمل هوكشتاين وسيطا في صفقة بيع الغاز الموقعة عام 2014 بين إسرائيل والأردن، وزار العراق في العام نفسه.

وتوصل إلى اتفاقيات تصدير نفط إقليم كردستان إلى تركيا وأوروبا، وأقنع إدارة أوباما بذلك، وحصلت إسرائيل على نسبة من النفط عبر ميناء عسقلان.

وفي مرحلة تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة (2017 إلى 2021)، شارك هوكشتاين في الجهود الأميركية في ملفات عدة، من بينها العقوبات على إيران، والتعاون في مجال الطاقة مع الهند والصين، والإستراتيجية بشأن روسيا، والحرب ضد تنظيم الدولة.

في العام 2017، انضم إلى "Tellurian" وهي شركة خاصة للغاز الطبيعي المسال مقرها مدينة هيوستن بولاية تكساس الأميركية، وشغل منصب نائب الرئيس الأول للتسويق حتى رحيله عنها في سبتمبر/أيلول 2020.

كان عضوا في مجالس إدارة المجلس الأطلسي ومجلس الأعمال الأميركي الهندي، وعضوا سابقا في مجلس الإشراف على شركة "نفطوغاز" الأوكرانية، التي استقال منها في أكتوبر 2020.

طوال حياته المهنية، كان مستشارا مسؤولا عن الضغط لصالح شركات النفط والغاز الأميركية والدولية، إضافة إلى الشركات التي تركز على الطاقة المتجددة، وبهذه الصفة، ساعد الشركات على تقييم الأسواق الجديدة المحتملة وتطوير مصادر بديلة للطاقة.

وفي أغسطس/آب 2021، أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تعيين هوكشتاين مستشارا أول لأمن الطاقة، وجرى تعيينه لاحقا منسقا رئاسيا خاصا للبنية التحتية العالمية وأمن الطاقة.

وبعد اندلاع طوفان الأقصى عام 2023، ودخول حزب الله إلى المعركة، عُين هوكشتاين في 2024 مبعوثا خاصا للرئيس جو بايدن إلى لبنان لتهدئة الأجواء الملتهبة بين حزب الله وإسرائيل.