"هيكلة الجماعة".. هذه مهام سفير إيران لدى الحوثيين في اليمن

سام أبو المجد | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

في عباءة دبلوماسي، يمارس سفير إيران لدى جماعة الحوثي في اليمن حسن إيرلو، مهاما بعيدة عن العرف الدبلوماسي، وأدوارا كما لو كان حاكما عسكريا مطلقا في صنعاء والمدن الخاضعة للحوثيين.

وفي 14 مايو/أيار 2021، كشفت صحيفة "إنتلجنس أونلاين" الفرنسية أن "إيرلو" يقوم بمهام متعددة منذ قدومه إلى صنعاء قبل أشهر، بينها إعادة هيكلة جماعة "الحوثي".

وقالت الصحيفة الاستخباراتية، إن "إيرلو شرع في إعادة هيكلة وتنظيم مليشيا الحوثي، حيث تمكن من تهميش مسؤولين معتدلين، مثل رئيس اللجنة الثورية محمد علي الحوثي، لصالح تعزيز هيمنة متشددي الجماعة، وعلى رأسهم وزير الداخلية عبد الكريم الحوثي ومدير مكتب الرئاسة الحوثية أحمد حامد".

وأضافت: "منذ توليه المنصب في أكتوبر/تشرين الأول 2020، أعاد المبعوث الجديد لإيران، وهو في الأصل ضابط في الحرس الثوري، هيكلة الوحدات القتالية..".

وتابعت الصحيفة: "بعد وصوله المثير للانتباه على متن طائرة عمانية كانت مخصصة لإعادة مقاتلي مليشيا الحوثي الذين تلقوا العلاج الطبي في مسقط -على عكس التقارير غير الصحيحة التي أشاعت وصوله على متن طائرة تابعة للأمم المتحدة- شرع إيرلو في إعادة هيكلة وتنظيم مليشيا الحوثي". 

ولفتت إلى أن "إيرلو تخلص من الجماعات المسلحة المستقلة التي كانت تحاول تثبيت مواطئ أقدام لها داخل قيادة الحوثي، وذلك من أجل تشكيل وحدة أقوى، في الوقت الذي كانت تستعد فيه مليشيا الحوثي للمعركة الإستراتيجية للسيطرة على مأرب، والتي انطلقت في فبراير/شباط "2021.

عقائدي ووظيفي

لفهم طبيعة الهيكلة التي يقوم بها إيرلو، يجب الإشارة إلى أن جماعة الحوثي في الأساس تتكون من عدة أجنحة، أبرزها "الجناح العقائدي" وما يمكن أن يسمى "الجناح الوظيفي".

والجناح العقائدي، هو الكتلة الصلبة لدى الجماعة، وينحدر ممثلو هذا الجناح من محافظة صعدة، وهم أكثر الناس ولاء للجماعة ولأدبياتها، لاسيما أولئك الذين شكلوا النواة الأولى لملتقى "الشباب المؤمنالذي انبثقت منه جماعة الحوثي في تسعينيات القرن الماضي.

وقاتل هذا الجناح في صفوف الحوثي أثناء حربهم مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح فيما يسمى (الحروب الست) وهي جولات الحروب التي استمرت من 2004 وحتى 2010.

أما الجناح الآخر، فهم الحوثيون الذين انضموا للجماعة عقب الانقلاب في 21 سبتمبر/أيلول 2014، بعد أن ملكت الجماعة أسباب القوة، حيث انضم للجماعة عدد من موظفي الهيكل الإداري للدولة، خصوصا من "الأسر الهاشمية" الذين ساعدوا الجماعة على تسيير العمل الحكومي، وتبوأ عدد منهم مناصب حكومية رفيعة لاحقا .

جدير بالذكر أن اليمنيين يسمون جناحي الحوثي (الكهف والطيرمانة) ويقصد بـ"حوثيي الكهف" الحوثيين العقائديين من أصحاب صعدة الذين يتبعون بشكل مباشر زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي الذي اختفى في كهوف صعدة لمدة طويلة.

ومن أبرز من يمثل هذا الجناح، القيادي الحوثي طه المداني الذي قتل في وقت سابق بغارة جوية للتحالف، وكذلك أخوه يوسف المداني والقيادي محمد الغماري اللذان أدرجتهما وزارة الخزانة الأميركية مؤخرا في قائمة العقوبات.

في حين يقصد بـ"الطيرمانة"، الحوثيين المرفهين الذين تستفيد منهم الجماعة في تسيير الأعمال في مؤسسات الدولة، ولا تعتمد عليهم بشكل كامل في حربها ومعاركها، و"الطيرمانة" أو "الطيرمانات" هي الاستراحات و"المقايل" التي يبنيها اليمنيون في أسطح منازلهم، والتي درج الحوثيون من أهل صنعاء على "المقيل" فيها كطقس يومي.

خلافات حادة

ذلك التقسيم، لا يعني أن كل القيادات العقائدية في مأمن من التهميش أو حتى التصفية، فبحسب "إنتلجنس أونلاين" فإن رئيس اللجنة الثورية محمد علي الحوثي يتعرض للتهميش ضمن الهيكلة التي يقوم بها سفير طهران لدى الجماعة .

علاوة على ذلك، فقد نقلت مصادر إعلامية يمنية متفرقة، لم يتسن التأكد منها، أن خلافا كبيرا نشب بين إيرلو والقيادي في جماعة الحوثي أبو علي الحاكم، وذلك في لقاء جمع إيرلو بقيادات "الحوثي" منتصف أبريل/نيسان 2021، عقب فشل الجماعة في اقتحام مدينة مأرب.

وبحسب المصادر فإن إيرلو هاجم "الحاكم" متهما إياه بالفشل في اقتحام مأرب، وبكونه لا يصلح لقيادة المعركة، واستخدم عبارات احتقر فيها الرجل أمام القيادات الحوثية التي حضرت اللقاء، ليرد عليه الحاكم بشكل حاد ويطالبه بالنزول إلى أرض المعركة قائلا له: "تعال إلى أرض المعركة لو كنت رجلا"، وهو الأمر الذي تسبب بإنهاء الاجتماع بشكل فوري.

بعد ذلك، تولى إيرلو من خلال غرفة عمليات طارئة بصنعاء، قيادة معركة مأرب، وكان رئيس أركان الجيش اليمني، صغير بن عزيز، قد كشف في 20 فبراير/شباط 2021 أن السفير إيرلو هو المسؤول الإيراني الذي يقود هجوم الحوثيين على مأرب.

وقال ابن عزيز في تصريحات لقناة "اليمن" الفضائية، إن "القائد الحقيقي لمعركة الحوثيين هو المدعو إيرلو، أو ما يطلق عليه الحاكم العسكري الإيراني في صنعاء".

ويمتلك إيرلو سلطة مطلقة لإعادة هيكلة جماعة "الحوثي" وتعزيز قيادات حوثية وتهميش آخرين، من غير أن يكون لدى الحوثيين القدرة على اعتراض قراراته، فهو ممثل إيران في اليمن، الذي تفرض رؤيتها على الجماعة في رسم السياسة العامة والإستراتيجية القتالية للجماعة منذ أكثر من عقدين.

اغتيالات وتصفية

وخلال الفترة الأخيرة، تعرض عدد من قيادات جماعة "الحوثي" للتصفية، وتذهب أنباء غير مؤكدة بأن الجماعة نفسها هي من تقف وراء تلك العمليات، وأخرى تذهب إلى أن إيرلو ذاته قد أوعز بالتخلص من بعض القيادات التي مارست بعض النقد للجماعة وسياستها، وتعيش صراعا غير معلن مع قيادات أخرى، كان آخرهم وزير الشباب لدى الجماعة، حسن زيد.

وفي 27 أكتوبر/تشرين الأول 2020، أقدم مسلحون مجهولون على اغتيال وزير الشباب حسن زيد، أثناء عبوره نفق تقاطع شارع حدة وسط العاصمة صنعاء.

وبحسب متابعين، فإنه من المرجح أن تكون تصفية زيد نتيجة لصراع الأجنحة داخل الجماعة التي تشهد خلافات لا يتم الإعلان عنها في العادة، خصوصا أن ظروف اعتقال القاتل وتصفيته على وجه السرعة كانت مثيرة للريبة، فيما تتولى شخصيات مهمة داخل جهاز الأمن الوقائي الذي أنشأه الحوثيون خلال السنوات الأخيرة حل تلك الخلافات داخل القيادات الحوثية.

و في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، اغتيل البرلماني عبد الكريم جدبان الذي كان مقربا من الحوثيين، وعضوا لمؤتمر الحوار الوطني عن مكون الحوثيين وأحد مؤسسي "حزب الحق" الذي يرأسه حسن زيد.

وفي 21 يناير/كانون الثاني 2014، استهدف أستاذ القانون في جامعة صنعاء، وعضو مؤتمر الحوار الوطني عن جماعة الحوثي،  أحمد شرف الدين، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2014، تم اغتيال الشخصية الأكاديمية الموالية لجماعة الحوثي، محمد عبد الملك المتوكل في شارع الزراعة وسط صنعاء.

وفي 8 مارس/آذار 2015،  اغتيل عبد الكريم الخيواني عضو مؤتمر الحوار الوطني عن جماعة الحوثي، وسط صنعاء، فيما لم يتم الكشف عن الجناة رغم أن الجماعة تسيطر على الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في العاصمة المسلوبة.