قاسم مصلح.. قيادي بالحشد الشعبي تسبب اعتقاله بأزمة في العراق

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تسبب اعتقال قائد الحشد الشعبي في الأنبار غرب العراق قاسم مصلح، بتوتر كبير في العاصمة بغداد بين الحكومة والمليشيات الشيعية الموالية لإيران، كاد يصل إلى الصدام المسلح بعدما طوقت الأخيرة المنطقة الخضراء، التي تضم المباني الحكومية ومعظم السفارات الغربية.

وفي 26 مايو/ أيار 2021، نفذت قوة أمنية عراقية، عملية إلقاء القبض على قاسم مصلح، الذي يعد واحدا من القيادات البارزة في قوات الحشد الشعبي، وكان مقربا من رئيس أركان هيئة "الحشد" أبو مهدي المهندس وقائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني.

حاكم عسكري

يتولى قاسم كريم محمود مصلح الخفاجي قيادة عمليات الأنبار في هيئة الحشد الشعبي، منذ عام 2017، بعدما كان زعيم مليشيا "علي الأكبر" الذي تديره المرجعية الشيعية في النجف بشكل مباشر.

قبل ذلك كان قاسم مصلح قائدا لقوات "حفظ النظام" التابعة لما يعرف بـ"العتبة الحسينية" في كربلاء، فهو من أهالي المدينة التي سكنتها عائلته منذ عشرات الأعوام.

أقيل مصلح من قيادة لواء "علي الأكبر" في وقت مبكر من الحرب على تنظيم الدولة عام 2014، وتسلم قيادة لواء آخر هو "لواء الطفوف" الذي عمل بشكل رئيس مع مليشيا عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله في معارك تحرير الموصل، بحسب مصدر من هيئة الحشد الشعبي.

يسيطر مصلح على محافظة الأنبار وتحديدا المناطق الغربية التي تصل مساحتها نحو 200 كلم على الحدود مع سوريا، ويعتبر كما يصفه مراقبون بأنه عراب عبور القوافل الموالية لإيران من سوريا والعكس أيضا.

وينسب إلى القيادي في الحشد الشعبي، بأنه هو من أنشأ منافذ غير رسمية تربط العراق بسوريا لاستخدامها في عمليات التهريب، التي تمد النظام السوري وإيران والمليشيات دعما اقتصاديا.

يوصف مصلح بأنه "حاكم عسكري" لمحافظة الأنبار ذات الغالبية السنية، ويمتلك صلاحيات واسعة بفضل منصبه في الحشد الشعبي وقربه سابقا من أبي مهدي المهندس وقاسم سليماني، تتجاوز صلاحيات قائد عمليات الأنبار، بل حتى المحافظ الذي يعتبر الشخص المنصب التنفيذي الأول.

وتفيد تقارير إعلامية ومنها لوكالة "رويترز" نقلا عن مسؤولين أمنيين عراقيين، أن "اعتقال مصلح كان على صلة بهجوم صاروخي أخير على القاعدة العراقية الأميركية في عين الأسد".

وذكرت وسائل إعلام قريبة من الحشد الشعبي أن التوقيف جاء على خلفية توترات بين الفصائل ضمن قاطع مسؤوليته في غرب الأنبار والقوات الأميركية التي منع دخول عجلات تابعة لها من سوريا، إضافة إلى مسؤوليته عن استهداف قاعدة عين الأسد التي تستضيف جنودا أميركيين عدة مرات.

وتتمركز قوات تابعة لفصائل الحشد الشعبي على مقربة من تلك القاعدة العسكرية ضمن قاطع مسؤولية قائد عمليات الحشد في غرب الأنبار، قاسم مصلح.

وقال الجيش العراقي إن قوات الأمن ألقت القبض على قاسم مصلح الخفاجي وفق المادة 4 من قانون مكافحة الإرهاب، والتحقيق جار معه من قبل لجنة تحقيقية مشتركة في التهم الجنائية المنسوبة إليه وفق السياقات القانونية".

قاتل الناشطين

جاءت خطوة اعتقال مصلح بعد يوم واحد من احتجاجات عمت العاصمة العراقية بغداد ومدن الجنوب في 25 مايو/أيار 2021، لمطالبة الحكومة بالكشف عن قتلة الناشطين والمتظاهرين.

وقتل المئات من المتظاهرين معظمهم عزل في الاحتجاجات التي عمت جميع أنحاء البلاد عام 2019 ودفعت رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي إلى الاستقالة.

وقال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في بيان صدر في وقت لاحق: "نفذت قوة أمنية عراقية مختصة بأمر من القائد العام للقوات المسلحة مذكرة قبض قضائية بحق أحد المتهمين، وفق المادة 4 إرهاب وبناء على شكاوى بحقه".

ولم يذكره الكاظمي في بيانه بالاسم، لكنه أضاف أنه الآن بعهدة قيادة العمليات المشتركة إلى حين انتهاء التحقيق.

وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي نسخة من أمر القبض على مصلح، وأكدت صحته المصادر الأمنية التي ذكرت أنه اعتقل بموجب قانون مكافحة الإرهاب، دون أن تذكر المزيد من المعلومات.

وتشير بعض المصادر إلى أن قاسم مصلح متهم بقضايا إرهاب، ومنها المشاركة في قتل ناشط بارز في مدينة كربلاء، حسب وكالة أنباء "فرانس برس" في 26 مايو/ أيار 2021.

وكان الناشط إيهاب الوزني المعارض للحكومة قد قتل في 9 مايو/ أيار 2021 عندما أطلق مسلحون النار عليه من مسدس كاتم للصوت في مدينة كربلاء، مما أدى إلى خروج محتجين إلى الشارع مطالبين بوضع حد لعمليات كهذه.

واتهمت والدة الناشط إيهاب الوزني "مصلح" في أكثر من لقاء صحفي بالضلوع في اغتيال ابنها والناشط الآخر فاهم الطائي، بعد كشفهما حسب قولها لملفات فساد متورط فيها أثناء عمله في العتبة الحسينية في كربلاء، وهو ما أكده ناشطون مقربون من الوزني والطائي.

وقالت والدة الوزني خلال تصريح لقناة "الحرة" الأميركية، في 27 مايو/أيار 2021 أن نجلها تلقى تهديدات مستمرة بالقتل من القيادي في "الحشد" قاسم مصلح، قائلا له: "سأقتلك ولو بقي في حياتي يوم واحد"، مؤكدة أن "التهديد الأخير صدر عن مصلح قبل نحو شهر من اغتيال الوزني".

مصيره مجهول

أعقب اعتقال مصلح توجه سيارات تابعة للحشد الشعبي إلى المنطقة الخضراء في بغداد، حيث استمر استعراض القوة هذا لنصف ساعة فحسب قبل انسحاب المسلحين، وذلك بحسب وكالة "رويترز" للأنباء.

بعد انسحاب قوات الحشد الشعبي جرت احتفالات في الشوارع القريبة من المنطقة الخضراء من قبل سيارات العناصر ذاتها، ابتهاجا بنبأ الإفراج عن قاسم مصلح، لكن رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي نفى ذلك في بيان رسمي، وأكد أنه في عهدة القوات المشتركة.

وأضاف الكاظمي: "شكلت لجنة تحقيقية تتكون من قيادة العمليات المشتركة واستخبارات الداخلية والاستخبارات العسكرية والأمن الوطني وأمن الحشد الشعبي؛ للتحقيق في الاتهامات المنسوبة إليه، وهو الآن بعهدة قيادة العمليات المشتركة إلى حين انتهاء التحقيق".

لكن المسؤول الأمني لكتائب حزب الله، أبو علي العسكري، نشر تغريدة في 26 مايو/ أيار 2021، قال فيها إن "قاسم مصلح الآن حر عزيز بين إخوته وأحبائه، بعد أن صالت مجموعة من الغيارى على بعض أوكار الشر في المنطقة الخضراء، وجرى استقدام قوات مساندة".

واعتبر العسكري أن "عملية الاعتقال عبارة عن اختطاف من إحدى مناطق بغداد بترتيب يحاك له من 7 أيام بين الكاظمي، وأبو رغيف (رئيس لجنة مكافحة الفساد)، وخلية تابعة لوكالة المخابرات الأميركية".

ولا تزال الروايات متناقضة أيضا حول مصير مصلح، وأكد أكثر من قيادي في الحشد الشعبي، ونواب شيعة مقربون من الفصائل المسلحة الإفراج عنه وتسليمه إلى أمن الحشد.

كما أكد بعضهم وجوده في مقر هيئة الحشد بصفته قائدا في الهيئة وليس معتقلا أو متهما.

ونقلت وكالة الأنباء العراقية (رسمية)، في 28 مايو/ أيار 2021، عن مصادر حكومية، أن التحقيقات لا تزال جارية مع مصلح عبر لجنة مشتركة من مؤسسات أمنية وعسكرية.

وهذه هي المرة الأولى التي يعتقل فيها قيادي من قيادات فصائل الحشد الشعبي بهذا المستوى، إذ سبق ذلك عمليتان أمنيتان منفصلتان عام 2020 طالت عناصر من مليشيات حزب الله وعصائب أهل الحق، لكن أفرج عنهم بعد أيام بعد تهديدات للحكومة مارستها هذه القوى القريبة من إيران.