جرس إنذار.. وثيقة سرية تكشف "مخطط انقلاب" قيس سعيد على الديمقراطية

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

تحدث موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، عن وثيقة مسربة أعدها كبار مستشاري الرئيس التونسي قيس سعيد، تحثه فيها على السيطرة الكاملة على البلاد.

وقال الموقع إن "كبار مستشاري سعيّد طالبوه بانتزاع السيطرة على البلاد من الحكومة المنتخبة، في الوقت الذي تكافح فيه الأخيرة جائحة كورونا ومستويات متزايدة من الديون".

وتتمثل الخطة في جذب خصوم سعيّد السياسيين إلى قصر الرئاسة والإعلان عن الانقلاب أثناء وجودهم مع عدم السماح لهم بالمغادرة، كما سيتم اعتقال كبار السياسيين ورجال الأعمال الآخرين في نفس الوقت.

سيطرة كاملة

الخطة واردة في وثيقة تم تمريرها إلى "ميدل إيست آي"، وصفت بأنها "سرية للغاية" ومؤرخة بتاريخ 13 مايو/أيار 2021.

تلك الوثيقة موجهة إلى مديرة الديوان الرئاسي التونسي، نادية عكاشة، وتوضح كيف سيسن الرئيس فصلا من الدستور يمنحه - في حالة الطوارئ الوطنية - سيطرة كاملة على مفاصل الدولة.

وبموجب الخطة، التي تم تسريبها من مكتب عكاشة الخاص، يدعو الرئيس إلى اجتماع عاجل لمجلس الأمن القومي في قصر قرطاج، تحت حجة الجائحة والوضع الأمني والحالة المالية العامة للبلاد.

بعد ذلك يعلن سعيد، "دكتاتورية دستورية" يقول واضعو الوثيقة إنها أداة "لتركيز كل السلطات في يد رئيس الجمهورية".

ووصفت الوثيقة الوضع بأنه "حالة طوارئ وطنية"، تنص على ما يلي: "في مثل هذه الحالة يكون دور رئيس الجمهورية هو الجمع بين جميع السلطات في قبضته حتى يصبح مركز السلطة، وهو ما يمكنه حصرا من ممارسة كل السلطات التي بحوزته".

بعد ذلك، وحسب ماجاء في الوثيقة، ينصب سعيد كمينا للحاضرين - والذي سيشمل رئيس الحكومة هشام المشيشي، ورئيس البرلمان، زعيم حزب حركة النهضة، راشد الغنوشي- بالإعلان عن أنه سيُسن الفصل 80 من الدستور الذي يسمح للرئيس بالاستيلاء على السلطات في حالة طوارئ وطنية.

وتنص الوثيقة على أنه لن يُسمح للمشيشي والغنوشي بمغادرة القصر، وأن القصر سينفصل عن شبكة الإنترنت وجميع الاتصالات الخارجية.

في تلك المرحلة، سيوجه الرئيس خطابا تليفزيونيا إلى الشعب بحضور المشيشي والغنوشي للإعلان عن انقلابه.

إقامات جبرية

تنص الوثيقة على تعيين اللواء خالد اليحياوي وزيرا للداخلية بالنيابة، مع نشر القوات المسلحة "على مداخل المدن والمؤسسات والمرافق الحيوية".

في نفس الوقت، سيتم وضع الأشخاص الرئيسيين تحت الإقامة الجبرية. 

وتنص الوثيقة السرية للغاية، أن الإقامة الجبرية ستشمل نوابا من حركة النهضة، نور الدين البحيري، رفيق عبد السلام، عبد الكريم الهاروني، سيد الفرجاني، ومن حزب قلب تونس، غازي القروي، وسفيان طوبال، ورجال أعمال ومستشارين في ديوان رئاسة الحكومة،..".

ولجعل الانقلاب ذا شعبية، تقول الوثيقة إنه سيتم تعليق جميع مدفوعات فواتير الكهرباء والمياه والهاتف والإنترنت والقروض المصرفية والضرائب لمدة 30 يوما، وسيتم تخفيض أسعار السلع الأساسية والوقود بنسبة 20 بالمائة.

وردا على سؤال عما إذا كانوا يعتقدون أن سعيد خطط لانقلاب، قال عضو في الحكومة لموقع "ميدل إيست آي": "لا أعتقد ذلك، إنها مجرد إشاعة على موقع فيسبوك، في تونس يمكنك سماع أي شيء".

وتنص الوثيقة على أنه بمجرد إثارة الرئيس لمفاجأته أمام رئيسي الحكومة والبرلمان، فإنهما "سيبقيان في طي النسيان".

وجاء في الوثيقة أن "الجلسة ستنتهي بعد ذلك دون السماح للحاضرين بمغادرة قصر قرطاج، مع إبقاء منطقة القصر الرئاسي، قبل وبعد ذلك، منفصلة مؤقتا عن شبكات الاتصال والإنترنت".

تحييد رئيس الحكومة

تتضمن الخطة أيضا، مقترحات لمنع أي برلماني مطلوب للمحاكم التونسية من مغادرة البلاد، وإعفاء جميع الولاة المنتمين إلى حزب سياسي من مناصبهم.

كما سيجري الرئيس "تعديلا وزاريا شاملا مع الاحتفاظ برئيس الحكومة فقط دون غيره".

ولدى سؤاله عن سبب رغبة سعيد في الاحتفاظ برئيس الحكومة أثناء استبدال جميع وزرائه، قال مصدر سياسي تونسي كبير له علاقات وثيقة بالرئاسة: "ستكون وسيلة لتحييده دون الاضطرار إلى إقالته على الفور، وهو إجراء معقد ينطوي على تصويت في البرلمان".

وقال المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن "المشيشي سيبقى مؤقتا كرئيس للحكومة لتجنب الاضطرار إلى اتخاذ كل هذه الخطوات".

وأكد المصدر المقرب من مستشاري سعيد، أن "الخطة تمت مناقشتها من قبل دوائر مقربة من الرئيس منذ أبريل/نيسان 2021، لكن لم يتم تسليمها إليه بشكل مباشر".

انقلاب ناعم

وسبق أن اتهم سعيد، الذي تولى السلطة في 2019، بوضع حجر الأساس لـ"انقلاب ناعم" داخل تونس.

وفي وقت سابق، وصف سعيد دور رئيس الجمهورية، بأنه "القائد الأعلى للقوات المسلحة العسكرية والمدنية" خلال كلمة حضرها كل من المشيشي والغنوشي.

وقال حينها: "لا يوجد تمييز، القانون ونصوص العالم وقانون العقود والالتزامات كلها تذكر أن القوات المسلحة هي الجيش وقوى الأمن".

واعتبر الموقع البريطاني أن "إشارة سعيد المحددة لسلطة الرئيس على قوى الأمن الداخلي قد دقت أجراس الإنذار داخل المؤسسة السياسية التونسية".

في أبريل/نيسان 2021، عطل سعيد من جديد الجهود البرلمانية لإنشاء محكمة دستورية، وهي عنصر أساس في الثورة التونسية وختم مطاطي يهدف إلى تعزيز الديمقراطية بالبلاد.

وكانت المحكمة ستصبح الأولى من نوعها في العالم العربي.

وفي يناير/كانون الثاني 2021، رفض سعيد أيضا أداء اليمين لوزراء اختارهم المشيشي في تعديل وزاري، قائلا إن "الأفراد المعنيين لديهم تضارب في المصالح".

وقال المصدر السياسي إن: "الحل الوحيد هو الحوار، الرئيس سعيد يرفض كل مبادرات الحوار.. مشروعه هو تعديل الدستور وإلغاء الانتخابات التشريعية".