قانون جديد ينظم الانتخابات في الجزائر.. ما أسباب اعتراض الأحزاب؟

وهران - الاستقلال | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

هذه الأيام، تناقش الأحزاب السياسية في الجزائر، قانون الانتخابات الجديد، الذي أصدرت الرئاسة المسودة الأولية له في 19 يناير/كانون الثاني 2021، ضمن مساعيها لإنهاء "الفساد السياسي" في الانتخابات خلال عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

السلطة في الجزائر رفعت شعار محاربة المال والفساد في العملية الانتخابية، لكن مسودة القانون لم تسلم من الانتقادات، ورأى فيها عدد من المراقبين ثغرات قد تجعل من الشعار مجرد دعاية إعلامية لا أكثر.

الرئيس عبد المجيد تبون شدد على ضرورة إشراك الطبقة السياسية في إعداد القانون المنظم للانتخابات ومناقشته، وتضمن المشروع 310 مواد مقسمة على 9 محاور رئيسة، أبرزها اشتراط المستوى الجامعي للراغبين في الوصول إلى البرلمان، والترشح للمجالس البلدية والولائية.

شرط المؤهل

نصت المادة 174 من مشروع قانون الانتخابات، أنه يتعين توفر شرط الحصول على مستوى تعليمي جامعي في ثلث المرشحين بالقائمة لانتخابات المجالس الشعبية البلدية والولائية (المحليات).

وهو نفس الشرط الذي ذكر بالنسبة للراغبين في الترشح للمجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان)، حيث نصت المادة 189: "ينتخب أعضاء المجلس الشعبي الوطني لعهدة مدتها 5 سنوات، وأن يكون ثلث مترشحي القائمة على الأقل ذو مستوى جامعي".

لكن هذا الشرط استثنى منه المرشحون لعضوية مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان) ونصت المادة 219 على أنه "يتعين على الراغب في الترشح لانتخابات مجلس الأمة أن يكون قد أتم عهدة كاملة بصفته منتخبا في مجلس شعبي بلدي أو ولائي" فيما خلا نص المادة من شرط المؤهل الجامعي.

وبخصوص السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، فقد نصت المادة 20 على أن المجلس يتشكل من 20 عضوا يعينهم رئيس الجمهورية من بين الشخصيات المستقلة، من بينهم عضو واحد من الجالية الجزائرية المقيمة بالخارج.

وفي السياق المتعلق بالحملة الانتخابية وتمويلها، نص المشروع الجديد على عدة تعديلات من بينها أنه "يمتنع كل مترشح أو شخص يشارك في الحملة الانتخابية عن كل خطاب كراهية وكل شكل من أشكال التمييز" حسب ما نصت عليه المادة 74.

وحددت المادة 86 من المشروع مصادر تمويل الحملة الانتخابية في: "مساهمات الأحزاب السياسية، المساهمات الشخصية للمترشح، الهبات النقدية أو العينية المقدمة من طرف المواطنين، مساعدات الدولة المحتملة للمترشحين الشباب، إمكانية تعويض الدولة لجزء من نفقات الحملة الانتخابية.

واشترطت المادة 90 أن "كل هبة يتجاوز مبلغها 1000 دينار يستوجب دفعها عن طريق الشيك أو التحويل أو الاقتطاع الآلي أو البطاقة البنكية".

واشترط مشروع القانون اعتماد نظام الاقتراع النسبي الذي يتيح للناخب التصويت على من يريد من المرشحين داخل قائمة الحزب الذي اختاره، وتطبيق نظام المناصفة بين النساء والرجال في القوائم المرشحة، إضافة الى فرض تخصيص ثلث المرشحين من الشباب (أقل من 35 سنة).

كما تضمن المشروع إمكانية تكفل الدولة بتمويل جزئي للحملة الانتخابية للشباب، بهدف تشجيعهم على الترشح والمشاركة في العمل السياسي، مع رفع العتبة الانتخابية المحددة بأربعة في المئة من مجموع الأصوات إلى 5 بالمئة، مع عدم تطبيقها حصرا في الانتخابات المقبلة لكونها الأولى التي تتم وفق هذا القانون.

ويتيح هذا الإجراء الاستثنائي للأحزاب الفتية والقوائم المستقلة الدخول مباشرة في الاستحقاق الانتخابي، دون جمع التوقيعات كما كان يجري خلال الاستحقاقات السابقة.

القائمة المفتوحة

اعتمدت المسودة لأول مرة في البلاد نظام "القائمة المفتوحة" في الانتخابات البرلمانية والمحلية.

وجاء ضمن أهم بنودها بأنه يُنتخب أعضاء المجلس الشعبي البلدي (مجلس البلديات) وأعضاء المجلس الولائي (مجلس المحافظة)، وأعضاء المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان) لعهدة مدتها 5 سنوات بطريقة الاقتراع النسبي على "القائمة المفتوحة".

و"القائمة المفتوحة" تعني أن يصوّت الناخب على قائمته المفضلة التي تقدمها الأحزاب والمستقلون، ولديه الحرية في ترتيب المرشحين داخلها.

وكان انتخاب أعضاء المجالس المحلية والبرلمان يُجرى عبر قوائم حزبية أو مستقلة "مغلقة"، وفق القانون الانتخابي الأخير لعام 2016.

وبحسب نظام "القائمة المغلقة" المعتمد حاليا، فإنه خلال سباق الانتخابات النيابية أو المحلية، تقدم الأحزاب قوائم لمرشحيها مرتبة من رأس القائمة إلى آخر عضو فيها.

وعند فرز الأصوات توزع المقاعد على مرشحي القوائم الفائزة لكن مع احترام ترتيب مرشحيها، بمعنى أنه في حال فازت بـ 3 مقاعد تمنح هذه المقاعد للأول والثاني والثالث فقط في القائمة.‎

أما في نظام "القائمة المفتوحة" فترتيب المرشحين الذي يضعه الحزب يبقى غير ملزم للناخب الذي يمكنه ترتيب القائمة حسب رغبته، ووفق مراقبين، فإن اعتماد نظام "القائمة المفتوحة" يأتي في محاولة لإنهاء ما يُسمى "الفساد السياسي" الذي طال الانتخابات السابقة.

ووفق شهادات سابقة لقيادات حزبية ونيابية حُوكمت في قضايا فساد ذات علاقة بالانتخابات، فإن المراتب الأولى في قوائم أحزاب كبيرة وخاصة، كانت تُمنح مقابل رشاوى لقادة الأحزاب، كون ذلك يضمن للمترشح دخول البرلمان أو رئاسة البلديات.

اعتراضات الأحزاب

وطلبت الرئاسة من الأحزاب المعتمدة (71 حزبا)، البدء في تقديم ملاحظات واقتراحات إلى لجنة الصياغة التي كلفها الرئيس تبون، قبل صياغة النسخة النهائية من القانون بداية فبراير/ شباط 2021.

رئيس حركة مجتمع السلم (أكبر حزب إسلامي بالجزائر) يرى أن مشروع القانون يوفر فرصا تنافسية للمترشحين ومختلف مناطق الدوائر الانتخابية في التمثيل والنتائج، غير أنه القانون "يتطلب مزيدا من الإثراء لتحسين مستوى المنافسة ونزاهة الانتخابات".

واعتبرت الحركة أن "الإرادة السياسية على مستوى المؤسسات الرسمية المركزية وانخراط الشعب بمشاركته الواسعة والمساهمة في الرقابة وحماية خياراته السياسية المعبر عنها في مختلف الانتخابات ركيزتان أساسيتان للوصول إلى انتخابات حرة ونزيهة تساهم في حل أزمات البلاد".

وتحدثت الحركة عن "مبدأ تغليظ تجريم التزوير في مختلف المستويات والأشكال على أن لا تسقط العقوبات بالتقادم وتمكين ممثلي الأحزاب والمرشحين من الاطلاع على كشوف الناخبين بما يمنع الإضافات الوهمية للأصوات والتصويت المتكرر مع منع كل أشكال التصويت الجماعي".

بعض الأحزاب أطلقت قراءات أولية للمشروع، بينها رئيس حزب "الوسيط السياسي" أحمد لعروسي رويبات، الذي كتب معلقا: "بصفتي رجل قانون وسياسي أرى أن ما جاءت به هذه النسخة وطريقة معالجتها جعجعة بلا طحين".

فيما علق القيادي في حزب "طلائع الحريات" يونس شرقي، على مضمون مسودة قانون الانتخابات قائلا: "القانون أنهى قيمة الترتيب داخل القوائم الانتخابية وترك الحرية للناخب في اختيار مرشحه بحرية".

وأضاف أن "الإبقاء على النسبة الإقصائية (العتبة الانتخابية) عند توزيع المقاعد بعد التصويت والمحددة بخمسة في المائة من الأصوات، يصادر حق أغلبية القوائم".

وتابع: "في حال ترشح 20 قائمة بدائرة انتخابية ما، فيها 10 مقاعد، وحصلت قائمتان فقط على 6 أو 7 بالمئة، وحصلت الـ 18 قائمة الأخرى على ما بين 0.1 و4.99 بالمئة، فإن المقاعد العشرة توزع مناصفة بين القائمتين الأوليين فقط، وهذا يلغي حق الأغلبية المشتتة".

وتحدث شرقي عن "وجود غموض في طريقة توزيع المقاعد وفق الدوائر الانتخابية، وكذلك الإبقاء على العتبة الانتخابية".

ثغرات المشروع

من جانبه رأى خرشي النوي رئيس حركة المجتمع الديمقراطي المؤسس حديثا أن مشروع القانون الجديد يخدم الأحزاب الكبرى، وذلك عبر المواد من 169 إلى 171 منه.

وأوضح النوي أن "الساحة السياسية خالية من الأحزاب الجديدة، كما أن القانون سمح بالقوائم الحرة والتي يتسبب كثرتها في بعثرة أصوات الناخبين، وعدم تحصيل نصاب الـ 5 بالمئة لعبور العتبة الانتخابية، وتوزيع الأصوات على الأحزاب القديمة والأقوى وفق ما نص عليه القانون ما يؤدي إلى تواصل سيطرة هذه الأحزاب على المجالس".

أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق جامعة باجي المختار فؤاد المنصوري قال المنصوري، في حديث مع "الاستقلال": "من المجدي حسب اعتقادي تقليص العهدة البلدية والولائية والبرلمانية من 5 إلى 4 سنوات".

واقترح المنصوري تغيير نظام الاقتراع من حصره بالقائمة الواحدة إلى إمكانية امتداده إلى أكثر من قائمة بتصويت تفضيلي لتكون فعلا قائمة مفتوحة.

ويعتقد دكتور العلوم السياسية، أنه "يجب تقليص عهدة اللجنة المستقلة للانتخابات من 6 سنوات حاليا غير قابلة للتجديد إلى 4 سنوات فقط غير قابلة للتجديد أيضا".

وشدد أستاذ العلوم السياسية على ضرورة اشتراط المستوى الجامعي أو ما يعادله في 80 بالمئة بدلا من شرط الثلث فقط حاليا بكل قائمة انتخابية بلدية، أو ولائية، أو برلمانية، واشتراط درجة الماجستير مع تحديد السن بـ65 سنة كحد أقصى في الترشح لمنصب رئيس الجمهورية.