صحيفة تركية: هذا تأثير تعيين ماكغورك على علاقة واشنطن وأنقرة في سوريا

12

طباعة

مشاركة

تحليل يتناول العلاقات المستقبلة بين تركيا والولايات المتحدة، في الملف السوري، بعد تعيين الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، المبعوث الخاص لمكافحة تنظيم الدولة السابق، بريت ماكغورك، في إدارته الجديدة.

ونشرت صحيفة "يني شفق" التركية مقالا للكاتب محمد أجيت، قال فيه: "أحيانا تُظهر التغريدات الفكاهية جميع التناقضات الموجودة في مسألة ما دفعة واحدة.. تماما مثلما حدث عندما شارك صحفي أميركي تغريدة قال فيها: كان على الولايات المتحدة أن تقوم بانقلاب عندها هذا العام بسبب قيود السفر المفروضة". 

وأضاف: "وكما تعلمون، استخدم بايدن، والذي سيتولى مقاليد الحكم في البيت الأبيض بعد أيام، مصطلح (الإرهابيون المحليون) للإشارة إلى أولئك الذين قاموا باقتحام الكونغرس".

وتابع أجيت: "في الحقيقة، من الجيد لبقية العالم أن يتعرف أولئك الذين لم يتمكن أحد من إخبارهم أو حتى لم يرغبوا أنفسهم في أن يفهموا الفرق بين ما يعنيه حرية التعبير والتظاهر وما يعنيه العنف والإرهاب". ومن يدري لربما ينفتح خط "التعاطف" بهذه المناسبة، قال الكاتب ساخرا.

واستدرك: "لقد كان يتم الطبطبة على أولئك الذين كانوا يحاولون اقتحام مكتب رئاسة الوزراء في قصر دولما باهتشة وبيت رئيس الوزراء في كيتشي أورين بعنف أثناء أحداث تقسيم (احتجاجات تحولت إلى أعمال شغب في 2013 أقيمت ضد إزالة أشجار بميدان تقسيم في إسطنبول).. أليس كذلك؟".

ولفت الكاتب التركي إلى أنه "على الرغم من أن ترامب عارض تحول الاحتجاجات أمام الكونغرس إلى مداهمة واقتحام بشكل واضح، إلا أنه لم يفلت من العقوبة أيضا. وقامت معظم منصات وسائل التواصل الاجتماعي الأميركية، بما في ذلك فيسبوك وتويتر، بتعليق حسابات ترامب، أي بإسكاته".

بوادر مختلفة

ويعتبر أجيت أن "اتجاه العلاقات التركية الأميركية سيتحدد مع الفترة الجديدة التي ستبدأ في 20 يناير/كانون الثاني 2021، فقد كانت هناك بوادر جيدة وأخرى سيئة يمكن اعتبارها لوضع تنبؤات حول مستقبل العلاقات الثنائية، منذ 7 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عندما تأكد فوز بايدن في الانتخابات". 

وفي إشارة إلى موقف أنقرة، ذكر الكاتب أن وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو كان قد صرح مؤخرا أنه لم يتم البدء في الاتصالات الرسمية مع الولايات المتحدة بعد، وأن السلطات الأميركية أبلغت أن الحوار بين البلدين سيبدأ بعد تسلم مقاليد الحكم. 

وأضاف: "رغم وجود مثل هذا الوضع في العلاقات بين المؤسسات، فإننا نعلم أن هناك اتصالات تتم عبر قنوات أخرى، لقد علمتُ أيضا أن نائبا مقربا من الرئيس رجب طيب أردوغان ذهب إلى الولايات المتحدة وعقد بعض الاجتماعات وعاد بانطباعات إيجابية".

وهكذا ومع أن الوضع العام بهذا الشكل، إلا أن هناك تطورات أخرى تجعل لدينا "انطباعات سلبية" عن مستقبل العلاقات، وفق أجيت.

ووضح ذلك بالقول: "على سبيل المثال، فإن عودة المبعوث الخاص لمكافحة تنظيم الدولة السابق، بريت ماكغورك، وهو الذي عارضته أنقرة بوضوح لما فعله في المناطق التي يسيطر عليها حزب العمال الكردستاني (بي كا كا) ووحدات حماية الشعب في سوريا وإعادة تعيينه للعمل في فريق الأمن القومي بالبيت الأبيض، ليس أمرا جيدا".

ويتضح سبب ذلك بالنظر إلى ما يقوله العميد المتقاعد، وعضو هيئة التدريس في جامعة استنيه، الدكتور فخري إرينيل بحسب موقع "تي آر تي" التركي، فهو يرى أن هذا التعيين يعتبر علامة على خارطة الطريق الذي سيتبعه بايدن في المنطقة.

ويُعتبر ماكغورك النقطة المشتركة للمشاكل في تركيا والعراق وسوريا وليبيا والعديد من دول الشرق الأوسط كما يوصف بأنه ظل الولايات المتحدة في المنطقة. إن ماكغورك لا يضيف الحطب على النار بل هو من يبدأ بإشعالها، وفق "أجيت".

كما يعتبر أحد أكبر مؤيدي الإرهابيين في المنطقة، فهو يتعشى معهم أحيانا، كما حصل على درع منهم. إن ماكغورك يرى عناصر "بي كا كا" ووحدات حماية الشعب كـ"نائب للولايات المتحدة" في المنطقة.

لقد ألقى باللوم على أنقرة حتى في مقتل البغدادي، إن "ماكغورك في الواقع عدو نموذجي لتركيا"، يقول إرينيل.

ويردف أجيت: فإذا تم العمل بما يشير إليه هذا الرجل، وهو مهندس مشروع إنشاء خط حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب في سوريا، فإن موقف أنقرة من ذلك واضح من الآن بالفعل.

وقد قال مسؤول رفيع المستوى يشغل منصبا إداريا في أنقرة مجيبا عن سؤالي بشأن إعادة تعيين ماكغورك: " موقفنا وحدودنا واضحة بغض النظر عمن يتولى الأمر".

مستقبل غير واضح

وبحسب أجيت فإن مشروع خط "بي كا كا" ووحدات حماية الشعب الذي يستهدف وحدة الأراضي التركية في أول فرصة تسنح له ويغلق خط الحدود التركية بطوله والذي يقع في شمال سوريا، قد دخل حيز التنفيذ في عهد أوباما الديمقراطي.

ونوه إلى أن سوريا مرت بمرحلة دامية بقيادة ماكغورك تماما كما حدث في الرقة عندما تم تدميرها لتطويعها وتسليمها لوحدات حماية الشعب. من ناحية أخرى، فإن التطورات الذي نتجت عن هذه الفترة والتي كانت تصب في صالح تركيا، تمثلت في إجراء عملية "نبع السلام" في سوريا شرق نهر الفرات باستغلال عدم اهتمام ترامب بسوريا.

وبالطبع كان ماكغورك هو أكثر من غضب على هذا الأمر، فأكثر ما يرغب به هو تقسيم العراق إلى ثلاثة، وضمان إقامة دولة كردية في شمال سوريا، وتعتبر تركيا بقوتها العسكرية الموجودة في المنطقة كأهم عقبة تقف في طريق أهداف ماكغورك، يقول أجيت.

لذلك، قد يبذل ماكغورك قصارى جهده لإخراج العناصر التركية من المنطقة، بحسب موقع "تي آر تي" التركي.

وهكذا فقد كتب مقالات، وقام بتغريدات على تويتر واحدة تلو الأخرى، ولم يتردد في أن يقول ما يشاء لترامب، لقد فعل كل هذا بدافع من الغضب على فشل مشروع كرّس نفسه لأجله.

وتساءل الكاتب التركي: "ماذا إذن، هل تعني عودة ماكغورك إعادة إحياء لمشروع خط حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب في سوريا؟".

وأضاف مجيبا: "في هذا السياق أعطى مسؤول آخر رفيع المستوى والذي يشغل منصبا إداريا أيضا، إجابته في جملة واحدة ولكنها إجابة كاملة، على سؤالي حول ما إذا كان الوضع شمال سوريا سيتصاعد مرة أخرى مع عودة ماكغورك، قائلا: سيحافظون على الوضع الراهن". 

وأشار إلى ما يعنيه الحفاظ على الوضع الراهن قائلا: "هذا يعني أن الولايات المتحدة لن تقوم بإحباط عمليات تركيا الناجحة في شمال سوريا ضد مشروع خط حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب".

واستدرك أجيت قائلا: "لكن هل هذا تنبؤ أو تكهن أم أنها معلومات من القنوات الخلفية؟ لست متأكدا من ذلك". 

وأضاف: "فإذا كان الأمر كذلك، فهذا يعني أن احتمالية مواجهة أزمة متعلقة بسوريا ستنخفض في الفترة الجديدة".

وختم أجيت مقاله بالقول: "لكن وفي حال حاولت أميركا أن تلدغ تركيا من نفس الجحر مرتين، فإن إصلاح المشاكل الناجمة عنها ستكون صعبة كما أنه من الواضح أنها ستؤدي إلى مشاكل أكبر".