أكثر الفصائل الإسرائيلية تطرفًا.. كيف يوسع دائرة العنف والبطش في الضفة؟

منذ ٣ ساعات

12

طباعة

مشاركة

بلا هوادة، تشهد الضفة الغربية تصاعدا للعنف الإسرائيلي، حيث عانت منشأة صناعية فلسطينية في منطقة بيت ليد من هجمات مختلفة، وأحرق مستوطنون مسجد الحاجة حميدة بمحافظة سلفيت في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025. 

وينتمي منفذو هذه الهجمات إلى أكثر الفصائل فوضوية وخطورة وتطرفا في حركة "فتيان التلال" سيئة السمعة. 

وقالت صحيفة "الموندو" الإسبانية: إن "معظم هؤلاء الأفراد ينحدرون من جيوب إسرائيلية صغيرة غير قانونية أُقيمت في الضفة الغربية بهدف الاستيطان والاستيلاء على الأرض في صراع مستمرّ مع الفلسطينيين على كل شبر".

ووفقا لأرقام الأمم المتحدة، سجّل ما لا يقل عن 264 هجوما ضد الفلسطينيين في أكتوبر/ تشرين الأول 2025.

تهديد وإرهاب

ونقلت الصحيفة أن “عدد عناصر المجموعة الأكثر عنفا لا يزال غير معروف بدقة، لكن يقدَر أنها تتألف مما لا يقل عن 200 شاب؛ يُرهبون ويُهدّدون ويُهاجمون الفلسطينيين، خاصة في التجمعات البدوية”.

واستدركت: “لكن وصل بطشهم أيضا، كما حدث في الأيام الأخيرة، إلى الإسرائيليين، بمن فيهم نشطاء حقوق الإنسان الذين يصلون بكاميرات لحماية الفلسطينيين، وحتى ضد سكان المستوطنات”.

وفي مصادفة نادرة، أدانت السلطة الفلسطينية والمجلس الإقليمي للمستوطنات "يشع" الهجمات الإسرائيلية المتطرفة في الضفة الغربية، بحسب "الموندو".

من جانب آخر، يرى ممثلو 500 ألف يهودي في الضفة الغربية أن هذا العنف "ظاهرة مقلقة يجب وقفها"، لكن ترتكبها "أقلية ضئيلة جدا من الشباب المهمّشين"، الذين يزعمون أن الكثير منهم “لا يعيشون في مجتمعاتهم”

وترافق صور رشق الحجارة والاعتداءات وحرق المباني والسيارات على يد ملثمين، بيانات تُظهر زيادة بنسبة 25 بالمئة في الهجمات شهريا عام 2025 مقارنة بالعام الماضي. 

وقالت الصحيفة الإسبانية: “مثلما هو متوقع، تصاعدت التوترات خلال موسم قطف الزيتون في هذه الأرض التي تحتلها إسرائيل منذ حرب 1967”. 

ووفقا للبيانات التي جمعتها إذاعة الجيش، سُجل 74 هجوما ضد الفلسطينيين، خلّف 70 جريحا، بين 19 أكتوبر و11 نوفمبر 2025، مقارنة بحوالي 57 هجوما خلال الفترة نفسها من عام 2024.

وتشير الأمم المتحدة إلى وقوع 264 هجوما على الأقل في أكتوبر، مما يجعله أسوأ شهر منذ أن بدأت في تسجيل حوادث العنف عام 2006.

مجموعة متطرفة

وأشارت الصحيفة إلى أن الضفة الغربية سجلت 1586 حادثة مرتبطة بجرائم قومية يهودية، منذ عملية حماس في 7 أكتوبر 2023، ووُجِّهت معظمها ضد الفلسطينيين، لكن أكثر من مئة منها استهدفت أيضا الجيش وشرطة الاحتلال. 

وأضافت “في حين برر المتطرفون في الماضي أعمالهم العنيفة على أنها انتقام من الهجمات الفلسطينية، فقد يلجأون اليوم إلى رسم الغرافيتي، وإلقاء الحجارة على السيارات، وحرق المباني، والمضايقات لمجرد ترهيب وإذلال السكان الفلسطينيين في المنطقة”.

وأوضحت الصحيفة أن “هذه المجموعة الصغيرة التي تمزج بين التعصب الأيديولوجي والتخريب، لا تؤمن بدولة إسرائيل الحالية، بل بأرض إسرائيل، وتطمح إلى تدمير مؤسسات دولة الاحتلال”. 

مع ذلك، منذ بداية عام 2023، أصبحت هذه المجموعة المتطرفة تشعر بحماية أكبر، على سبيل المثال، بتعيين إيتامار بن غفير قائدا للشرطة.

وأفادت الصحيفة الإسبانية بأنه “رغم أن هذا السياسي اليميني المتطرف ينتقد الهجمات، لكن الكثيرين في إسرائيل يتهمونه بالتقاعس عن مواجهة المتطرفين”.

وأمام تصاعد أعمال العنف، قال رئيس الأركان، إيال زامير: "نحن على علم بحوادث العنف الأخيرة التي هاجم فيها مدنيون إسرائيليون فلسطينيين وإسرائيليين.. أدينها بشدة".

من جانبهم، طلب ضباط الألوية في الضفة الغربية من زامير، التدخل لدى وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، لتعديل قراره الصادر قبل عام بإلغاء الاعتقال الإداري للمشتبه بهم اليهود.

وتُستخدم هذه الاعتقالات التي قد تصل مدتها إلى ستة أشهر، قابلة للتجديد، دون توجيه اتهامات، بشكل أساسي ضد المشتبه بهم الفلسطينيين. 

وجادل كاتس آنذاك بأن هذه الظاهرة "ليست واسعة الانتشار بقدر الهجمات الفلسطينية" لتبرير القرار الذي تعرّض لانتقادات داخل الأجهزة الأمنية لحرمانها من أداة وقائية.

بينما تُدين السلطة الفلسطينية تواطؤ السلطات الإسرائيلية في هجمات المتطرفين ضد المدنيين الفلسطينيين، وتدعو إلى تدخل دولي، فإن الإدانة الواسعة في إسرائيل تتضمن فروقا دقيقة تبرز جوانب بالغة الأهمية. 

في الواقع، اختار الجانب الإسرائيلي مصطلحاته الخاصة لتقييم هذا الوضع والتخفيف من حدته، بينما يُعرّف البعض منفذي الهجمات الخطيرة بأنهم "إرهابيون"، يعدهم آخرون "مجرمين مضطربين بحاجة إلى إعادة إدماج"، ويُقارنون أفعالهم بأعمال التخريب في بعض المدن، مُجادلين بأنها قضية اجتماعية-تربوية، وليست مسألة أمن قومي.

استيطان بلا هوادة

وعندما سُئل وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، عما إذا كانت أعمال العنف الأخيرة في الضفة الغربية قد تُقوّض اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، أجاب بأنه يأمل ألا يكون كذلك.

وأضاف: "هناك بعض القلق من أن تتوسع أحداث الضفة الغربية وتُؤثّر سلبا على ما نقوم به في غزة.. لا نتوقع حدوث ذلك، سنبذل قصارى جهدنا لمنعه".

وتجدر الإشارة إلى أن الشرطة الإسرائيلية لم تعتقل أي مشتبه بهم في أعمال التخريب التي وقعت في بلدة دير استيا الفلسطينية، والأسوأ من ذلك، تتزايد وتيرة الهجمات.

وكان العنف قد بلغ ذروته قبل اندلاع العدوان على غزة قبل أكثر من عامين، وتفاقم منذ ذلك الحين.

وبالتوازي مع أعمال العنف، وبتشجيع من حكومة نتنياهو اليمينية، توسّع المستوطنون خارج حدود المستوطنات القائمة لإنشاء بؤر استيطانية زراعية جديدة، يُطلقون عليها اسم "المستوطنات الفتية".

وتمتد هذه البؤر الاستيطانية التي لا تزيد عادة عن بضعة مآوي وحظيرة ماشية، عبر تلال المستوطنات إلى القرى الفلسطينية، واستولى بعض المستوطنين على الأراضي الزراعية ومصادر المياه التابعة للقرى، في حركة تزيد من تضييق الخناق على سكان الضفة الغربية.