صحيفة إسبانية: ماذا يمكن أن يقدم بايدن للفلسطينيين الغارقين في البؤس؟

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة "بوبليكو" الإسبانية: "إن سكان قطاع غزة الغارقين في حالة من البؤس والفقر المدقع، فقدوا الأمل في تجاوز محن أزمتهم الدائمة".  

وأوضحت الصحيفة في تقرير لها أن تخلي القادة الأوروبيين عن قضية فلسطين يضعف وجود أي أفق سياسي، لكن، يبقى الأمل في الحل معلقا الآن بيد الرئيس الأميركي المنتخب "جو بايدن"، وفق قولها. 

وتابعت: أنه "سيتعين على جو بايدن مواجهة اللوبي اليهودي القوي والكونغرس ومجلس الشيوخ، إذا أراد الوفاء بوعده بإقامة دولة فلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية". 

وأضافت الصحيفة أن أكثر المسائل الفلسطينية سخونة في المستقبل تتمحور حول المصير الذي ينتظر قطاع غزة.

 وتجدر الإشارة هنا إلى أن قطاع غزة، الذي تحكمه حركة المقاومة الإسلامية "حماس" منذ عام 2007، بعد فوزها في الانتخابات، "يشكل منطقة صغيرة يعيش فيها أكثر من مليوني فلسطيني في ظروف غير إنسانية ودون أي احتمال للتغيير".

وبينما يرفض المجتمع الدولي أي حوار مع حماس، لا يسمح القادة الغربيون لأنفسهم إلا بعلاقة إنسانية سرية مع سكان قطاع غزة.

 تبعا لذلك، يرسلون بعض المساعدات، لكنهم لا يحسّنون ظروف سكان القطاع المعيشية أبدا؛ وهو وضع لا يخدم سوى مصالح إسرائيل، وفق الصحيفة.

ونوهت بأنه في ظل حظر أي نوع من الاتصال السياسي مع حماس، يسافر القناصل الأوروبيون المقيمون في القدس بشكل دوري إلى القطاع؛ لكنهم حريصون للغاية على عدم مخالفة الأوامر الواردة من العواصم الأوروبية وتجنب أي علاقة مباشرة مع حكام الحركة الإسلامية من شأنها أن تغضِب إسرائيل. 

احتمالات الانفصال

وأوردت الصحيفة أن مقالا بقلم ممثل مركز كارتر بالقدس، خوسيه فيريكات، بعنوان "الدولة الفلسطينية" ظهر في العدد الأخير من "مجلة الدراسات الفلسطينية"، تناول دون حواجز الوضع السياسي في القطاع، وتنبأ بأن المنطقة الصغيرة ستصبح دولة صغيرة منفصلة عن بقية فلسطين.



وأوضحت أنه في ظل هذا الوضع، يدين قادة حركة التحرير الوطني "فتح"، الذين يحكمون الجيوب الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، باستمرار رغبة حماس في إنشاء "إمارة" منفصلة في القطاع، معتبرين أن هذا هو هدف إسرائيل أيضا.

ونقلت أن المفاوضات التي تقودها كل من "فتح وحماس" بشكل دوري (بشأن المصالحة الداخلية) لم تؤت ثمارها أو تتوصّل إلى حل.

وفي الواقع، يتمثل هدف "فتح" في إزاحة "حماس" من المشهد السياسي، وأن تختفي إلى الأبد والعودة إلى الوضع الذي كان قائما حتى عام 2007، عندما كانت غزة في أيدي (القيادي المفصول من حركة فتح) محمد دحلان المشبوه وغير الموثوق به، وفق الصحيفة.

ودحلان أيضا هو الحليف المقرب لإسرائيل الذي يقيم حاليا في الإمارات العربية المتحدة ويطمح لخلافة الرئيس الثمانيني محمود عباس بدعم من "تل أبيب".  

وذكرت الصحيفة أن "فيريكات" أكد أن مستقبل القطاع قد حددته إسرائيل بالفعل تحت شعار "غزة هي فلسطين"؛ وهو نهج يكشف عن الكثير أيضا فيما يتعلق بمستقبل الضفة الغربية. 

وعموما، تقود السياسات الإسرائيلية الضفة الغربية إلى طريق مسدود، مع تزايد عدد المستوطنين اليهود وضم (استيطاني) لا رجعة فيه لا يمكن إيقافه إلا بتدخل قوي من الولايات المتحدة وأوروبا؛ وهو أمر لن يحدث.

خنق متعمد

ونقلت الصحيفة أن شعار "غزة هي فلسطين" تردد بقوة خاصة خلال إدارة الرئيس دونالد ترامب، الذي سمح لإسرائيل بفعل كل ما تريده في الضفة الغربية، ومعاقبة القطاع بشراسة، والإبقاء على الحصار الحديدي والعزلة الدولية التي تدعمها العواصم الأوروبية "في حركة مثالية من النفاق". 

وتعود بداية تجزئة فلسطين إلى ثلاثة عقود، عندما انعقد "مؤتمر مدريد" للسلام وتبعه اتفاق أوسلو (1991-1993).

تبعا لذلك، لم يُسمح سوى لجزء ضئيل من سكان القطاع بزيارة شوارع القدس أو الصلاة في المسجد الأقصى خلال تلك السنوات، وتمكن معظم المحظوظين من فعل ذلك خلال التسعينيات. 

وفي ظل هذه الظروف، حكم على كل الفلسطينيين بالبقاء محبوسين في ظل ظروف معيشية مقيّدة. وبالتوازي مع ذلك، تتعرض حماس للاضطهاد والملاحقة بلا هوادة في الضفة الغربية، من قبل كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية، التي تعمل كذراع تنفيذي لتل أبيب.

نتيجة لذلك، فكك هيكل حماس في الضفة الغربية وسجن كوادرها في السجون الفلسطينية أو الإسرائيلية. وأضافت الصحيفة أن "فيريكات" استنتج أن سكان غزة فقدوا الأمل في أي حل سياسي؛ وهو الوضع الذي تفاقم بسبب وباء كوفيد -19. 

وأكد المحلل أن حتى حالة الطوارئ الصحية من هذا النوع لم تتمكن من توحيد صفوف "حماس وفتح". وعلى عكس ذلك، بقيت القوتان اللتان تحكمان الأراضي الفلسطينية محاصرتين، كل في قطاعه.

في هذا السياق، وفي ظل معاقبة الفلسطينيين من قبل دول عربية مثل مصر والسعودية والإمارات، أصبحت فرص التغلب على الأزمة معدومة عمليا، خاصة بعد الإعلان عما يسمى بـ "صفقة القرن" من قبل إدارة دونالد ترامب في 28 يناير/كانون الثاني 2020.

ويتمثل الهدف الرئيسي من هذه الخطة في ترسيخ الاحتلال الإسرائيلي وتجنب الحل السلمي للصراع. ونوهت الصحيفة بأن تغيير الإدارة في واشنطن المقرر في 20 يناير/كانون الثاني 2021 ليس مشجعا للغاية. 

فعلى الرغم من أن الديمقراطي جو بايدن أشار إلى أنه يؤيد إقامة دولة فلسطينية، إلا أنه سيتعين على الرئيس المنتخب تحدي ومقاومة مجلس الشيوخ والكونغرس لتنفيذ هذه المبادرة. 

في الآن ذاته، ينبغي على بايدن أولا أن يعالج العديد من المشاكل على جميع الجبهات، الأمر الذي لن يترك له الكثير من الوقت لمعالجة القضية الفلسطينية، وفق تقدير الصحيفة.