تقرير الحالة العربية: نوفمبر/تشرين الثاني 2020

قسم البحوث - الاستقلال | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

المحتويات

مقدمة

المحور الأول: جائحة كورونا في الوطن العربي

  • مقدمة
  • العراق
  • المغرب
  • الأردن

المحور الثاني: الحالة السياسية

  • القضية الفلسطينية
  • من الآلام إلى حلم المصالحة وإنهاء الانقسام
  • السلطة تقضي على آمال الفلسطينيين باستئناف علاقاتها مع المحتل
  • الفصائل الفلسطينية ترفض
  • قبيل رحيل ترامب.. الاحتلال يتوسع في الاستيطان
  • تمديد وجود المستوطنين في الأقصى
  • الحالة المصرية
  • أهداف إستراتيجية للنظام المصري
  • الحالة المغربية
  • النزاع مع البوليساريو.. رصد تاريخي
  • التصعيد مستمر.. رغم التزام المغرب بوقف إطلاق النار
  • مستقبل مجهول.. هل يتنازل أحد الأطراف؟
  • الحالة الليبية
  • المباحثات والتفاهمات.. في تقدم مستمر
  • تصاعد الدور الأميركي الأوروبي المغاربي
  • تلاقي الرؤى حول تقليص الدورين التركي والروسي

المحور الثالث: الاقتصاد العربي

  • اقتصاد العراق يعاني مشكلات عدة
  • زيادة العجز تجبر تونس على تعديل ميزانياتها لـ 2020
  • سندات بـ 8 مليارات دولار لأرامكو

المحور الرابع: الحالة الفكرية

  • أطفال العالم العربي في اليوم العالمي للطفل
  • المثقف العربي والسلطة السياسية

مقدمة

كلما نمت حالة من التفاؤل في أحد الملفات العربية، تأتي تصرفات القادة العرب لتطفئ جذوة هذه الشعلة، فبعد أن تفاءل البعض بإمكانية تحقيق حالة المصالحة الفلسطينية، سارعت السلطة الفلسطينية إلى العودة للاتفاقات الأمنية مع إسرائيل.

وكذلك الحال في الملف الليبي، فبعد أن سادت حالة من التفاؤل في التوصل لتسوية سياسية وإجراء انتخابات ديمقراطية تأتي بحكومة جديدة، عادت تهديدات الجنرال الانقلابي خليفة حفتر من جديد لتهدد الأمن والاستقرار الليبي.

وتقرير الحالة العربية في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، لا يزال يرصد تكورات جائحة كورونا في المنطقة العربية من حيث حالات الإصابة والتعافي، وما تتخذه الدول العربية المختلفة تجاه مكافحة الجائحة، فتضمن المحور الأول من التقرير، تطورات كورونا في كل من العراق والمغرب والأردن.

كما يرصد المحور الثاني الحالة السياسية في كل من فلسطين ومصر والمغرب وليبيا. أما المحور الثالث الذي تضمن الاقتصاد العربي، فقد ضم ثلاثة موضوعات عن الاقتصاد العراقي والتونسي، وكذلك سندات شركة أرامكو السعودية.

وفي ختام التقرير أتى المحور الرابع الذي يتناول الحالة الفكرية، في موضوعين رئيسيين هما: علاقة المثقف بالسلطة في المنطقة العربية، وكذلك أوضاع الأطفال العرب في ظل اليوم العالمي للطفل.  


المحور الأول: كورونا في الوطن العربي

بمرور نحو ما يزيد عن 11 شهرا منذ ظهور كوفيد-19 المعروف باسم فيروس كورونا، ضربت الجائحة معظم دول العالم.

وبلغت عدد الإصابات المكتشفة ما يربو على 62 مليون حالة حول العالم منذ بداية الأزمة في ديسمبر/ كانون الأول العام الماضي حتى نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، توفي منهم ما يربو على مليون و 458 ألفا و 305 إنسان.

كان نصيب العالم العربي من هذه الإصابات نحو 2 مليون و431 ألف إصابة، بنسبة قدرها 3.89 بالمئة من مجمل الإصابات المكتشفة حول العالم، وبلغت الوفيات في الدول العربية نحو 41٫365 وفاة، أي بنسبة بلغت 2.84 بالمئة من إجمالي وفيات العالم جراء هذا الفيروس (كل الأرقام التي وردت، وسترد، في هذه الورقة، مستمدة من موقع "Worldometer" الإحصائي العالمي).

وبما أن نسبة سكان الوطن العربي إلى سكان العالم تبلغ نحو 6.6 بالمئة،. فإن هذه الأرقام تعني -نظريا- أن العالم العربي في حال أفضل من الأقطار الأخرى، أو أن منظومته الصحية قد استطاعت السيطرة على المرض بشكل كبير.

بيد أنه من المعلوم في الإحصاء أن الأرقام والإحصاءات لا تعبر -بالضرورة- وحدها عن الواقع، بل قد تبدو الأرقام -أحيانا- مغايرة لما عليه الواقع، فلا بد من النظر وراء هذه الأرقام حتى نستطيع النظر ما إذا كانت دلائل هذه الأرقام صحيحة أم لا.

ومن المعلوم أن عدد الإصابات -على وجه التحديد- لا يعبر عن نجاح أو فشل الدولة أوالمنظومة الصحية في مواجهة الفيروس، بل إنه العامل الأقل أهمية على الإطلاق في التقييم، حيث تتعدد العوامل التي تمثل أهمية أكبر بالنسبة للتقييم.

فنسبة الوفيات إلى المفحوصين، عدد الفحوصات اليومية، نسبة الفحوصات المجراة إلى عدد السكان، الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة قبيل انتشار المرض، الإجراءات التي تتخذها الحكومة بعد انتشار المرض، كذلك نسبة المصابين إلى المفحوصين، كل هذه العوامل وغيرها لا بد أن توضع في الميزان حتى يكون التقييم أكثر انضباطا وواقعية.

تحاول هذه الورقة استكمال ما بُدء في الأشهر الماضية من رصد وتحليل للأرقام المعلنة من قبل الحكومات العربية حول فيروس كورونا ومدى انتشاره في بلدانهم.

بشكل عام، فإن عدد الإصابات المكتشفة في الدول العربية تصاعد خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني بنحو 375,911 حالة مكتشفة، ففي أكتوبر/ تشرين الأول بلغ عدد الحالات المكتشفة نحو 2 مليون و 55 ألف مصاب، إلا أن الرقم تجاوز المليونين و431 ألف مصاب هذا الشهر.

الوفيات خلال هذا الشهر قلت عن الشهر الماضي بنحو 600 وفاة، حيث بلغت الوفيات خلال هذا الشهر فقط نحو 6٫252 وفاة. وبلغت نسبة الوفيات إلى المصابين في العالم العربي نحو 1.7 بالمئة خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني، بينما بلغت نفس النسبة خلال الشهر الماضي نحو 1.2 بالمئة.

 يظهر أن نسبة الوفيات هذا الشهر -كما الحال في معظم الشهور منذ بداية الأزمة- في المنطقة العربية أقل من نظيرتها العالمية، حيث بلغت نحو 2.3 بالمئة.

 تبدو نسبة الوفيات العربية إيجابية نسبيا بالنسبة للمعدل العالمي، إلا أنه لا ينبغي إغفال أن عدد الوفيات أو الإصابات المكتشفة يتأثر بشكل كبير بعدد فحوصات الـ PCR التي تجريها كل دولة، حيث إن السبيل الوحيد لحساب الإصابات أو الوفيات من هذا الفيروس هو اكتشاف حامليه عن طريق هذا التحليل، ففي حالة عدم إجراء الفحوصات، قد يموت الكثيرون دون معرفة السبب الحقيقي وراء موتهم، سواء كان كورونا أو غيره.

لمحاولة رصد ما وراء هذه الأرقام، سواء كانت إيجابية أو سلبية، سيحاول التقرير البحث في الأرقام الصادرة عن كل دولة على حدة. وسيعتمد التقرير على الترتيب التنازلي من حيث عدد الإصابات، وسيكتفي برصد إحصائيات الدول أصحاب المراكز الثلاثة الأولى من حيث أعداد الإصابات.

  • العراق

استمر تصاعد الحالات في العراق، لتحافظ على المركز الأول في عدد الإصابات المكتشفة في المنطقة العربية للشهر الثالث منذ ظهور الجائحة، بينما انخفض ترتيبها عالميا لتصل إلى المركز الحادي والعشرين.

وبلغ عدد الحالات المكتشفة -حتى كتابة السطور- منذ بداية الأزمة 548,821 حالة، بزيادة قدرها نحو 89 ألف حالة عن الشهر السابق، وهي زيادة كبيرة نسبيا مقارنة بمستويات التصاعد منذ ظهور الجائحة.

كما بلغت حالات الوفاة نحو 12٫200 حالة، أي بزيادة قدرها 1٫476 حالة عن سابقه، أي أن نحو 12بالمئة من وفيات كورونا في العراق حدثت خلال الشهر الأخير، وهو شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، بينما كانت وفيات الشهر الماضي نحو 10 بالمئة من مجمل الوفيات منذ ظهور الوباء، والشهر الذي سبقه بنسبة 25 بالمئة، مما يشير إلى حجم التصاعد الدراماتيكي في حدة الفيروس هناك.

تبلغ نسبة الوفيات نحو 1.7 بالمئة من إجمالي الحالات الإيجابية المكتشفة خلال هذا الشهر، وهي نسبة جيدة نسبيا مقارنة بالنسبة العالمية خلال نفس الفترة الزمنية، والتي تقدر بنحو 2.3 بالمئة. بينما تبلغ نسبة الوفيات الإجمالية منذ بداية الأزمة نحو 2.2 بالمئة من إجمالي الحالات المكتشفة خلال نفس المدة، وهي كذلك نسبة معقولة.

أجرى العراق نحو 3 ملايين و430 ألف فحص منذ بداية الأزمة (منهم 637,179 فحصا خلال هذا الشهر فقط)، وهو أكبر رقم بالنسبة للبلد منذ بداية الجائحة، كما زادت خلال هذا الشهر نسبة عدد المفحوصين من كل مليون نسمة إلى 84,556 فحصا، ولا تزال هذه النسبة صغيرة نسبيا مقارنة بالنسب العالمية.

 إلا أن جميع المؤشرات تشير إلى استمرار التحسن في أداء المنظومة الصحية في العراق مقارنة بالأشهر الماضية، بيد أن ذلك لا ينفي أنها لا تزال منظومة ضعيفة نسبيا مقارنة ببقية الدول، وذلك بفعل الحروب والفساد الذي يعاني منه العراق منذ عشرات السنين.

  • المغرب

يبدو أن قطار الصعود في المملكة المغربية انطلق مسرعا ولم يتوقف، فبعد أن ظهر المغرب في المراكز الثلاثة الأولى للمرة الأولى منذ ظهور الجائحة، صعد هذه المرة إلى المركز الثاني من حيث عدد الحالات الإيجابية المكتشفة في المنطقة العربية، ووصل إلى المركز 31 عالميا.

فقد بلغ عدد الإصابات المكتشفة منذ بداية الأزمة 349٫688 مصابا، منهم نحو 145٫955 ألف مصاب خلال هذا الشهر فقط، ما يعني أن نحو 42 بالمئة من حالات كورونا في المغرب خلال هذا الشهر فقط، والشهر الماضي كانت نفس النسبة تقريبا، وهو تصاعد دراماتيكي للغاية في منحنى الجائحة.

هذا التصاعد يفسره أحد احتمالين: أولهما أن المرض ينتشر بسرعة كبيرة للغاية في المملكة، والثاني أن عدد فحوصات الـ PCR تصاعدت بشكل كبير.

وبالنظر إلى إجمالي الفحوصات التي أجرتها المملكة منذ مطلع الأزمة، نجدها بلغت 3٫920٫170 فحصا، منهم نحو 679٫412 فحصا خلال هذا الشهر فقط، وهو ما يعني أن نحو 17 بالمئة من إجمالي الفحوصات أجريت خلال هذا الشهر فقط، والنسبة -برغم ارتفاعها- لا تبرر على الإطلاق الزيادة الدراماتيكية بنحو 42 بالمئة من الإصابات خلال شهر واحد.

وهو ما يعني أن المرض ينتشر بسرعة كبيرة في الأسابيع الأخيرة، ويتطلب ذلك من المنظومة الصحية والسياسية تدابير عالية المستوى، حتى لا تتفاقم الأوضاع الصحية، وتفقد منظومة الصحة قدرتها على التحمل.

  • الأردن

للمرة الأولى منذ ظهور الجائحة، يصعد الأردن ليأخذ دورا في المراكز الثلاثة الأولى عربيا من حيث عدد الإصابات الإيجابية المكتشفة منذ ظهور الجائحة، وتحديدا المركز الثالث عربيا، والثامن وثلاثين عالميا.

كان الأردن الشهر الماضي في المركز الحادي عشر عربيا، والرابع وستين عالميا، مما يشير إلى حجم التغير الحادث في وضع المملكة بالنسبة لفيروس كورونا المستجد.

بلغ عدد الحالات الإيجابية المكتشفة لفيروس كورونا في الأردن منذ ظهور الجائحة 210٫709 مصابين، منهم نحو 151٫845 خلال هذا الشهر فقط، أي أن نحو 72 بالمئة من المصابين في المملكة منذ ظهور الجائحة كانوا في الشهر الأخير فقط.

وبلغ عدد الوفيات 2٫626 وفاة منذ ظهور الجائحة، منهم نحو 1٫958 وفاة خلال هذا الشهر فقط، ما يعني أن 75 بالمئة من وفيات الأردن جراء كورونا كانت خلال الشهر، وهي نسبة بالغة السوء هي الأخرى، وتدل عن حجم انتشار المرض خلال هذا الشهر.

ومن ناحية إيجابية، تبلغ نسبة الوفيات إلى المصابين خلال هذا الشهر نحو 1.3 بالمئة، وهي نسبة جيدة جدا بالنظر إلى النسب العالمية، ومقارنة كذلك بالوضع الكارثي للجائحة خلال الشهر الأخير في البلاد.

بالنظر إلى إجمالي الفحوصات التي أجرتها المملكة منذ مطلع الأزمة، نجد أنها بلغت 2٫505٫316 فحصا، منهم نحو 746٫475 فحصا خلال هذا الشهر فقط، أي أن نحو 30 بالمئة من فحوصات المملكة أجريت خلال الشهر الأخير فقط.

ورغم أن ارتفاع الفحوصات مؤشر إيجابي، ورغم أن نسبة الارتفاع كبيرة، إلا أنها لا تبرر بأي حال من الأحوال الزيادة الضخمة في أعداد المصابين والمتوفين خلال الشهر الأخير.

ويرى البعض أن المملكة تراخت في إجراءاتها الاحترازية التي كان يضرب بها المثل في الدول العربية في بداية الجائحة، وهو ما يرونه سببا في النتيجة التي وصلت إليها المملكة الآن من ارتفاعات حادة للغاية في أعداد المصابين والمتوفين.


المحور الثاني: الحالة السياسية

في ظل الآلام التي أصابت القضية الفلسطينية خلال الأشهر الأخيرة جراء الضربات التي تلقتها من أشقائها العرب من خلال سباق التطبيع، وُلد الأمل في مصالحة فلسطينية فلسطينية تنهي عقود الانقسام، وفي كنف أجواء مبشرة باعثة للأمل، تكدر السلطة الفلسطينية صفاء هذا الحلم بقرارها المنفرد بعودة العلاقات الأمنية والسياسية مع "إسرائيل"، وهو ما رفضته كل الفصائل الفلسطينية واعتبرته طعنة للجهود الوطنية الرامية إلى المصالحة.

وفي الحالة المصرية، رصد التقرير نشاطا مكثفا للقوات المسلحة خارج البلاد خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2020. ومع النظر إلى خريطة هذه التحركات وطبيعتها، تبرز معالم الأهداف الإستراتيجية التي يحاول نظام عبد الفتاح السيسي تحقيقها من خلال هذه التحركات.

الحالة المغربية شهدت خلال الشهر تصعيدا لواحدة من أطول نزاعات القارة الإفريقية والشرق الأوسط، وهو النزاع القائم بين المغرب وجبهة البوليساريو على إقليم الصحراء منذ جلاء الاحتلال الإسباني عن المنطقة عام 1975. ورغم أن المملكة لا تزال ملتزمة باتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الطرفين عام 1991، إلا أن التصعيد مستمر.

وفي الوقت الذي يتعقد فيه المشهد المغربي، تبدو الأزمة الليبية في طريقها لحلحلة الصراع المستمر منذ عقد من الزمان، فالمباحثات والتفاهمات بين الأطياف الليبية مستمرة، ورغم الملفات المسكوت عنها حتى الآن، إلا أنها لا تزال تتقدم، كما أن الأشهر الأخيرة تشهد تصاعدا في الأدوار الأميركية والأوروبية والمغاربية في الأزمة الليبية، بينما يتراجع الدوران التركي والروسي اللذان كانا على رأس الفاعلين منذ أشهر معدودة، ويبدو أن هناك توافقا دوليا على تقليص دوريهما.

القضية الفلسطينية

  • من الآلام إلى حلم المصالحة وإنهاء الانقسام

شهد الشعب الفلسطيني خلال الأشهر الأخيرة آلاما كبيرة جراء ما أصاب قضيتهم إثر سباق التطبيع الذي قادته الإدارة الأميركية لتوصل 3 دول عربية -الإمارات، البحرين، السودان- خلال شهرين فقط، إلى علاقات دائمة مع الاحتلال الإسرائيلي.

أضحى التطبيع هو السائد عربيا وإسلاميا (على المستوى الرسمي) إلا ما ندر، وغيره هو النادر الشاذ الذي يستحق الإشادة والإشارة، مثلما حدث مع رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، الذي أعلن أن بلاده لن تعترف أبدا بإسرائيل، مؤكدا تعرضه لضغوط كثيرة للاعتراف بها من قبل دول وصفها بـ "الصديقة"[1]، مما حدا برئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، بالإشادة بموقف إسلام آباد الذي لم يعد يتكرر كثيرا في الآونة الأخيرة[2].

كل هذه الخطوات تأتي في إطار خطة "سلام" أميركية قادها الرئيس الأميركي الخاسر في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، دونالد ترامب، فيما عرف إعلاميا بـ "صفقة القرن"، وهي الخطة التي أجمع الفلسطينيون على رفضها، نظرا لإجحافها بحق الشعب الفلسطيني وحقه المشروع في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة على الأرض الفلسطينية الكاملة، فضلا عن أن الخطة تجور على حق الفلسطينيين كذلك في إقامة دولتهم "المجتزأة" على حدود عام 1967، طبقا لقرارات الأمم المتحدة ومقررات الشرعية الدولية.

هذه الأحداث دفعت الفصائل الفلسطينية إلى الشعور بأهمية تجاوز الخلافات البينية فيما بينهم، مما حدا بها إلى المضي قدما نحو مصالحة فلسطينية شاملة، تفضي في نهايتها إلى انتخابات كاملة تنبثق عن حكومة وحدة وطنية تعبر عن الشعب ونضالاته وآماله، وبالفعل، بدأت المباحثات في مدينة إسطنبول التركية، مرورا ببيروت اللبنانية، وانتهاءا بالعاصمة المصرية، القاهرة، التي استمرت اللقاءات فيها وتعددت خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

مباحثات داعبت آمال الفلسطينيين وطموحاتهم في إنهاء حالة الانقسام التي تعيشها القضية الفلسطينية منذ 13 سنة.

  • السلطة تقضي على الآمال باستئناف علاقاتها مع المحتل

إلا أنه يبدو أن هذه الآمال لم تدم طويلا، فالسلطة الفلسطينية، ممثلة في حركة التحرير الوطني فتح، قررت مخالفة الإجماع الوطني بإعلانها استئناف العلاقات السياسية والأمنية مع دولة الاحتلال كما كانت قبل قطعها منذ نحو 6 أشهر، وتحديدا في 19 مايو/ آيار 2020 احتجاجا على الخطة الأميركية المزعومة للسلام في الشرق الأوسط والتي أعطت إسرائيل الضوء الأخضر لضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية[3].

وبررت السلطة قرارها بوصول رسالة خطية مكتوبة من "إسرائيل" تعلن فيها التزامها بالاتفاقات الموقعة بينها وبين السلطة، حسب ما صرح به عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ورئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية، حسين الشيخ[4].

وجدير بالذكر أن الشيخ تولى رسميا ملف العلاقات مع إسرائيل بشكل كامل منذ مرض أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، حتى وفاته مؤخرا.

المسؤول الجديد عن ملف العلاقات مع إسرائيل اعتبر ما حدث "انتصارا عظيما" للشعب الفلسطيني[5]، وليس معلوما حتى اللحظة ماهية هذا الانتصار، حيث إن الرسالة الخطية التي أشار إليها الشيخ هي رد منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية، الجنرال كميل أبو ركن، على رسالة وجهتها له السلطة الفلسطينية في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2020.

وأرسلت السلطة رسالة لأبي ركن جاء فيها: "لقد طلبنا ردا على سؤال من جانبنا، ونحن لم نتلق إجابة حتى الآن. السؤال هو: هل حكومة إسرائيل ملتزمة بالاتفاقيات والمعاهدات الموقعة مع الفلسطينيين ومع منظمة التحرير أم لا؟ والتي تشكل مرجعا للعلاقات الثنائية بين الطرفين منذ عام 1993. نأمل في الحصول على إجابة"[6].

أبو ركن أرجأ الردّ على الرسالة نحو 40 يوما، حيث جاء رده في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 على النحو التالي: "عزيزي.. بناء على رسالتكم المؤرخة في 7/10/2020، فإن إسرائيل قد أكدت سابقا أن الاتفاقيات الثنائية الإسرائيلية الفلسطينية مستمرة في تنظيم الإطار القانوني المناسب للطرفين في ما يتعلق بالجانب المالي والقضايا الأخرى. وبالتالي، وبما يتفق مع هذه الاتفاقيات، فإن إسرائيل مستمرة في تحصيل أموال الضرائب لصالح السلطة الفلسطينية، في حين أن السلطة هي التي قررت عدم استلام هذه الأموال التي تقوم إسرائيل بجمعها".

وتنبئ الرسائل المتبادلة بين الطرفين عن تدني المستوى السياسي والدبلوماسي الذي تتعامل به السلطة الفلسطينية مع دولة الاحتلال، فهي تتواصل مع مجرد منسق للأعمال في الضفة الغربية، ولا تتعامل على مستوى رئيس الحكومة أو الوزراء، علاوة على تأخر رد الكيان شهرا و 10 أيام، مما يشير إلى نوع من الاستخفاف تعاملت به حكومة الاحتلال مع مقر المقاطعة في رام الله.

  • الفصائل الفلسطينية ترفض

الفصائل الفلسطينية جميعها أدانت قرار السلطة، ودعت إلى التراجع الفوري عنه.

فحركة حماس اعتبرت أن القرار طعنة للجهود الوطنية نحو بناء شراكة وطنية وإستراتيجية نضالية لمواجهة الاحتلال والضم والتطبيع وصفقة القرن، مضيفة أن السلطة الفلسطينية أعطت بهذا القرار مبررا لمعسكر التطبيع العربي الذي ما فتئت السلطة نفسها تدينه وترفضه. كما دعت الحركة السلطة إلى ترك المراهنة على جو بايدن، الرئيس الأميركي المنتخب، وغيره.

كما أشارت إلى إيمانها بضرورة الوحدة الوطنية، حيث ذكرت أنه "لن يحرر الأرض، ويحمي الحقوق، ويطرد الاحتلال إلا وحدة وطنية حقيقية مبنية على برنامج وطني شامل ينطلق من إستراتيجية المواجهة مع الاحتلال المجرم"[7].

حركة "الجهاد الإسلامي" اعتبرت القرار "انقلابا" على كل مساعي الشرعية الوطنية، و"تحالفا مع الاحتلال بدلا من التحالف الوطني"[8]. ذات الموقف اتخذته حركة المقاومة الوطنية وحزب الشعب الفلسطيني[9]، وكذلك الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي اعتبرت أن تبرير السلطة للقرار هو "تبرير للعجز والاستسلام أمام العدو"، داعية قوى الشعب الفلسطيني إلى التصدي لقرار السلطة، والوقوف كذلك في وجه ما أسمته "سياسة التفرد التي تدير الظهر للمؤسسات الوطنية"[10].

جدير بالذكر أن قرار استئناف العلاقات لم تعلم به الفصائل الفلسطينية قاطبة، بل إن أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، جبريل الرجوب، لم يكن يعلم كذلك بالقرار حسب ما أخبر حركة حماس.

وصدر القرار في الوقت الذي كان يقوم فيه الرجوب بمحادثات لإنهاء الانقسام مع حركة حماس في القاهرة، وفوجئ الطرفان بالقرار[11].

ويبدو أن حلم المصالحة الشاملة وإنهاء الانقسام بين الفصائل الفلسطينية لا يزال أملا بعيد المنال، نظرا للخلافات الجوهرية البنيوية في وجهات النظر بينها بشكل عام، وتحديدا بين فتح وحماس بشكل خاص.

فالأولى ترى أن سياسة المفاوضات والتنسيق الأمني والسياسي هي الحل الأنجع في التعامل مع الاحتلال، والثانية تؤمن بأن السبيل الأوحد في التعامل مع الاحتلال هو النضال الكامل والمقاومة الشاملة بكل ما تملك من وسائل. وهما وجهتان متباينتان، مساحات الاختلاف بينهما أكثر من الاتفاق.

  • قبيل رحيل ترامب.. الاحتلال يتوسع في الاستيطان

وفي الوقت الذي تؤكد فيه السلطة أن الاحتلال ملتزم بالمعاهدات والاتفاقيات، يستمر الكيان في سياسته المعهودة بوضع اليد وفرض الأمر الواقع بقوة السلاح، ورغم أن الاحتلال أعلن عن تجميد مخططات الضم، إلا أن الواقع العملي يشي بغير ذلك على الإطلاق.

إذ أعلنت وزارة الإسكان الإسرائيلي، في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، عن طرح مناقصة لبناء 1257 وحدة استيطانية جديدة في شرق القدس، وتحديدا في منطقة تسمى "جفعات همتوس"[12]، وهو الإعلان الذي اعتبرته حركة "السلام الآن" الإسرائيلية المناهضة للاستيطان يهدف إلى تخريب عملية السلام وإفشال خيار حل الدولتين[13]، نظرا لأن هذه المستوطنات المزمع بناؤها ستقطع التواصل بين المدينة المقدسة، وجنوبي الضفة الغربية.

كما يذكر هنا أن إسرائيل صادقت، يوم 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، على بناء نحو 108 وحدات استيطانية جديدة في حي "رامات شلومو" شمالي شرق القدس المحتلة[14].

وهذه المنطقة بالتحديد كانت قد سببت أزمة بين الحكومة الإسرائيلية وإدارة الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، حيث جرى الإعلان عن بناء أو توسيع هذه المستوطنة لأول مرة خلال زيارة لجو بايدن، نائب الرئيس الأميركي آنذاك، في مارس/ آذار 2010، وهو ما عارضه بايدن وأوباما بشدة في ذلك الحين، مما اضطر سلطات الاحتلال إلى تجميد المشروع حينا من الزمن.

وهذا الموقف هو ما دعا عددا من المعارضين الإسرائيليين إلى اعتبار أن هذه الخطوة قبيل وصول بايدن للسلطة "استفزازا كبيرا" للرجل، وبالتالي تتعارض مع المصالح الإسرائيلية، وفقا لوجهة نظرهم[15].

خطوات ضم الأراضي والاستيطان أخذت بُعدا آخر غير بناء المستوطنات، حيث تتوجه حكومة الاحتلال نحو البدء في تسجيل جميع المنازل الواقعة بالقرب من المستوطنات بدائرة "الطابو" الإسرائيلية، وهو ما يعرف بقانون "تسوية الأراضي"[16].

وتتيح "التسوية" تسجيل جميع المنازل في المستوطنات في السجلات الإسرائيلية والتصدي للمساعي الفلسطينية المتسارعة لتسوية الأراضي في سجلاتها.

ما يسمى وزير القدس الإسرائيلي، رافي بيرتس، أشار بشكل واضح إلى أن الخطوة تأتي في سياق خطة كاملة لتوحيد المدينة تحت سلطة الاحتلال، حيث صرح بأن "القدس الموحدة ليست شعارا، ولكنها رؤية يجب أن تنطبق على الجزء الشرقي من المدينة تماما كما تنطبق على غربي المدينة"، مشيرا إلى أن معظم الأراضي الواقعة في الجزء الشرقي غير مسجلة بشكل رسمي صحيح، وهو أمر كان يجب معالجته منذ فترة طويلة، حسب قوله[17].

  • تمديد وجود المستوطنين في الأقصى

لم يكتف الاحتلال بالخطوات الاستيطانية السابقة، فلأول مرة منذ عام 1967، تقرر سلطات الاحتلال تمديد الفترة التي يوجد فيها المستوطنون في المسجد الأقصى[18]، حيث اعتادوا على اقتحام باحات "الأقصى" يوميا، تحت حراسة الشرطة الإسرائيلية، قادمين من باب "المغاربة" الذي يستولي الاحتلال على مفاتيحه منذ احتلال شرقي مدينة القدس عام 1967.

وطبقا للقرار الجديد، يوجد المستوطنون في المسجد الأقصى يوميا من الساعة السابعة حتى الساعة 10:30 خلال الفترة الصباحية، ثم يستأنفون وجودهم مرة أخرى من الساعة 12:30 - 14:00 في الفترة المسائية، في خطوة أدانتها جميع الفصائل الفلسطينية، معتبرة أنها تهدف إلى سيطرة المستوطنين بشكل دائم ومتواصل على الأقصى، وواصفة إياها بأنها "انتهاك وعدوان"[19].

يأتي القرار بالتزامن مع خطوات تهدف إلى تضييق الخناق على المقدسيين والوافدين لأداء الصلاة في المسجد الأقصى، وهو ما أصاب بعض الفلسطينيين بالقلق خشية من أن تكون هذه الخطوة مقدمة لحرمان المقدسيين من الوصول إلى القدس، واقتصار الأمر على المستوطنين وحراس الأقصى وموظفي الأوقاف. علاوة أن هذه القرار يعد بمثابة خطوة جديدة نحو الخطة الإسرائيلية بتقسيم الأقصى زمانيا ومكانيا.

خطوات الكيان جميعها تشير إلى محاولات حثيثة وجادة لاستغلال الفترة الأخيرة للرئيس ترامب الذي يقدم له دعما غير محدود في الخطوات الاستيطانية، على خلاف السياسات الأميركية المعهودة، وهو ما أبرزته الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، في منتصف شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 إلى مصنع "بساغوت" للنبيذ في الضفة الغربية المحتلة[20]، ليكون بذلك أول وزير خارجية أميركي يزور مستوطنة إسرائيلية.

محاولات الاحتلال تهدف إلى فرض واقع جديد مجحف على الفلسطينيين في ظل ظرف محلي وإقليمي ودولي غير موات لإنصاف حقهم المشروع في المطالبة بأرضهم المسلوبة.

الحالة المصرية

شهدت القوات المسلحة المصرية خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 نشاطا خارجيا لافتا للنظر بشكل كبير على مستوى التدريبات العسكرية والمناورات المشتركة والزيارات الرسمية، وجميعها قد يحمل في طياته رسائل سياسية تريد القاهرة إيصالها، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي.

ففي مطلع الشهر، وتحديدا في يومه الثاني، غادر وزير الدفاع المصري في حكومة السيسي، الفريق أول محمد زكي، القاهرة متجها إلى البرتغال، في زيارة رسمية استغرقت عدة أيام[21].

أعقب ذلك لقاء جمع رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الفريق محمد فريد، بوزير الدولة للقوات المسلحة البريطانية، جيمس هيبي، في القاهرة[22].

في تلك الأثناء، كانت القوات البحرية المصرية تنفذ تدريبا بحريا بالتشارك مع نظيرتها الفرنسية في نطاق الأسطول الشمالي بالبحر المتوسط[23].

وفي الخامس من الشهر، انطلقت فعاليات التدريب البرمائي المشترك بين القوات المصرية والبريطانية في البحر المتوسط، وشارك في التدريب عناصر من القوات الخاصة البحرية في البلدين، واستمرت التدريبات حتى 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020[24].

وفي العاشر من ذات الشهر، اشتركت القوات البحرية المصرية مع نظيرتها البحرينية في نطاق الأسطول الشمالي من البحر المتوسط[25].

ولأول مرة بين البلدين، نفذت القوات المسلحة المصرية والسودانية 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 تدريبا جويا مشتركا "نسور النيل - 1" في قاعدة "مروى" الجوية شمال السودان[26]، واستمرت التدريبات حتى 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

وفي 16 نوفمبر/ تشرين الثاني، اشتركت البحرية المصرية في تدريبات مع نظيرتها الروسية في تدريبات "جسر الصداقة - 3"، ونُفذت التدريبات لأول مرة في البحر الأسود، ومرت البحرية المصرية أثناء رحلتها بمضيق البوسفور على السواحل التركية[27].

وللمرة الثانية خلال نفس الشهر، نفذت البحريتان المصرية والفرنسية تدريبا بحريا عابرا في نطاق الأسطول الشمالي في البحر المتوسط[28].

هذا بالإضافة إلى التدريبات المشتركة بين البحريتين المصرية والإسبانية في نطاق الأسطول الجنوبي بالبحر الأحمر[29].

وتبدو مناورات "سيف العرب" الحدث الأبرز خلال الشهر، حيث انطلقت فعاليات التدريب المشترك بين 6 دول عربية بقاعدة محمد نجيب العسكرية -القاعدة البرية الأكبر في الشرق الأوسط وإفريقيا- ومناطق التدريبات الجوية والبحرية في نطاق المنطقة الشمالية العسكرية. وشارك في التدريبات كل من السعودية والإمارات والبحرين والسودان والأردن[30].

وأخيرا، التقى وزير الدفاع المصري، محمد زكي، نظيره العراقي، جمعة عناد سعدون، خلال زيارة الأخير الرسمية لمصر ختام شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2020[31].

كل هذه الفعاليات كانت تؤطر فى بيانات القوات المسلحة بأنها في إطار خطة القيادة العامة للقوات المسلحة للتدريبات المشتركة مع القوات المسلحة للدول الصديقة والشقيقة وتبادل الخبرات مع البحريات العالمية، علاوة على بحث تطورات الأوضاع الراهنة وانعكاساتها على الساحة الإقليمية والدولية.

  • أهداف إستراتيجية للنظام المصري

بالنظر إلى خريطة تحركات الجيش المصري وشراكاته ونشاطاته المكثفة خلال الشهر، تبدو أن جميع الخطوات كانت لها أهداف سياسية وإستراتيجية في إطار السياسة المصرية الكلية.

فالشراكات العسكرية مع دول ذات ثقل في الاتحاد الأوروبي كإسبانيا وفرنسا، بالإضافة إلى ملف صفقات السلاح الضخمة مع فرنسا وإيطاليا وألمانيا (ذُكرت بعض تفاصيل هذه الصفقات وأهدافها في تقرير "الحالة العربية - أكتوبر/ تشرين الأول 2020") كل ذلك يبدو في إطار محاولة مصرية لتعميق العلاقات العسكرية مع هذه الدول، نظرا لأن العلاقات العسكرية تأخذ طابع الثبات والاستقرار، كونها عصية بشكل كبير على التفكك والاهتزاز بفعل الاضطرابات السياسية العابرة.

هذا بالإضافة إلى إعطاء رسالة للأوروبيين والدول الكبرى مفادها أن الدولة المصرية بقيادتها الحالية تعد صمام أمان يضمن استقرار المنطقة ويحفظ مصالح هذه الدول في المنطقة.

بينما الشراكات العسكرية المتصاعدة مع الدولة الروسية، فهي تأتي في إطار إستراتيجية "خلق التوازن" التي دأب عليها نظام السيسي منذ انقلابه على السلطة المنتخبة يوليو/ تموز 2013.

ويحاول السيسي تنويع شراكاته العسكرية بين قطبي النظام العالمي، روسيا والولايات المتحدة، في محاولة منه لخلق نوع من التوازن في العلاقات فيما بينهما، حتى لا يكون عرضة للضغط من أحد الأطراف بشكل كامل.

من ناحية أخرى، تبدو الشراكات مع السعودية والإمارات والبحرين، بالإضافة إلى السودان مؤخرا، في إطار تعزيز تحالف إستراتيجي يجمع قادة هذه البلدان في محور إقليمي واحد، جنبا إلى جنب مع إسرائيل.

يحاول هذا التحالف أن يمتلك من أسباب القوة ما يمكنه من إنفاذ أجنداته وسياساته في المنطقة، حتى أنه لا يستبعد أن تكون "سيف العرب" خطوة لتحقيق نداء السيسي في القمة العربية عام 2015، حيث عبر حينها عن رغبته في تكوين قوة عربية مشتركة[32].

كما لا يستبعد كذلك أن تمثل مثل هذه الخطوات رسالة للقوى الدولية الكبرى بمدى قوة ومتانة وتماسك هذا التحالف، للحد الذي تفهم منه أن هذا التحالف واقع لا بد من التعامل معه واحتوائه بدلا من خسارته، بل والاعتماد عليه في حفظ الاستقرار وضمان المصالح في المنطقة العربية، خصوصا في ظل صعود إدارة أميركية جديدة على خلاف مبدئي مع معظم حكومات هذه البلدان.

الحالة المغربية

  • النزاع مع البوليساريو.. رصد تاريخي

عاد أحد أطول النزاعات في القارة الإفريقية للتصدر على مسرح الصراعات الإقليمية مرة أخرى،  حيث توترت الأحداث في منتصف شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2020  بين المملكة المغربية و الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب"، والمعروفة إعلاميا باسم جبهة "البوليساريو"[33].

تعود أصول هذا الصراع إلى عام 1975، وتحديدا في نوفمبر/ تشرين الثاني من نفس العام، حيث وقعت اتفاقية لإنهاء الاستعمار الإسباني لإقليم الصحراء الغني بالفوسفات، على أن يكون شمال ووسط المنطقة تابعا للمملكة المغربية، بينما تسيطر موريتانيا على الجزء الجنوبي منها.

إلا أن الجبهة أعلنت تمردها عقب 3 شهور من الاتفاقية، وأعلنت قيام "الجمهورية العربية الصحراوية" مستقلة عن المغرب وموريتانيا، مما سبب حروبا دامية بين البوليساريو من جهة، والمغرب وموريتانيا من جهة أخرى.

وبعد 3 سنوات، قررت موريتانيا التخلي نهائيا عن الدفاع عن حقها في الإقليم، وتركت المنطقة التي كانت تسيطر عليها (إقليم وادي الذهب)، ووقعت اتفاق سلام مع البوليساريو، والتزمت الحياد في الأزمة منذ ذلك الوقت.

من ناحيته، واصل المغرب الدفاع عن حقوقه في أراضي الإقليم، وعليه استمرت الحرب نحو 16 عاما بين الطرفين، حتى دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين الطرفين حيز التنفيذ عام 1991، دون التوصل إلى حل سياسي نهائي للنزاع بين الطرفين.

وخلال العقود الثلاثة الخالية، حدثت مناوشات وتوترات بين الفينة والأخرى، إلا أن الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار كان سيد الموقف. كما أن المواقف السياسية والرؤى للطرفين تطورت وتبلورت خلال المباحثات المباشرة وغير المباشرة طيلة هذه السنين.

وانتهى الطرفان إلى أن المغرب قبل بحكم ذاتي موسع للإقليم ولكن تحت سيادة المملكة، بينما لا تقبل جبهة البوليساريو إلا بإجراء استفتاء شعبي للسكان الصحراويين لتقرير المصير، يعقبه إعلان قيام دولة صحراوية مستقلة كاملة السيادة.

وحتى لا يطول السرد التاريخي لإيضاح آثار هذه الأزمة على بلاد المغرب العربي، يمكن القول بشكل مبسط إن الجزائر وليبيا كانتا الداعمتين الرئيسيتين لانفصال البوليساريو، ثم تخلت طرابلس بشكل كبير عن دعمها، وبقيت الجزائر الداعم الرئيس للجبهة في وجه الرباط. القضية بلا شك هي قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي وقت وتتسبب في شرذمة المغرب العربي.

  • التصعيد مستمر.. رغم التزام المغرب بوقف إطلاق النار

بناء على ما سبق، فإن التوترات لا تزال قائمة، والقضية لا تزال عالقة، وهو ما تسبب في العودة إلى تصاعد النزاع خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، والذي تمخض عن إصدار إبراهيم غالي، رئيس الإقليم الصحراوي والقائد الأعلى لقواته المسلحة والأمين العام لجبهة البوليساريو، مرسوما رئاسيا يعلن من خلاله نهاية الالتزام بوقف إطلاق النار الموقع بين الجبهة من جهة، والمملكة المغربية من جهة أخرى تحت إشراف الأمم المتحدة عام 1991، حسب بيان نشرته وكالة الأنباء الصحراوية[34].

علل البيان القرار بقوله: إن المملكة المغربية أقدمت على ما أسماه "خرق وقف إطلاق النار"، ومتهما إياها بالهجوم على المتظاهرين "سلميا" أمام معبر الكركرات. في إشارة إلى العملية التي قامت بها القوات المسلحة الملكية المغربية صبيحة 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

من ناحيتها، استهدفت الرباط من عمليتها العسكرية "وضع حد لحالة العرقلة الناجمة عن استفزازات البوليساريو، وإعادة إرساء حرية التنقل المدني والتجاري"، حسب بيان أصدرته وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي ونشرته وكالة المغرب العربي للأنباء[35].

يشير البيان المغربي إلى حالة العرقلة التي تسببت فيها جبهة البوليساريو وأنصارها على معبر الكركرات منذ 21 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، حيث منعت الجبهة حركة تنقل الأشخاص والبضائع من المعبر رغم أهميته الاقتصادية الشديدة بالنسبة للمملكة المغربية.

ويقدر مراقبون أن التحرك المغربي كان مبررا على أية حال، خصوصا أن المملكة قد استفرغت ما في وسعها من وسائل دبلوماسية لفتح المعبر وإعادة الحركة التجارية إلى مجاريها، فقد أطلعت المملكة الأمين العام للأمم المتحدة بانتظام على التطورات في هذه المنطقة منذ اليوم الأول، كما طلبت كذلك من أعضاء مجلس الأمن الدولي وبعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية، المعروفة إعلاميا باسم "المينورسو"، وعدة دول أخرى بأن يكونوا شهودا على هذه التحركات[36].

ولم يتحرك المغرب إلا بعد أن رأى أن دعوات المينورسو والأمين العام للأمم المتحدة، وكذا تدخلات العديد من أعضاء مجلس الأمن، "ظلت للأسف بدون جدوى"، بحسب بيان الخارجية المغربية المشار إليه سابقا. ومما يدعم الموقف المغربي كذلك أن التحرك العسكري للقوات الملكية لم يخلف أي ضحايا بشرية من المدنيين[37].

لا يزال التصعيد قائما بين الطرفين، فرغم إعلان العاهل المغربي، الملك محمد السادس، أن بلاده متمسكة وملتزمة باتفاق وقف إطلاق النار، فإن جبهة البوليساريو لا تزال تعلن يوما بعد يوم أنها تواصل قصف مواقع القوات المغربية في المنطقة المتنازع عليها.

وتنشر وكالة الأنباء الصحراوية الرسمية يوميا بلاغات رسمية صادرة عن قواتها المسلحة، تقول فيها: إن "وحدات جيش التحرير الشعبي الصحراوي تواصل قصف مواقع قوات العدو المغربي على طول جدار الذل والعار"، وفقا للبلاغ الأخير الصادر يوم 28 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020[38].

  • مستقبل مجهول.. هل يتنازل أحد الأطراف؟

وليس معلوما حتى اللحظة ما يمكن أن تؤول إليه هذه الأحداث، خصوصا في ظل تشبث جميع الأطراف المعنية بالأزمة بمواقفها، فرغم أن المغرب لا يمانع في منح الإقليم سيادة ذاتية موسعة، إلا أنه مصر على أن يظل الإقليم تحت حكم المملكة، كما هو الحال في بريطانيا على سبيل المثال، حيث إنه يرى أن وجود دولة صغيرة مستقلة عن سلطته يهدد أمنه القومي، كما أنه قد يشكل تهديدا له لو قامت تلك الدولة الصحراوية بقبائلها الممتدة من الصحراء مرورا بتندوف ووصولا إلى صحراء ليبيا وهو أمر خطير جدا، هذا بالإضافة إلى ملف الفصائل المسلحة في الشمال الإفريقي التي قد تتحالف مع دولة البوليساريو لو قامت لها قائمة[39].

البوليساريو كذلك ترى أنه لا بد أن يعطى للصحراويين حق تقرير المصير من خلال استفتاء تشرف عليه الأمم المتحدة. ورغم أن المغرب كان قد وافق في وقت سابق على هذا الاقتراح، إلا أنه لم تستطع الأطراف التوصل إلى توافق حول من له الأحقية في المشاركة في هذا الاستفتاء، وهو ما قوض هذه المساعي.

ولا ينبغي إغفال موقف الجزائر الداعم للبوليساريو عسكريا وسياسيا، والذي يستقبل على أرضه أكثر من 100 ألف لاجئ صحراوي، وهو ما يزعج النظام المغربي من شقيقه الجزائري، فالجزائر ترى أن الاستفتاء على تقرير المصير أمر مشروع، وتدعو له من خلال استفتاء ترعاه الأمم المتحدة. ورغم أن هذا الحل قد يُنهي المسألة بشكل ما، لكنه في نفس الوقت يفتح الباب لكل من يحلم بدولة صغيرة في تلك المنطقة، كما أنه قد يمثل مشكلة أمنية إستراتيجية على دول المغرب العربي.

الحالة الليبية

  • المباحثات والتفاهمات.. في تقدم مستمر

استكمالا للتفاهمات الدبلوماسية الأولية الحادثة في الأزمة الليبية خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2020، تتابعت اللقاءات والمباحثات الإيجابية على طريق الحل السياسي للأزمة خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، ابتداء من اجتماع اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) في مدينة غدامس أقصى الغرب الليبي برعاية المبعوثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة، ستيفاني وليامز.

 الاجتماع الذي عقدت أولى جلساته في 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 كان يهدف إلى بحث آليات تنفيذ "اتفاق وقف إطلاق النار الدائم والشامل"، بما في ذلك إنشاء لجان فرعية للإشراف على إنفاذ الآليات المتفق عليها، فضلا عن مناقشة آليات للمراقبة والتحقق من وقف إطلاق النار[40].

يشار إلى أن وقف إطلاق النار المذكور أعلاه هو الاتفاق الذي أعلنت عنه الأمم المتحدة عقب مباحثات أجرتها بين طرفي الأزمة الليبية في العاصمة السويسرية، جنيف، أواخر شهر أكتوبر/ تشرين الأول  2020 [41]. كما يجدر الذكر أن هذا الاجتماع يعد الأول للجنة على الأراضي الليبية.

حقق الاجتماع أهدافه بشكل كبير، حيث خلص إلى عدد من التوصيات فيما يخص ترتيبات المرحلة التالية، تضمنت مطالبة مجلس الأمن الدولي بالتعجيل بإصدار قرار ملزم لتنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في جنيف، كما اتفقت اللجنة على تشكيل لجنة للإشراف على "عودة القوات إلى مقراتها وسحب القوات الأجنبية من خطوط التماس"، وكذلك تشكيل فرق هندسية مشتركة لإزالة الألغام بالتعاون مع الأمم المتحدة وجهاز المخابرات العامة، إضافة إلى اتفاقهم حول مقرات اللجنة المشتركة على الأراضي الليبية.

 ومن أهم التوصيات الصادرة عن اللجنة تلك التي تخص ترتيب عقد أول اجتماع لتوحيد حرس المنشآت النفطية. كذلك الاتفاق على انعقاد اللجنة في مدينة سرت وسط ليبيا خلال أيام من انتهاء هذه الجولة[42].

الحدث الأبرز خلال الشهر كان انعقاد ملتقى الحوار السياسي الليبي المشكل من 75 عضوا في العاصمة التونسية، والذي استمرت وقائعه أسبوعا كاملا.

وبختام فعاليات الملتقى يوم 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، توافق ممثلو الليبيين في الملتقى على خريطة طريق لإجراء انتخابات شاملة في 24 ديسمبر/ كانون الأول 2021، كما اتفق المشاركون على ضرورة إصلاح السلطة التنفيذية، وحددوا هيكل واختصاصات المجلس الرئاسي ورئيسا للحكومة منفصلا عن المجلس، وحددوا أيضا معايير الترشح لهذه المناصب، بحسب بيان البعثة الأممية[43].

وأضاف البيان أن مناقشات الملتقى ستتواصل في الأسابيع المقبلة عبر الإنترنت حول إصلاح السلطة التنفيذية والدستور.

وإنفاذا لما خلص إليه اجتماع اللجنة العسكرية مطلع الشهر، انعقدت اللجنة في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 في مقرها الجديد في مدينة سرت، وفيه اتفق على خطوات لفتح الطريق الساحلي أمام المواطنين، وذلك من خلال المباشرة بنزع الألغام والمخلفات الحربية المتفجرة، ويعقب ذلك "إخراج جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب" من المنطقة المستهدفة، حسب بيان البعثة الأممية.

هذا بالإضافة إلى سحب الآليات والأسلحة الثقيلة من خطوط التماس في المنطقة المستهدفة وإعادة القوات إلى وحداتها بالتنسيق مع لجنة الترتيبات الأمنية[44].

وفي خطوة أخرى لإنفاذ مخرجات اجتماع اللجنة العسكرية المشتركة مطلع الشهر، شهدت مدينة البريقة شمالي ليبيا، يوم 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، انعقاد أول اجتماع لبحث توحيد حرس المنشآت النفطية المنقسم بين الشرق والغرب[45].

الاجتماع استضافته شركة سرت لإنتاج وتصنيع النفط والغاز، وضم رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، مصطفى صنع الله، وآمري حرس المنشآت النفطية في المنطقتين الشرقية والغربية، إضافة إلى المبعوثة الأممية، ستيفاني وليامز.

وأعلن آمرا حرس المنشآت النفطية أنهما مستعدان للمضي قدما في جهود الوحدة، وذكرا أن التنسيق بينهما قد بدأ بالفعل وأن هدفهما الآن العمل كهيئة واحدة.

واتفق قادة كل من المؤسسة الوطنية للنفط وحرس المنشآت النفطية على الاجتماع على المستوى الفني في وقت قريب -لم يذكر الوقت بالتحديد- في مدينة الزاوية الليبية لمناقشة إعادة هيكلة الوحدة بالتفصيل. كما اتفقا على العمل على مشروع لإنشاء قوة أمنية نموذجية في إيروان، وهو حقل نفطي جديد في جنوب غرب ليبيا من المقرر افتتاحه في عام 2021 [46].

الجولة الثانية من ملتقى الحوار السياسي الليبي انعقدت هي الأخرى في موعدها المتفق عليه يوم 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 [47]. هدف الجلسة هو مناقشة الخيارات المتاحة المتعلقة بآليات اختيار السلطة التنفيذية الموحدة لقيادة المرحلة التمهيدية التي تسبق الانتخابات. ورغم إيجابية الحوار، لم يصل المؤتمرون إلى توافق على الآليات الخاصة باختيار الشخصيات في المجلس الرئاسي والحكومة، بحسب البيان الختامي للجولة[48].

وبالرغم من أنه لم يحدد موعد رسمي -حتى كتابة هذا السطور- للاجتماع مرة أخرى، إلا أن قناة 218 الليبية المحلية كشفت عن احتمالية عقد ملتقى لأعضاء لجنة الحوار السياسي يوم 4 ديسمبر/ كانون الأول 2020 في مصر[49].

وفي ذات السياق، اجتمع نحو 120 نائبا من مجلس النواب الليبي المنقسم على ذاته في مدينة طنجة المغربية يوم 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 [50]، بهدف بحث إعادة توحيد المجلس مرة أخرى ليتمكن من القيام بالمهام المنوطة به، وتذليل العقبات التي تقف عائقا أمام العملية السياسية، ومواجهة الاستحقاقات المتمثلة في الحوار الليبي الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة، وكذلك التوافق حول المناصب السيادية السبعة، وكذا الاستحقاقات الدستورية التي تسبق الانتخابات البرلمانية والرئاسية، بحسب تصريحات النواب المشاركين في المشاورات[51].

ناقش النواب تحديد موعد ومكان انعقاد جلسة رسمية موحدة وكاملة النصاب خلال الأيام المقبلة، وحتى كتابة هذه السطور، لم يتبين ما توصلوا إليه بخصوص هذا الأمر، إلا أن المؤشرات -حتى الآن- تشير إلى أن المباحثات تسير بشكل إيجابي في اتجاه عقد جلسة موحدة داخل الأراضي الليبية.

على صعيد آخر، استقبلت القاهرة -الداعمة لحكومة الشرق ومليشيات الجنرال المتمرد خليفة حفتر- مطلع شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2020 وزير الداخلية في حكومة الوفاق الشرعية، فتحي باشاغا[52]، والمعروف بقربه من أنقرة ومن تيارات ما يعرف بـ "الإسلام السياسي"، كما أعقبت الزيارة أخرى من قبل نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي، أحمد معيتيق، وسبق ذلك وصول 3 مستشارين لرئيس الوفاق، بينهم مستشاره الأمني، تاج الدين الرزاقي[53].

مصر استقبلت كذلك في نفس الشهر خالد خليفة حفتر، نجل الجنرال المتمرد وكذلك عضو المجلس الأعلى للدولة الليبي، بلقاسم قزيط، وكشفت مصادر لـ "العربي الجديد" أن القاهرة تدير بين هؤلاء الفرقاء اتصالات وحوارات غير مباشرة مع الأفراد المذكورين وغيرهم من قيادات في الشرق والغرب الليبي بهدف التوافق وترتيب لمرحلة محتملة إذا ما نجحت حوارات الحل السياسي القائمة خلال الشهرين الماضيين[54].

كما استقبلت فرنسا -الداعمة كذلك لمليشيات حفتر- وزير الداخلية باشاغا، والتقى هنالك بوزراء الداخلية والخارجية والجيوش الفرنسية[55].

  • تصاعد الدور الأميركي الأوروبي المغاربي

كل ما سبق من رصد يشير إلى أن هناك توجها حقيقيا من معظم الأطراف الفاعلة في المشهد الليبي نحو إنهاء فترة الحرب الأهلية، والتقدم صوب حل سياسي شامل ينهي المراحل الانتقالية المستمرة منذ نحو عقد من الزمان.

كما يظهر بوضوح مما سبق أن الأطراف الفاعلة بشكل كبير خلال الشهرين الماضيين في هذه المباحثات هي الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي الكبرى والأمم المتحدة وبلاد المغرب العربي ومصر. بينما يتراجع بشكل كبير الدوران التركي والروسي، اللذان كانا على قائمة الفاعلين في المشهد منذ وقت ليس بالبعيد.

كما يبدو -بشكل واضح- أن تراجع الدورين التركي والروسي هو نتاج تلاق في الرغبات بين أوروبا والولايات المتحدة بشكل كبير، فلا تركيا ولا روسيا أُشركتا في أي من هذه المباحثات والجلسات الممتدة طوال الشهرين الفائتين، والتي كانت جميعها بقيادة أميركية أوروبية.

  • تلاقي الرؤى حول تقليص الدورين التركي والروسي

فمن وجهة النظر الأميركية، يبدو أن هناك شعورا بأن تراجع دورها في الأزمة الليبية قد يسمح في غفلة من الزمن بصعود قوى أخرى تؤثر في المشهد الليبي بشكل أكبر وتخصم من رصيد نفوذها في المنطقة، خصوصا إن كان هذا النفوذ سيؤول في نهايته إلى خصم متربص كروسيا، أو صديق راغب في المناورة كتركيا.

كما أن أصواتا أميركية بدأت في الظهور والحديث بشأن الآثار السلبية التي من الممكن تفاقمها حال استمر الانقسام السياسي والعسكري بين الفرقاء الليبيين، حيث أشارت دراسة حديثة لخدمة أبحاث الكونغرس إلى قلق واشنطن من أن توفر بيئة الانقسام الموجودة حاليا في ليبيا سيمثل عاملا مشجعا للجماعات "الإرهابية" هناك[56].

كل ذلك حدا بالإدارة الأميركية أن تبدأ في التصرف بشكل فاعل في الأزمة الليبية، في محاولة لإنهائها بشكل سلمي، وكذلك لاستعادة أو لإثبات نفوذها في المنطقة.

وتتفاعل الولايات المتحدة مع الأزمة بشكل رئيسي من خلال مواطنتها ستيفاني وليامز، المبعوثة الأممية إلى طرابلس، وكذلك من خلال ثقلها السياسي والدبلوماسي في منظمة الأمم المتحدة، وأخيرا من خلال قانون "دعم استقرار ليبيا" الذي اعتمده الكونجرس الأميركي خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 [57].

القانون الأخير يهدف إلى "دعم الدبلوماسية، وتقديم المساعدة، ودعم الانتخابات"، بالإضافة إلى "معاقبة أولئك الذين يؤججون الصراع في ليبيا"، بحسب النائب تيد دو ويتش، عضو الكونغرس ورئيس اللجنة الفرعية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا[58].

مشروع القانون المعتمد حديثا يدفع صوب تحقيق أميركي في سياسات عدد من الدول المشتبكة مع الواقع الليبي خلال السنوات الأخيرة، وتضم قائمة الدول المستهدفة من هذه التحقيقات دولا رئيسية فاعلة خلال الأشهر الماضية؛ كروسيا وتركيا، وكذلك مصر والإمارات والسودان وعددا من الدول الأخر[59].

ومن الوجهة الأوروبية، معلوم أن الفوضى الناتجة عن التوتر والانقسام في ليبيا يؤثر بشكل مباشر على الدول الأوروبية، وخصوصا تلك المطلة على البحر المتوسط، نظرا لموقع البلد الإستراتيجي في جنوب المتوسط، كما أن تصاعد الدورين التركي والروسي في الأزمة الليبية لا يروق لمعظم حكومات الدول الأوروبية الكبرى.

ومن البيدهي أن الوجود الروسي في ليبيا، جنوب البحر المتوسط، يمثل ورقة ضغط على البلدان الأوروبية شمال المتوسط، كما أن ذلك يعد خصما من نفوذها في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، وفي الشمال الإفريقي الذي ينشط الوجود الأوروبي فيه بشكل خاص، وهو ما لا تقبله الدول الأوروبية بطبيعة الحال.

ورغم أن الوجود التركي في ليبيا كان منسجما مع الموقف الأميركي والأوروبي في معظمه، وساهم في تقويض الدور الروسي المتصاعد في ليبيا، إلا أن أنقرة ليست الخيار الأفضل بالنسبة لأوروبا، فوجودها في المنطقة يمثل ورقة قوية لها وسط تصاعد خلافاتها يوما بعد يوم مع عدد من العواصم الأوروبية، على رأسها باريس وأثينا. وبالتالي، ليس مستبعدا أن تستخدم تركيا هذه الورقة للضغط على الاتحاد الأوروبي حال تصاعدت الخلافات بينهما.

وبالتالي كان التحرك الأوروبي القوي خلال الأشهر الأخيرة من أجل الحفاظ على نفوذها في الداخل الليبي لتأمين حدودها الجنوبية، إضافة إلى تأمين وضع سياسي مستقر يعطي الفرصة لتنسيق أمني يمنع موجات الهجرة واللجوء من خلال البوابة الشمال إفريقية، وكذلك يضمن مصالح شركات النفط الأوروبية العاملة في ليبيا.

ومن حيث دول المغرب العربي، فلا شك أنها الأكثر تأثرا -سلبا أو إيجابا- بالوضع السياسي والميداني في ليبيا، نظرا للتشابك التاريخي والاتصال الجغرافي بين هذه البلاد.

لذلك، فإن فوضى العقد الماضي في ليبيا لا تروق لحكومات المغرب العربي، وربما تكون هي المستفيد الخارجي الأكبر من إنهاء الحرب بين الفرقاء الليبيين. وبالتالي تلاقت الرغبات المغاربية مع وجهات النظر الأميركية والأوروبية في ضرورة السعي لحل الأزمة.

ومن ناحية تقليص الدورين التركي والروسي، فمن الممكن القول: إن هذه الدول لا تملك القوة الكافية لأخذ خطوة كهذه. ومع ذلك، فلا يستبعد أن رغبة المغرب العربي تلاقت كذلك مع الرؤية الأميركية الأوروبية في هذه المسألة كخيار أنسب لتجنب التجاذبات الإقليمية.

القاهرة هي الأخرى تحاول التعامل بشكل منفتح مع الواقع الجديد المرتقب، فهي تتواصل بشكل فاعل مع قيادات الغرب الليبي رغم الخصومة الماضية، في محاولة منها لضمان موطئ قدم لها في أي مشهد مستقبلي، خصوصا أن مصر تتأثر بشكل مباشر بالوضع في ليبيا، نظرا للارتباط التاريخي والجغرافي كذلك.

وتشترك مصر مع ليبيا في نحو 1000 كم على الحدود الغربية، ويمكن القول: إن الأمن الإستراتيجي الغربي لمصر يرتبط بشكل كبير بالواقع الليبي. وعليه، من المصلحة المصرية إنهاء الانقسام الليبي والوصول إلى حل سلمي.

من ناحية أخرى، يبدو أن موقف الحكومة المصرية ناتج عن تفهمها بشكل واضح أن الرغبة الأميركية والأوروبية تصب في اتجاه حل للأزمة الليبية، وبالتالي، فلا مجال كبير أمامها لأن تتصرف في اتجاه معاكس، خصوصا وأن قيادة الانقلاب في مصر تحاول جاهدة منذ سنوات تحسين علاقاتها بالدول الأوروبية من خلال صفقات السلاح الضخمة وغيرها، وبالتالي فهي حريصة على استمرار هذه العلاقات القوية.


المحور الثالث: الاقتصاد العربي

مرت الموجة الأولى من جائحة كورونا على المنطقة العربية دون أن تكون هناك جهود موحدة على الصعيد العربي لمواجهة التداعيات السلبية للجائحة، لا على الصعيد الصحي، ولا الصعيد الاقتصادي، أو على صعيد التكافل الاجتماعي العربي. وإن كانت الموجة الأولى قد كشفت عن هشاشة كافة الاقتصادات العربية النفطية منها وغير النفطية، حيث لجأ الجميع للاقتراض الخارجي والمحلي، كما أصيبت قطاعات اقتصادية مهمة بأضرار بالغة، نظرا لريعية مصدرها واعتمادها على الخارج، ومن أبرز هذه القطاعات قطاعي السياحة، والصادرات من النفط والغاز الطبيعي.

ومما يؤسف له أن الموجة الثانية بدأت بتداعياتها السلبية كذلك، والمفترض أن تكون الدول العربية قد تعلمت الدرس، وتحاول أن تستفيد من خبرات الموجة الأولى، على الصعيد العربي، ولكن لم يلح في الأفق أي دور للتعاون العربي في مواجهة جائحة كورونا، سواء من قبل مؤسسات العمل العربي المشترك، أو حتى التعاون بين الدول، لتبادل الخبرات، أو تقديم الدعم والمساعدات المالية والاقتصادية. وحسب أحدث تقديرات منظمة الإسكوا، سوف ينكمش الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة العربية بنحو 5.7 بالمئة في عام 2020، كما ستخسر المنطقة ما قيمته 900 مليار دولار بسبب التداعيات السلبية لجائحة كورونا بين عامي 2020 و2022. كما تذهب تقديرات الإسكوا إلى أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر للمنطقة سوف تتراجع بنسبة 45 بالمئة، وأن تصل البطالة لمعدلات غير مسبوقة[60]. 

ويشير محور الاقتصاد العربي هذا الشهر إلى موضوعين مهمين، في إطار التداعيات السلبية لجائحة كورونا على الاقتصاديات العربية، وهما ما يعانيه الاقتصاد العراقي من مشكلات في ظل جائحة كورونا، وكذلك التعديلات التي طالبت بها الحكومة التونسية على ميزانية 2020 في الأيام الأخيرة من شهر نوفمبر 2020. وكذلك يتناول التقرير سندات أرامكو السعودية والتي تدلل على استمرار الأزمة المالية في السعودية في ظل كورونا وما صاحبها من تدني أسعار النفط.

  • اقتصاد العراق يعاني مشكلات عدة

لم يكن العراق قد تعافى بعد من مشكلاته الهيكلية في الاقتصاد، بيد أن التحسن النسبي للأسعار في عامي 2018 و2019، مكن من دفع الأوضاع الاقتصادية وتحسن معدلات أداء النمو الاقتصادي، ولكن الأزمة المزدوجة التي اجتاحت العالم في مطلع 2020، عبر أزمتي كورونا وهبوط أسعار النفط أعاقت الكثير من خطط الإصلاح الاقتصادي في بلاد الرافدين وزادت من حدة أزمة الفقر.

فتقرير المرصد الاقتصادي للعراق، الذي صدر في خريف 2020، أكد على عمق أزمة الاقتصاد العراقي، بسبب اعتماده شبه الكامل على النفط الذي يمثل 96 بالمئة من صادرات البلاد السلعية، كما يمثل 92 بالمئة من الإيرادات العامة بموازنة البلاد[61].

ويتوقع تقرير البنك الدولي أن ينكمش الناتج المحلي للعراق بنهاية 2020 بنسبة 9.5 بالمئة، وقد تؤدي الصدمة المزدوجة لجائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط إلى إضافة نحو 5.5 ملايين عراقي لشريحة الفقراء، علما بأن أعداد الفقراء قبل أزمتي جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط، كانت بحدود 6.5 ملايين عراقي.

وإذا ما تم تنفيذ ما أعلنته الحكومة من خطة إصلاح تحت مسمى "الورقة البيضاء" والتي تستهدف تقليص بند الرواتب بالموازنة العامة، فسيكون ذلك أيضا سببا في إضافة المزيد من المواطنين إلى شريحة الفقراء.

 وثمة تقدير بأن هذا الإجراء سيضيف ما بين 400 ألف مواطن إلى 1.7 مليون مواطن إلى صفوف الفقراء، بسبب تخفيض الرواتب، أو وقف بعض بنود الإنفاق على مؤسسات القطاع العام.

وتكمن أزمة الإيرادات العامة في عام 2020 بالعراق في تراجع الإيرادات النفطية خلال الثمانية أشهر الأولى من عام 2020، حيث تراجعت الإيرادات العامة بالموازنة بنسبة 48.5 بالمئة، بينما بقيت النفقات العامة عند مستوياتها الطبيعية، دون أي انخفاض، مما أدى إلى احتياج الحكومة لتمويل لا يقل عن 25 بالمئة من الناتج المحلي، لسد الفجوة التمويلية الناتجة عن الفارق بين الإيرادات والنفقات، في ظل الأزمة المزدوجة، لجائحة كورونا، وتراجع أسعار النفط.

  • أزمة الرواتب

مثلت أزمة الرواتب داخل العراق واحدة من أكبر مظاهر الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، وقد برزت هذه الأزمة بشكل كبير في شهري أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني 2020.

فأسعار النفط العالمية ظلت عند مستوى 40 دولاار أو تزيد عنها بقليل في أحسن الأحوال، بينما السعر التوازني الذي تصل فيه الموازنة العامة للبلاد إلى حالة تعادل الإيرادات والنفقات بقي عند 58 دولارا للبرميل، وهو ما يعني لجوء الحكومة العراقية للاقتراض، سواء من الداخل أو الخارج لسد عجز الموازنة. وتقدر القروض التي تحتاجها بغداد لسد عجز الموازنة في 2020 بنحو 10 مليارات دولار فقط لا غير.

وسيكون الأمر أشد وطأة في عام 2021، حيث لا تزال الأزمة المزدوجة لجائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط قائمة، وتلقي بظلالها السلبية على الاقتصاد العالمي وكذلك العراقي، وهو ما يعني دخول بغداد في أزمة مالية كبيرة، ففي عام 2020 تأخرت الحكومة عن دفع رواتب موظفيها لأول مرة في تاريخ العراق[62].

وتكلف الرواتب والمعاشات الموازنة العراقية نحو 5 مليارات دولار شهريا، بينما الإيرادات النفطية بحدود 3.5 مليارات دولار[63]. وثمة أمر في غاية الأهمية خلال الفترة الحالية والقادمة، يتمثل في متطلبات الرعاية الصحية لجائحة كورونا، والتي تشير إحصاءات بوجود نحو 400 ألف إصابة في العراق، و10 آلاف حالة وفاة.

ووفق أرقام قاعدة بيانات البنك الدولي، كان الناتج المحلي الإجمالي للعراق في عام 2019 بحدود 376.7 مليار دولار، كما يبلغ عدد السكان نحو 39.3 مليون نسمة.

وتكمن مشكلة العراق بشكل رئيس في غياب الاستقرار السياسي والأمني، حيث لا يزال العراق ساحة للقتال الداخلي، وتصفية الحسابات الإقليمية بل والدولية، على حساب المواطن. يضاف إلى ذلك حالة من الفساد المستشري في كافة جنبات المؤسسات الحكومية، حيث يصنف العراق ضمن أكبر 10 دول تعاني من الفساد على مستوى العالم.

ولذلك فإن ما يتم الإعلان عنه من تبني الحكومة العراقية لبرنامج للإصلاح، أطلق عليه "الورقة البيضاء" لن يؤت ثمار إيجابية ما لم يعالج الخلل الجذري في المجتمع العراقي، بتوفير الاستقرار السياسي والأمني.

ويتوقع أن يكمن الحل لدى الحكومة العراقية الحالية تجاه الأزمة المالية، في ترحيل المشكلات إلى فترات قادمة، كما أن التقديرات تشير بأن 2021، لن يكون عام الحسم للإصلاح المالي والاقتصادي في العراق، وسيكون العلاج من جنس نفس معالجات الدول النفطية الخليجية، باللجوء للاقتراض الخارجي بضمان الصادرات النفطية، وانتظار ارتفاع أسعار النفط في السوق الدولية، لسداد ما تراكم من ديون.

  • زيادة العجز تجبر تونس على تعديل ميزانياتها لـ 2020

في الأيام الأخيرة من نوفمبر/تشرين الثاني 2020، تقدمت الحكومة التونسية باعتماد إضافي للبرلمان، يؤدي إلى مزيد من القروض لتمويل العجز، وعلى ما يبدو فإن هذا الإجراء أصبح مألوفا لدى الحكومات التونسية المتعاقبة، حيث يتم تقديم ميزانيات أصلية، ثم تشفع بأخرى في الشهور الأخيرة من كل عام، ويرجع ذلك إلى مستجدات لم تكن في الحسبان، كما حدث في 2020، حيث أدت أزمة كورونا إلى تغيير كافة التوقعات على صعيد الاقتصادي العالمي، وكذلك على صعيد الاقتصاديات القطرية، ومن بينها الاقتصاد التونسي.

وبناء على الاعتماد الإضافي الذي قدمته الحكومة التونسية، سيبلغ العجز نحو 19 مليار دينار تونسي (الدولار الأميركي يساوي 2.73 دينار تونسي) وبما يمثل نسبة 11.7 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي[64]. ويتضمن الاعتماد الإضافي وجود زيادة في اعتمادات مخصصات الأجور والدعم المخصص للمحروقات أو المواد الأساسية.

وبذلك قدرت الحكومة التونسية أن يصل الدين العام نحو 97.7 مليار دينار، وبما يمثل نسبة 88 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. وبشكل عام لا يزال الاقتصاد التونسي يعيش أجواء غير مواتية على الصعيدين السياسي والاقتصادي، حيث إن عدم الاستقرار السياسي أدى إلى تخفيض التصنيف الائتماني لتونس.

كما أن استمرار الاقتصاد التونسي بالاعتماد على الموارد الريعية الخارجية، يعد أحد نقاط الضعف البارزة، ومن أهمها اعتماد البلاد على الإيرادات السياحية، حيث تأثرت السياحة بشكل كبير بالتداعيات السلبية لجائحة كورونا.

 وحسب تقديرات وزارة السياحة التونسية فإن ثمة تراجعا كبيرا في كافة مؤشرات السياحة الوافدة لتونس خلال 2020، حيث تتوقع الوزارة أن تتراجع الإيرادات السياحية بنسبة تصل إلى 66 بالمئة، وأن تنخفض الليالي السياحية بنحو 80 بالمئة، وأن يقل عدد السياح الوافدين بنسبة 79 بالمئة.

وكانت الحكومة التونسية قد قررت صرف مساعدة للعاملين في قطاع السياحة في ظل أزمتهم مع جائحة كورونا تقدر بنحو 74 دولارا شهريا، تصرف للعاملين والمرشدين السياحيين[65].

ومن اللافت للنظر خلال الشهرين الماضيين، كثرة الاحتجاجات في مناطق مختلفة في تونس، من أجل الحصول على وظائف، وإيجاد مشروعات تنموية في المناطق المختلفة، ولم تقتصر الاحتجاجات على التظاهر كحق مكفول للمواطنين، ولكن المتظاهرين توجهوا في أكثر من مكان لإيقاف العمل بالمنشآت، وبخاصة المنشآت النفطية[66]، لكي يجبروا الحكومة على توفير وظائف لأبناء المنطقة التي يتجمع بها المتظاهرون، وهو ما شجع مناطق أخرى على ممارسة نفس العمل.

إلا أن تقريرا لمنظمة حقوقية تونسية، تسمى منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بين أن نسبة الاحتجاجات في تونس زادت خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول بنسبة 16 بالمئة، حيث تم رصد 860 احتجاجا.

وأشار التقرير أن من بين هذه الاحتجاجات 120 احتجاجا لم تكن عشوائية بل موجهة ومطالبة بالتنمية والحصول على وظائف. ويتخوف تقرير المركز من أن اتساع رقعة مثل هذه الاحتجاجات، قد يثير قلقا بشأن قدرة الحكومة على احتوائها في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.

  • سندات بـ 8 مليارات دولار لأرامكو بالسعودية

طرحت شركة أرامكو السعودية نسبة 5 بالمئة من رأسمالها في 2019، في السوق الدولية، بعد أن كانت ملكية خالصة للدولة في خطوة تأتي من خلال طرحها لسندات دولية جديدة بعد أن استكملت كامل خطوات الطرح بقيمة 8 مليارات دولار[67].

وشمل الطرح الأخير 40 ألف سند، تتراوح آجالها الزمنية ما بين 3 سنوات وحتى 50 سنة، وتفاوتت نسبة الفائدة على هذه السندات ما بين 1.25 بالمئة - 3.50 بالمئة. والخطوة تعكس توسع الحكومة السعودية في الاستدانة كآلية للتمويل.

وثمة أمر مهم في شأن التمويل العام السعودي، فكما تعلن الرياض عن سنداتها الدولية، سواء للحكومة، أو لشركة أرامكو، فتمام الأمر يقتضي الإفصاح والشفافية فيما يتعلق بالاستثمارات الخارجية السعودية، والعائد عليها، وبخاصة تلك الأموال المتراكمة في الصندوق السيادي السعودي، والذي تعرض رصيده التراكمي للتراجع بنحو 200 مليار دولار على مدار العامين الماضيين.

 وكذلك ما يتعلق باستثمارات الحكومة السعودية في السندات الأميركية، حيث لوحظ مفارقة غريبة، وهي أنه في الوقت الذي تزيد فيه الرياض رصيدها في سندات الدين الأميركية، تلجأ إلى إصدار سندات لتمويل شركة أرامكو، أو تمويل عجز الميزانية العامة للدولة.

وحتى نهاية سبتمبر/أيلول 2020، بلغت استثمارات السعودية في السندات الأميركية 131.2 مليار دولار. وتمثل السندات طويلة الأجل في هذه الاستثمارات نسبة 72 بالمئة.

ولا تجد السعودية الآن مشكلة في الاقتراض من السوق الدولية، لأمرين، هما: وجود الاحتياطيات النفطية بكميات كبيرة، وكذلك كون الرياض تحتفظ بمكانتها كأكبر مصدر للنفط في السوق الدولية.

وكما تظهر بيانات وزارة المالية السعودية، لا يزال الدين العام السعودي يمثل نسبة 27.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي حتى منتصف عام 2020. كما تراهن حكومة الرياض في تعاملها مع الدين العام بشقيه (المحلي + الخارجي) على تكرار التجربة التاريخية، من انخفاض ثم ارتفاع أسعار النفط، ففي المرات السابقة التي شهد فيها سعر النفط تراجعا كبيرا، أعقبته فورة في أسعار النفط، مكنت الدول النفطية وعلى رأسها المملكة من سداد ديونها، بل وتكوين أرصدة كبيرة في صناديق الثروة السيادية.

ولكن يُخشى في ظل توسع الحكومة السعودية في قضية الاستدانة، أو التوسع في خصخصة حصص أخرى في أرامكو، أن تكون مهمة السداد والتخلص من الديون، ذات تبعات زمنية واقتصادية كبيرة، تمثل عبئا على الأجيال القادمة. 


المحور الرابع: الحالة الفكرية

يتناول المحور الفكري لشهر نوفمبر/تشرين الثاني موضوعين مهمين، الأول: المثقف العربي والسلطة السياسية، وهي علاقة قديمة جديدة، تبرز في كل فترة بحسب الأشخاص والأحداث.

 وفي ظل الأحداث التي يمر بها العالم العربي، يمكن إسقاط هذه الإشكالية في العلاقة على ما حدث في انتخابات مجمع اللغة العربية بالقاهرة.

والموضوع الثاني: أطفال العالم العربي في اليوم العالمي للطفل، حيث يوافق شهر نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام، مناسبة توقيع اتفاقية حقوق الطفل، التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1989. واستدعى ذلك عرض واقع الطفل العربي في بعض البلدان؛ كمصر، وتونس، والمغرب، وأهم ما أوصت به المؤتمرات المتخصصة في الطفولة.

أولا: المثقف العربي والسلطة السياسية

اختلف أهل الاختصاص في تعريف المثقف، وقد يبدو للوهلة الأولى أنه المتعلم، وليس هذا مقصودا. وكما يقول إدوارد سعيد: " المثقف هو فرد يتمتع بموهبة خاصة تمكنه من حمل رسالة ما، أو تمثيل وجهة نظر ما، أو موقف ما، أو فلسفة ما، وتجسيد ذلك والإفصاح عنه إلى مجتمع ما ، وتمثيل ذلك باسم المجتمع"[68] مهما كلفه ذلك من العنت والتعب.

وهناك شبه اتفاق على أن هناك سمات أساسية يجب أن تتوفر في المثقف: أولها؛ أن يكون ذلك الفرد حاملا قدرا غير يسير من ثقافة عصره. وثانيها؛ أن يكون صاحب موقف حازم لا لبس فيه تجاه كل ما يطرح من حوله من قضايا ومشكلات. وثالثها؛ أن يكون هدفه الأخير هو البحث عن  "الحقيقة" ونشرها.وقد تستتبع تلك السمات صفات أخرى، مثل: التحلي بالشجاعة، والدفاع عن القيم الإنسانية، غير أن ذلك يبقى نسبيا إلى حد بعيد[69] .

المفكرون الحقيقيون أقرب ما يكونون إلى الصدق مع النفس حين تدفعهم مشاعرهم الجياشة ومبادؤهم السامية، أي مبادئ العدل والحق، إلى فضح الفساد، والدفاع عن الضعفاء ، وتحدي السلطة المعيبة أو الغاشمة.

أما غير هؤلاء من المفكرين (غير الملتزمين) ، فهم الذين لا يعيشون واقع الحياة ولا يتفاعلون مع قضاياها ومشكلاتها، إنهم الذين يعيشون في أبراج عاجية، وينحصرون في عوالمهم الخاصة تماما، ويكرسون حياتهم لموضوعات عويصة غامضة قد يصل بعضها إلى حد السحر والعرافة[70].

وفى التراث الإسلامي إضافة مهمة إلى ما سبق، تشدد على استقلال المثقف، وتضع قيودا على علاقته بالسلطة؛ إذ خصص الإمام أبو حامد الغزالي بابا في كتابه "إحياء علوم الدين" عالج فيه ما يحل وما يحرم من مخالطة السلاطين، وحكم غشيان مجالسهم، والدخول عليهم، والإكرام له ــ وفيه تحذير من تلك المخالطة وكراهة لها، باعتبارها من مواقف الفتن. ونقل عن الإمام الأوزاعي قوله: "ما من شيء أبغض إلى الله من عالم يزور عاملا"، يقصد حاكما[71].

واجب المثقف:

والمثقف عليه واجبات، فالمطلوب منه تثقيف المجتمع، وتخليصه من براثن السلطوية وثقافة الاستبداد، فيجب عليه أن يعمل على نشر الوعي والفكر والثقافة في المجتمع، وأن يضع اللبنات الأساسية لنجاح تغيير المجتمع والقضاء على الاستبداد[72]. أما إذا تخلى عن رسالته، وفرط في مبادئه، فيسمى ذلك "خيانة المثقف"، كما أشار "بندا" إلى ذلك[73]. 

المثقف الأكاديمي:

تتعدد مشارب المثقفين حسب اهتماماتهم وتخصصاتهم، فهناك المثقف الفقيه، والمثقف الفيلسوف، والمثقف الفنان، والمثقف الأديب، وغيرهم. ونحن نسلط الضوء على المثقف الأكاديمي، باعتباره ذا صلة جوهرية بمحتوى المقال.

لا غرابة أن تجد من المثقفين الجامعيين من هو أمي خارج اختصاصه؛ فالاستسلام للتخصصية هو كسل، ولذا ينتهي به الأمر إلى تنفيذ ما يطلبه منه آخرون؛ لأن هذا - برغم كل شيء- هو ما يمليه عليه التخصص.

وأما الاحترافية، فهي أن يصير المثقف صاحب المعرفة محترفا يقدم خدماته لمن يدفع. وكل مثقف هو في الحقيقة أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن يعيش بالثقافة أو يعيش لها.

فإن كانت الأولى فله أن يتمتع بالاحترافية بكل منافعها المادية والمعنوية من علاوات وجوائز وشهادات وتشريفات، وأما إن اختار المسار الثاني، فعليه أن يتحمل وزر منهج الهواية بكل ما ينجر عنه من ضغوط وإكراهات، وعليه من هنا أن يتسلح بالمقاومة إلى آخر رمق[74].

المثقف في مواجهة السلطة السياسية

إن المثقف ليس موظفا أو عاملا يكرس جهوده كلها لتحقيق أهداف السياسات التي تضعها الحكومة أو الشركات الكبرى أو حتى النقابة التي تضم مهنيين يفكرون بالأسلوب نفسه.

ففي هذه الحالات نجد أن الإغراء بتعطيل الحاسة الأخلاقية، أو بحصر التفكير في حدود التخصص الدقيق، أو بقمع التشكك في سبيل موافقة الآخرين، إغراء أكبر من أن يكون موضع ثقة.

والواقع أن الكثير من المثقفين يخضعون خضوعا تاما لهذه الإغراءات. وجميعنا يخضع لها "ولو إلى حد ما" وحسب، فلا يوجد فرد يعول نفسه بنفسه بصورة كاملة، حتى لو كانت روحه أعظم أرواح البشر" الحرة"[75].

وفي ذلك دعوة صريحة للمثقف بأن يتخذ موقعا بعيدا عن دوائر السلطة، لكي يضمن لنفسه قدرا معقولا من استقلالية الموقف والقرار، ذلك أن ما تقدمه السلطة من مكافآت وإغراءات مختلفة تجعل المثقف أمام مفترق طرق حاد؛ فإما أن يعمل وفق هوى السلطة لينال من عطائها- قد تجزل له متى رضيت عنه- وفي هذه الحال عليه أن يدفع الثمن من استقلاليته وموقفه وضميره، وكذلك من روحه النقدية، ويصبح "مثقف السلطة"، وإما أن يختار اتجاها معاكسا يبتعد به عن دوائر السلطة، ليعتصم بحرية مواقفه واستقلال قراراته، وسيادته على نفسه.

وعليه في هذه الحال أن يدفع الثمن، حرمانا من الحوافز وتضييقا، وليس له عندها إلا أن يتسلح بما يكفي من الشجاعة، كي يواجه أنواعا مختلفة من الضغوط والإكراهات[76].

من هنا تتضح معالم خطة المثقف في مقاومة السلطة، من خلال نهجين أساسيين: أولهما- فكري، يتمثل في تبني "الحقيقة" ونشرها، بوضعها تحت تصرف العامة والخاصة، على حد سواء. وثانيهما- عملي، ويتمثل في المطالبة بالعدالة بين أفراد المجتمع جميعهم[77].

مثقف السلطة والمسؤولية الأخلاقية

اختلفت مواقف المثقفين العرب في علاقتها بالسلطة بشأن قضايا وأحداث وقعت، ومن بين هذه الأحداث؛ قضية انتخابات مجمع اللغة العربية بالقاهرة.

وفاز رئيس المجمع الحالي "أ. د حسن الشافعي" بالانتخابات بفارق كبير في الأصوات على منافسه "أ. د صلاح فضل"، فضلا عن أن الذين مارسوا عملية الانتخابات يعدون من صفوة أساتذة الجامعات، وأصحاب خبرات هائلة في ميدان العلم والمعرفة واللغة العربية.

ولكن على الرغم من ذلك، فإن السلطة السياسية كان لها رأي آخر، فلم تقبل بنتيجة الانتخابات، وفرضت على أعضاء المجمع، الدكتور صلاح فضل؛ ليقوم بأعمال رئيس المجمع.

والذي نقصد إليه في هذا السياق أن صلاح فضل لم يحالفه الحظ في الانتخابات، ورسب، ففرضته السلطة السياسية بالتعيين، وإذا كان هذا هو موقف السلطة، فلماذا يقبل "المثقف الأكاديمي" أن يقوم بهذا الدور الذي يسقطه من زمرة المثقفين الحقيقيين؟

ويذكر هنا أن الدكتور حسن الشافعي ذو خلفية إسلامية، وله موقف من السلطة السياسية الموجودة؛ حيث لم يقبل بالانقلاب العسكري. ومن هنا فإن المثقفين يستطيعون أن يصنعوا فرقا، وإن إذعانهم للاستبداد أو حياديتهم أو انتهازيتهم ستؤدي إلى الدمار[78].

ثانيا: أطفال العالم العربي في اليوم العالمي للطفل

يوافق شهر نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام، اتفاقية حقوق الطفل، التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، وإدراجها ضمن القانون الدولي في 20 من ذات الشهر  1989-  وقد سبق ذلك اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلان حقوق الطفل في عام 1959- وهي ميثاق دولي يحدد حقوق الأطفال المدنية: السياسية، والاقتصادية، والثقافية.

تعترف الاتفاقية أن لكل طفل حقوقا أساسية، تتضمن الحق في الحياة، والحصول على اسم وجنسية، والحق في تلقي الرعاية من والديه والحفاظ على صلة معهما حتى لو كانا منفصلين[79]. والطفل حسب هذه الاتفاقية، هو أي شخص يقل عمره عن 18 سنة[80] .

وقبل ذلك بخمسة عشر قرنا بينت الشريعة الإسلامية كل ما يتصل بالمولود من أحكام، وما يرتبط به من مبادئ أخلاقية واجتماعية قويمة، حتى يكون الوالدان على بينة من الأمر في كل واجب يقومان به تجاه طفلهما الوليد. فالأطفال هم رجال ونساء المستقبل ودعامة المجتمع، ولذا أعطاهم التشريع الإسلامي عناية كبيرة، وذلك في سبيل المحافظة عليهم، وصيانتهم من الفساد[81].

وفي ظل جائحة كوفيد -19، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) من تداعيات كبيرة ومتعاظمة، مع قرب العام الثاني لهذه الجائحة، وبينت هذا في تقرير لها بعنوان "تفادي ضياع جيل الكورونا".

ولم يكن الأطفال في المنطقة العربية أفضل حالا؛ إذ أجرت المنظمة استطلاعات عبر الهاتف، شملت نحو سبعة آلاف عائلة، لديها 13 ألف طفل تقريبا، في سبعة بلدان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لفهم تأثير الوباء على الأطفال.

قال ما يقرب من 95 بالمئة من المشاركين: إن أطفالهم تأثروا سلبا بعواقب الجائحة. وشددت المنظمة على أن وجود أكثر من ثلاثة ملايين حالة إصابة مؤكدة بكوفيد-19 في المنطقة، أدى إلى اضطراب حياة ملايين الأطفال، بما في ذلك رفاهيتهم وتغذيتهم وصحتهم النفسية والتعليم. وأبرزت أن "أكثر من نصف أطفال المنطقة يعانون نفسيا وعاطفيا بسبب الجائحة". 

وعبّر نصف أولياء الأمور عن اعتقادهم أن التعلم عن بعد لم يكن فعالا، فيما أكد واحد من كل خمسة أشخاص أن الأزمات المالية اضطرته إلى خفض الإنفاق على الطعام.

وقال المدير الإقليمي لليونيسف في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تيد شيبان: "كان للقيود المفروضة على الحركة وإغلاق المدارس تأثير شديد على الروتين اليومي للأطفال وتفاعلاتهم الاجتماعية وفي النهاية على صحتهم النفسية".

وقالت المديرة التنفيذية لليونيسف، هنرييتا فور: "ظلت هناك خرافة مستمرة على امتداد جائحة كوفيد-19 بأن الأطفال يتأثرون تأثرا طفيفا بالمرض، ولكن هذا أبعد ما يكون عن الحقيقة. فبينما يمكن أن يصاب الأطفال بالمرض وأن ينشروا عدواه، فما ذلك سوى غيض من فيض التأثيرات الناجمة عن الجائحة؛ فالتعطيلات للخدمات الأساسية، وتصاعد معدلات الفقر، تشكل التهديد الأكبر على الأطفال. وكلما طالت مدة الأزمة، اشتد تأثيرها على تعليم الأطفال وصحتهم وتغذيتهم وعافيتهم. إن مستقبل جيل كامل معرض للخطر"[82].

أطفال تونس يزدادون فقرا بعد كورونا

أكدت "يونسيف" أن عدد الأطفال التونسيين الذين يرزحون تحت وطأة الفقر قد ارتفع إلى 900 ألف بسبب تدهور المقدرة الشرائية لعائلاتهم.

وكشفت نتائج دراسة نشرتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونسيف تونس" ارتفاع نسبة الفقر لدى الأطفال في تونس إلى 25 بالمئة بعد شهرين من الحجر الصحي الشامل مقابل نسبة 19 بالمئة قبله[83].

وبينما حذرت الدراسة من ارتفاع مؤشر الأمراض العقلية والنفسية في صفوف الأطفال، لفتت إلى الإبلاغ عن 17500 حالة عنف جسدي ضدهم عام 2018، مقارنة بنحو ستة آلاف حالة نهاية عام 2011. وقالت: إن 72 بالمئة من الأطفال في البلاد لا يمتلكون مهارات أساسية في العمليات الحسابية، وإن 34 بالمئة منهم لا يمتلكون المهارة في القراءة[84].

أطفال مصريون "يعانون ازدواجية التعامل" في السجون

وفي مصر، ما يزال أحمد بيومي يتذكر السنتين اللتين قضاهما خلف القضبان متنقلا بين مؤسسة رعاية الأحداث بكوم الدكة بمحافظة الإسكندرية وبين المؤسسة العقابية بالمرج في محافظة القاهرة للأطفال، وهو ابن السادسة عشرة.

وفي حديثه لـ"بي بي سي" عربي، يصف أحمد تجربة السجن بأنها "السواد بعينه"، معتبرا أنها "أسوأ فترة قضاها في سجن مصري". وبمجرد إتمامه السن القانوني، انتقل بيومي إلى سجن برج العرب بالإسكندرية - بتهم مختلفة في كل مرة- على حد قوله، كان من أبرزها "المشاركة في تظاهرات بدون إذن قانوني، والانضمام لجماعة إرهابية".

ويتذكر أحمد، البالغ من العمر الآن 23 عاما، تلك الفترة من حياته -وهو حاليا خارج مصر خشية الملاحقة الأمنية من جديد- قائلا: "كان التمييز واضحا في المعاملة بيننا كمحتجزين على ذمة قضايا سياسية، وبين أبناء أصحاب النفوذ في البلد"[85].

الطفولة في دولة المغرب

أكدت وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة، في بلاغ بمناسبة تخليد اليوم العالمي للطفل (20 نوفمبر/تشرين الثاني) على أن رفع رهانات النهوض بالطفولة المغربية وحمايتها في ظل التحولات المتسارعة والمختلفة التي تعيشها المجتمعات، وما تفرضه من أوضاع اجتماعية هشة يكون الطفل ضحيتها الأولى، يجعل موضوع النهوض بأوضاع الطفولة وحمايتها مسؤولية مجتمعية تفرض على الجميع التعاون من أجل رفع تحدياتها وربح رهاناتها.         
وتشمل كذلك، خطة عمل وقاية وحماية الأطفال في وضعية هشة من عدوى فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19″، وبرنامج مدن بدون أطفال في وضعية الشارع، فضلا عن برنامج "مواكبة" للأطفال والشباب المقبلين على مغادرة مؤسسات الرعاية الاجتماعية لما بعد 18 سنة[86].

وقد أوصت بعض المؤتمرات ذات العلاقة بأمر الطفل والطفولة بالآتي[87]:

  • الاهتمام بتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني، باكتشاف حالات العنف ضد الأطفال، وتوفير الدعم للأطفال المعنفين وأسرهم.
  • تنمية الطفل والأسرة وتوعية المجتمع بخطورة العنف.
  • العمل على تصحيح الأساليب التربوية الخاطئة في التعامل مع الطفل؛ كاستخدام القسوة والعقاب أو التدليل الزائد من خلال البرامج التأهيلية للأب والأم.
  • رفع توصية إلى صناع القرار بضرورة تفعيل قوانين حقوق الطفل العربي، وإنشاء صندوق لدعم هذه الحقوق . 
  • مناشدة صناع القرار بضرورة وضع سياسات رعاية اجتماعية للأطفال؛ لوقاية الطفل من الوقوع في مشكلات الإدمان والعمل المرهق بدنيا، على أن يكون ذلك حماية للطفل فعليا.
  • دعم قوانين حماية الأطفال بقرارات واضحة وداعمة لعملية الحماية.
  • التركيز على الدور التوعوي بجميع قطاعات المجتمع، وعلى رأسها الأسرة والمدرسة والإعلام.
  • إدراج مناهج تعليمية لطلاب كليات الطب، والتمريض، وإلزامهم بمقررات من العلوم الاجتماعية والنفسية، وما يخص شرائح المجتمع عامة، ويخص حماية الطفل وحقوقه بصورة خاصة.
  • إلزام المقبلين على الزواج بدورات تدريبية حول كيفية تأسيس أسر يسودها التوافق، وأيضا كيفية تربية الأبناء تربية سليمة، مثلها في ذلك مثل الفحوصات الطبية.

خاتمة

على ما يبدو أنه أصبح من الصعب أن تكون هناك بقعة جغرافية في المنطقة العربية بلا نزاعات مسلحة، وسط حالة من التأهب والتوتر، ومنها أن النزاع المغربي على صحراء البوليساريو تجدد خلال نوفمبر/تشرين الثاني 2020، على الرغم من حالة الهدوء التي مر بها الطرفان على مدار فترة طويلة. فهل كتب على المنطقة العربية أن تهدر مواردها وطاقاتها بدون داع؟

كم من النزاعات يتم حلها في إطار سلمي وقانوني في مختلف مناطق العالم، بينما ترزح المنطقة العربية تحت تهديدات الحرب، عبر سلاح يزيد العبء على موازنات تلك الدول.

ولكن يبقى الأمل في وعي الشعوب في أهمية استحضار روح الأخوة العربية، ووحدة المصير، في أن تحافظ على ما تبقى من علاقات جيدة بين الشعوب.


المصادر:

[1] المركز الفلسطيني للإعلام، خان: دول صديقة تضغط على باكستان للاعتراف بـ"إسرائيل"، 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/2HueYxY

[2]  RT عربي، عباس يشيد برفض باكستان الاعتراف بإسرائيل، 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/2J5Ep9R

[3] الحساب الرسمي لحسين الشيخ، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ورئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية، على موقع تويتر، 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/3kQTWrb

[4]  المصدر السابق، 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/3kS7v9D

[5] المصدر السابق، 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/337X5Ne

[6]  العربي الجديد، عودة التنسيق الأمني مع الاحتلال: سلفة فلسطينية لبايدن بلا ثمن، 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/3kONVv2

[7]  الموقع الرسمي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، بيان صحفي حول قرار السلطة الفلسطينية العودة للتنسيق الأمني، 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/2UXxjqd

[8]  الموقع الرسمي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، الجهاد الإسلامي: عودة علاقات السلطة مع الاحتلال انقلاب على مساعي الشراكة الوطنية، 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/396VeMv

[9]  الموقع الرسمي لحزب الشعب الفلسطيني، حزب الشعب الفلسطيني ما جرى سقطة سياسية يجب التراجع عنها، 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/2KwE2FU

[10]  الموقع الرسمي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الشعبيّة: عودة علاقات السلطة مع "إسرائيل" عجز واستسلام أمام العدو، 17 نوفمبر/ تشوين الثاني 2020.

https://bit.ly/36Wpy9W

[11]  العربي الجديد، عودة التنسيق الأمني مع الاحتلال: سلفة فلسطينية لبايدن بلا ثمن، 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/3kONVv2

[12]  DW عربي، إسرائيل تطرح مناقصة لبناء وحدات استيطانية قرب القدس الشرقية، 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/35XEo0m

[13]  وكالة الأناضول، "السلام الآن": وحدات استيطانية بالقدس لقطع التواصل مع جنوبي الضفة، 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/360bNaL

[14]  TRT عربي، إسرائيل تصادق على بناء 108 وحدات استيطانية في القدس، 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/3fxnqcC

[15] الجزيرة نت، وصفت بأنها استفزاز لبايدن الذي سبق وعارضها.. إسرائيل تطلق خطة بناء 100 وحدة استيطانية بالقدس المحتلة، 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/3726wid

[16]  المركز الفلسطيني للإعلام، "تسوية الأراضي".. "إسرائيل" تطلق العنان لسلب مساحات واسعة بالضفة، 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/3nRmLFF

[17]  وكالة الأناضول، خبير فلسطيني يحذر من استيلاء إسرائيل على أراض بالقدس الشرقية، 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/3pWuTGF

[18] موقع فلسطين أون لاين، تمديد الاحتلال فترة اقتحام المستوطنين الأقصى، 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/3pWJ9PT

[19] المصدر السابق، حماس: تمديد الاحتلال فترة اقتحام المستوطنين للأقصى انتهاك وعدوان، 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/3m5S7Ic

[20] بوابة الأهرام المصرية، مايك بومبيو أول وزير خارجية أمريكي يزور مستوطنة إسرائيلية في الضفة، 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/3fylal9

[21]  الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري للقوات المسلحة، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى يغادر إلى البرتغال فى زيارة رسمية لدعم علاقات التعاون العسكرى بين البلدين، 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/2JickfJ

[22] المصدر السابق، الفريق / محمد فريد رئيس أركان حرب القوات المسلحة يلتقى وزير الدولة للقوات المسلحة البريطانية ، 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/3mnhcys

[23] المصدر السابق، القوات البحرية المصرية والفرنسية تنفذان تدريباً بحرياً عابراً بنطاق الأسطول الشمالى بالبحر المتوسط، 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/37i7GpZ

[24] المصدر السابق، إنطلاق فعاليات التدريب البرمائى المشترك المصرى البريطانى، 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/2J8r2WJ

[25]  المصدر السابق، القوات البحرية المصرية والبحرينية تنفذان تدريباً بحرياً عابراً فى نطاق الأسطول الشمالي، 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/3qcXoju

[26]  المصدر السابق، القوات المسلحة المصرية والسودانية تنفذان التدريب الجوى المشترك  " نسور النيل - 1"، 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/3li7kVo

[27]  المصدر السابق، القوات البحرية تشترك فى التدريب البحرى المصرى / الروسى المشترك ( جسر الصداقة – 3 )، 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/2KQuPbB

[28] المصدر السابق، القوات البحرية المصرية والفرنسية تنفذان تدريباً بحرياً عابراً فى نطاق الأسطول الشمالي، 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/39qmh5s

[29]  المصدر السابق، القوات البحرية المصرية والإسبانية تنفذان تدريباً بحرياً عابراً فى نطاق الأسطول الجنوبى بالبحر الأحمر، 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2020.

https://bit.ly/37hr0DR

[30] المصدر السابق، إنطلاق فعاليات التدريب المشترك (سيف العرب) بقاعدة محمد نجيب العسكرية، 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/2VaRCRi

[31]  المصدر السابق، الفريق أول / محمد زكى القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى يلتقى وزير دفاع جمهورية العراق خلال زيارته الرسمية لجمهورية مصر العربية، 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/3nXFcsq

[32] "سيف العرب".. أكبر مناورات عسكرية في مصر.. هل اقترب حلم القوة العربية المشتركة؟، 25 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/2VcG6VJ

[33] BBC عربي، الصحراء الغربية: حقائق عن أحد أطول النزاعات في القارة الأفريقية، 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bbc.in/2VbyVNc

[34]  وكالة الأنباء الصحراوية (واص)، رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة يعلن رسميا نهاية الإلتزام بوقف إطلاق النار، 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/3ldpSGp

[35]  وكالة المغرب العربي للأنباء (ماب)، الكركرات.. المغرب "يقرر التحرك في احترام للسلطات المخولة له" أمام الاستفزازات الخطيرة لميليشيات "البوليساريو"، 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/3mjCdtI

[36] المصدر السابق.

[37] وكالة المغرب العربي للأنباء (ماب)، العملية التي قامت بها القوات المسلحة الملكية تمت "بشكل سلمي، ودون اشتباك أو تهديد لسلامة المدنيين"، 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/3qkrz8K

[38] وكالة الأنباء الصحراوية (واص)، وحدات جيش التحرير الشعبي الصحراوي تواصل قصف مواقع قوات العدو المغربي على طول جدار الذل والعار، 28 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/37hP1ur

[39] الجزيرة نت، محمد المختار، صحراء غربية أم مغربية؟!، 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/3lgUsil

[40]  جريدة الوحدة الإماراتية، انطلاق اجتماع اللجنة العسكرية المشتركة “5+5” في غدامس، 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/37f9YWK

[41]  صحيفة الخليج، الأمم المتحدة: اتفاق «تاريخي» لوقف إطلاق النار في ليبيا، 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2020.

https://bit.ly/35wnuo4

[42]  موقع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (UNSMIL)، اللجنة العسكرية المشتركة تنهي اجتماعها في غدامس وتتفق على خطوات عملية نحو تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الدائم في ليبيا، 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/33gVJ2E

[43] المصدر السابق، بيان من الممثلة الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بالإنابة، ستيفاني وليامز، حول الجولة الأولى لملتقى الحوار السياسي الليبي، 16 نوفمبر/ تشرين الأول 2020.

https://bit.ly/36a9QIR

[44] المصدر السابق، اللجنة العسكرية المشتركة تختتم اجتماعها الأول في مقرها الجديد في مدينة سرت، 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/3nWWZ2Q

[45] العربي الجديد، البريقة تشهد أول اجتماع لبحث توحيد حرس المنشآت النفطية في ليبيا، 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/39kOSsH

[46] موقع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (UNSMIL)، الممثلة الخاصة للأمين العام بالإنابة، ستيفاني وليامز، تحضر اجتماعاً استضافته شركـة سـرت لإنتـاج وتصنيـع النفـط والغـاز في البريقة بين قادة المؤسسة الوطنية للنفط وحرس المنشآت النفطية في المنطقتين الشرقية والغربية، 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/3nWnipZ

[47] المصدر السابق، بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تبدأ الجولة الثانية من ملتقى الحوار السياسي الليبي باجتماع عبر الاتصال المرئي، 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/3lcQZBd

[48] وكالة سبوتنيك عربي، الحوار السياسي الليبي لم يتوصل لأي توافقات حتى الآن، 25 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/2VaiaSA

[49] موقع قناة صدى البلد، فضائية ليبية: لجنة الحوار السياسي تجتمع بمصر أول ديسمبر، 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/39j5WiO

[50] موقع مجلس النواب الليبي (طبرق)، أعضاء مجلس النواب يعقدون اجتماعاً تشاورياً بالمملكة المغربية، 25 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/3q5sPw6

[51] العربي الجديد، بدء الاجتماع التشاوري لنواب ليبيا في المغرب وسط تفاؤل بإنهاء الانقسام، 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/33oE8Gd

[52]  سكاي نيوز عربية، باشاغا في القاهرة لبحث مكافحة الإرهاب وحل الميليشيات، 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/3oemZXR

[53]  العربي الجديد، مصر تستقبل معيتيق بعد مستشارين للسراج، 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/3fHTjz8

[54]  المصدر السابق.

[55] France 24 عربي، باريس: باشاغا يلتقي بثلاثة وزراء فرنسيين لبحث الانتقال السياسي في ليبيا، 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/2KMdP6k

[56] موقع الخطابي لدراسة الحروب الثورية، تشير دراسة حديثة لخدمة أبحاث الكونغرس بشأن الصراع الليبي إلى قلق واشنطن من توافر بيئة مشجعة للجماعات “الإرهابية” داخل ليبيا، بسبب الانقسام السياسي والعسكري بين الفرقاء الليبيين، 17 يوليو/ تموز 2020.

https://bit.ly/37cdr8B

[57] وكالة سبوتنيك عربي، الكونغرس الأمريكي يقر "قانون استقرار ليبيا"، 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/3metZD7

[58] الحساب الرسمي للنائب تيد يو ويتش على موقع تويتر، 18 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

https://bit.ly/3qaL6Zg

[59] موقع أخبار ليبيا 24، تعرف على تفاصيل مشروع القانون الأمريكي بشأن ليبيا، 22 أغسطس/ آب 2020.

[60] الاسكوا، أثار جائحة كوفيد – 19 على المنطقة العربية – النقل، 2020.

[61] البنك الدولي، جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط يدفعان بملاين العراقيين إلى هاوية الفقر، 11/11/2020.

[62] DW تحليل: هل يتجاوز العراق أزمة مالية غير مسبوقة في تاريخه؟، 16/11/2020

[63] العربي الجديد، أزمة الرواتب في العراق تشعل خلافا بين الحكومة والبرلمان، 2/11/2020

[64]  مباشر تونس، 10 أرقام تشرح قانون المالية العامة المعدل في تونس لـ 2020، 27/11/2020.

[65] وكالة الأناضول، تونس .. السياحة الوافدة تتراجع 78بالمئة في نوفمبر، 25/11/2020.

[66] وكالة الأناضول، تونس..احتجاجات وإضرابات مطالبة بالتشغيل في عدة محافظات، 25/11/2020.

[67]  روسيا اليوم، "أرامكو" السعودية تعلن اكتمال إصدار سندات دولية بقيمة 8 مليارات دولار، 25/11/2020.

[68] إدوارد سعيد، المثقف والسلطة، ترجمة د. محمد عناني. ص 43.

[69]  محمد الهادي كشت. تمثيلات المثقف المقاوم.. صورة المثقف في فكر إدوارد سعيد. مجلة قلمون، العدد الخامس- نيسان/ أبريل 2018.ص214. 

[70] المثقف والسلطة. ص 36.

 

[71] فهمي هويدي، تحرير العلاقة بين المثقف والسلطان، جريدة الشروق المصرية. الإثنين 28 مارس 2016 .

[72] أحمد القضيب، المثقف العربي والتحولات الاجتماعية .. قراءة في مسار أزمة المثقف في العالم العربي،مجلة قلمون، العدد الخامس- نيسان/ أبريل 2018.ص134. 

[73]  المثقف والسلطة. ص 35.

[74]  محمد الهادي كشت. تمثيلات المثقف المقاوم.. صورة المثقف في فكر إدوارد سعيد. مجلة قلمون، العدد الخامس- نيسان/ أبريل 2018.ص220. 

[75]  المثقف والسلطة. ص 148-149.

[76] محمد الهادي كشت. تمثيلات المثقف المقاوم.. صورة المثقف في فكر إدوارد سعيد. مجلة قلمون، العدد الخامس- نيسان/ أبريل 2018.ص219. 

[77] محمد الهادي كشت. تمثيلات المثقف المقاوم.. صورة المثقف في فكر إدوارد سعيد. مجلة قلمون، العدد الخامس- نيسان/ أبريل 2018.ص219. 

[78]  فهمي هويدي، تحرير العلاقة بين المثقف والسلطان، جريدة الشروق المصرية. الإثنين 28 مارس 2016.

[79] https://ar.wikipedia.org/wiki/

[80]  https://www.unicef.org/ar/

[81] د. حسن بن خالد حسن السندي. عناية الشريعة الإسلامية بحقوق الأطفال. مجلة جامعة أم القرى لعلوم الشريعة والدراسات الإسلامية، ع 44،ذو القعدة1429. ص444.

[82]  https://www.unicef.org/ar/

[83] https://alarab.co.uk/

[84]  في اليوم العالمي للطفل... هذا حال أطفال العالم والمنطقة العربية https://raseef22.net/article/1080500-

[85] اليوم العالمي للطفل: أطفال مصريون "يعانون ازدواجية التعامل" في السجون           https://www.bbc.com/arabic/middleeast-55022737

[86] في اليوم العالمي للطفل.. الأسرة والفاعل الترابي والمجتمع المدني والإعلام رافعات أساسية في النهوض بأوضاع الطفولة  https://social.gov.ma

[87] توصيات مؤتمر طفولة نحو مستقبل أفضل . https://diae.net/18399/