منها "الدعارة".. هذه مصادر تمويل المليشيات والأحزاب الشيعية بالعراق

يوسف العلي | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تعتمد الأحزاب والمليشيات الشيعية في العراق، على مصادر تمويل عدة من أجل توسيع دائرة نفوذها في بلد ينتشر فيه السلاح وينخر الفساد جسده، مستعينة على ذلك بسلطة الدولة التي تهيمن عليها عقب الغزو الأمريكي للبلد عام 2003.

وتعاظمت مصادر تمويل هذه القوى، منذ اجتياح تنظيم الدولة للعراق عام 2014، وسيطرته على ثلث مساحته، حيث تشكلت الكثير من المليشيات المسلحة بعد فتوى "الجهاد الكفائي" التي أطلقها، المرجع الشيعي علي السيستاني.

ولعل النصيب الأكبر من منافذ الفساد الـ40 التي كشف عنها رئيس الحكومة عادل عبد المهدي في 9 من مارس/آذار الجاري، يذهب إلى هذه المليشيات والأحزاب بحكم نفوذها وهيمنتها على مفاصل الدولة.

وعلى الرغم من كثرة ما تعتمد عليه هذه المليشيات والأحزاب في تمويل نفسها، إلا أن التقرير يبتعد عما هو معروف منها للجميع، ويسلط الضوء على ملفات قد يكون البعض منها يطرح لأول مرة بشكل مفصل.

صالات القمار

تنتشر صالات القمار المتمثلة بـ"لعبة الروليت" في أشهر فنادق بغداد: "عشتار، فلسطين، المنصور ميليا، بغداد"، والتي باتت خالية الزبائن، بعد سيطرة الأحزاب عليها، لقاء إيجار قدره 2.5 مليون دولار للصالة الواحدة سنويا، وفقا لنواب بالبرلمان.

وقال الرئيس السابق للجنة الأمن والدفاع بالبرلمان العراقي، حاكم الزاملي في مقابلة تلفزيونية سابقة، إن "المليشيات العراقية هي من تدير صالات القمار، وخلفها عصابات من قبرص وتركيا وروسيا ولبنان يشرفون على تنفيذ لعبة الروليت".

وفي مقابلة أخرى، قال الزاملي إن "المبالغ التي تصرف في صالات القمار، هي عملية غسيل أموال لشخصيات فاسدة ضالعة بتهريب النفط والمخدرات والسلاح والرقيق، ويمتلكون أموالا طائلة".

وحول طريقة غسيل الأموال، أوضح الزاملي: "تجري تمثيلية داخل الصالات ويتم تصويرها على أن شخصا كسب مليون دولار، ويمنح وصلا من صاحب الصالة، حتى عندما يخرج الأموال إلى بلدان أخرى تعترف بلعبة الروليت يكون موقفه سليما أن الأموال التي بحوزته قد ربحها من هذه اللعبة ومن يديرها هم أجانب معترف بهم دوليا".

وأكد أن "صالات القمار هذه ليست مرخصة وتمارس عملها خارج القانون، ولا يستطيع رجال الأمن والمخابرات الدخول إليها، لأنهم إما يتم تهديدهم أو يأخذون رشاوى"، لافتا إلى أن "الكثير ممن يدير ويحمي صالات القمار، لديهم تراخيص بحمل السلاح، والتي تمنحها لهم وزارة الداخلية، أو أحزاب ومليشيات ينتمي لها".

تدر صالات القمار المنتشرة في العاصمة بغداد تحديدا، على الأحزاب والمليشيات الشيعية، مبالغ كبيرة تقدر بنحو 2 إلى 2.5 مليون دولار يوميا، وفقا لتصريحات النائب فائق الشيخ علي.

الملاهي الليلية

على خلفية أزمة قرار منع وبيع واستيراد الخمور، الذي أصدره البرلمان العراقي في أكتوبر/ تشرين الأول 2016، كشف نواب عارضوا القرار، أن أسباب القرار تقف وراءه أحزابا شيعية، ترعى عددا من الملاهي الليلية.

وقال النائب فائق الشيخ علي، بمؤتمر صحفي عقده عقب القرار في الدائرة الإعلامية للبرلمان، إن "أحزابا شيعية تقوم بحماية الملاهي والبارات وصالات لعب القمار مقابل مبالغ من المال".

ولفت إلى أن "سبب حظر بيع الخمور يأتي لأن الخشخاش يزرع بالعراق وتحديدا في المحافظات الجنوبية، والتي يتم استيرادها من إيران، كما أن عمليات زرع نبتة الخشاخش المخدرة في مناطق الجنوب يعد أحد أسباب منع الخمور".

وأضاف أن هناك تصريحا لرئيس كتلة سياسية عراقية، يقول إن هناك 72 ملهى غير رسمي، وتساءل النائب: "من أين جاء بهذه الإحصائية؟"، لافتا إلى أن "هدف تلك الأحزاب من حظر الخمور هو المتاجرة بالمخدرات والخشخاش".

وكان رئيس الائتلاف الوطني عمار الحكيم، قال في آب/ أغسطس 2016، إن "هناك 72 ملهى ليليا غير مرخصة في منطقة الكرادة وسط العاصمة بغداد حتى الآن".

وعلى الوتيرة ذاتها، قال النائب المسيحي في البرلمان، جوزيف صليوا إن "المليشيات والأحزاب الشيعية، هي من تدير الملاهي ومحال بيع الخمور في البلد، لأهداف اقتصادية".

ولفت إلى أن "مهنة بين الخمور كانت في السابق محتكرة على المسيحيين والأيزيديين وبنسبة أقل من الصائبة، أما اليوم فأصبحت الأحزاب الشيعية تسيطر على بيع الخمور والملاهي في العراق".

ورصدت "الاستقلال" انتشارا واسعا للملاهي الليلية في أنحاء متفرقة من العاصمة بغداد، تحت لافتات مؤسسات إعلامية، حيث يرى الكثير من الإعلاميين، أنها محاولة لتضليل الرأي العام حول عائدية هذه الأماكن.

المكاتب الاقتصادية

عقب انهاء سيطرة تنظيم الدولة على عدد من المحافظات العراقية في 2017، هيمنت "المكاتب الاقتصادية"، التابعة لأحزاب ومليشيات تنتمي إلى قوات الحشد الشعبي، على مقدرات هذه المدن والمحافظات.

وفي محافظة نينوى (مركزها الموصل) لوحدها، افتتحت أكثر من 40 مكتبا اقتصاديا يمارس أعمالا غير قانونية، وأن القوات الأمنية لا تستطيع التصدي لها، لأنها محمية من جهات ببغداد، بحسب نائب الرئيس العراقي السابق أسامة النجيفي.

وعلى الصعيد ذاته، أكد رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي في تغريدة له، وجود هذه المكاتب، بالقول: "عدم اتخاذ اجراءات رادعة للمقصرين والفاشلين مع استشراء الفساد واللجان الاقتصادية لبعض الأحزاب، سيدفع الشعب ثمنه مزيدا من التدهور بالحياة العامة".

وفي حديث تلفزيوني في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، قال رئيس مجلس محافظة صلاح الدين، أحمد الكريم إن "المكاتب الاقتصادية لفصائل الحشد الشعبي تسيطر على نوعية المستثمر، وحجم الاستثمار وتبتز المسؤولين وتضغط عليهم".

وأضاف أن "هذه المكاتب ما زالت تسيطر على محطات الوقود ومواقف السيارات ومنها جامعة تكريت، بقوة السلاح وهم معروفون، وأبلغنا رؤساء الوزراء والبرلمان السابقين والحاليين، لكنهم لم يحركوا ساكنا".

وأكد الكريم أن "المكاتب التابعة للحشد الشعبي كانت تهرب نفط المحافظة إلى خارج العراق عن طريق إقليم كردستان العراق، بسعر زهيد حيث يبلغ سعر الصهريج 3500 دولار فقط".

ولفت رئيس مجلس محافظة صلاح الدين إلى أنهم "يسيطرون على محطات تعبئة الوقود والمصافي في محافظة صلاح الدين، وكل ذلك معلوم للجهات الأمنية في المحافظة والعاصمة بغداد".

يشار إلى أن مليشيات في الحشد الشعبي تواجه اتهامات من مسؤولي محافظة صلاح الدين، بتفكيك أكبر مصفاة للنفط في الشرق الأوسط ومقرها مدينة بيجي، وتهريبها على شكل "خردة" وبيعها إلى تجار في إيران.

وفي حديث سابق لـ"الاستقلال"، قال أحد سكان الموصل الذي طلب عدم كشف هويته لأسباب تتعلق بسلامته، إن "المليشيات المسلحة تفرض سيطرتها بشكل كامل على الدوائر الحكومية في الموصل، والمرافق العامة للمدينة".

وأوضح أن "المليشيات تفرض إتاوات على كل شيء من المقاولات والمحال التجارية وساحات وقوف السيارات، وحتى استخراج المعاملات من الدوائر الحكومية، ومن يرفض يواجه مصيرا مجهولا".

وكانت واحدة من فضائح نهب مقدرات نينوى، ما صرح به النائب عن المحافظة، محمد اقبال، عبر "تويتر" في يناير/كانون الثاني الماضي، أن "7 مليون طن من الحديد جرى نقلها وتهريبها من نينوى وبموافقات مباشرة من رئاسة الوزراء".

وتبلغ حصة الحزب من المكاتب الاقتصادية نسبة 5 إلى 10 بالمئة من أي مشروع حتى وإن لم ينفذ، حسبما نقل الإعلامي العراقي عدنان الطائي، عن محافظ البصرة الأسبق وائل عبد اللطيف.

وفي حديث لـ"الاستقلال" قال تاجر أبو حيدر من سكنة بغداد، إن بضاعته لا يمكن أن تدخل العاصمة قادمة من إقليم كردستان العراق، إلا بعد دفع إتاوات إلى نقاط أمنية لعدد من المليشيات على مداخل بغداد.

وأضاف أن "الكارتون الواحد، تأخذ عليها هذه المليشيات دولارين، مقابل السماح لها بالمرور، ونضطر لدفع هذه المبالغ حتى تسير تجارتنا بشكل طبيعي، وإذا رفصنا فإن البضاعة لن تدخل وبذلك تتعرض للتلف".

وأوضح أبو حيدر أنه "في لسابق كان بعض الفاسدين من عناصر الأجهزة الأمنية هم من يقوف بهذه الوظيفة، أما اليوم فهذه الأموال تذهب إلى المكاتب الاقتصادية للأحزاب".

"شبكات دعارة"

أخذت مراكز المساج تنتشر بكثرة في العاصمة بغداد، فبمجرد تصفح حساب "فيسبوك" تظهر عشرات الإعلانات الترويجية لهذه المراكز، والبعض منها مجرد أسماء وهمية، وأنه يرسل لك الفتيات إلى منزلك، لكن تقارير إعلامية تؤكد أنها "مراكز دعارة" تعود لجهات سياسية نافذة.

وذكرت صحيفة "المدى" العراقية، يوليو/ تموز الماضي، نقلا عن مصدر في وزارة الصحة، أن عشرات المراكز تفتتح دون أخذ أي تراخيص، وأن بعضها تعود ملكيتها لجهات سياسية قوية، يصعب لموظف بسيط في وزارة الصحة محاسبتهم.

وأوضح المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه، أن "المركز غير المرخص يعاود الافتتاح بعد يوم أو يومين من إغلاقه بسبب قوة نفوذ من يمتلكه""، لافتا إلى أن "مراكز المساج أصبحت تجارة كبرى وأعدادها يزداد يوما بعد يوم لما يجنيه المالكون من أموال، إضافة الى الإقبال الكبير عليها".

وذكرت الصحيفة، أن العاملات لا يأخذن راتبا شهريا من مركز المساج، لأن عملهن يتلخص بأخذ "الاكرامية" من الزبون، كاشفة أن مراكز المساج "أصبحت أماكن للدعارة".

وفي هذا الصدد، قال الكاتب العراقي زهير الفتلاوي، إنه "بعد انتشار مراكز المساج زادت ممارسة الدعارة في بغداد وخصوصا في فنادق الدرجة الأولى، وأغلب العاملين فيها من جنسيات أجنبية مختلفة وفي منطقة الكرادة بجانب الرصافة تقع عشرات المراكز لغرض إجراء المساج، ولكن الزبائن يبغون ممارسة (الجنس) بحجج مقننة وتلك الممارسات أشبه بشبكات الدعارة ".

وأضاف أن "تلك الأماكن تجني أرباحا كبيرة من ممارسة الدعارة، ولكنها مسجلة مراكز مساج، ولا تستطيع أي جهة المحاسبة والمراقبة والتفيش وهي محمية من شخصيات لها نفوذ قوي لدى الحكومة في بغداد".

وأشار الفتلاوي إلى أن "أرباح المركز تبلغ في اليوم الواحد نحو (5 الاف دولار)، وتزاد في العطل والأعياد وتعرض صور الفتيات التي تمارس الجنس قبل الممارسة ويطلع عليها رواد المركز وكثير منهم يأتون ومعهم الحمايات، وهناك ترويج لها من خلال شبكة التواصل الاجتماعي والسعر يحدد حسب جمال ورشاقة الفتاة".

وتابع: "هناك مساج من نوع اخر وهو مساج (دلفري) حيث يتم خروج الفتاة إلى مكاتب ومنازل الزبائن، وهنا يرتفع السعر ويتم تأمين كافة الاحتياجات للفتاة والزبون من صاحب مركز المساج . بمعنى خدمات (الدعارة المقنعة) التي تتوافر في مراكز عدة مشوّهة صورة قطاع بأكمله وهو السياحة".

وكشفت تحقيقات إعلامية لقنوات محلية عراقية، عن تحول أغلب مراكز المساج في العراق إلى "شبكات للدعارة"، فقد تحدثت عدد من العاملات في هذه المراكز أن "ممارسة الدعارة" هو العمل الأساس في هذه المراكز وليس المساج.

تجارة المخدرات

تمر تجارة المخدرات عبر طريقين، الأول: يصل عن طريق إيران، والثاني: فطريقه أطول، كونه يأتي عن طريق الأرجنتين مرورا بعرسال السورية على حدود لبنان، والتي يسيطر عليها حزب الله وصولا للأراضي العراقية.

وكشف عبد المهدي خلال مؤتمر صحفي، مطلع مارس/آذار الجاري، أن طريق وصول المخدرات للعراق طويل جدا، حيث يتم نقلها من "الأرجنتين إلى عرسال وبعدها إلى سوريا، وصولا إلى الأراضي العراقية".

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قال الفريق رشيد فيلح قائد شرطة محافظة البصرة خلال مؤتمر صحفي: "أعلنها وبكل صراحة أن المخدرات التي تأتي إلى البصرة بنسبة 80 بالمئة منها تأتي من الجانب الإيراني".

وفي كلا الحالتين، فإن المنافذ الحدودية تسيطر عليها أحزاب سياسية عراقية نافذة تسهل مرور المخدرات، فقد نشرت "الاستقلال" في تقرير سابق، نقلا عن مصادر سياسية طلبت عدم كشف هويتها، أن "المنافذ الحدودية في البصرة تديرها شخصيات من حزب المجلس الأعلى الإسلامي في العراق القريب من إيران".

تأسس "المجلس الأعلى" في إيران عام 1982 على يد الزعيم الشيعي الراحل محمد باقر الحكيم، وكان من أبرز قادته، رئيس الوزراء الحالي عادل عبد المهدي، قبل إعلان استقلاله، بعد انشقاق نجل مؤسس الحزب وزعيمه اللاحق، عمار الحكيم وتأسيسه لـ"تيار الحكمة الوطني".

وأضافت المصادر أن "موضوع المنافذ حساس للغاية، ولا يمكن لأي جهة سياسية التصريح بالموضوع علنا؛ لأن الأمر له تبعات يدفع ضريبتها كل من يمس إيران بأي اتهام من هذا النوع".

ولفتت إلى أن "الكل يعرف في البصرة وخارجها، أن المنافذ الحدودية تسيطر عليها جهة سياسية قريبة من إيران، لكن لا أحد يستطيع التحرك ضدها".

وفي تصريح نقلته صحيفة "عربي21" عن محافظ البصرة الأسبق وائل عبد اللطيف قوله، إن "كبار الشخصيات السياسية والأحزاب وشيوخ العشائر بحكم نفوذهم، هم من يتاجر بالمخدرات؛ لأن الأرباح الناتجة عنها طائلة جدا".

وفي 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قال النائب في البرلمان العراقي عن محافظة البصرة عدي عواد: إن "غياب دور الحكومة المحلية والمركزية إضافة إلى تحكم بعض الأحزاب المتنفذة التي تتحكم بالمنافذ الحدودية في الشلامجة وأم قصر، والتي تفرض هيمنة كاملة على تلك الموانئ، يعد سببا لانتشار ظاهرة المخدرات".

وتوعد النائب البصري بالكشف عن الجهات التي تقف وراء تجارة المخدرات أمام الرأي العام، في حال عدم الاستجابة لدعواتنا من الجهات المختصة.

تهريب النفط

يشكل تهريب النفط أحد أكبر الموارد المالية للأحزاب والمليشيات الشيعية، فقد كشف نواب عراقيون عن عمليات تهريب يومي للنفط في أنحاء متفرقة من العراق، لقاء مبالغ طائلة تصل إلى مئات الملايين من الدولارات.

وكشفت قناة "الحرة" الأمريكية في تحقيق تلفزيوني، بثته في ديسمبر/كانون الأول الماضي، عن تورط ميليشيا "عصائب أهل الحق المنضوية تحت الحشد الشعبي، والمعروفة بولائها اللامحدود لإيران، في تهريب نفط البصرة.

وقال التحقيق، الذي جاء بعنوان "نفط البصرة المنهوب على يد الميليشيات"، أن أربعين ألف برميل من النفط الخام ومشتقات البترول، يتم تهريبها من العراق، وتحديدا من محافظة البصرة الغنية بالنفط إلى دول الجوار.

 وبحسب القناة، فإن أرقاما متضاربة وصلت بعض تقديراتها إلى 300 ألف برميل يوميا من النفط المهرب إلى خارج العراق، لقاء مئات ملايين الدولارات تدخل إلى جيوب الميلشيات وقادة الأحزاب الدينية التي تحكم قبضتها على البصرة.

ونقلت عن سكان محليون من محافظة البصرة، أن عصائب أهل الحق، هي إحدى الميليشيات التي تنشط في تهريب النفط من البصرة بأوراق وأختام رسمية ومواكبة من الحرس الثوري الإيراني.

وأوضح تحقيق القناة الأمريكية، أن غالبية شحنات النفط التي تقوم الميليشيات المسلحة بتهريبها تذهب إلى ميناء بوشهر في إيران، حيث أنشأت طهران من أموال النفط المهرب ميزانية مالية للمليشيات والأحزاب الموالية لها بالعراق.

وعلى ضوء ما بثته "الحرة"، طالبت كتلة صادقون البرلمانية، التابعة لـ"عصائب أهل الحق" بزعامة المعمم المقرب من إيران قيس الخزعلي، بإغلاق مكتب قناة "الحرة" في بغداد.

وقالت في بيان، إن "الإدارة الأمريكية لجأت إلى استخدام أدواتها الإعلامية المسمومة لتشويه صورة وإنجازات الحشد الشعبي"، لافتا إلى أن "قناة الحرة بثت تقريرا، تعمدت فيه الإساءة وتوجيه الاتهام العلني إلى الحشد الشعبي والعصائب".

وأضافت أن "التقرير تضمن بالصور ومقاطع الفيديو، إظهار هادي العامري، وقيس الخزعلي، أثناء تواجدهم في ساحات المواجهة مع تنظيم داعش في معارك التحرير أو أثناء حضور الاحتفالات الجماهيرية".

وقبل ذلك، كشف النائب عن محافظة البصرة، رامي السكيني، عن ضلوع أحزاب وجهات متنفذة لتهريب نفط البصرة خارج العراق، مبينا أن العملية التي تحولت إلى ظاهرة وخطر كبيرين يهددان ثروة البلاد ومستقبلها.

وقال السكيني، إنه ليست هناك جهة واحدة تعمل بمفردها على تهريب النفط، إنما جهات عدة تنسق أعمالها فيما بينها، والمقلق أنها بدأت تتحول من مجرد حالة إلى ظاهرة واسعة الانتشار تقف خلفها أحزاب وعصابات ومسؤولون متنفذون.

من جهته، قال النائب عن البصرة صادق المحنا، إن "سرقة نفط البصرة يتراوح ما بين 100 - 300 ألف برميل يوميا، بقيمة 20 مليون دولار، أي بما يعادل سبعة مليارات دولار سنويا.

وأشار إلى أن "الحكومة تبحث عن قروض يصل لمليار، بينما يُسرق سنويا من نفط العراق سبعة مليارات دولار، لافتا إلى أن "الباخرات التي تخرج من الميناء تكون محملة بضعف حمولتها المسجلة".

أما في محافظة نينوى (مركزها الموصل)، فقد قال النائب عن المحافظة أحمد الجبوري، في حديث تلفزيوني، إن "كتائب الإمام علي" تسيطر على ثلاثة آبار في حقول نجمة تعتبر من أجود أنواع الآبار النفطية بالعراق.

وقال الجبوري إن "رجلا يدعى أبا رقية ينتمي للكتاب يسيطر على منفذ عبور صهاريج النفط التي تخرج من آبار القيارة باتجاه البصرة، ويطالب بحصته منها مقابل مرورها".

وشدد الجبوري على أن "نفط العراقيين يسرق يوميا ويتم تهريبه من هذه المليشيات المسلحة، التي من المفترض أن تكون رواتب للعراقيين كون البلد يعتمد على تصدير النفط في الوقت الحالي فقط".

وأكد النائب أن "حقول آبار النفط في محافظة نينوى ويبلغ عددها 72 حقلا ضمن أربعة حقول، هذه كلها كانت تصدر 30 ألف برميل يوميا قبل عام 2012".

ولفت إلى أن "هذا الفصيل المسلح بدأ بالتوسع بعد دخوله المحافظة بالتعاون مع عدد من أبناء المنطقة، حتى سيطر في بداية عام 2018 على آبار النفط في حقل نجمة وبدأ باستخراج النفط وتهريبه".

وعُرفت "كتائب الإمام علي" على الساحة العراقية، نهاية حزيران/يونيو 2014، بتأسيس إيراني ويقودها شبل الزيدي الذي صنفته واشنطن العام الماضي، على لوائح الإرهاب بتهم تهريب النفط من أجل إيران وإرسال مقاتلين إلى سوريا.

وكان تقرير "الشفافية" الذي أصدره مكتب المفتش العام بوزارة النفط العراقية عام 2006، قد قدر الأموال التي تم الاستيلاء عليها من تهريب النفط ومشتقاته في العام 2005 بما قيمته مليار دولار، وأن التهريب كان يتم عبر: "الموانئ الجنوبية في البصرة باتجاه الكويت وإيران. المنافذ الشمالية إلى  تركيا. المنافذ الغربية إلى الأردن وسوريا".

وأشار التقرير  الحكومي إلى أن عمليات التهريب تتم باشتراك من بعض الدول المجاورة وبتواطؤ من "عناصر في الشرطة والجمارك العراقية وبمشاركة مسؤولين في الدولة ومشرفين على القطاع النفطي".

ولا يقتصر تمويل الأحزاب والمليشيات الشيعية على ما أوردناه في التقرير فحسب، وإنما كثير من الموارد ربما باتت معروفة، فإن هيمنتها على مفاصل الدولة العراقية، يمكنها من السيطرة على تعاقدات الوزارات وبيع الدرجات الوظيفية والمناصب الحكومية، إضافة إلى المساومة على رئاسة اللجان البرلمانية.