"ذكاء إستراتيجي".. إشادة كبيرة برد حماس الإيجابي على خطة ترامب

"رد حماس متوازن ومحترف وسياسي من الدرجة الأولى"
بردها على مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، مارست حركة المقاومة الإسلامية "حماس" مناورة سياسية محسوبة ودفعت الاحتلال إلى مأزق سياسي وحيَّدت الضغط الأميركي وعززت شرعيتها دون أن تقبل الخطة الأميركية بحذافيرها أو تقدم تنازلات.
وقالت الحركة في بيان أصدرته في 9 أبريل/نيسان 2025: إنها أجرت "مشاورات واسعة للتوصل لموقف مسؤول" في التعامل مع خطة ترامب، حرصا منها على وقف العدوان الإسرائيلي.
وأضافت: "نعلن موافقتنا على الإفراج عن كل الأسرى أحياء وجثامين، وفق مقترح ترامب بما يحقق وقف الحرب والانسحاب مع توفير الظروف الميدانية للتبادل"، مبدية استعدادها "الفوري" للدخول من خلال الوسطاء في مفاوضات لمناقشة كل التفاصيل.
كما جدَّدت الحركة -وفق نص البيان- موافقتها على تسليم إدارة القطاع لهيئة فلسطينية من المستقلين بتوافق وطني واستنادا لدعم عربي إسلامي.
وشددت على أن ما ورد في مقترح ترامب عن مستقبل قطاع غزة وحقوق الشعب الفلسطيني "يرتبط بموقف وطني يناقش في إطار وطني فلسطيني جامع تكون حماس ضمنه وستسهم فيه بكل مسؤولية".
وتعليقا على رد الحركة، قال القيادي في حماس، موسى أبو مرزوق، خلال مقابلة مع قناة الجزيرة: إن الحركة تعاملت بإيجابية مع الخطة الأميركية وإن الأولوية لوقف الحرب والمجازر. مشددا على أن رسم مستقبل غزة مسألة وطنية لا تقرر فيها حماس وحدها.
وأكد أن الفصائل الفلسطينية توافقت وطنيا على تسليم إدارة غزة لمستقلين، وأن مرجعية ذلك السلطة الفلسطينية.
كما شدَّد على أن حماس وافقت على تصور إقليمي ودولي قدَّمته مصر ويشمل أجوبة بشأن السلام والمستقبل، مطالبا الولايات المتحدة بالنظر "بإيجابية" لمستقبل الشعب الفلسطيني.
وبشأن تسليم الأسرى والجثامين خلال 72 ساعة، قال: إن هذا الأمر نظري وغير واقعي في الظروف الحالية، كما أكَّد أن الحركة مستعدة لتسليم سلاحها للدولة الفلسطينية القادمة، وأن من يحكم غزة سيكون بيده السلاح.
وفي رده على بيان الحركة، قال ترامب: إن حماس أظهرت استعدادها لسلام دائم في ردها على مقترح وقف الحرب في غزة. مضيفا أن على إسرائيل أن توقف القصف على غزة بشكل فوري، من أجل إخراج الرهائن بسرعة وأمان.
وأوضح في منشور على حسابه بمنصته "تروث سوشيال"، أن الأوضاع الحالية تجعل ذلك بالغ الخطورة. مؤكدا أن هناك بالفعل مناقشات جارية حول التفاصيل. مشيرا إلى أن المسألة لا تتعلّق بغزة وحدها، بل بسلام طال انتظاره في الشرق الأوسط.
وقال ترامب: إن "هذا يوم مميز للغاية وربما على نحو غير مسبوق من نواحٍ كثيرة. مضيفا أن هذا يوم عظيم وسنرى كيف ستصير الأمور.
وتابع: "نناقش بالفعل تفاصيل يجب الاتفاق عليها، الأمر لا يتعلق بغزة فحسب، بل يتعلق بالسلام الذي طال انتظاره في الشرق الأوسط".
وأشاد ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي برد حماس على المقترح الأميركي التي أعلنت فيه موافقتها على الإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين وفق مقترح ترامب، وتسليم إدارة القطاع لهيئة فلسطينية من المستقلين.
ورأوا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي "إكس" و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #رد_حماس، #ترامب، #حماس، #غزة_تباد، وغيرها، أن حركة المقاومة الإسلامية تعاملت بمسؤولية وإيجابية وذكاء مع الخطة الأميركية المقترحة، وأرجعت بعض النقاط إلى توافق وطني فلسطيني واستندت للدعم العربي والإسلامي.
هجمة مرتدة
وفي إشادة واستحسان لموقف حماس، وصف الباحث الإسلامي عصام حلمي تليمة الردَّ بأنه "ذكي جدا وعاقل" رغم التهديدات والمخاطر، ورد أمورا مهمة للشعب الفلسطيني ولا يملكون القرار فيه وحدهم، ورفض لجنة ترامب للحكم.
وقال الباحث في العلاقات الدولية علي أبو رزق: إن "رد الأخضر رد وطني مسؤول، يضع الاعتبار الأول والثاني والثالث لمصلحة الشعب الفلسطيني فوق أي مصلحة حزبية".
وأكد أن الرد "لم يأتِ بالموافقة المشروطة، بل بالموافقة التي تحتمي بالموقف الفلسطيني الجامع والمظلة العربية والإسلامية، بحيث لا الأخضر ولا غيرهم يملكون قرار التفريط بالحقوق الفلسطينية الثابتة والمشروعة، في هذه المرحلة القاسية وغير المسبوقة من تاريخنا على وجه الخصوص".
ورأى أبو رزق أن "الرد يعيد الكرة للمربع الإسرائيلي، بعد أن حاول ترامب وحليفه نتنياهو أن يصوّرا غزة وكأنها، وحدها، في مواجهة العالم".
وأشار إلى أن "الرد أيضا جاء متسقا مع التصريحات القطرية والتركية والمصرية والباكستانية التي أكَّدت أنه حصل انقلاب على الورقة التي تم صياغتها في الولايات المتحدة مع الوفد العربي والإسلامي".
وقال الصحفي قطب العربي: "لم يخذلنا الخضر في موقفهم ردا على مقترح ترامب، كان ردهم وطنيا حكيما، ثمّنوا وقف الحرب والتهجير ودخول المساعدات، وتعهدوا بصفقة أسرى وفق شروط ترامب، لكنهم لم يتنازلوا عن حق شعبهم في وطن مستقل، ولم يتنازلوا عن سلاحهم".
وأشاد بموافقة حماس على تسليم إدارة غزة لإدارة فلسطينية فقط، وتركهم قضايا المستقبل لحوار وطني فلسطيني، مؤكدا أن المهم حاليا أن تتوقف الحرب ويبدأ دخول المساعدات العاجلة.
ووصف الصحفي محمد جمال عرفة، رد حماس بأنه "ذكي"؛ حيث أكدت أنها اتخذت قرارها بـ(موافقتها على الإفراج عن جميع أسرى الاحتلال أحياء وجثامين وفق صيغة التبادل الواردة في مقترح ترامب ومع توفير الظروف الميدانية لعملية التبادل). موضحا أنه "يعني انسَ حكاية إطلاقهم خلال 72 ساعة".
وأشار إلى أن الحركة أكدت (استعدادها للدخول فورا من خلال الوسطاء في مفاوضات لمناقشة تفاصيل ذلك) أي تفاصيل الانسحاب ووقف الحرب، كما أكدت موافقتها على تسليم إدارة قطاع غزة لـ(هيئة فلسطينية) من المستقلين (تكنوقراط) يعني رفض أي قوات عربية أو دولية أو مجلس ترامب وبلير.
ولفت عرفة إلى أن حماس قالت: إن (ما ورد في مقترح ترامب من قضايا أخرى تتعلق بمستقبل غزة وحقوق الشعب الفلسطيني الأصيلة فإن هذا مرتبط بموقف وطني جامع واستنادا إلى القوانين والقرارات الدولية ذات الصلة، ويتم مناقشتها من خلال إطار وطني فلسطيني جامع ستكون حماس من ضمنه وستسهم فيه بكل مسؤولية).
وأوضح أنه ذلك الرد يعني "لسنا وحدنا من نقرر.. الشعب كله"، مشيرا إلى أن بيان الحركة يعني "موافقون.. تعالوا نبحث التفاصيل (الانسحاب الإسرائيلي وتاريخه وانتهاء الحرب وعدم الغدر والضمانات وخلافه)".
وأشار أستاذ العلوم السياسية خليل العناني إلى أن نتنياهو كان يتوقع رفض حماس لخطة ترامب، لذلك جاء الرد الإيجابي للحركة وترحيب ترامب به "كمفاجأة أربكت حساباته وألقت بِكُرة اللهب في حجره". قائلا: "حماس نفذت هجمة مرتدة ذكية ويبقى الغموض سيد الموقف وهذا على ما يبدو مقصود".
ولفت محمود علام إلى أن المقاومة وافقوا على الهدنة وعلى صفقة تبادل الأسرى بشكل كامل، لكن في نفس الوقت رفضوا نزع السلاح، ورفضوا وجود أي إدارة أجنبية في القطاع.
وأوضح أن هذا يضع أميركا وإسرائيل أمام خيارين ليس لهم ثالث، إما أن يكملوا التفاوض ويحاولوا الوصول إلى نقطة توافق نهائية لوقف الحرب، إما أن ينفذ ترامب تهديده الذي قاله من شوية على "تروث سوشيال"، بأنه يحول قطاع غزة إلى "جحيم مختلف عن أي شيء رأوه من قبل".
تحليلات وقراءات
وفي تحليل وقراءة لرد حماس، قال محمد حماد: إنه يُجسّد في هذه اللحظة السياسية خطابا مزدوجا يتقن مخاطبة الداخل الفلسطيني بلغة الثبات والحقوق، ويخاطب الخارج بلغة السياسة الواقعية دون تفريط.
وأضاف أن هذا التوازن ليس مجرد موقف تكتيكي، بل هو محاولة لإعادة تعريف موقع الحركة في المشهد السياسي، بعيدا عن ثنائية "المقاومة المسلحة" مقابل "الانخراط الدبلوماسي"، نحو صيغة ثالثة تُبقي على مبدأ المقاومة، وتفتح نافذة للتموضع السياسي دون الوقوع في مسلسل التنازلات.
وأكد حماد، أن هذا الخطاب، مهما بلغ من الاتزان، يظل معلقا في الفراغ ما لم يجد له سندا من بنية وطنية جامعة، فغياب الحاضنة الفلسطينية والعربية لا يُضعف الرد فحسب، بل يُفرغه من قدرته على التحول إلى فعل سياسي مؤثر.
وأوضح أن الردود، مهما كانت متقنة، لا تُحدث فرقا ما لم تُرفد بجبهة داخلية متماسكة، وغطاء عربي قادر على ترجمة الموقف إلى أوراق ضغط حقيقية.
وتابع حماد: "هنا تبرز المعضلة البنيوية: أن الفصائل الفلسطينية، رغم اختلاف لهجاتها السياسية، تتحدث من جزر معزولة، في حين أن العدو يتحدث من منظومة دولية متشابكة".
وتساءل: “هل يمكن لردٍّ متوازن أن يُحدث أثرا في ظل اختلال موازين الحاضنة؟ أم أن المطلوب ليس فقط ردا متزنا، بل إعادة بناء الحاضنة ذاتها؟” مؤكدا أن المعضلة الكبرى ليست في صياغة الرد بحد ذاته، وإنما في غياب حاضنة عربية وفلسطينية موحدة تستطيع أن تحول هذا الموقف إلى قوة تفاوضية فعلية.
واستطرد حماد: "هنا تكمن نقطة الضعف: أن أي رد فلسطيني يظل ناقص الوزن ما لم يتكئ على جبهة داخلية صلبة وغطاء عربي وإسلامي جاد وفاعل"، متسائلا: “هل يتحرك العرب من موقع الوساطة إلى موقع المؤازرة؟”
وقال أحمد خزيم: إنها أعلنت موافقتها على إطلاق سراح المختطفين، ووافقت على التنازل عن السلطة لحكومة تكنوقراط، ولم تتطرق إلى نزع سلاحها أو مغادرة غزة.
وخلص إلى أن حماس ستوافق على إطلاق سراح المختطفين والتخلي عن السلطة قبل التوصل إلى اتفاق بشأن البنود المتبقية في خطة ترامب التي لم توافق عليها حماس بعد والتي تتطلب مفاوضات إضافية قد تستغرق وقتا طويلا.
وأكد خزيم، أن القضية الرئيسة المتمثلة في إطلاق سراح الأسرى مقابل المختطفين لم تكن يوما عائقا أمام أي اتفاق.
وأشار أبو رويداء إلى أن رد حماس لم يتطرق لرفض تسليم السلاح أو حل الجناح العسكري للحركة، بل اكتفى بالإشارة إلى أن مستقبل غزة وحقوق الشعب الفلسطيني سيُناقش في إطار وطني فلسطيني جامع.
وأكد أن هذا الغموض المتعمد يهدف إلى ضمان بقاء الحركة كقوة سياسية وعسكرية فاعلة في أي ترتيبات مستقبلية لغزة، ورفض مخطط تصفيتها.
ووصف أحمد أنور سعدة، رد حماس بأنه "متوازن، محترف، وسياسي من الدرجة الأولى"، يؤكد أن لا مانع من إنهاء الحرب وتسليم الأسرى لكن من سيدير الشأن في غزة لجنة فلسطينية بعد انسحاب إسرائيل.
وأوضح أن حماس هنا لا ترفض إنهاء الحرب، وتتمسك بالأرض، وتلقي الكرة في ملعب ترامب مع تعرية خطة التفريغ أمام العالم أجمع.
ورأى سعدة أن ترامب حاليا في موقف صعب خصوصا بعد التهديد بالجحيم لأهل غزة، متسائلا: “هل يستطيع ترامب تنفيذ تهديده وقصف غزة وقتل مليون طفل وسيدة وكهل أم سيتراجع عن تهديده؟”
وأضاف أن "حمامة السلام ترامب في موقف صعب، إما تنفيذ تهديده وهنا سيتحول لمجرم حرب مثل النتنياهو ويتحول الحمامة لغراب أمام الرأي العام العالمي، أو الحل الثاني التراجع عن التهديد وفقدان المصداقية بقوته المفرطة".
وأكد المحلل السياسي أحمد الحيلة، أن بيان الحركة وموقفها من خطة ترامب بشأن وقف الحرب على غزة؛ ذكي ويحتاج إلى خبراء لفك شيفرته السياسية.
وقال: إن الحركة وافقت على إطلاق سراح جميع الأسرى كما يريد ترامب مقابل وقف الحرب، والانسحاب، وإدخال المساعدات، ومنع التهجير، كما ورد في مسوّدة الاتفاق.
وأشار الحيلة إلى أن الحركة أحالت القضايا الوطنية الكبرى الواردة في خطة ترامب إلى الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية ليقولوا كلمتهم، فالشعب الفلسطيني مسؤول عن نفسه، ويحتفظ بحقه في تقرير مصيره ورفض الوصاية عليه.
فرصة لترامب
وتعقيبا على تعليق الرئيس الأميركي على رد حماس، قال الناشط السياسي فايز أبو شمالة، إن فرحة ترامب بردّ حماس تعكس حجم الجحيم الذي كانت تعيشه أميركا، وهي تقف بكل إمكانياتها السياسية والعسكرية والاقتصادية والدبلوماسية خلف العدوان الصهيوني.
وأشار إلى أن موافقة حماس الجزئية جاءت بمثابة خشبة الخلاص لأميركا، وبمثابة الفرصة التاريخية لترامب ليتحرر من تهديده ووعيده الخائب، بصب الجحيم على غزة.
وأضاف أبو شمالة: "لقد انتصرت حماس بصمود أهل غزة، وانتصرت فلسطين بالتضامن العربي والعالمي مع الحق التاريخي للشعب العربي الفلسطيني".
ويرى خبير إدارة الأزمات مراد علي، أن رد حماس أعطى ترامب ما يريده من الظهور بصورة بطل السلام الذي نجح في إعادة الأسرى وإيقاف الحرب، وفي ذات الوقت أخرج المقاومة من المأزق الذي وضعتها فيه الحكومات العربية والإسلامية بدعمها للخطة.
وأكد أن من حق أهل غزة أن يفرحوا بوقف الإبادة، لكن علينا أن نعلم أن نتنياهو وإسرائيل لن يستسلما بسهولة ولن يقبلا بإحباط خطة تغيير المنطقة، ولن تتوقف جهود الصهاينة نحو تحقيق إسرائيل الكبرى.
وقال علي: "هي هدنة مؤقتة قد تطول أو تقصر، والدور حاليا على الحكام العرب والمسلمين للتحرك بناء على ذلك، وليس تبعا لأجندة ترامب أو نتنياهو".
وأثنى الإعلامي حفيظ دراجي على المقاومة، قائلا: إنها نفذت "ضربة معلم"، وخطوة ذكية جمعت بين الحنكة والذكاء في إدارة الموقف وتعزيز شرعيتها وقوتها التي قلبت المعادلة.
وأضاف أن الحركة بدل أن تُترك وحدها في دائرة الاتهام أو تُصوَّر كطرف معرقل، نجحت في تحويل الضغط نحو إسرائيل، بعدما دفعت ترامب ــ المعروف بمواقفه المنحازة لإسرائيل ــ إلى المطالبة بوقف القصف على غزة فورا.
ويرى دراجي، أن هذه النتيجة تعكس قدرة الحركة على استثمار اللحظة السياسية وتوظيفها بما يخدم صورتها أمام الرأي العام الدولي، ويضع إسرائيل في موقع المُدافع بدل المُهاجم.
وعد أستاذ العلوم السياسية عبدالله الشايجي تعليق ترامب على موقف حماس، انقلابا على إسرائيل بمطالبتها بوقف الحرب على غزة فورا، موضحا أن ترامب ينظر بشكل إيجابي على رد حماس ويعلن الحركة مستعدة للسلام الدائم وعلى إسرائيل وقف قصف غزة فورا.
وفسّر رد ترامب بأنه (انقلاب كلي على موقفه قبل ساعات بفتح أبواب الرهائن)، قائلا: "يبدو أن ترامب يعد كلمة يخاطب بها الشعب الأميركي، طبعا والهدف غير المعلن الفوز بجائزة نوبل للسلام".
درس سياسي
وتقديرا لرد المقاومة، أشار أستاذ الأخلاق السياسية محمد المختار الشنقيطي، إلى أن “حاصل علم السياسة وفن الحرب هو تحقيق الممكن ضمن معادلات الزمان والمكان والإمكان، واكتناز القوة، ومراكمة المكاسب، والبحث عن ثغرة في الطريق المسدود، واستغلال كل باب يُفتح، وكل فرصة تسنح”.
وأوضح أن هذا ما فعلته حماس مع خطة ترامب، قائلا: "أما تكرار المكرَّر، وتجريب المجرَّب، فليس سياسة ولا حربا".
وأكد الصحفي يوسف شرف، أن البيان الأخير لحماس لم يكن مجرد رد على مقترح ترامب، بل درس سياسي إستراتيجي يثبت أن المقاومة ليست مجرد بندقية في الميدان، بل عقل يعرف كيف يحمي الثوابت ويحاصر العدو بخياراته.
وقال: إن حماس وضعت سقفا واضحا لمطالبها: وقف الحرب، رفض التهجير، الإفراج عن الأسرى جميعا، الانسحاب الكامل، وتقديم المساعدات. لم يكن هذا مجرد تحدٍ، بل رسالة للعالم: هناك خطوط حمراء لا يمكن التنازل عنها، وهناك إرادة لحماية الشعب الفلسطيني بكل الوسائل الممكنة.
ولفت شرف إلى أن حماس أعلنت في حركة ذكية استعدادها للتنحي لصالح لجنة تكنوقراط وإجماع وطني، لتبقى القرارات فلسطينية خالصة بعيدا عن الحسابات الضيقة، مؤكدا أنه بهذه الخطوة، لم تضع حماس نفسها في خانة المعطل، بل حولت المبادرة بالكامل إلى ملعب العدو، وجعلت نتنياهو وحده أمام مسؤولية نجاح الاتفاق أو إفشاله.
وأضاف أن هذا البيان يعكس نضجا سياسيا قلما يُرى في الصراعات المعقدة: قوة الميدان تلتقي مع العقل السياسي، والثوابت الوطنية تلتقي مع الإستراتيجية الدبلوماسية، والضغط على العدو يلتقي بالتصوير الدولي للمسؤولية.
واستطرد شرف: “بعبارة واحدة: حماس تفاوض بأسلوب خصمها، وتفرض قواعد اللعبة التي لم يعرف العرب كيف يلعبونها”.
وأكد أن المقاومة الفلسطينية “ليست فقط رد فعل على العدوان، بل قوة سياسية واعية، تعرف كيف تحمي شعبها، وتلعب اللعبة الكبرى على المسرح الدولي بعقل متقد وذكاء إستراتيجي”.
وكتب مروان مروان: "حماس كعادتها درس في المقاومة ودرس في سياسة التفاوض ومقترحها الأخير أكبر دلالة على إدراكها لمسؤولية شعبها المستضعف وقيمة من دعموها وقيمة حاجة المنطقة للاستقرار، بوركت حماس وبوركت كل فصائل الشعب الفلسطيني".