نتنياهو وافق سرا.. هل تتمكن الإمارات من امتلاك أسلحة أميركية متطورة؟

قسم الترجمة - الاستقلال | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وافق بشكل سري على خطة لإدارة دونالد ترامب لبيع أسلحة متطورة إلى الإمارات العربية المتحدة، على الرغم من إعلانه في وقت لاحق أنه يعارض صفقة الأسلحة، وفقا لمسؤولين مطلعين على المفاوضات.

وأكد المسؤولون أن نتنياهو اختار عدم محاولة عرقلة الصفقة، حتى لا تؤثر على الجهود الكبيرة خلال الأشهر الأخيرة لتأمين اختراق دبلوماسي وتطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب كشف عن هذه الصفقة الكبيرة في شهر أغسطس/آب 2020، دون الإشارة إلى مناقشات الأسلحة التي كانت تجري في مسار مواز.

وبعد الإعلان عن صفقة الأسلحة أواخر ذات الشهر، نفى نتنياهو مرارا وتكرارا أنه أعطى تأكيدات لإدارة ترامب بأن إسرائيل لن تعارض الصفقة لفائدة الإمارات.

لكن أوضح مسؤولون أن تصريحات نتنياهو العلنية كاذبة، مؤكدين أنه توقف عن الشكوى علنا ​​بشأن صفقة الأسلحة المقترحة بعد اجتماع مع وزير الخارجية مايك بومبيو في القدس المحتلة.

هل تمر الصفقة؟

من جهة أخرى، سارع البيت الأبيض في الأسابيع الأخيرة للدفع نحو التقدم في بيع حزمة من الأسلحة المتطورة إلى الإمارات، بما في ذلك F-35 المقاتلة وطائرات ريبر بدون طيار.

وتشمل الصفقة أيضا - EA-18G Growler - وهي طائرات الحرب الإلكترونية التي تمهد الطريق لهجمات التخفي عن طريق التشويش على الدفاعات الجوية للعدو. ولم يتم الإبلاغ عن هذا العنصر من الحزمة مسبقا.

في سياق متصل يؤكد تقرير الصحيفة الأميركية أن الإمارات لطالما سعت إلى الحصول على أسلحة أكثر تطورا، لكن الإسرائيليين يخشون حدوث تحول في ميزان القوة العسكرية في الشرق الأوسط.

ومن المرجح أن يؤدي الاعتراف العلني بالاتفاق من قبل نتنياهو إلى غضب في إسرائيل، كما فعل الكشف عن صفقة الأسلحة المقترحة، الذي أغضب أعضاء الحكومة الإسرائيلية.

وجاء إعلان ترامب في 13 أغسطس/آب عن انفراج دبلوماسي في الوقت الذي كان فيه نتنياهو يكافح لإدارة أزمات متعددة من بينها تفشي جائحة كورونا، وتحالفه المتهالك مع خصومه السياسيين، ومفاوضات الميزانية المتوترة، ومحاكمته بتهم الفساد.

في الأثناء، يحرص المسؤولون الأميركيون على أن الإصرار على الدفع نحو تنفيذ صفقة بيع الأسلحة للإماراتيين ليس مكافأة مباشرة لدورهم في الاتفاقية، حيث أصبحت الإمارات ثالث دولة عربية تعترف بإسرائيل، لكنهم لا يجادلون في أنه وبعد سنوات من الرفض الأميركي لبيع طائرات F-35 للإماراتيين، فإن التغيير في الموقف مرتبط بهذه المبادرة الدبلوماسية.

وفيما قد تواجه صفقة الأسلحة مقاومة كبيرة في الكونجرس؛ بموجب قانون يفرض ألا يؤدي هذا النوع من المبيعات إلى إضعاف التفوق العسكري لإسرائيل في الشرق الأوسط، يشير التقرير أن مسؤولي إدارة ترامب ناقشوا تجاوز جزء مهم من عملية مراجعة الصفقة من قبل المشرعين.

وهذا الأمر قد يحسن فرصهم في تنفيذ صفقة مبيعات الأسلحة قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

في سياق متصل أكد رون ديرمر، سفير إسرائيل في الولايات المتحدة في بيان أنه "ليس صحيحا" أن نتنياهو أعطى الموافقة للمسؤولين الأميركيين لبيع صفقة أسلحة للإمارات تشمل طائرات إف -35. وأضاف أنه واثق من أن إدارة ترامب "ملتزمة تماما بالحفاظ على الميزة العسكرية لإسرائيل في المنطقة".

وامتنعت وزارة الخارجية الأميركية عن التعليق، ولم يرد متحدث باسم مجلس الأمن القومي على رسالة تطلب التعقيب.

لكن الصحيفة الأميركية أكدت أن العشرات من المسؤولين الإماراتيين سافروا إلى واشنطن نهاية أغسطس/آب للقاء نظرائهم في وزارة الدفاع (البنتاجون) ووزارة الخارجية لمناقشة صفقة الأسلحة واتفاق التطبيع مع إسرائيل.

وقال حسين إيبيش الباحث في معهد دول الخليج العربية في واشنطن: إن المسؤولين من الدول الثلاث أخبروه أن نتنياهو وافق على بيع الأسلحة، لكنه ندد بذلك علنا بسبب الغضب الذي اندلع في إسرائيل، بما في ذلك من مسؤولي البنتاجون، عندما أصبح الاتفاق السري علنيا.

وأضاف إيبيش: "لقد سمعت من جميع الأطراف الثلاثة أن نتنياهو أعطى الضوء الأخضر في هذا الشأن"، مضيفا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي أوضح سابقا للإماراتيين والأميركيين بأنه "لن تكون هناك معارضة قاطعة للصفقة".

وأوضح أن الإماراتيين ذهلوا من تنصل نتنياهو العلني، وردوا بإلغاء اجتماع في 21 أغسطس/آب مع مسؤولين أميركيين وإسرائيليين في الأمم المتحدة. لكن الإماراتيين هدؤوا بعد طمأنتهم بأن الصفقة ما زالت على المسار الصحيح. 

وفي هذا السياق أضاف إيبيش: "لقد فهموا (الإماراتيين) أن هناك الكثير من مسرح الكابوكي في كل هذا".

يشار إلى أن الإمارات وكذلك السعودية تتمتعان بعلاقة وثيقة مع البيت الأبيض، حيث يرى جاريد كوشنر صهر الرئيس ترامب وكبير مستشاريه، أن الدولتين مهمتان في الجهود التي فشلت حتى الآن، في التوسط في اتفاق سلام بين القادة الإسرائيليين والفلسطينيين.

إثارة المخاوف 

وعلاوة على ذلك، يعتبر ترامب البلدين كمشترين مهمين للأسلحة الأميركية على الرغم من معارضة الكونجرس لاستخدامها في قتل آلاف المدنيين في الحرب التي تقودها السعودية في اليمن.

ويشير التقرير أن بعض مسؤولي البنتاجون ووزارة الخارجية الأميركية غير مرتاحين للتأثير الذي يمارسه الإماراتيون داخل البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي، وكانوا غير سعداء بتلقي المسؤولين العسكريين الإماراتيين إحاطة سرية حول F-35 في يوليو/تموز.

وأعرب بعض أعضاء الكونجرس ومعاونيهم عن مخاوف مماثلة، مشيرين إلى دور الجيش الإماراتي في حرب اليمن الكارثية. وكانت الإمارات سحبت معظم قواتها في العام 2019، لكنها نشرت طائراتها في الحرب الأهلية الليبية، مما أثار مخاوف جديدة لدى المشرعين الأميركيين.

ويقول مسؤولو إدارة ترامب: إن الانفراج بين الإمارات وإسرائيل - وربما الصفقات المستقبلية بين تل أبيب ودول عربية أخرى - هي أيضا جزء من جهد أوسع لمواجهة إيران.

وقد حاول مسؤولو الإدارة تهدئة المخاوف الإسرائيلية بشأن حصول دولة عربية على طائرة F-35 من خلال التأكيد على أن الإمارات، مثل إسرائيل، هي عدو معلن لإيران وأن تعزيز الجيش الإماراتي سيساعد على أمن تل أبيب.

وتعتبر هذه التحركات الإقليمية ملحة في واشنطن لأن المسؤولين الإستراتيجيين المقربين من ترامب يرون أن الجهود المبذولة لدعم إسرائيل تساعد في تعزيز دعم الناخبين المسيحيين الإنجيليين للرئيس الأميركي بينما يسعى للفوز بولاية ثانية.

ويخشى المستشارون، من أن الإدارة المقبلة ستوقف الصفقة، إذا خسر ترامب الانتخابات أمام جو بايدن نائب الرئيس السابق باراك أوباما.

وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية في أغسطس/آب أن صفقة الأسلحة الإماراتية مرتبطة مباشرة باتفاق السلام مع إسرائيل. وردا على ذلك، أصدر مكتب نتنياهو بيانا مفصلا أدرج فيه جهود الحكومة خلال الصيف لإبلاغ واشنطن بمعارضتها بيع طائرات F-35 إلى أي دولة في المنطقة.

وجاء في البيان أن "اتفاقية السلام مع الإمارات العربية المتحدة لا تتضمن أي إشارة إلى مبيعات الأسلحة، وقد أوضحت الولايات المتحدة أنها ستحرص دائما على الحفاظ على التفوق النوعي لإسرائيل".

وقال مكتب نتنياهو: إن وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس، أُبلغ في أواخر شهر يوليو/تموز، عن اتصالات مع مسؤولين أميركيين يعارضون بيع طائرات إف -35. 

لكن غانتس رد بغضب على التقارير المتعلقة بصفقة أسلحة سرية، قائلا في مؤتمر صحفي في الأول من سبتمبر/أيلول: إنه لم يتم إبلاغه باتفاقية التطبيع مسبقا، محذرا من "تنفيذ هذه المخاطرة الأمنية". 

وتحدث كوشنر قبلها بيوم عن صفقة الأسلحة، بعد أن وصل إلى أبوظبي على متن رحلة احتفالية بين إسرائيل والإمارات. 

وأوضح أن العلاقة العسكرية بين أميركا والإمارات، خاصة جدا، تماما مثل العلاقة بين تل أبيب وواشنطن، مضيفا أن الولايات المتحدة ملتزمة بالحفاظ على التفوق العسكري لإسرائيل في الشرق الأوسط حتى مع بيعها أسلحة متطورة لأبوظبي.

وفي سياق متصل تشير الصحيفة الأميركية أن وزير الخارجية مايك بومبيو الذي زار نهاية أغسطس/آب، إسرائيل والإمارات والبحرين وعمان والسودان، أكد في لقاء منفصل مع غانتس التزام واشنطن بأمن الدولة العبرية.

كما تحدث مع نتنياهو عن مواجهة إيران وإقامة علاقات دبلوماسية بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة وفق ما نقلته وزارة الخارجية الأميركية.

ولم تخطر وزارة الخارجية الكونجرس بعد بحزمة أسلحة جديدة مقترحة للإمارات، لكن بعض المشرعين ومساعديهم أشاروا إلى عدم موافقتهم للإدارة الأميركية بعد أن كشفت تقارير إخبارية في أغسطس/آب تفاصيل الاقتراح، وفق ما أكده عدد من المسؤولين.

ومن المرجح أن يعارض العديد من المشرعين من كلا الحزبين صفقة الأسلحة إذا لم تدعمها الحكومة الإسرائيلية رسميا.

ويقول بعض المساعدين أيضا: إن الأمر سيستغرق شهورا حتى تتخذ الولايات المتحدة خطوات إلزامية للتأكد من الناحية الفنية من أن الأسلحة المقترحة لن تعرض التفوق العسكري لإسرائيل في المنطقة للخطر. 

وتعتبر طائرة EA-18G Growler، التي تصنعها شركة Boeing وتم عرضها في نوفمبر/تشرين الثاني في معرض دبي للطيران، أكثر منصات الهجوم الإلكترونية تقدما. ويمكن لهذه الطائرة حجب الرادارات وأنظمة الاتصالات وتشغيل رادار متقدم لتحديد الأهداف، كما يمكنها حمل صواريخ بعيدة المدى. 

وتعد أستراليا الدولة الأخرى الوحيدة التي تمتلك هذه الطائرة. ومن المؤكد أن بيع هذه إلى دولة عربية سيثير تساؤلات حول ما إذا كان يمكن استخدامها للتهرب من الدفاعات الجوية الإسرائيلية في أي صراع، وفق التقرير .

وفي ذات السياق يقول المحللون: إن ترامب يمكن أن يساعد في إقناع المسؤولين الإسرائيليين والمشرعين الأميركيين بالمبيعات إلى الإمارات من خلال عرض تقديم أسلحة متقدمة أخرى لإسرائيل، وهو ما يؤكده إيبيش الذي أوضح أن "الرئيس ترامب يفكر كبائع وهذا ما يريده فعلا في الشرق الأوسط".

إلى ذلك، يشير التقرير أنه يمكن لمسؤولي إدارة ترامب أن يقرروا تجاوز عملية الإخطار غير الرسمية في الكونجرس والتي ناقش البعض التراجع عنها تماما.

واستخدم بعض المشرعين هذه العملية لتعطيل شحنات الأسلحة إلى دول الخليج، ويرجع ذلك أساسا إلى سقوط ضحايا من المدنيين. وفي العام 2019، تجاوز بومبيو هذه العقبة بإعلان "حالة الطوارئ" بشأن النشاط الإيراني، لدفع المبيعات من خلالها، مما أثار حفيظة المشرعين.