من التقوا السيسي في القاهرة.. يمثلون قبائل ليبيا أم مليشيات حفتر؟

أحمد يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

هل كان وفد القبائل الليبية الذي التقى رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة مؤخرا، يمثل بالفعل الشعب الليبي بكل مكوناته وأطيافه، أم كان فقط يمثل مليشيات اللواء الانقلابي المتقاعد خليفة حفتر؟.

السؤال أجاب عنه الباحث الألماني المتخصص في الشأن الليبي، ولفرام لاخر، بقوله: "وفد القبائل الذي التقى السيسي يوم 17 يوليو/ تموز 2020، لحثه على التدخل العسكري في ليبيا، كان يقوده الشيخ صلاح الفاندي أحد رموز مليشيا الكاني أو (الكانيات)، التي قتلت المئات في ترهونة، ودفنتهم سرا في مقابر جماعية".

والكاني عائلات تقطن فى حي القانون بمدينة ترهونة الليبية، وتنحدر من قبيلة مرغنة، ويشكل معظم أفرادها قوام "كتيبة ثوار ترهونة" المعروفة بكتيبة "الكاني" الموالية لحفتر، التي ارتكبت جرائم مروعة بحق المدنيين الليبيين.

وتنتمي الكاني إلى "السلفية الجهادية"، لكنها ضمت إليها العديد من جنود نظام القذافي السابق، وتحالفت في البداية مع حكومة الوفاق، وكان لديها مشروعها الخاص وبسبب عدم انضباطها تم حلها، ثم تحالفت فيما بعد مع قوات حفتر، ولعبت دورا أساسيا في سقوط عدة أحياء جنوبي العاصمة طرابلس لمعرفتها الجيدة بجغرافيا المنطقة وطبيعة المعركة.

هذه الملشيات عادت للظهور من جديد، لكن هذه المرة تحت زمام وإمرة رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، الذي يحاول أن يلعب دورا في ليبيا لإنقاذ صديقه المقرب ورجله المخلص في الجارة الشرقية خليفة حفتر من السقوط.

يستعين بصديق

في 16 يوليو/ تموز 2020، التقى السيسي، بوفد مشايخ وأعيان القبائل الليبية، للبحث عن خطوات وأشكال ومظاهر التدخل المصري العسكري المرتقب في ليبيا، مؤكدا أن التدخل العسكري عندنا "سيكون شيوخ القبائل في مقدمة الجيش المصري الذي سيتحرك حينها تحت العلم الليبي".

وأعلن السيسي خلال لقائه وفد قبائل شرق ليبيا، وهم مجاميع قبلية محسوبة على حفتر"، أن الدخول المصري إلى ليبيا إن تم "سيتم بطلب قبائل ليبيا وعند الانتهاء من مهمته سيخرج بأمر تلك القبائل".

السيسي قال: "حديثنا السابق عن الخطوط الحمراء في ليبيا كان المقصود منه  دعوة للسلام وليست للحرب، نحن نرفض تحول ليبيا لملاذ آمن للخارجين عن القانون، ولن نقف مكتوفي الأيدي حيال تهديد أمننا القومي، وأدعو أبناء القبائل الليبية للانخراط في جيش وطني موحد".

وأضاف: "مستعدون لتدريب أبناء القبائل الليبية لبناء جيش وطني موحد، كما يجب حصر السلاح بيد دولة المؤسسات في ليبيا"، حد زعمه.

مذابح ترهونة

برزت جرائم مليشيا الكاني التابعة لحفتر، عندما عثر الجيش الليبي يوم 20 يونيو/ حزيران 2020، على 190 جثة في مستشفيات ومقابر جماعية بمدينة ترهونة ومناطق جنوبي العاصمة طرابلس، وفق ما نشره المركز الإعلامي لعملية "بركان الغضب" على تويتر.

وأورد الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس، أنه اكتشف 106 جثث بينها أطفال ونساء، عليها آثار تعذيب، داخل ثلاجة مستشفى مدينة ترهونة (جنوب شرقي طرابلس).

وذكر أنه عثر أيضا على 37 جثة في ثلاجة أخرى داخل مستشفى ترهونة، ونقلها إلى مدينة مصراتة (شرقي طرابلس)، وجرى هناك التعرف على 14 جثة منها وتسليمها إلى ذويها.

وكذلك وجدت قوات الحكومة الليبية، نحو 15 جثة في منطقة قصر بن غشير، جنوبي طرابلس، بينها جثث أطفال ونساء اختطفتهم مليشيات حفتر. وأفاد الجيش، بأنه اكتشف 14 جثة ورفاتا مجهولة الهوية في مناطق كانت خاضعة لسيطرة مليشيات حفتر، جنوبي العاصمة الليبية.

وفي 10 يونيو/ حزيران 2020،  اكتشف الجيش الليبي نحو 10 جثث مدفونة في مقابر جماعية بمزارع ومواقع قريبة من ترهونة. وعثر في اليوم التالي، على 3 جثث مدفونة في مقبرة جماعية داخل مقر الإدارة العامة للأمن المركزي بالمدينة نفسها.

وفي 16 يونيو/ حزيران 2020، أعلنت قوات حكومة الوفاق على عدد من الجثث (غير محدد) والأشلاء المتفحمة مجهولة الهوية في منطقة مشروع الهضبة وشارع الخلاطات، جنوبي طرابلس.

جرائم ملشيات حفتر، وعلى رأسها "الكاني"، دفعت الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، للإعراب عن صدمته الشديدة جراء اكتشاف عدد من المقابر الجماعية معظمها في مدينة ترهونة، داعيا إلى إجراء تحقيق رسمي شامل وشفاف، وتقديم الجناة إلى العدالة.

كما أبدى السفير الألماني لدى ليبيا أوليفر أوفتشا، في إحدى تغريداته، انزعاجه "من تقارير عن عمليات قتل خارج نطاق القضاء وما كشف في مقابر ترهونة الجماعية"، ودعا أيضا إلى إجراء "تحقيق مستقل".

واتهم المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، مليشيات حفتر، على رأسها الكاني بـ"إبادة عائلات بأكملها في ترهونة وقصر بن غشير، وألقت بهم في آبار المياه.. وقتلت أطفالا بدم بارد، ودفنت رجالا أحياء مقيدي الأيدي والأرجل".

مليشيات الكاني

بالإضافة إلى جرائم مليشيا الكاني، المستنصرة بالسيسي، كانت هناك جريمة مروعة إضافية أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي، وهي جريمة المليشيات بحق 3 نساء شقيقات هن "ليلى وحواء وريما هرودة" يقول ناشطون: إنهن قتلن عقابا على معارضتهن لخطط حفتر في الشرق الليبي، بالإضافة إلى مشاركة شقيقهن محمود هرودة مع قوات حكومة الوفاق ضد مليشيات حفتر.

اختطفت مليشيات الكاني المعروفة بكتيبة 9 التابعة لحفتر في شهر رمضان الماضي وتحديدا في 5 أبريل/ نيسان 2020، نساء عائلة ميلاد هرودة الثلاث وهن ريمة (38 عاما) وجرى اختطافها وهي حامل في طفلها الخامس، أما الثانية وتدعى حواء (45 عاما) والثالثة تدعى ليلى (46 عاما).

وحسب ما أورده حساب نسويات ليبيا (المهتم بحقوق المرأة والمجتمع الليبي) تم الهجوم على منزلهن وأثناء عملية الاختطاف حاولت إحداهن الهرب فقام أحد أفراد المليشيات بضربها بالسلاح الناري على رأسها واقتادوهن إلى منزل في مدينة ترهونة، وأكدت بعض المصادر للقائمين على الحساب أن النساء الثلاث تعرضن للتعذيب داخل هذا المنزل الذي سجنوا بداخله.

وروى بعض النشطاء الليبيين قصة الخلاف بين عائلة هرودة ومليشيا الكانيات حيث أكد أهالي ترهونة أن القصة بدأت قبل 5 سنوات عندما كانت تملك العائلة قطعة أرض واستولت عليها المليشيات وأقاموا عليها بعد ذلك "مول الشقيقة".

وعندما رفض ميلاد هرودة والد الفتيات الثلاث التنازل عن الأرض بدون مقابل قتلته المليشيات هو واثنان من أبنائه وحرقوا ممتلكاتهم. 

وهو ما أدى لمطالبة حكومة فايز السراج بدعوة صحفيين دوليين لتسليط الضوء على هذه الجرائم التي تمت بحق الأبرياء لتكوين رأي عام دولي وتوثيق تلك الجرائم.

تأسست مليشيا الكاني على يد عبد الخالق ومحمد ومعمر ومحسن والعظيم خليفة الكاني بعد مقتل أخيهم الأصغر علي، وقاموا بعدها بعمليات انتقامية جرى خلالها قتل عائلات بأكملها والسطو على مقر كتيبة الأوفياء والاستيلاء على جميع الأسلحة الثقيلة بها.

قتل وتهجير

تقول منظمة ضحايا لحقوق الإنسان التي أعدت تقريرا مفصلا عن المليشيات: إنها وثقت عشرات عمليات القتل والتهجير التي قامت بها تلك المليشيات في تقرير نشرته في 19 أبريل / نيسان 2019. 

يؤكد التقرير أن مليشيا الكاني عزلوا مدينة ترهونة منذ عام 2012 وقاموا بالتعتيم على ما يحدث فيها من جرائم وانتهاكات لحقوق الإنسان. 

وأشار التقرير إلى أن تلك العصابة قامت بعمليات انتقامية بحق أهالي ترهونة ابتداء من أغسطس/آب 2014، تضمنت عمليات قتل وتعذيب وتهجير لمئات العائلات وحرق ممتلكاتهم لأسباب سياسية أهمها معارضة هؤلاء لمخططات تلك المليشيات التابعة لحفتر.

وفي 15 يونيو/ حزيران 2020، أصدرت السلطات الليبية، أمرا بالقبض على 20 من مليشيات حفتر، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في المقابر الجماعية في ترهونة جنوب شرق طرابلس.

وأفاد البيان الذي نشره حساب عملية "بركان الغضب" التابع للجيش الليبي، على موقع فيسبوك، أن "النائب العام الليبي أصدر أمر قبض بحق 20 متهما بارتكاب جرائم المقابر الجماعية في ترهونة (90 كلم جنوب شرق طرابلس)".

وذكر أنه "على رأسهم أبناء الكاني الذين قادوا عصابة إجرامية تحالفت مع مليشيات حفتر الإرهابية والمرتزقة"، وأرفق البيان صور المتهمين الرئيسيين "محمد خليفة الكاني، وعبد الرحمن الكاني، وعمر الكاني، إضافة إلى أسماء 17 متهما آخرين".