النزاع يتجدد داخل العائلة.. كيف ضيق الأسد الخناق على مخلوف؟

12

طباعة

مشاركة

سلط موقع إيطالي الضوء على الأسباب الحقيقية وراء حملة القرارات والإجراءات التي استهدفت رامي مخلوف رجل الأعمال السوري، وابن خال رئيس النظام في إطار الصراع الدائر حول السيطرة على قطاع الاتصالات المتنقلة في سوريا.

وقال موقع إنسايد أوفر - النسخة الإيطالية: إن سجلات دمشق تذكر كيف نشأ رئيس النظام السوري بشار الأسد وابن خاله رامي مخلوف معا مرتبطان دائما بعاطفة عميقة منذ الطفولة.

وعلى مر السنين، أصبحت هذه العلاقة العائلية الوثيقة، خاصة خلال رئاسة حافظ الأسد، ذات طابع سياسي.

وبعد انفتاح البلاد على الخصحصة في الاقتصاد بأوائل التسعينيات، أعطى النظام مساحة واسعة لعائلة مخلوف، مما سمح لابنها رامي بالوجود في ظروف سمحت له بالسيطرة على جميع القطاعات الأكثر أهمية.

لكن الصورة تغيرت اليوم، بعد أن بدأ بشار الأسد منذ بضعة أشهر، حربا حقيقية على مخلوف بمصادرة أملاكه وحظره من مغادرة البلاد مع تنفيذ أنواع مختلفة من الإجراءات ضده.

الضربة الجديدة

وأشار الموقع إلى أن الأمور لم تعد تجري على ما يرام داخل عائلة الأسد منذ الصيف الماضي، بعد أن أغلق النظام فجأة شركة "بستان" الخيرية، المنسوبة إلى ابن خال بشار.

ثم وجه إليه اتهامات بعدم دفع مليارات (من الليرة السورية) من الضرائب وأعقب ذلك مصادرة وتجميد للممتلكات. وأخيرا، في مايو/أيار 2020، قررت سلطات النظام القضائية منع رامي مخلوف من مغادرة البلاد. 

من جانبه، رد مخلوف على هذه الإجراءات بالظهور عدة مرات عبر صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي للدفاع عن نفسه من اتهامات الفساد، معلنا استعداده لتقديم المال مباشرة لبشار الأسد ولكن ليس للدولة، للتعبير عن معارضته لتحركات السلطة الأخيرة، دون الوقوف في نفس الوقت ضد عائلته في لحظة حساسة منذ بداية الثورة عام 2011.

وأورد الموقع أن نظام دمشق وجه في الأيام القليلة الماضية، ضربة أخرى لسليل عائلة مخلوف.

وكما ذكرت صحيفة الشرق الأوسط، قررت وزارة التجارة بشكل مفاجئ فسخ عقود إدارة واستثمار مناطق الأسواق الحرة المبرمة مع شركات رامي مخلوف. وتتركز هذه المناطق بشكل رئيسي داخل محيط مطار دمشق الدولي والمعابر الحدودية مع لبنان والأردن. 

ويرى الموقع أن هذه الاتهامات الكامنة وراء القرار خطيرة للغاية. وكما أبلغت المؤسسة العامة للمناطق الحرة في سوريا، تم إنهاء هذه العقود بسبب أدلة دامغة على "تورط المستثمر الرئيسي في تهريب البضائع والأموال". وبذلك وُجهت ضربة حاسمة أخرى ضد مخلوف و"إمبراطوريته" الاقتصادية.

قضية سيريتل

ذكر الموقع أن العديد من الفرضيات جرى تناولها على مدى الأشهر القليلة الماضية حول دوافع هذه الإجراءات ضد أغنى رجل سوري داخل البلاد أو خارجها.

وتتعلق الفرضية الأولى بحملة مكافحة الفساد التي يرغب النظام السوري في تنفيذها لتجنب المزيد من الضرر لصورته، وذلك بعد أن وُجهت له في بداية العام، انتقادات حول مستوى فساد مؤسساته حتى من طرف حليفها الأساسي روسيا.

لذلك، من مصلحة دمشق أن تظهر استعدادا كبيرا في محاربة هذه الظاهرة. كما أن هناك فرضية أخرى، ذات طابع سياسي، تتلخص في الحضور المرهق بشكل متزايد الذي بات يشكله رامي مخلوف لقريبه رئيس النظام بفضل قوته الاقتصادية.

ويوضح الموقع أنه، بالرغم من أن الفرضيتين المذكورتين أعلاه لا تخلوان من الحقائق، فإن القصة المتعلقة بالهجوم على مخلوف تنطلق من اهتمام يجذب في سوريا الكثيرين، ألا وهو قطاع الاتصالات المتنقلة.

وقبل بضعة أشهر، كان مخلوف يمتلك غالبية أسهم سيريتل، الشركة الأكثر أهمية في البلاد العاملة في هذا القطاع.

ويطالب النظام الشركة بدفع أكثر من 4.7 مليار دولار من الضرائب غير المدفوعة، ومن هناك تقرر تجميد أصول المساهم الرئيسي. وبهذه الطريقة، ربما تطمح دمشق إلى الحصول على ملكية مباشرة للشركة مع تصفية مكانة مخلوف بشكل نهائي.

"حرب" الهاتف

وأكد الموقع أن هذا يفتح الباب أمام سؤال آخر، يتعلق بإمكانية نشوب "صراع داخل الصراع" في سوريا فيما يتعلق بالسيطرة على سوق الاتصالات المتنقلة.

ويوجد حاليا في سوريا مشغلان في هذا القطاع، فإلى جانب سيريتل هناك "إم تي إن سوريا"، وهي فرع للشركة الأم الجنوب إفريقية متعددة الجنسيات، يمتلك فيها رئيس الوزراء اللبناني السابق نجيب ميقاتي حزمة جيدة من الأسهم.

وكانت الشركة قد تعرضت أيضا إلى الحجز الاحتياطي لأموالها بسبب اتهامها بالتهرب من دفع  الضرائب. وتخفي هذه الخطوات المتخذة ضد هاتين الشركتين مصالح الجهات الأخرى في مجال الاتصالات السورية. 

ولفت الموقع إلى أن طهران، الحليف الإستراتيجي للأسد، ترغب مع شركة الاتصالات المتنقلة الإيرانية في دخول السوق السورية في هذا القطاع، كما أظهرت الاتفاقيات الوثيقة بين الأسد وقادة الجمهورية الإسلامية في سبتمبر/أيلول 2019 التي تقر بإمكانية استحواذ شركة سورية - إيرانية جديدة على أسهم في كل من سيريتل وإم تي إن.

وفي هذا الصدد، لن يكون سيناريو تحقيق وزن اقتصادي إيراني كبير في سوريا ما بعد الحرب محل ترحيب من روسيا.

ومن هنا جاء التباطؤ المفاجئ في الاتفاقيات بين دمشق وطهران بشأن الاتصالات المتنقلة وظهور ممثل جديد، وهو شركة إيماتيل، التي تقف وراءها زوجة رئيس النظام أسماء الأسد.

وتهدف الشركة الجديدة التي تأسست خلال الصيف الماضي إلى إعادة السوق قدر الإمكان تحت مدار نظام دمشق.

لكن يسود الانطباع بأن حرب الهاتف المحمول لم تنته بعد. وفي الأسابيع المقبلة، قد تكون هناك آثار أخرى لا ترتبط فقط بالعقود الاقتصادية ولكن أيضا بموازين سياسية مستقبلية داخل سوريا، يقول الموقع.