مجلة فرنسية: العرب خذلوا فلسطين في "صفقة القرن".. وهؤلاء دافعوا عنها

12

طباعة

مشاركة

نشرت مجلة "ماريان" الفرنسية تقريرا سلطت فيه الضوء على كيفية خذلان العرب للفلسطينيين وتركهم فرادى في مواجهة خطة السلام الأمريكية المعروفة بـ"صفقة القرن"، مشيرة إلى أن التقارب بين دول عربية وإسرائيل، أصبحت قضية فلسطين موكلة إلى تركيا وإيران.

وقالت المجلة الأسبوعية في تقريرها: إن "الصفقة التي أعلن تفاصيلها الرئيس الأمريكي في 28 يناير/ كانون ثاني الماضي، تمت بموافقة العديد من الدول العربية، وهو ما دفع الفلسطينيين إلى رفع صوتهم منددين بالخيانة، حيث لم يكن بينهم وبين إخوانهم العرب يوما ما شهر عسل على الإطلاق بل شهر مرارة".

"هوية تائهة"

وأوضحت أن ثلاثة سفراء عرب كانوا في البيت الأبيض عندما قدم ترامب بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تفاصيل "صفقة القرن"، مشيرة إلى أن الزعيمين لقيا ترحيبا حارا من ديبلوماسي سلطنة عمان والإمارات والبحرين، فيما كشف الرئيس الأمريكي عن أن الخطة قدمت إليهم.

وأضافت المجلة الفرنسية أنه بعد ساعات قليلة من إعلان ترامب عن "صفقة القرن"، أشاد ملك الأردن، الذي حاول يائسا ألا يغضب أي طرف – حيث يعيش 80 بالمئة من الفلسطينيين في بلده- بـ"الجهود المخلصة من أجل السلام"، مع التذكير بأن الحل الوحيد هو إقامة دولة فلسطينية مع انسحاب إسرائيلي على حدود 1967. وهي مطالب لم يعد يهتم أحد بها الآن.

ولفتت إلى أن السعودية من جهتها، أعلنت أنها "تكرر دعمها" للرئيس الأمريكي بينما مصر عبّرت عن تقديرها للجهود، ورغم ذلك رفضت جامعة الدول العربية، التي اجتمعت بشكل عاجل في القاهرة الأول من فبراير/ شباط الجاري، بناء على طلب محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، "الاقتراح غير العادل الذي لا يحترم الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني".

ورأت المجلة أن البيان الذي أدلى به الدبلوماسي المصري والأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط يبدو أنه عفا عليه الزمن ولن يخدع الفلسطينيين، ونقلت عن محتجين في مخيم "عين الحلوة" بلبنان القول: لولا أن العرب خانونا لما كنا هنا الآن".

ونوهت "ماريان" إلى أن هؤلاء اللاجئين الفلسطينيين من الأب إلى الابن الذين لا يستفيدون من الجنسية اللبنانية، يعتمدون بشكل أساسي على المعونات التي تقدمها لهم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وهي الوكالة التي أصبحت تعاني بشدة منذ قطع ترامب الأموال عنها في 2018. 

وأكدت أنه "على هذه الهوية التائهة اعتمدت الدول العربية على رفض الاندماج وإدامة القضية الفلسطينية على جدول أعمالها السياسي قبل التخلي عنها اليوم".

محور جديد

واعتبرت المجلة الفرنسية أن شهر العسل الزائف بين الفلسطينيين والدول العربية كان في الواقع شهر مرارة، إن لم يكن شهر دم، فخلال "أيلول الأسود" الأردني عام 1970، أطلق الملك حسين رجاله البالغ عددهم 50 ألفا، ضد معسكرات الفدائيين والمقاتلين الفلسطينيين، المتهمين بتشكيل دولة داخل الدولة والرغبة في الإطاحة بالملكية ما نتج عنه  3 آلاف قتيل، ونفس الأمر واجهه الفلسطينيون في بلد الأرز (لبنان) خلال الحرب الأهلية التي اندلعت عام 1975.

كما اعتبرت أن الفلسطينيين، الذين يوصفون كأبطال في الدعاية العربية، يمثلون في الواقع وكلاء زعزعة الاستقرار، لافتة إلى أن هناك مساحة واحدة فقط تتجاهل هذا التناقض: دول الخليج، موطن المثقفين الفلسطينيين.

وأوضحت المجلة أنه "من النيل إلى الفرات، يتم استغلال الفصائل الفلسطينية، كجماعة أبو نضال، التي تمولها سوريا، وكانت مسؤولة عن اغتيال عصام السرطاوي، الزعيم الفلسطيني المعتدل، قائد فلسطيني من قرية سرطة في محافظة سلفيت، كان مستشارا للشؤون الخارجية لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية الرئيس ياسر عرفات، وممثل منظمة التحرير الفلسطينية في العاصمة البرتغالية لشبونة وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح، عام 1983".

في حادثة قريبة الوقوع، تضيف المجلة: نجد مخيم اليرموك الضخم، بالقرب من دمشق، والذي استثمره تنظيم الدولة، ثم حاصرته وصفته قوات بشار الأسد، يجسد العلاقة الفلسطينية العربية، وفقا للباحث نيكولا دوت-بويار في كتابه الذي يحمل عنوان: "تفتت الفسيفساء.. تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية (1993-2016)". ‎

ورأت المجلة الفرنسية أن "الدول العربية، التي تعاني من التمرد الداخلي، وتلتهمها الخصومات الخارجية، ألقت القضية الفلسطينية على شعوبها المختلفة كجائزة ترضية، فتضامنهم الوهمي يشكل البؤس الذي يعانيه سوء إدارتهم".

وذكرت أنه منذ عام 2011 هناك 3 أشياء تتغير، فمنذ أحداث "الربيع العربي"، نلاحظ لامبالاة نسبية تجاه القضية الفلسطينية، كما أن "الفوضى بين حماس في غزة والسلطة الفلسطينية بالضفة الغربية أصبحت مملة، وأخيرا التنافس المتنامي بين السعودية وإيران يوطد تدريجيا فكرة أن الخطر الحقيقي ليس الدولة الصهيونية، بل الجمهورية الإسلامية الشيعية".

ووفقا للمجلة، فإن "القاعدة الإيديولوجية التي لم تتغير منذ عام 1948 تنهار: إسرائيل لم تعد عضوا غريبا في العالم العربي، فالآن القوة التكنولوجية الثامنة في العالم، الدولة العبرية، على العكس من ذلك باتت حليف مفيد".

وذكرت أن التقارب غير المعلن الذي بدأ بين عواصم الخليج وإسرائيل، شهد عام 2017، نقطة تحول حاسمة مع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وصعود محمد بن سلمان ولي عهد السعودية إلى الرياض، فالرئيس الأمريكي أكد دعم بلاده للسعودية، وانسحب من الاتفاق النووي الإيراني الموقع عام 2016، والسعوديون مقتنعون الآن بأن طريق النصر على طهران يمر عبر تل أبيب.

وأكدت المجلة أن "المحور الأمريكي السعودي الجديد يحظى بدعم من مصر التي يحتفظ رئيسها بعلاقات ممتازة مع نتنياهو، فالجيش المصري لديه حاجة حيوية لإسرائيل لاحتواء تهديد الإرهابيين بسيناء، ففي نظر الزعماء والملوك العرب، تتقلص فلسطين مثل أحلامهم الإقليمية".

وخلصت "ماريان" إلى أنه في ظل تمزقها نتيجة صراعاتها القاتلة، أصبحت فلسطين غير قادرة على القيام بعمل دبلوماسي خارج الساحة الأوروبية، التي تعتبر غير مهتمة بالشرق الأوسط، وهي الآن أوكلت الدفاع عن قضيتها إلى إيران وتركيا، لأن العالم العربي انسحب من فلسطين.