أوروبا على الخط.. ما الحل لإنهاء صراع محتدم بشرق المتوسط؟

اعتبر كاتبان تركيان أن الحوار هو الحل الأول والأخير، لإنهاء النزاعات بمنطقة شرق المتوسط، حيث تكتنز مياهه ثروة نفطية تقدر بنحو 200 مليار دولار، وفيما تسعى دول كثيرة للحصول على نصيب من الكعكعة، يحاول البعض جر المنطقة لحرب لن ينتصر فيها أحد.
وقال الكاتب إسماعيل شاهين في مقاله بصحيفة "ديريليش بوستاسي": إن الاتحاد الأوروبي يواصل ضخ وعوده المتمثلة في الحفاظ على الوضع الراهن في شرق البحر المتوسط، لكن كيف يمكن ذلك؟ وسط دول لا حصر لها تريد البحث عن مصالحها في المنطقة، مضيفا: "الأمر لا يتعلق قطعا بكل من روسيا وتركيا، فمن المعروف أن هناك تنافسا وخلافا خطيرين بين فرنسا وألمانيا فيما يتعلق بشرق المتوسط".
دول أوروبا
وتابع شاهين: أن فرنسا تتعامل مع علاقتها بشرق المتوسط في سياق أوروبا - البحر المتوسط – إفريقيا، ولا سيما أنه لا يمكن إغفال أن باريس لديها إستراتيجية لتحويل المستعمرات السابقة للإمبراطورية الفرنسية إلى مراكز للطاقة ووضع البحر المتوسط في قلب هذه الإستراتيجية، لكن هذه السياسة تتعلق بشكل واضح بكل من ألمانيا وروسيا وتركيا.
وأردف: وهذا يعني طريقا عسيرا أمام ماكرون، حيث تركيا وروسيا لديهما الكثير من الاتفاقيات ووجهات النظر المشتركة سواء في سوريا أو ليبيا، وبينهما مصالح متبادلة.
أما ألمانيا، يضيف الكاتب: فقد شاركت بفاعلية في قضية شرق المتوسط لأول مرة في عملية برلين بشأن الأزمة الليبية، ويبدو أن عدم دعوة اليونان إلى مؤتمر برلين يمكن اعتباره بمثابة رد فعل غير مباشر على إستراتيجية فرنسا في المنطقة؛ لكونها على علم بالسبب الرئيسي وراء دعم فرنسا غير المشروط لأطروحات اليونان وجنوب قبرص، فلم تدع اليونان ولا قبرص الرومية إلى المؤتمر.
ورأى أن شرق المتوسط تعتبر دائما منطقة إشكالية بالنسبة لألمانيا؛ لهذا السبب، أصبحت برلين مؤيدة لسياسة الاتحاد الأوروبي، وإقامة علاقات قوية في أوروبا الشرقية والشمالية، حيث يعتبر أمن بحر البلطيق أكثر أهمية بالنسبة لألمانيا من شرق البحر المتوسط، كما إن إدارة برلين، التي تريد التعامل مع المشكلات في المناطق النائية من وجهة نظر جيوسياسية، تولي أهمية أكبر لشرق المتوسط من حيث الأزمات الإنسانية.
وعلى الرغم من أن مقاربة بريطانيا تجاه شرق المتوسط لا تظهر بالكامل بسبب خروجها من الاتحاد الأوروبي، فمن الممكن أن تتوصل فكرة إيجاد حل للمناقشات حول قبرص إلى "مؤتمر لندن" المحتمل، وبالتالي التخطيط لاتخاذ المبادرة. وفقا لإدارة لندن، يجب ألا تشارك أي دولة في استكشاف الغاز الطبيعي في المياه المثيرة للجدل في شرق البحر المتوسط، بحسب الكاتب.
وفي حديثه عن الدور إيطاليا في النزاع، قال الكاتب: إنها واحدة من البلدان التي تشعر بالانزعاج بسبب المواقف والأنشطة الفرنسية تجاه شرق البحر المتوسط ومع ذلك لا يمكن القول إن سياسة روما أصبحت واضحة حتى الآن، ومع ذلك، فإن شركة "إيني" الإيطالية هي واحدة من أكبر شركات التشغيل في المناطق البحرية في قبرص ولبنان ومصر؛ ونظرا لأنها شركة دولية مفتوحة لسوق الأوراق المالية الجديد، يتعين عليها الاستثمار في المناطق الخالية من المخاطر من أجل الحصول على قيمة أسهمها.
وتابع: لهذا فإيطاليا تدرك تماما أن الصدام مع تركيا والتصريحات أو المواقف المشاكسة لها لن يجدي نفعا، يمكن إيجاد صيغة للحوار بين روما وأنقرة بل حتى إن الأمر بدأ. وعمليا فإن تركيا عززت وجودها السياسي والاقتصادي والعسكري شرق المتوسط.
ولفت الكاتب إلى أنه نتيجة لذلك، لا يبدو من الممكن حل أي نزاعات في شرق البحر المتوسط كما هي، وعليه فمن الضروري أن يتم عقد مؤتمر مماثل لمؤتمر برلين من أجل شرق المتوسط، وأن يتم دعوة كل من جمهورية قبرص الشمالية التركية والإدارة القبرصية اليونانية إلى هذا المؤتمر. وهكذا، تم اتخاذ خطوة تاريخية لعملية حل متعددة.
الدور التركي
وعن إمكانية أن تكون تركيا على الحياد مما يحدث في ليبيا، قالت الكاتبة حليمة كوكجة في مقالة نشرتها صحيفة "ستار": إن "تركيا أجرت سلسلة من الجولات الدبلوماسية كانت رادعة في الحقيقة للكثير من الأطراف، ما استقرت الأمور ولا تزال شيئا فشيئا، وبات بوتين الذي يدعم حفتر في حربه، على أجندة الرأي العام العالمي من أنه يسهم في إشعال أتون الحرب في بلد غني، وهو أحوج للاستقرار من أي شيء آخر، ما جعل البلاد تلتقط أنفسها، بخلاف ذلك، فإن حفتر متحالف مع فرنسا والإمارات وإسرائيل ومصر، كان على وشك جر ليبيا، التي كانت متعبة بالفعل إلى حرب أهلية دموية". .
وبحسب الكاتبة، فإن الحرب ما زال نذيرها في الأفق، وهو (حفتر) متجاهل اتفاقية دولية مكونة من 55 بندا وقعت عليها 12 دولة و3 منظمات دولية، هدد المطار الوحيد في العاصمة وهاجمه بالصواريخ، بل وأنذر الطائرات المدنية التي يمكن أن تحلق أو تهبط من خلاله.
وأشارت إلى أنه ما زال الوضع في ليبيا غير مستقر والمستقبل مجهول، كما أن موقف تركيا من خرق إطلاق النار غير واضح تماما، لكن من الآن فصاعدا، فإن أي تحرك عدواني يشير إلى أن حفتر لا يؤيد الحل السياسي سوف يتخذ إجراء ضده.
وأردفت: وهذا يعني أنه لا مفر من تفعيل أنقرة اتفاقيتها العسكرية مع طرابلس في هذا الصدد، ولا سيما وإنه يثبت مع مرور الوقت رغبته في السيطرة العسكرية ما أمكن، وإنه لا يؤمن بالمشاركة ولا بالتوافق وهو – بقصد أو بدونه – يريد أن يجعل من ليبيا سوريا أخرى.
وتابعت كوكجة في مقالها: أن "حفتر يثق تماما بالمرتزقة الذي يقفون في جانبه سواء القادمون من السودان، حيث مرتزقة الجنجويد أو شركة فاجنر الروسية، وهي وإن كانت قوات غير كبيرة، لكنها مجهزة بشكل جيد، في وقت تتمتع طرابلس بتوافر نحو 30-40 ألف جندي، وتسعى تركيا لتدريبهم بشكل جيد، لكن لو تغير الوضع سيغدو أولئك المرتزقة التي تنفق الإمارات عليهم مجرد عبء عليه".
وشدد الكاتبة على أن الحرب الأهلية لا تنتج منتصرا أبدا، فكما هو الأمر في اليمن وقبله سوريا وحاليا ليبيا. وقالت: "إن الفائزين في الحروب الأهلية في جغرافيتنا ليسوا أحزابا أبدا. وهنا من شجع حفتر على الحرب بدلا من السلام هو الذي سينتصر إذا ما انتصر حفتر".
وتطرقت كوكجة الى المعارضة الداخلية في تركيا التي تطالب استخدام القوة الناعمة، وأن تكون على الحياد في ليبيا، وفي وقت أكدت فيه أن ذلك غير ممكن، تساءلت حول من كان على الحياد حين عقد مؤتمر برلين وحضرته 11 دولة بخلال ألمانيا؟
وأكدت أن "الحياد يعني ترك المجال مفتوحا لدولة تريد حصر تركيا في شرق المتوسط حتى ميناء إسكندرون، حيث تحرم تركيا من كل خيرتها وثرواتها، فهل هذا هو الحياد المنشود؟. وتساءلت: "كيف سنحمي مصالحنا السياسية والاقتصادية في شرق البحر المتوسط بواسطة الحياد؟".
وختمت كوكجة حديثها بالقول: "القوة الناعمة ما هي إلا سياسة ابتكرتها الولايات المتحدة الأمريكية لاختراق البلدان التي لها مصالح بعد الحرب العالمية الثانية، فهل يمكن إقناع بلد ما لا تتمتع بحرية اقتصادية ولا عسكرية بالقوة الناعمة المحضة؟".